كوب المياه النظيف سيظل حلماً!!.. فمياه الشرب تحاصرها أسباب التلوث بداية من النيل مصدرها الرئيسي ومروراً بالآبار التي تعتمد علي مياه جوفية تجاورها وتخترقها مياه الصرف العشوائي!!.. حتي مراحل التطهير والتعقيم تعاني أحياناً نقص الامكانيات والمواد اللازمة.. بل ان الكثير من المعامل تحتاج الي تطوير أجهزتها حتي تتمكن من تحديد درجة نقاء الماء بدقة بعد مروره بمراحل التعقيم.. وأكثر ما يهدد كوب المياه النظيفة خاصة في الأقاليم والمناطق العشوائية تلك الوصلات العشوائية التي يقيمها المواطنون علي الشبكة الرئيسية للتحاليل والحصول عليها فتكون النتيجة اختراق الشبكات بمياه مختلطة بالمجاري وملوثات أخري حتي نقطة المياه إذا وصلت نظيفة الي المنازل فهناك استخدام عشوائي للفلاتر يجعلها مصدراً للتلوث حيث تخرج المياه عبر الفلتر بدون أملاح معدنية ويكون الفلتر نفسه بؤرة لتجمع البكتريا فيؤدي لنتيجة عكسية من أسبابها خداع وتضليل يمارسهما مروجو هذه الفلاتر!! "المساء" تفتح هذا الملف المهم وتحاور كل المعاملين مع قطرة المياه في مرفق المياه ووزارة الصحة وسلامة الغذاء وخبراء المركز القومي للبحوث وعلي الطبيعة مع القائمين علي محطات المياه والمعامل التابعة لها. بداية يطالب الدكتور محمد رجائي لاشين أستاذ متفرغ بقسم تلوث المياه بالمركز القومي للبحوث: بخطة "آمنة" للحصول علي مياه صالحة للشرب سواء من مياه النيل أو الآبار التي تقام في المناطق الريفية التي تحتاج لمتابعة مستمرة فلا يكفي إضافة الكلور وتجاهل فصل الحديد والمنجنيز لأن هذا يعطي فرصة للتفاعل بين العناصر الثلاثة فتأتي المياه غير مطابقة للمواصفات. الدكتور محمد محمد كامل أستاذ بحوث المياه بالمركز القومي للبحوث: يري أن الانقطاع المستمر للمياه وعدم وصولها بانتظام يدفع المواطن لحل هذه المشكلة بطريقة تؤدي لتلوث المياه مثل عمل وصلات بشبكات المياه الرئيسية تكون غير محكمة وقد تتسلل إليها مياه الصرف الصحي التي تطفح بجانب هذه الوصلات!! كذلك تركيب مواتير لسحب المياه تتسبب قوتها الزائدة أحياناً في سحب مياه الصرف الصحي الموجودة بجانب المواسير المركب عليها تلك المواتير.. بالإضافة الي أن الفتحات الموجودة بين الوصلات تقلل من اندفاع المياه داخل الماسورة فتتكون بيئة مناسبة لتكوين بؤر من البكتريا يتم شفطها لداخل المواسير. يطالب الحكومة بوضع خطة لاستبدال الشبكات المتهالكة والمسدودة خاصة في المحافظات الريفية مع توعية المواطن بالابلاغ فوراً عن أي تغيير يحدث في لون أو طعم المياه لمعالجته سريعاً. الدكتور إيهاب عطية مدير عام صحة البيئة بوزارة الصحة: يوضح أن إدارة صحة البيئة مسئولة عن مراقبة جودة مياه الشرب ومراقبة الصرف الصحي من خلال سحب عينات من محطات المياه وشبكات المياه وتحليلها. يوضح أن أسباب تلوث المياه ترجع لعدم مطابقة بعض مآخذ المياه للاشتراطات الصحية فمثلاً بعض القري اقتربت المساكن كثيراً من الآبار التي يؤخذ منها المياه ويشترط وجود مساحة 45 متراً من جميع الاتجاهات والنتيجة أن الصرف الصحي يهدد الآبار ويجعلها غير مطابقة للمواصفات.. بالإضافة الي أن شبكات المياه متهالكة وعملية الغسيل والتطهير لا تتم دورياً علي النحو المطلوب. أما في القري التي لا يوجد بها صرف صحي فيتم عمل "طرنشات" للصرف.. وبالقرب منها