إذا ما التقيت مصادفة ب "محمد قُصة" أثناء صعودك أو هبوطك من أي عقار فمن المستحيل أن تشك في انه أشهر لص مساكنبالإسكندرية.. فهو شاب مفتول العضلات وعلي قدر من الوسامة والأناقة وله شعر كثيف وناعم و"قُصة" علي جبينه هي سبب شهرته. ومن هنا تمكن "محمد" في ضرب رقما قياسيا في ارتكاب أكثر من "21" حادث سرقة للمشاهير بالإسكندرية.. والأغرب ان "محمد" لا يعلم بشخصيات من سرقهم. ولا يهتم بشهرتهم فكل ما كان يهتم به هو ما تحتويه مساكنهم. الطريف ان "محمد قُصة" كان إذا لم يجد ما يسرقه يستولي علي البرفانات أو النظارات الشمسية المهم ألا يخرج بيديه خالية الوفاض. تبدأ حكاية "محمد حامد محمد السيد" "36 سنة" وشهرته "محمد قُصة" بشعره الطويل المسترسل علي جبينه وهو اسم شهرة أطلقه عليه ضباط الشرطة وهو اللص الشهير الذي تفوق علي راسبوتين.. حيث تلقي اللواء "خالد غرابة" مدير أمن الإسكندرية "21 بلاغا" علي مدار عشرة شهور متتالية من بينها بلاغ اللواء شرطة متقاعد "منير عنان" شقيق الفريق "سامي عنان" رئيس الأركان السابق. بسرقة شقة شقيقهما الثالث لعقار بمنطقة سموحة. وتبين سرقة "105 آلاف جنيه" و"ألف" ريال سعودي وساعتي يد و"عشرة آلاف دولار" وان مالك الشقة أستاذ بكلية الزراعة ويقضي كل وقته بمزرعة يمتلكها.. كما تبين تحطم باب الشقة تماماً.. والعبث بمحتوياتها بالكامل. ثم تلقي مدير الأمن بلاغاً من الفريق "أحمد فاضل" رئيس هيئة قناة السويس السابق بسرقة شقته بشارع الاقبال بلوران.. حيث تمت سرقة الأوسمة والنياشين الخاصة به وبعض الهدايا وكمية من الذهب خاصة بزوجته.. ثم تقدم "السيد الجبالي" "مهندس بالمعاش" ببلاغ ثالث من سرقة شقته وكانت تحتوي علي ما يقرب من "3 كيلو ذهب" خاصة بزوجته وابنته وزوجة ابنه. أما البلاغ الرابع فكان من أحمد صبري وكيل نيابة محرم بك والذي يقطن بالدور "الحادي عشر" بسموحة.. حيث تمت سرقة "ألف جنيه" وبرفاناته ونظاراته الشمسية وساعات يده واللاب توب. وتعددت البلاغات لتصل إلي "21 بلاغا" سرقة لرجال أعمال وأثرياء بأرقي مناطق الإسكندرية وجميعها بنفس الأسلوب. أمر اللواء "ناصر العبد" مدير مباحث الإسكندرية بتشكيل فريق بحث موسع برئاسة العميد "أسامة وصال" رئيس وحدة المال ويضم كلا من المقدم "إسلام عبدالرحيم" والرائدين "محمد إسماعيل" و"خالد عبدالفتاح" والملازم أول "أحمد حبكة" لتشير أصابع الاتهام إلي "محمد حامد محمد" وشهرته "محمد قُصة" والسابق اتهامه عام 1996 في "11" قضية سرقة قضي فيها خمس سنوات ليجمد نشاطه بعد خروجه ثم يعاود السرقة من جديد.. وفي كمين بأحد مكاتب استئجار السيارات تمكنت مباحث وحدة المال من ضبط المتهم. التقت "المساء" ب "محمد قُصة" ليروي أغرب التفاصيل عن حياته ويفجر أغرب أساليب السرقة. قال: أنا الشقيق الخامس بين شقيقاتي وشقيقي وبدأت نشاطي منذ كان عمري 16 سنة حيث عملت كعامل دوكو سيارات ووالدي كان عاملا بشركة الغزل والنسيج وتمكنت من الحصول علي دبلوم التجارة.. ثم ذاكرت وحصلت علي بكالوريوس تجارة تم تعييني بإدارة شرق التعليمية ولكن الفلوس كانت قليلة وعن طريق أصدقاء السوء دخلت في مجال السرقة ولم يكن أحد من أشقائي يأخذ مني المال بل قاطعوني ولم أكن أسأل سوي عن أبي وأمي لأني شديد التعلق بهما. أضاف: تعرضت للسجن لمدة خمس سنوات وخرجت في "2011" وقررت الاستقامة وتزوجت من "كوافيرة" وأنجبت منها "طفلي" الوحيد وهو طالب الآن في الصف الرابع الابتدائي. وكنت أعمل كسائق علي السيارات الأجرة والميكروباص وزوجتي لا تعلم