تحول الفحص الطبي للمقبلين علي الزواج إلي مجرد ورقة تسمي شهادة طبية لكن مع وقف التنفيذ. بالأحري هي حبر علي ورق. وهو ما أفقد الفحص أهميته الحقيقية في الحفاظ علي صحة المواطنين. أصبح استخراج الشهادات الصحية لا يحتاج إلا لسداد مبلغ 80 جنيهاً لكل فرد من العروسين وبعدها يتم استخراج الشهادة وبها جملة واحدة "لا مانع من إتمام الزواج". وذلك نظراً لافتقادها لأغلب التحليلات التي كان من الأولي أن تشملها الشهادة. يوضح الدكتور محمد ترجم طبيب الباطنة ورئيس المجلس المحلي لحي الجمرك إن الشهادة الصحية تنص علي اجراء تحليل دم كامل.. إضافة لتحليل "أر إتش" وكلاهما غير كافيين لإظهار أي أمراض وراثية أو معدية أو أمراض تمنع الزواج. الأمر الذي حولها إلي ورقة روتينية. كما أن هذه التحاليل يتم اجراؤها في ثلاث دقائق وليس ثلاثة أيام كما هو متبع في جميع الجهات التي تقوم باجراء التحليل بالإسكندرية. ويضيف ترجم أن هذه التحليلات ليست مكلفة في الواقع حتي تصل لمبلغ "80 جنيهاً" لكل فرد من العروسين. فهو مبلغ مبالغ فيه!!! وتؤكد حنان وليم رئيس لجنة المرأة والطفل بالمجلس المحلي لحي الجمرك أن عدد الوحدات التي تقوم بالتحليل قليل جداً علي مستوي الإسكندرية كما أن توزيعها الجغرافي سيئ للغاية. وأجهزة التحاليل المعتمدة لا تتوافر بأغلب المستشفيات. وتضيف أنه تم اختيار مستشفي أطفال الأنفوشي لاجراء التحاليل والفحوصات المطلوبة لمنطقة الجمرك الطبية وكذلك منطقة العجمي. وأيضاً منطقة العامرية وهو ما يسبب ضغطاً شديداً علي مستشفي الأنفوشي ويعطل استخراج تلك الشهادات لمدة طويلة تصل إلي ثلاثة أيام. كما أن الفحص لا يتم طوال أيام الأسبوع. وإنما يتم الفحص في يومي السبت والثلاثاء فقط. كما أن الذي يقوم بنقل العينة من جميع الجهات إلي وحدة الفحص هو مجرد عامل وليس مؤهلاً طبياً للقيام بهذا الدور. وتطالب حنان بضرورة زيادة عدد الوحدات الطبية التي تقوم بالفحص. وإعادة توزيعها جغرافياً علي أحياء الإسكندرية لتستوعب اعداد راغبي الزواج وأيضاً أن يشمل الفحص الأمراض الوراثية والأمراض المعدية. ويوافقها الرأي محمد رمضان مراد عضو المجلس المحلي لحي الجمرك مشيراً إلي أن الكثير من المواطنين مؤمن عليهم بواسطة التأمين الصحي وتشملهم مظلة التأمين إلا أنهم يحصلون علي هذه الشهادات بمقابل مادي كغيرهم ممن لا تشملهم مظلة التأمين الصحي. ومن المنطقي أن يتم فحصهم بالمجان. إلا أن ذلك لا يحدث. ويري "م. خليفة" مأذون شرعي أن تكلفة الفحص إضافة لتكاليف عقد القران قد فتحت باباً جديداً للزواج العرفي خاصة مع زيادة تكاليف الفحوصات الطبية. إضافة إلي أن الأمراض التي تمنع اتمام العقد مثل الإيدز وعدم القدرة علي الانجاب. قد يستغلها بعض ضعاف النفوس ويحصلون علي الرشاوي لاستخراج الشهادات المزورة. فلا يحدث الفحص الطبي وتزور هذه الشهادات الصحية لإتمام العقد. فهي كغيرها قابلة للبيع لمن يشتري. ويؤكد مجدي الحلو رئيس مجلس إدارة جمعية دعوي للحياة أن الفحص الطبي قبل الزواج قد تحول لورقة تدر دخلاً ما ويتحكم فيها المأذون.. بعد أن أهمل تعريف المجتمع بأهميتها وبكونها وسيلة للكشف عن نسبة الإعاقة والأمراض الوراثية والمعدية بين شباب المجتمع والتعريف بالخصائص السكانية. ويشير إلي أنه أثناء تعديل قانون الطفل تم تسليط الضوء علي رفع سن الزواج. ولم يتم التعامل مع البند الخاص بالكشف الصحي بطريقة صحيحة. بل ترك أمره للبيئة الثقافية والمجتمعية للمأذون والعروسين. حتي تحول إلي حبر علي ورق. وطالب بضرورة تفعيل القانون وتعديل ثقافة المجتمع. ويوافقه الرأي سعد عبدالمولي الفقي رئيس المجلس المحلي لحي العجمي مشيراً إلي ضرورة تنظيم حملات توعية إعلامية بأهمية الفحص. وقال انه يجب أن تتعامل مديرية الصحة مع الفحص الطبي للمقبلين علي الزواج بطريقة علمية وعملية. ولا تكتفي بتحصيل الرسوم فقط. كما يجب اتخاذ اجراءات صارمة مع كل من يحاول التلاعب في نتائج الفحص سواء كان مأذوناً أو عاملاً بالصحة في حالة ثبوت التلاعب. فالفحص ليس مجرد شهادة وإنما وسيلة أمان مجتمعي وطريقة للتعرف علي خصائص الأطفال القادمين والتغلب علي الإعاقات المحتملة.