طلمبات حبشية علي عمق 10 أو 15 متراً وهذا خطأ كبير فيجب أن تكون الطلمبة علي عمق أكبر من 30 متراً .. لكن تأتي المشكلة الأكبر في تركيب موتور علي الطلمبة الحبشية بقوة شفط تؤدي لسحب مياه الصرف الصحي الموجودة بجانب الآبار. لذلك يجب أن تكون هناك مراقبة صارمة والاهتمام بمطابقة الاشتراطات الصحية.. حيث إن بعض الجهات تضغط علي وزارة الصحة لاصدار تراخيص لبعض الآبار دون استيفاء الاشتراطات الصحية الكاملة والوزارة لم ولن تستجيب لهذه الضغوط. الدكتور حسين منصور خبير في سلامة الغذاء: يشير الي أن أهم مصادر تلوث المياه هي الصناعي والصحي علي المسطحات المائية بالإضافة لالقاء المخلفات الآدمية وجثث الحيوانات.. لذلك لابد من اجبار المصانع علي عدم القاء مخلفاتها قبل معالجتها فنياً.. مع ملاحظة أن بعض محطات المعالجة تعتمد علي المعالجة الثنائية أي من الدرجة الثانية ولكن يجب أن تتم المعالجة علي الدرجة الثالثة.. إضافة لسبب آخر نتج عن التوسع في البناء علي الأراضي الزراعية مع عدم وجود شبكة عمومية للصرف.. فيتم العرض داخل المياه الجوفية. وكان لابد من مواجهة المسئولين بمرفق المياه ومتابعة المراحل التي تمر بها المياه حتي تصل الي المستهلك. يقول الدكتور عبدالحفيظ السحيمي رئيس قسم المعامل والبحوث بمرفق مياه القاهرة: تضم شركة مياه القاهرة 14 محطة تنتج 6 ملايين متر مكعب من المياه وجميع مصادر المياه من النيل وترعة الشرقاوية وترعة الإسماعيلية ومأخذ المياه من محطة الأميرية ومحطة المرج ومحطة العبور والعاشر 1. 2 وقد وصلت مياه النيل علي شهادات دولية أنها من أنقي مصادر المياه علي مستوي العالم.. لكن هناك مشاكل تمنع شرب مياه النيل مباشرة.. الأولي العوالق الغروية والكائنات الدقيقة الحية أما نسبة الأملاح الذائبة فهي ممتازة.. لذلك يجب ازالة هذه الأسباب حتي تكون مياه النيل صالح للشرب.. وتتم معالجة المياه علي ثلاث مراحل هي الترويق والترشيح والتطهير ويوجد بكل محطة معمل يعمل علي مدار 24 ساعة مزود بالكيميائيين من جميع التخصصات في الكيمياء والبيولوجي والنبات والميكروبيولوجي والفيزياء ويتوفر به جميع الأجهزة بالمواصفات الدولية والمواد الكيميائية بالمركبات العالمية. يضيف أنه تم تطوير 6 معامل من معامل الشركة تطويراً شاملاً لتحسين حالة الأجهزة والكيماويات ويجري تطوير الباقي وفقاً لخطة تحدد حالة واحتياجات كل معمل ويقوم المعمل بسحب عينات من جميع مراحل المعالجة كل ساعتين وتحليلها وتدوينها بالسجلات الخاصة بذلك لضمان التنقية المطلوبة بالشبة والكلور.. كما يتم رفع عينات من الشبكة يومياً بواسطة معامل متنقلة يبلغ عددها 15 معملاً تقوم بالمرور علي الشبكات ورفع عينات بعدد يزيد علي المطلوب طبقاً لمنظمة الصحة العالمية ويتم تلبية شكاوي العملاء الواردة علي الخط الساخن ..125 كما أنشأت الشركة مشروع تطهير الخزانات العلوية بسعر التكلفة سواء المنزلية أو الموجودة في المستشفيات والمدارس. يؤكد أن أهم أسباب تلوث المياه هي عدم تطهير الخزانات العلوية واستخدام الفلاتر المنزلية التي تعد مصدراً خطيراً للتلوث لتجمع البكتريا.. إضافة للوصلات العشوائية التي يقيمها البعض ويربطها بالخطوط الرئيسية فتؤدي لتلوث الخط كله. يحذر من تخزين المياه في الزجاجة البلاستيك مرة أخري لأن الكلور يتفاعل