المنطقة الصناعية الجديدة للغزل والنسيج بكفرالدوار التي ستقام علي مساحة 600 ألف متر مربع علي مراحل. تقودنا إلي تساؤل يفرض نفسه بقوة: هل ستكون علي انقاض الصناعة القديمة حيث أهملنا تطوير المصانع القائمة وأصبح العديد فيها يعاني من مشاكل متعددة؟ الخبراء من جانبهم أكدوا أنه لا يمكن ان يكون التطوير المنشود علي حساب المصانع القائمة التي يمكن ببعض الاهتمام ان يتم اصلاح الخلل الموجود بها خاصة إذا كانت الامكانيات المتوافرة بها تسمح بالتطوير مع اعادة ضخ استثمارات جديدة بها واجراء عمليات تحديث وتوسعات. قالوا انه ليس من المنطق ان يكون لدينا هذا الكم الكبير من المصانع القديمة ذات السمعة الجيدة والتي ساهمت في السنوات الماضية في تحقيق نجاحات صناعية ونبحث عن استثمارات جديدة. أما رئيس هيئة التنمية الصناعية فقال إن الفيصل في اقامة منطقة صناعية من عدمه هو توافر القدرات التنافسية في المنطقة وجميع مقومات الصناعة والأهم جديد المستثمرين. * المهندس ممدوح حسني خليل.. وكيل لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشعب..اشار إلي وجود قفزة في الصناعة خلال الاعوام الثلاثة الماضية. تبدو واضحة في ارتفاع معدلات النمو في القطاع الصناعي وبصفة خاصة المناطق الصناعية المتخصصة والتجمعات الكبري في قطاعات الغزل والنسيج والصناعات الهندسية والغذائية..وهذا هو الاتجاه العالمي ونأمل ان ينمو في مصر محققاً زيادة في الفروع الصناعية الأخري. اضاف أن المصانع الكبري تحتاج بجانبها إلي قيام مجموعة من الصناعات المتوسطة والصغيرة لكي تزدهر وتكتمل وتنجح الصناعات المختلفة.. وهذا الأمر ربما من الصعب تحقيقه مع الكيانات القديمة لعدم توافر الأماكن والمساحات التي تسمح باقامة العديد من الصناعات المكملة.. لكن هذا لايمنع من ضرورة الاهتمام بالمصانع القائمة بالفعل وتطويرها لتلعب دوراً يعزز من مكانتنا الصناعية خاصة واننا نمتلك أساسا طبيعياً جيداً لقاعدة صناعية يمكن أن ترتفع لصروح لاتقل عن الدول الصناعية المتوسطة.. بدلا من أهمالها وتركها بدون ادارة جيدة ومعدات تكنولوجية ثم بيعها في النهاية ممايشكل خسارة حقيقية للصناعة. اكد علي ضرورة وضع استراتيجيات متكاملة لبعض الصناعات خاصة التي تحدد لها مناطق في محافظات الصعيد حتي يتم لها الاستمرارية والنمو وتحقق الهدف منها.. نظراً لأن محافظات الصعيد تحتاج لصناعات محددة تراعي الامكانيات المتوفرة في البيئة. شدد علي ضرورة أن يؤدي القطاع الخاص دورا أكثر مشاركة وجدية في تطوير بعض المصانع الكبري التي لم تنل حقها من الاهتمام وربما بعد اقرار قانون مشاركة القطاع الخاص في البنية الأساسية في الدورة الماضية سوف تشهد الساحة الصينية حالة من التقدم والانتعاش بعد ضخ القطاع الخاص لاستثمارات كبري خاصة بالنسبة للصناعات الثقيلة وكثيفة العمالة. التنمية الصناعية * محمد عبدالسلام عضو مجلس ادارة غرفة الصناعات النسيجية يؤكد أن التنمية الصناعية لا تعني فقط انشاء المصانع والتكتلات الصناعية الصناعية الكبري فهناك عناصر ينبغي الاهتمام بها حتي لاتدمر صناعتنا ومؤسساتنا الصناعية كما حدث في بعض الصناعات فلكي تنمو المزيد من المناطق الصناعية المتخصصة والكيانات العملاقة فلابد من الاهتمام بالتعليم العالي والتعليم الفني والتنمية التكنولوجية والتنمية البشرية والتدريب لكل العاملين والاداريين وتأهيل القوي البشرية بما يلبي احتياجات المناطق والمصانع الجديدة. ايضا يجب الاهتمام بتطوير الصناعات كثيفة العمالة كصناعة الغزل والنسيج والتي تتطلب الاهتمام بزراعة القطن وزيادة انتاجية الفدان