"كفر وهب" احدي قري مركز قويسنا بمحافظة المنوفية تعد نموذجاً للإرادة والتحدي.. تمكنت بالجهود الذاتية لأبنائها في التغلب علي كافة المشكلات الحياتية التي تواجه المواطنين بها دون انتظار لجهود الحكومة. واستطاعت أن تصبح أجمل قرية علي مستوي العالم بشهادة منظمة اليونيسكو. "المساء" تجولت داخل القرية التي يستحق أهلها ألف سلام وتحية. لنتعرف علي مقومات ومظاهر نهضتها التي جعلتها منافسا للريف الانجليزي رغم اعتماده في تقدمه علي جهود الدولة والأفراد. في البداية يقول المهندس فيصل وهب "عمدة القرية": القرية تنسب إلي عائلة وهب التي استقرت في بلبيس محافظة الشرقية عقب قدومها مع عمرو بن العاص أثناء الفتح الاسلامي لمصر. ثم انتقلت إلي قرية العباسية بأبوحماد. وتوجه أحد أفرادها "إبراهيم" إلي قرية أشليم مركز قويسنا ومعه أبناؤه الأربعة. وقام الأتراك العثمانيون بتوزيع الأراضي علي المصريين وانتقل بعض أبنائه للاقامة بالجهة الأخري من أشليم بعد تملكهم مساحة كبيرة من الأراضي أطلقوا عليها قرية كفر وهب وتبلغ مساحتها 100 فدان وعدد سكانها حوالي 3 آلاف نسمة وبها مدرسة عبدالعزيز حسن وهب للتعليم الأساسي. أوضح أن د. مجدي عبدالمقصود طبيب وأحد أبناء القرية كان صاحب فكرة تجميل ونظافة القرية منذ عام 1990. حيث بدأ تنفيذها بمعاونة مجموعة من شباب القرية المخلصين وبالجهود الذاتية المتواضعة وتم اسناد عملية النظافة لجمعية تنمية المجتمع المحلي بالقرية حيث تمكنت من شراء جرار زراعي بمقطورة عن طريق اشتراكات وتبرعات الأهالي. جهود ذاتية أضاف فتحي وهب "بالمعاش": أن كافة الخدمات الموجودة بالقرية جهود ذاتية. موضحا ان القرية بها وحدة طب أسرة ومدرسة للتعليم الأساسي ومكتب بريد. ومخصص لها حصة من أسطوانات البوتاجاز يتم توصيلها إلي المنازل مقابل مبلغ 10.5 جنيه للأسطوانة. كما ان بها مخبزين مشتركين في منظومة توزيع الخبز علي المنازل. علاوة علي اقامة معارض لبيع اللحوم السودانية ب 42 جنيها للكيلو. والأسماك الأسوانية من 10 إلي 15 جنيها للكيلو. أكد أن القرية تشتهر بزراعة وتصدير الموالح للخارج مما يدر عائدا علي أهلها. وتتميز 99% من واجهات منازلها التي لا يتعدي ارتفاعها عن أربعة طوابق وكذلك المحال باللون الأخضر. لافتا إلي انه تمت اقامة أحواض زهور مسودة بالكريتال الحديدي علي طراز اسلامي وذلك علي الترع التي تم ردمها وتمت زراعة الاشجار المختلفة من فيكس ونخيل إلي جانب نبات مسك الليل الذي تفوح منه رائحة المسك ليلا بالاضافة إلي بعض النباتات التي تقضي علي الناموس وأخري للتقليل من منسوب المياه الجوفية حتي لا تتسرب إلي جدران المنازل خاصة أن القرية محرومة من خدمة الصرف الصحي. أشار إلي ان القرية أصبحت خالية تماما من الأمية منذ 3 سنوات. أوضح محمد عبدالمنعم جبر "مدير عام بالمعاش" ان ثورة يناير كان لها دور كبير في زيادة الاهتمام بنظافة وتجميل القرية من خلال حملات "وطن نظيف" علي مستوي الجمهورية. و"جمعة النظافة" و"جمعة التشجير" و"جمعة الشباب" علي مستوي المحافظة. مشيراً الي ان جميع أفراد القرية شبابا ونساء يشاركون باستمرار في نهضة القرية بعد ان اتحدوا علي تحقيق هدف واحد بأن تكون "كفر وهب" أفضل قرية. وأوضح محمد مجدي بكالوريوس هندسة بترول ان أولي المراحل لتطوير القرية كانت من خلال مجموعة من الشباب يجمعهم روح الفريق المتآلف تمكنوا من جمع بعض الأموال من الأهالي لردم الترعة التي كانت تخترق الكتلة السكنية وتم تحويلها إلي حدائق "زهرة المدائن" و"ثورة 25 يناير".. إلي جانب أحواض من الزهور والأشجار .. مشيراً إلي انه بقيام ثورة يناير تحرك الشباب وبالفعل تم بدء أول حملة نظافة بالقرية في أبريل 2011 شارك فيها الجميع سواء بالمال أو الجهد. وقال ياسر النادي أبوعمار مسئول التجميل بالقرية انه تمت اقامة محطة تنقية لمياه الشرب تبرع بها أحد أبناء القرية العاملين بالخارج. حيث يتم توفير جراكن المياه النقية لأكثر من 75% من الأهالي مقابل اشتراك رمزي قدره 5 جنيهات شهريا إلي جانب تخصيص أكثر من "توك توك" لنقل