سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تزايد ظاهرة "النقل بالمسطرة" من الأفلام الأمريكاني مطاردات وإطلاق نار في الشوارع وتفجير منازل بالريموت.. وحكايات خيالية عن المافيا أحمد صالح: ليس عيباً.. عادل إمام فعلها كثيراً
دائماً ما يزداد الحديث عن اعتماد المؤلفين الشباب علي اقتباس أفكار أفلامهم من الأفلام الأجنبية بعد انتهاء كل موسم سينمائي تحديداً عقب نهاية موسم أفلام عيد الفطر المبارك فجر السيناريست محمد حفظي مفاجأة حينما أعلن ان فيلمه "سمير وشهير وبهير" مقتبس عن فيلم أجنبي كما قال إنه لا يجد أي حرج في هذا الأمر معتبرا نفسه أكثر شجاعة من المؤلفين الذين يقتبسون أفلامهم من أفلام أجنبية ولا يعلنون عنها. نفس الأمر ينطبق علي فيلم "ابن القنصل" بطولة أحمد السقا وغادة عادل ومن تأليف أيمن بهجت قمر واخراج عمرو عرفة ومن المقرر عرضه في عيد الأضحي المبارك فقد أدلت أسرة الفيلم بأكثر من تصريح يشير إلي ان مؤلفه اقتبسه من فيلم أجنبي. تنامي ظاهرة اقتباس الأفلام إلي هذا الحد أثر بالسلب علي مدي واقعية الأفلام التي تعرضها السينما المصرية اليوم لان معظم هذه الأفلام تتحدث عن المافيا وتحتوي علي مشاهد لاطلاق نار متبادل في الشوارع ومطاردات بالسيارات وهذه الأمور كلها لم تشهدها بالشارع المصري حتي الآن مما جعل السينما تنفصل عن الواقع إلي حد كبير. يقول السيناريست الشاب طارق عبدالجليل: هذه الظاهرة نتيجة حالة الافلاس التي تعاني منها السينما المصرية دفع هذا الافلاس بعض المؤلفين إلي الاستسهال والبحث عن فيلم أجنبي ناجح كي يسرقوا السيناريو الخاص به ويقوموا بتغشيش المخرج كل شيء بدءاً بزوايا التصوير والعدسات المستخدمة في تصوير الفيلم الأصلي كي يحاكيها واليوم أصبح بعض المؤلفين يعتمدون علي شراء مجموعة سيديهات لأفلام أجنبية ببضعة جنيهات كي يستولوا علي أفكارها ويبيعوا الفيلم الواحد بما لا يقل عن مائتي ألف جنيه لذلك اعتبر ما يحدث اليوم اختلاسا وليس اقتباسا. أضاف: يا ليت الكارثة اقتصرت علي هذا الحد بل الأدهي والأمر هو ان هذه الأفلام المسروقة تحصل علي جوائز من بعض المهرجانات التي يكون أعضاء لجان تحكيمها غير مطلعين علي السينما الأجنبية بشكل كاف. حدث هذا الأمر أمام عيني في مهرجان القاهرة السينمائي حينما حصل فيلم علي جائزة أفضل سيناريو بالرغم من أنه مسروق عن فيلم أجنبي مازلت أملك نسخته حتي الآن ورأيت بعيني كيف ان المؤلف اعتمد علي نفس الأحداث الموجودة في الفيلم الأجنبي بل وعلي نفس ماركات السيارات. أضاف: تنامت هذه الظاهرة بسبب جهد هؤلاء المؤلفين بالاتفاقيات التي وقعت عليها مصر والتي تنص علي حماية حقوق الملكية الفكرية داخل مصر وبالتالي فمن حق شركات الانتاج الأجنبية ان تلجأ للتحكيم الدولي وتطالب أي شركة انتاج مصرية بتعويضات خيالية اذا ما نفذت فيلما مسروقا من أحد أفلامها بالرغم من ان هذه المسئولية تقع علي عاتق المؤلف لكنهم يعلمون أنه لا يملك شيئاً فيتجهون لمحاكمة شركة الانتاج. أشار عبدالجليل إلي ان هذه الأفلام المسروقة جعلت المشاهد يشعر بالاغتراب فهو يشاهد مشاهد لا تمت للواقع بصلة مثل مشهد تفجير المنازل بالريموت كنترول ومشاهد تبادل ضرب النار بالرشاشات في الشوارع. يتفق معه في الرأي المخرج أحمد صالح الذي قال: قلة النصوص السينمائية هو الذي وصل بنا لهذه الحال فعدد الكتاب الأكفاء اليوم أصبح قليلاً جداً لذلك علينا ان نفتش في الأعمال الأدبية لنعثر علي نصوص أدبية جيدة تصلح لأن تصبح أفلاما سينمائية. لكن المؤلف اليوم أصبح يبحث عن الأسهل ويجد أنه من الصعب ان يعكف لمدة عام أو أكثر علي كتابة سيناريو جيد لذلك يلجأ إلي النقل من الأفلام