استلهام التراث من أجل ابتكار ابدعات حديثة يؤدي إلي تقديم فنون معاصرة ومختلفة.. هذا ما شاهدناه من فرقة "ستب أفريكا" التي قدمت عروضها لمدة يوم واحد علي المسرح الكبير بدار الأوبرا وحظيت بإقبال جماهيري كبير علي عروضها الجديدة تماماً علي جمهورنا في مصر التي تجمع بين الترفيه والفن الراقي المتخصص. فرقة "ستب أفريكا" أو الخطوة الإفريقية تأسست عام 1994 علي يد "جيم بريان وليامز" المولود في مدينة هيوستن بولاية تكساس وأقام فترة زمنية في أفريقيا حاول خلالها استكشاف جوانب كثيرة من فنون الرقص هناك ورأي أن الخطوات والحركات الراقصة التقليدية من الممكن تطويرها مسرحيا.. جيم حاصل علي عدة جوائز عالمية منها جائزة "مايورز" لفنون عام .2008 الفرقة تتكون من مجموعة من الطلبة الأمريكيين ذوي الأصول الأفريقية وبدأت نشاطها داخل الجامعات ثم أصبح لها نشاط احترافي من خلال مؤسسة خاصة ميزانيتها 600 ألف دولار وأصبحت الفرقة سفيراً ثقافياً للولايات المتحدة وتقوم بجولات في كل أنحاء العالم وتعد عنصراً بارزاً ودائماً في المهرجان الثقافي الدولي بجنوب أفريقيا. الفرقة تقدم نوعاً من أنواع الرقص يسمي "رقص الخطوة" وفيه يتم استخدام الجسد بشكل إيقاعي وكأنه آلة موسيقية تنبعث منها نغمات الطبول من خلال إيقاع بالأقدام والتصفيق بالأيدي والضرب علي الأفخاذ والكعوب وطرقعة الأصابع مع صيحات ومهارة شديدة في الحركة الأكروباتية.. وكل هذا من خلال حديث فكاهي مع الجمهور يضفي الروح الترفيهية علي العرض. إيقاعات الفرقة قدمت علي مدار ساعتين متواصلتين حوالي 14 رقصة أربعة منها تقريباً تعتمد علي إيقاع موسيقي من خلال اثنين من العازفين مع مجموعة من الآلات الايقاعية وقد استطاعا أن ينتزعا تصفيقاً حاداً من الجمهور لمهارتهما في العزف والحركة بالعصي وعلي نغمات طبولهما شاهدنا رقصات فردية تؤكد مهارة راقصي هذه الفرقة. باقي الرقصات والتي استمرت طوال العرض امتازت بالسرعة الفائقة والرشاقة والأصوات الإيقاعية المميزة مع حركة الأحذية والطرق عليها وذلك من خلال تشكيلات وتصميمات مدروسة ومتقنة. تضمن العرض أيضاً بعض الرقصات المتكاملة والمستوحاة بالكامل من رقصات القبائل الإفريقية مثل رقصة المبارزة والحرب ورقصة الصيد وهذه الرقصات الجماعية جاءت بمصاحبة الطبول ولكن تلك الفقرات لم تكن الغالبية ودائماً مثلت تنويعاً في البرنامج إنما إيقاع الأقدام هو الأداة الوحيدة التي تستخدمها الفرقة وهو ما يميزها عن باقي الفرق المتخصصة في الرقص بالعالم مشاركة التفاعل مع الجمهور ومشاركته من أهم سمات هذه الفرقة. فالصالة تشتعل بالتصفيق والصفير وترديد النغمات وتعلو الضحكات من جوانب الصالة علي حركاتهم الفكاهية كل هذا الإطار المسرحي أعطي روحاً لهذه الفرقة المرحة التي استطاعت أن تقدم لنا فناً أمريكياً ذا وجه أفريقي معاصر.. وأخيراً: العرض يجعلنا نتمني أن نجد لدينا من يستفيد من رقصات وحركات كثيرة في المناطق المختلفة من بلدنا من الممكن أن يتم فيها استنباط فن جديد يعبِّر عن هويتنا.