ستظل حرب أكتوبر العاشر من رمضان "بدر 73" هذه الحرب العظيمة ودروسها المستفادة مجالا للبحث والدراسة علي مستوي الأكاديميات العسكرية العالمية حرب الست ساعات التي تحدث عنها بإعجاب واجلال الأعداء قبل الأصدقاء هذه الحرب التي قلبت الموازين وهزت الكيان الاستعماري للعدو الصهيوني الإسرائيلي واليوم نحتفل بمرور 39 عاماً علي أعظم الانتصارات العسكرية التي سجلها أبطال قواتنا المسلحة بأرواحهم ودمائهم فتحية إلي أرواح الشهداء الأبرار ومصابي العمليات الحربية ولكل قائد وضابط وصف وجندي من جيشنا العظيم. قواتنا الجوية.. نسور الجو البواسل ضربوا في حرب أكتوبر وقبلها في حرب الاستنزاف أروع البطولات والتضحيات لقد كان القتال الجوي فعالاً منذ بداية حرب 1973 فالعملية الهجومية الاستراتيجية "بدر" بدأت بتوجيه ضربة جوية مركزة مفاجئة للعدو أعقبها قتال جوي عنيف استمر علي أعلي درجات النشاط حتي حققت قواتنا الجوية كل مهام القتال المحددة لها بنجاح كبير. فبعد قيام العدو بتوجيه ضرباته لمطاراتنا بدأ العمل بإصرار الرجال بكل قوة من الفنيين والمهندسين والمهنيين من رجال القوات الجوية في إعداد وإصلاح الطائرات لإعادة الكفاءة العالية للمطارات. وفي تزامن واحد كان أيضا يتم إعداد الطيارين مع القيام بتدريب طيارين جدد لزيادة عدد الطيارين مع البدء لإنشاء شبكة هائلة من المطارات في كافة أرجاء مصر تستوعب الأعداد الكبيرة من الطائرات والطيارين وتنهض بالمهام الخطيرة التي سوف توكل إلي القوات الجوية في الحرب القادمة مع العدو الإسرائيلي. الدرس الأول لقد كان الدرس الأول من نكسة يونيو 1967 هو ضرورة وقاية الطائرات في المطارات ولذلك تم إقامة العدد الكافي من الدشم الخرسانية في كل مطار وقاعدة جوية والتي كان لها الأثر الكبير مع رجال الدفاع الجوي اليقظ في حماية المقاتلات حيث لم تصب طائرة واحدة في حرب أكتوبر علي أي أرض في مطار أو قاعدة جوية. لقد استطاع نسور الجو تحقيق النصر علي الذراع الإسرائيلية الطويلة وحطمت أسطورتها ولقد اعترف وقتها المشير محمد عبدالغني الجمسي بالامتنان فقال إن القوات الجوية هي التي بدأت حرب رمضان وهي التي أنهتها. استهلت العملية الهجومية الاستراتيجية "بدر" أعمال القتال بالضربة الجوية المركزة المفاجئة في تخطيط رائع بين الجبهتين المصرية والسورية وتنسيق دقيق مع باقي الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة العربية لتنطلق التشكيلات الجوية بقوة 250 طائرة لتحقيق أكثر من 25 طلعة قتالية في توقيت واحد نحو أهداف محددة لكل تشكيل يدمرها مع أهداف أخري تبادلية للطوارئ ليدمروا أهداف العدو.. ويستشهد في الطلعات الجوية شقيق الرئيس أنور السادات وهو الشهيد النقيب طيار عاطف السادات الذي فضل أن يدخل بطائرته في أحد الأهداف الأرضية المعادية بدلاً من السقوط بالمظلة حتي لا يساوم العدو الرئيس السادات في بداية الحرب. استطاعت القوات الجوية تدمير مطارات المليز وتمادا ورأس نصراني والتي تحولت إلي حطام وتدمير عشرة مواقع صواريخ أرض جو طراز هوك وتدمير