شيئا عن الماضي.. ولكن للأسف عرفت من أحد أصدقائي انني مسجون سابق ونشبت بيننا الخلافات وطلقتها وتقيم هي في شقة منفصلة بسيدي بشر وعندما أريد أن أري ابني أذهب لمدرسته للقائه لأن العلاقات بيننا مقطوعة. تابع قائلا: ظللت بعيدا عن السرقة لمدة "11" عاما حتي مرضت والدتي وكانت تعالج في مستشفي حكومي ولا أستطيع الإنفاق عليها وشقيقاتي دخلهن ضعيف لأنهن ربات بيوت. فقررت العودة للسرقة من جديد وأنفقت علي والدتي بعد نقلها إلي مستشفي خاص ما يقرب من "70 ألف جنيه" لتحظي برعاية جيدة وللأسف ماتت ومن بعدها لم أتوقف عن السرقة. أضاف: لا أعرف عدد الشقق التي سرقتها ولكني أختار المناطق الراقية وأيضا الشقق التي تقع بالأدوار العليا.. وبعد الثورة أصبح البوابون يعملون في أكثر من مهنة ويتركون العقارات بدون حراسة وأيضا لم يعد الجيران يسألون علي بعضهم البعض فكنت أكسر باب الشقة ولا أحد يسألني ماذا أفعل أو من أنا؟! قال: من العادة أن أراقب العقار للتأكد من مواعيد خروج البواب ثم أصعد لأي شقة اختارها بصورة عشوائية وأطرق الباب فإذا فتح لي أحد أسأل علي أي اسم وإذا لم يفتح لي أحد أبدأ عملي وأحرص علي ارتداء أفخر الثياب حتي لا يشك في أحد ثم أقوم بكسر الباب بواسطة "عتلة" أخفيها في ملابسي واستخدامها يحتاج لممارسة الرياضة حتي أتمكن من عمليات الكسر وهو ما أحرص عليه. أضاف: عادة لا أحمل حقيبة علي الإطلاق بل أحصل عليها من داخل الشقة.. واللص الذكي لا يمكث في أي شقة سوي ربع ساعة يتحرك فيها سريعا لان الباب المكسور لابد وأنه سيلفت أنظار أحد الجيران وإذا لم أجد أموالا أسرق برفانات أو ساعات لاستخدامي الشخصي وحتي لا أخرج خالي الوفاض. استطرق قائلا: لم أكن أعلم أسماء أصحاب الشقق علي الاطلاق ولا أهتم بذلك المهم ما بداخل الشقة. وكان لي صديق يدعي "محمد فاضل" "60 سنة" "تاجر ذهب" بشارع عشرين يقوم بالحصول مني علي الذهب أولا بأول ويقوم بتصريفه وبالطبع كان يسرقني في الحساب فهو يحاسبني علي عيار "21" علي انه "18" وعيار "18" يحاسب علي انه ذهب صيني وبالطبع هو يعلم أن الذهب مسروق فلم أكن أدخل في جدال معه طالما ان الرزق لم ينقطع وخاصة ان الناس أصبحت تخفي أموالها بالمنازل وكذلك الذهب وتقلق من البنوك هذه الأيام وبالطبع ذلك مكسب لنا نحن اللصوص. أضاف: قررت أن أعيش حياتي فتزوجت للمرة الثانية رسميا من سيدة أكبر مني سناً ولكنها تحبني ثم تزوجت منذ عامين بالثالثة عرفي. ومنذ عام بالرابعة عرفي أيضاً. واشتريت لكل واحدة من زوجاتي الجدد سيارة ثم اشتريت سيارة. أضاف: حققت مكاسب مالية خلال ثمانية أشهر تقريبا تصل إلي "2 مليون جنيه" كسيولة. أما أموال الذهب فلا أتذكرها وقد اشتريت شقتين بالرمل بمبلغ 200 ألف جنيه.. وأكد "قُصة" علي أن "والده المسن" دائم الزيارة له والسؤال عليه. وهو في الحجز بالرغم من انه لا ينفق عليه من أموال السرقة.. ولكن والده يحبه ويدعو دائما له بالهداية. وأوضح علي أن اسم شهرته جاء من ضباط الشرطة "لنعومة شعره" والتصقت به منذ ذلك الحين. كان "مصطفي دراز" رئيس نيابة سيدي جابر قد أمر بحبس المتهم وشريكه تاجر الذهب أربعة أيام علي ذمة التحقيقات. كما تم التحفظ علي الشقتين والسيارتين التمليك ومبلغ ال 150 ألف جنيه الذي عثر عليه بحوزة المتهم وزجاجات البرفانات والساعات.. كما تم العثور علي أوسمة ونياشين الفريق "فاضل" وجزء من الذهب المسروق لقيام "الصائغ" المتهم بتسييح أجزاء كبيرة منه للتخلص من معالمها وجار حصر المضبوطات لتسليمها لأصحابها.