حتي نستطيع الارتقاء بمنتجاتنا من الصناعات النسيجية والملابس الجاهزة. أوضح أن مستقبل الصناعة يتطلب التخطيط علي أساس نسبة الزيادة السكانية التي مازالت مرتفعة.. فنحن في حاجة إلي إعادة رسم وتخطيط السياسة الصناعية وجعلها تعتمد علي مزايا نسبية مختلفة. قال انه طبقا لبرامج وسياسات الهيئة العامة للتنمية الصناعية فهناك معدلات معقولة لتنفيذ العديد من المشروعات الكبري المتكاملة في العديد من المحافظات وهو اتجاه إذا استمر العمل فيه بنفس التخطيط والتوسع سيكون له مردود ايجابي. أضاف أن اجميع المستثمرين يتجهون إلي المناطق الصناعية المتخصصة نظراً لأن جميع المشروعات المقامة فيها تحقق التكامل الذي يعطي منتجاً نهائياً تتوافر له كل مقومات النجاح التي تؤهله للمنافسة بشرط الاهتمام بالجودة والتطوير طبقاً لمتطلبات الاسواق. أكد علي ضرورة تذليل العقبات التي تعترض خطط انشاء المناطق الصناعية لأن التوسع مطلوب والاستمرارية مطلوبة ليست في القاهرة والمحافظات الكبري بل يجب ان تكون هناك عدالة في التوزيع طبقاً لاحتياجات المحافظات ولوفرة الأيدي العاملة وللمواد الخام التي تناسب متطلبات الصناعة والأهم ألا تكون الكيانات الجديدة علي انقاض المصانع القديمة.. ينبغي ان يمضي كلاهما بنفس التطوير والاهتمام نظرا لاننا نمتلك قاعدة صناعية كبري تتمثل في المصانع القديمة التي لم تنل حظها من الاهتمام. * محمد القليوبي- رئيس غرفة الصناعات النسجية باتحاد الصناعات سابقاً يري أنه لا يعارض بين اقامة مناطق صناعية متطورة وبين تحديث المصانع القائمة فعلاً قائلاً: إن أي إضافة صناعية جديدة خطوة ايجابية تعني توفير المزيد من فرص العمل وسد احتياجات السوق المحلية وزيادة في حجم الصادرات من خلال توفير منتج جيد يلتزم بالمواصفات المطلوبة في الأسواق العالمية ويزيد من حصتنا فيها. أضاف ولكن حتي تنجح هذه المعادلة يجب أن يراعي عدد من الخطوات ففيما يخص المناطق الصناعية الجديدة يجب أن نحرص علي تلافي الأخطاء الموجودة في المصانع القائمة ونعتمد بشكل اساسي علي التكنولوجيا في الانتاج والخامات المحلية قدر الامكان حيث أن هذا يعني ببساطة تشغيل عدد من الصناعات المغذية وإحداث طفرة بها. أما فيما يخص المصانع القديمة فالتعامل معها يجب أن يكون كل حالة علي حدة بمعني أن هناك مصانع قابلة للتطوير سواء بتحديث الآلات أو منظومة العمل أو حتي نوعية العمالة الموجودة بها وهناك مصانع أخري لن يجدي فيها التطوير ووصلت إلي حالة من التدهور لا يمكن معها انقاذها ومن الأفضل أن يتم بيعها أو حلها ولكن بشرط أن نراعي مبدأ هام وهو عدم الإضرار بحقوق ومصالح العاملين وهذا الأمر يجب أن تكون له الأولوية. أشار إلي أن الجميع مع التطوير والتحديث واقامة مناطق صناعية علي أعلي مستوي تواكب الجديد في مجالها ولكن علينا ايضاً الاهتمام بالصناعات القائمة ومحاولة تحديثها لأنها تمثل قلاعاً صناعية كبري يجب أن تظل تعمل بعد تطويرها وتحديثها إذا أمكن. * د. مجدي حلمي - خبير التنمية الصناعية بالأمم المتحدة يقول إن الاتجاه إلي اقامة المناطق الصناعية المتكاملة اتجاه عالمي في الوقت الحالي حيث يضمن هذا الاتجاه تجميع عدد من الصناعات المتشابهة في مكان واحد وإحداث نوع من التكامل فيما بينها يؤدي إلي توفير الاحتياجات المطلوبة في عملية التصنيع بسرعة أكبر وبسعر أقل بسبب انخفاض تكلفة عنصر النقل وهو ما ينعكس في النهاية علي سعر المنتج. أضاف أن هناك العديد من الدول العربية التي سبقتنا في هذا المجال منها الأردن والأجنبية وعلي رأسها ماليزيا وتركيا والصين والأخيرة لها تجربة جيدة