بُحَّ صوت الرجل الذي وهب نفسه للدفاع عن حقوق أضعف فئة في المجتمع وهي فئة أصحاب المعاشات من أجل إنصافهم دون أن يجد أذناً صاغية تستجيب لنداءاته. البدري فرغلي رئيس النقابة العامة لأصحاب المعاشات بلغ به الغيظ أقصي مداه لتجاهل الحكومات المتعاقبة منذ عهد الرئيس السابق حسني مبارك إلي عهد حكومات ما بعد ثورة يناير لهذه الفئة المستضعفة واعتبارها من سواقط المجتمع. ولعل ما يشجع هذه الحكومات علي النظر لهذه الفئة بعين الازدراء أنهم أصبح لا حول لهم ولا قوة. فقد أجهدهم الزمن وأخذ منهم كل مأخذ فوهنت عظامهم واشتعلت رءوسهم شيبا.. والحكومات بذلك أمنت غضبهم. وتصرفت في أموالهم وهي بمئات المليارات. وليس تصرفا عاديا. بل اغتصبت هذه الأموال لسد عجز الموازنات ورغم ذلك لم تخجل أية حكومة في إذلالهم والتصدق عليهم بفتات الفتات. والذي بدأ بارتكاب هذه الجريمة الوزير غير المأسوف عليه الهارب للخارج يوسف بطرس غالي وزير المالية الأسبق.. فقد أخذ 143 مليار جنيه من أموال المعاشات لصالح الخزانة بدون فوائد منذ أكثر من 6 سنوات. وصرف جزءاً منها كقروض لرجال مبارك بدون فؤاد أيضا. ولو كانت هذه المبالغ الطائلة عوملت معاملة أذون الخزانة بعائد 17% لكانت قد بلغت الآن 350 مليار جنيه. أرقام كثيرة لأموال المعاشات نهبها يوسف بطرس غالي شرحها لي بالتفصيل النائب البرلماني السابق والمميز البدري فرغلي وهو يحفظها عن ظهر قلب. منها مبالغ ذهبت لمشروع شرق التفريعة بلغت 2.8 مليار جنيه!! وفي يوم واحد سحب غالي 198 مليارا للخزانة العامة بفائدة 8% فقط. ولو كانت عوملت معاملة أذون الخزانة بفائدة 17% لبلغت الآن 450 مليارا. بنك الاستثمار الوطني ناله حظ من أموال هؤلاء الغلابة فأخذ 84 مليارا منذ عام 1980 بعائد 4% فقط ولو عوملت ب 17% لبلغت أضعافا مضاعفة. البدري فرغلي في جعبته الكثير والكثير وفي فمه مرارة من تصرفات غالي ومساعده ممتاز السعيد الذي أصبح وزيرا بعد ذلك ومحمد معيط نائبه الذين تسببوا في ضياع أموال المعاشات.. أخذوا مئات المليارات ولم يتركوا لأصحاب هذه الأموال سوي حزمة أوراق كصكوك لا تغني ولا تسمن من جوع. بل إن بطرس غالي أنشأ صندوقا اجتماعيا من هذه الأموال رأسماله 30 مليار جنيه خصص منها مليارين للاجور والمكافآت والبدلات المميزة للعاملين بالتأمينات.. وقد كشف الجهاز المركزي للمحاسبات ان هناك خمس شخصيات تأخذ بدلات بأرقام فلكية.. منهم محمد معيط نائب وزير المالية وثريا فتوح وكل منهما يأخذ 100 ألف جنيه وما بين 60 و70 ألفا لكل عضو من أعضاء مجالس ادارة الهيئة القومية للتأمينات. وزيرة التأمينات الدكتورة نجوي خليل لا تملك من أمر نفسها شيئا. فقد سبق أن وعدت بصرف فروق العلاوات الاجتماعية لأصحاب المعاشات عن أعوام 2005 و2006 و2007 ثم سكتت ولم تنفذ دون إبداء أية أسباب. أصحاب المعاشات يطالبون بصرف هذه الفروق بأثر رجعي وصرف علاوة يناير الاجتماعية وزيادة المعاشات بنسبة 50%. لقد ساءت الحالة المالية لاصحاب المعاشات حتي وصلت الي اليأس مع انخفاض القوة الشرائية للجنيه وارتفعت الاسعار فوق طاقة الذين مازالوا في الخدمة فما بالك باصحاب المعاشات. ويبدو أن الحكومة المعدلة للدكتور هشام قنديل والحكومة التي لم تكن معدلة قبلها تسير كل منهما علي خطي بطرس غالي في تجاهل اصحاب المعاشات. وكأن لسان حالها يقول لهم: اضربوا رءوسكم في الحيط!!