مع البلاستيك المعالج بالأوزون ويؤدي لنواتج ضارة جداً بالصحة. يوضح المهندس ياسر محمد عبدالحليم مهندس صيانة ميكانيكية بمحط مياه روض الفرج: أن المياه تأتي الي المحطة عن طريق مأخذ موجودة داخل النيل نفسه عن طريق طلمبات خاصة وتمر المياه بثلاث مراحل حتي تكون صالحة للشرب وهي الترويق والترشيح والتطهير وتعتمد علي الشبة والكلور في عملية الترويق والشبة هي كبريتات الألومنيوم والمروق الواحد مساحته 35*35 متراً وعمقه 6.5 متر وتصبح المياه بعدها صالحة بنسبة 80%.. ثم عملية الترشيح في المرشحات الرملية السريعة وهي رملة قطرها 0.8 الي 1.4 ملليمتر تحجز الشوائب.. ثم عملية التطهير بإضافة الكلور علي ثلاث جرعات وهي كلور مبدئي وكلور وسط وكلور نهائي وتخرج المياه عبر فتحات أقل من قطر الرملة تذهب الي المصافي وعلي الخزان العمومي للمحطة وطلمبات الضخ للمستهلك.. وهناك جهات مراقبة لسلامة المياه وهي جهاز حماية المستهلك ووزارة الصحة والمعامل المركزية بالشركة القابضة بالإضافة للمراقب الأول وهو معمل المحطة نفسها. الدكتورة سهام إسماعيل مدير عام قطاع معامل شرق القاهرة والدكتورة هدي محمد مسئولة عن معمل الميكروبيولوجي بمحطة روض الفرج يؤكدان أن السبب الرئيسي لتلوث مياه الشرب في منازل القاهرة والجيزة ترجع لاعتماد الكثيرين وعلي الفلاتر التي تعد كارثة كبيرة حيث تعتبر بيئة "جيدة" للبكتريا لعدم تنظيفها يومياً فالفلتر ينزع الكلور من المياه والكلور هو المسئول عن القضاء علي البكتريا وبائع الفلاتر عندما يقوم بعمل اختبار للمواطن في المنزل لإغرائه بالشراء يضع مادة تفصل الأملاح عن المياه لذلك يصبح لونها أصفر وأكثر عكارة فيعتقد المواطن أن هناك بكتريا في مياه الشرب وهذا غش بالإضافة لعدم نظافة الخزانات العلوية وتركها لسنوات دولة نظافة فتحول إلي بؤر للبكتريا والميكروبات. يقول الدكتور علي رضوان رئيس قطاع معامل القليوبية إن المشكلة الرئيسية للتلوث في القري والمحافظات تكمن في عدم وجود صرف صحي والاعتماد علي الطرنشات التي تصرف المياه في الارض وبالتالي تؤثر علي المياه الجوفية الموجودة في الآبار التي يعتمد عليها الناس في الشرب ويتردد الأمر سوءاً بمخالفة قرار وزير الحكم المحلي رقم 525 الصادر بتاريخ 7 9 2009 بعدم بناء طلمبات حبشية علي الشبكة الرئيسية للمياه فالكثير من سكان الاقاليم يصنعون وصلات من هذه الطلمبات علي الشبكات وتكون غير مطابقة للمواصفات والأخطر تركيب مواتير علي هذه الطلمبات فتقوم بسحب مياه الصرف ولتختلط بمياه الآبار.. كما أن الشبكات متهالكة وتحتاج للتغيير ومحطات الترشيح تتكلف بين 250 مليوناً و300 مليون جنيه ومياه الآبار التي يتم الاعتماد عليها بها نسبة أملاح وتحتاج لمنظومة كلور والمشكلة في الآبار انه يجب إزالة الحديد والمنجنيز قبل وضع الكلور ومعاملة خاصة حتي لا تحدث الكوارث نتيجة التفاعل بين هذه العناصر لكن منظومة إزالة هذه المواد تتكلف مبالغ كثيرة.. كما أن معظم المعامل بالمحافظات ومنها المعمل الموجود بالقليوبية تحتاج لتطوير شامل وينقصها الكثير من الإمكانيات وعدد من الكيميائيين لانجاز الأعمال ووزير الري يعلم أن القليوبية لديها الكثير من المشاكل ولكن هناك حلولاً بعد أن اصبح للقليوبية شركة لمياه الشرب والصرف الصحي حيث كانت من قبل تابعة للمحليات.