جداً في هذاالمجال واستطاعت من خلال المناطق الصناعية والتكامل في الانتاج غزو العالم بمنتجاتها. أشار إلي ان نجاح هذه المناطق الصناعية مرهون بتوفير المقومات الأساسية لها من بنية تحتية وشبكة نقل جيدة ويفضل ان تكون قريبة من الموانيء الداخلية والخارجية لتوفير خطوط نقل سواء للبضائع التي سيتم تداولها في الاسواق الداخلية أو للتصدير. وقبل ذلك لابد أن يراعي توفير العنصر البشري القادر علي إدارة هذه المناطق بكفاءة عالية. وكذلك الأيدي العاملة في المصانع حيث اننا نعاني من انخفاض ملحوظ في مستوي كفاءة العامل في العديد من الصناعات وتدني مستوي التدريب وإعادة التأهيل. أوضح أن الاتجاه إلي المناطق الصناعية المتكاملة لا يعني بأي حال من الأحوال هدم المصانع القائمة لأن هذا له خسائر اقتصادية بجانب الخسائر علي المستوي الاجتماعي من جراء الاستغناء عن العمالة الموجودة في هذه المصانع وزيادة أعداد العاطلين في وقت تعاني فيه مصر من مشكلة البطالة. وهو ما يستلزم أن تكون هناك حلول لمشاكل تعثر المصانع القائمة سواء بالتطوير الفني أو بإعادة ضخ أموال لا لتقديمها حتي يمكن انتاج منتج جيد قابل للتداول في الاسواق. * المهندس عمرو عسل رئيس الهيئة العامة للتنمية الصناعة.. يؤكد أن اقامة مدن صناعية متكاملة لقطاع محدد خطوة جيدة ولكن بشرط أن تتوافر لها كل مقومات النجاح والاستمرارية لأن الترابط والتكامل في القطاعات الصناعية ليس في تخصيص مناطق محددة لكل قطاع. ولكن بواسطة شبكة "نت ورك" إضافة إلي المعارض واللقاءات وهذا الاتجاه نراه في معظم الدول الصناعية الكبري مثل اليابان وغيرها. قال ان قانون السوق ومتطلباته يتحكم في التخطيط الاستراتيجي للمناطق الصناعية وكذلك قربها من مصادر المواد الخام ومستلزمات الصناعة وهذا ما استطعنا تحقيقه خاصة في قطاع مثل الغزل والنسيج في كفر الدوار نظرا لأن كل الظروف مواتية ومهيئة تماما لقيام ونجاح هذه المنطقة كقلعة ضمن قلاع صناعة النسيج مثل المحلة وليس علي انقاض المصانع القديمة كما يعتقد البعض.. وهذا ليس معناه تكرار هذا النموذج في أي محافظة أو منطقة جديدة إلا بعد التأكد تماما من توافر جميع مقومات الصناعة. أضاف أن الهيئة تضع استراتيجيتها في التخطيط بعد إجراء مسح شامل لجميع المحافظات لمعرفة امكانيات كل محافظة وما هي المناطق والصناعات التي ينبغي التركيز عليها والأهم توافر كل عوامل وعناصر النجاح سواء من حيث العمالة المدربة أو المواد الضرورية للصناعة سواء الموارد الطبيعية إلي جانب الخدمات اللوجستية المتوافرة لأن من الصعب ان تنتج منطقة لصناعة ما في محافظة ويتكرر النجاح لنفس الصناعة في محافظة اخري.. نحن نضع الأهداف ولكن طبقا لآليات السوق وليس هناك أية موانع أو عقبات في التعديل والتغيير في حال عدم تلقي طلبات علي صناعة ما. أكد أن هدف الهيئة هو انشاء المناطق وتخصيص الاراضي لاقامة الصناعات المختلفة خاصة التي تشكل عامل جذب للاستثمارات الضخمة كثيفة العمالة فهؤلاء لا يضخون أموالهم إلا بعد التأكد من نجاح المشروعات المختلفة في شتي القطاعات الصناعية وليس في قطاع محدد. أخيرا فان كادر العمل لخطة عام "2010-2013" يتركز في انشاء مناطق صناعية جديدة في محافظات مصر إلي جانب تشجيع القطاع الخاص في تنمية البنية التحتية والمرافق والارتقاء بمستوي الموارد البشرية من عمال وشباب حديثي التخرج حتي نستطيع تطوير الصناعة المصرية ودفعها من خلال زيادة القيمة المضافة ورفع المستوي التكنولوجي. قد استطعنا في عام 2010 زيادة معدل النمو الصناعي إلي 5.5% وجذب استثمارات صناعية وصلت إلي مليار جنيه.