الأجنبية وللأسف هم لا يقومون بتمصير هذه الأفلام ويكتفون بنقلها ليقدموا لنا نسخة مترجمة من الفيلم الأجنبي مما يعرض أفلامنا لظلم شديد حينما تقارن الامكانات التكنولوجية المستخدمة في الأفلام الأجنبية بالامكانات المستخدمة في أفلامنا. أضاف: هذا لا يعني أنني ضد الاقتباس لكنني ضد أن تكون كل الأفلام التي تنتج مقتبسة كما ان الاقتباس له أصول أولها ان يكون هناك معالجة جديدة للفيلم وان تستخدم فيه امكانات اليوم فأنا شخصياً أحلم باقتباس بعض أفلام المخرج عاطف الطيب لكنني ضد أن يقتبس مؤلف ما فيلمه ولا يعلن عن هذا الأمر وينسب الفيلم لنفسه خاصة ان العالم اليوم يشهد انفتاحاً رهيباً والاقتباس فكرة متعارف عليها منذ زمن وليست عيباً بدليل ان عادل امام اقتبس عدة أفلام منها "عصابة حمادة وتوتو" قال: معظم الأفلام المقتبسة تبتعد عن واقع المجتمع المصري بتصويرها لأشياء غير موجودة فيه لذلك حينما قمت بتصوير فيلم يتحدث عن المافيا وبه عدة مطاردات وضرب نار صورته في ايطاليا ونفس الأمر ينطبق علي فيلمي الأخير "الديلر" الذي صورت كل مشاهد الانفجارات الخاصة به في أوكرانيا لأنني مقتنع تماماً بأن التغريب يضر بالفيلم ويفصل المشاهد عن الواقع. ويقول الناقد صبحي شفيق: صناعة السينما قائمة علي الفكر لا علي سرد الحواديت لذلك لابد ان يكون السيناريست قادراً علي استلهام أفكار أفلامه من المجتمع الذي ينتمي إليه وليس من الأفلام الأجنبية وإلا فليبحث لنفسه عن مهمة أخري خاصة ان الاقتباس من الأفلام الأجنبية يقلل كثيراً من قيمة الفيلم وهذا هو سر تفوق السينما في شمال أفريقيا علينا وتمثيلهم لبلادهم في المهرجانات بشكل مشرف. أضاف: تنامت هذه الظاهرة بسبب دخول عناصر غير متخصصة إلي مجال الانتاج وهذه العناصر لا تسعي سوي لكسب المال في الوقت الذي يفترض فيه ان يكون المنتج ملما بقواعد كتابة السيناريو وبالمشاكل الملحة في المجتمع كما هو الحال في كل العالم ولن يتم القضاء علي هذه الظاهرة الا اذا وجدنا هذا المنتج واعتمدنا علي الوجوه الجديدة في مجال التأليف. بينما يقول السيناريست نادر صلاح الدين.. هناك فرق كبير بين السرقة والاقتباس فأنا ككاتب من الممكن ان أشاهد مسرحية هواة تعطيني إيحاء بفكرة فيلم أعمل علي تطويرها ومن الممكن ان أري مشهدا واحدا عن فيلم ما اقتبس منه فكرة مختلفة تماما وهذا الامر متعارف عليه من أيام الراحلين أبوالسعود الابياري وبديع خيري كما أنه في الاقتباس تكون الشخصيات والمواقف والحبكة الدرامية مختلفة تماماً فحينما قدمت فيلم "كود 36" كانت التيمة الخاصة به تشبه تيمة فيلم الحارس الخاص "Body Guard" والقائمة علي وجود شخص يحمي آخر وهو نفس التيمة التي بني عليها فيلم "تيمور وشفيقة" في نفس العام ومع هذا فإن البناء الدرامي لكل من هذه الأفلام مختلف تماماً. أضاف: لكن المشكلة الحقيقية تكمن في نقل الأفلام الأجنبية كما هي وتتفاقم هذه المشكلة لدينا في مصر لأنه لا توجد هيئة منوط بها دراسة الأفلام المعرفة م اذا كانت مسروقة أم لا فأنا شخصياً أعرف مؤلفين كتبوا أفلاماً قرأها آخرون بالصدفة وقاموا بسرقتها ومازالت نقابة المهن السينمائية تحقق في هذه الوقائع لكن المشكلة ان النقابة لجنة استشارية لا تستطيع محاربة هذه الظاهرة بمفردها. أضاف: المشكلة هي أننا دائماً لدينا تطلعات لتقليد الغرب حتي في أفلامهم وهو ما يعرف ب "عقدة الخواجة" فحينما قدم مؤلف أمريكي فيلم "ملائكة وشياطين" أصبح الشباب المصري الذي لا يعرف شيئاً عن روايات توفيق الحكيم حريصا علي متابعة كل رواياته لكن الأحري بنا هو ان نستخدم تكنولوجيا اليوم في السينما للتعبير عن واقعنا وبالطبع لا أقصد بهذا الواقع سينما العشوائيات.