أطفال الحضانة. أوضح محمد فهمي المسئول عن صيانة وتشغيل محطة التحلية انه يتم سحب مياه جوفية وتتم التنقية والمعالج من خلال فلاتر للرائحة والكلور والشوائب والأملاح علي ثلاث مراحل لضمان نقائها حفاظا علي صحة المواطنين. مؤكدا ان كافة التحاليل المعملية للعينات من تلك المياه أثبتت ان تلك المياه أفضل من المياه المعدنية. أضاف المهندس جمال عبدالرحمن سكرتير الوحدة المحلية أن قريتي كفر وهب وكفر عبده تعتبران قرية واحدة حث لا يوجد فاصل بينهما سوي ترعة تم ردمها. مشيرا الي أنه لم يتم تسجيل أي مخالفة بناء علي الأراضي الزراعية بكفر وهب من قبل أبنائها حبا فيها وانتماء لها. قال أحمد بهاء الدين حسين "رئيس الوحدة المحلية بقرية طه شبرا" أحد أبناء القرية ان القرية في حاجة ملحة لدخول خدمة الصرف الصحي وحتي تكتمل منظومة الخدمات بها. وطالب بتفعيل دور مفتشي التموين في الرقابة علي المخابز لتجويد رغيف الخبز. أكد الشيخ حمدي عبدالعزيز امام وخطيب مسجد الفتح بكفر عبده ان اماطة الأذي عن الطريق صدقة. وحيث المواطنين علي الاستمرار في الحفاظ علي مشروع تجميل القرية وسداد اشتراكات منظومة النظافة دون النظر إلي اتجاهات وانتماءات الأشخاص القائمين علي المشروع. أوضح بيومي الجزاز رئيس الوحدة المحلية بقرية عرب الرمل التابعة لها "كفر وهب" ان القرية فازت في 2005 بلقب أجمل قرية علي مستوي الجمهورية لكن فوز أشمون بلقب أجمل مدينة علي مستوي الجمهورية حال دون ان تفوز القرية بهذا اللقب حتي لا تجمع محافظة واحدة بين أجمل قرية ومدينة واكتفوا بفوزها علي لقب أفضل قرية علي مستوي المحافظة وحصلت علي مبلغ 200 ألف جنيه. مشيراً إلي أنه تم ادراج القرية في خطة هيئة الصرف الصحي وتم اجراء الدراسات وتخصيص قطعة أرض زراعية مساحتها 600 متر مربع لاقامة محطة الرفع بها بعد موافقة وزير الزراعة علي تبويرها لهذا المشروع الخدمي. وقالت عايدة عبدالحكيم "مدرسة" ان كل أسرة تحرص علي نظافة المنطقة المحيطة بمنزلها وتعتني بالأشجار والحدائق أمامه إلي جانب جمع القمامة والمخلفات ووضعها داخل المقطورة المخصصة لذلك. أكد محمد عبدالفتاح وهبي عضو الجمعية العمومية لجمعية تنمية المجتمع المحلي أن جميع أهالي القرية تكاتفوا علي قلب رجل واحد وبروح ايجابية منذ قيام د. مجدي عبدالمقصود بزراعة أول شجرة أمام منزله. لتطوير القرية حتي وصلت إلي هذه الصورة الحضارية والجمالية. وقال لؤي سليمان طالب بالثانوية أشارك في تشجير الشوارع. حيث وصل عدد الأشجار إلي حوالي ألفي شجرة بالقرية. فضلاً عن اقامة حدائق مزروعة بالأشجار والزهور والنخيل علي أكثر من 300 متر مكان الترعة القديمة. توصيل الخبز للمنازل عن طريق عربات زراعية وذلك بالجهود الذاتية. رصف الشوارع وطالب سليمان حسن "مدرس" بضرورة دخول الصرف الصحي والغاز ورد الشئ لأصله من رصف الشوارع مرة أخري بعد تنفيذ هذين المشروعين وكذلك استكمال أعمال تغطية الترعة المتفرعة من "الخضراوية" وتوفير محول كهرباء لمركز الشباب لإنارة الملعب ليلا لامكانية تأجيره دعماً للمركز ماديا وحتي تكتمل البنية التحتية بالقرية. وقال د. مجدي عبدالمقصود "طبيب باطنة": الجندي المجهول وراء النهوض بالقرية اننا سمعنا من خلال وسائل الإسلام فقط بفوز القرية بالمركز الأول علي مستوي الدول العربية في مسابقة أجمل قرية. لكن لم تصلنا افادة رسمية بذلك. أوضح أننا بدأنا في أوائل الثمانينات بداية متواضعة يميزها الاصرار والاستمرارية واخلاص النوايا في محاولة تغيير الواقع المؤلم بالريف المصري وزرع قيم الجمال في نفوس النشء مؤكدا ان التجربة حققت نجاحا ملحوظا أثمر عن وجود قرية متميزة تصنف بيئيا بين الدول العربية. أكد أنه عندما أدركت الدولة أن هناك عملاً جاداً قدمت يد المساعدة للقرية من رصف الشوارع والتجميل واستغلال مقلب القمامة الخاص بمجلس المدينة وتشجيع الفكرة. أشار إلي أن قيمة جائزة اليونيسكو ستتم الاستعانة بها في استكمال البنية التحتية بالقرية من صرف صحي ومحول كهربائي لمركز الشباب بالاضافة الي بناء مدرسة ثانوية.