مواقع مدفعيات العدو بعيدة المدي وثلاثة مواقع رادار ومراكز توجيه وإنذار وتدمير محطتي أم خشيب وأم مرجم كانت للإعاقة والشوشرة في سيناء وثلاث مناطق شئون إدارية بجانب تدمير النقطة القوية شرق بورفؤاد قام نسور قواتنا الجوية بسحقها جميعاً. الضربة الجوية حققت الضربة الجوية المركزة نتائج أفقدت العدو توازنه حيث تم تدمير كل الأهداف المطلوب تدميرها في الهجمة الأولي ومع تطوير الهجوم عبر القناة ركزت قواتنا الجوية علي حماية رءوس الكباري والمعابر ووفرت الغطاء الجوي للقوات المقتحمة وشاركت مقاتلاتنا القاذفة في دك حصون بارليف وكل التعزيزات التي أسرع العدو وبدفعها للأمام في محادثة يائسة لإنقاذ الموقف المتدهور في الجبهة. لقد شكلت المقاتلات المصرية مع صواريخ دفاعنا الجوي جدارا للحماية حول مطاراتنا ومنشآتنا الحيوية ووضعت نسبة من مجهود المقاتلات في معاونة قيادة الجيشين الميدانيين والقوات البحرية. حقق الكثير من طيارينا البواسل معجزة حيث كانوا يطيرون ست وسبع طلعات في اليوم الواحد ضاربين رقماً قياسياً إذ إن المعدل العالمي لا يتجاوز 3 4 طلعات في اليوم. بل إنه في يوم 14 أكتوبر 73 دارت أكبر المعارك الجوية علي مستوي العالم أجمع والتي سميت بمعركة المنصورة حيث حشد العدو من 60 70 طائرة في وقت واحد للهجوم علي مطار المنصورة. لينطلق نسور قواتنا الجوية البواسل ويلقنوا العدو الإسرائيلي درساً لن ينسوه علي مدي التاريخ واستمرت المعارك الجوية أكثر من 50 دقيقة رغم أن الزمن التقليدي لأي اشتباك جوي لا يتجاوز من 7 10 دقائق وعادت طائرات العدو تحمل أذيال الخيبة والهزيمة. لم يستطع العدو تعطيل مطار أو قاعدة جوية طوال أيام القتال إلا لفترة قليلة جداً تعرضت بعض الممرات لقصف العدو وتم إعادتها في زمن قياسي بفضل المهندسين والفنيين الذين عملوا علي سرعة إصلاح الممرات وهم معرضون لنيران العدو. أداء متميز ظلت القوات الجوية في أدائها المتميز حيث استمرت المقاتلات القاذفة تضرب بشدة لتحقيق السيطرة الجوية فظلت تقصف طوال فترة العمليات مطارات العدو في سيناء وأجهزة الرادار ومواقع الهوك وأنجزت حوالي 300 طلعة طائرة. في فجر السابع من أكتوبر تصدت المقاتلات لهجمات العدو الجوية ضد مطاراتنا واشتبكت معها في معارك جوية دارت علي امتداد أيام 7. 8. 9. 10. 14 أكتوبر في شمال الدلتا وكان العدو يدفع في كل هجمة من 60 إلي 70 طائرة. لقد أمكن لمقاتلاتنا في تعاون مع دفاعنا الجوي أن تصيب وتدمر الكثير من طائرات العدو وأن تمنعها تماماً من تحقيق أي هدف لها مما أجبرها علي التخلص من قنابلها وصواريخها في الحقول. لقد استمرت قواتنا الجوية علي مدي 23 يوماً تؤدي مهمة الحماية الجوية بكفاءة وجسارة وشجاعة حيث بلغ إجمالي عدد المعارك حوالي خمسين معركة جوية منها ثماني معارك كبيرة دخلت سجل الشرف والبطولة في تاريخ قواتنا الجوية حيث نجحت خلال تلك المعارك التي دارت فوق شمال الدلتا وبورسعيد وفايد والسويس من إسقاط ما يقرب من 90 طائرة. لقد حققت طائراتنا المقاتلة والقاذفة من طراز السوخوي والميج 17 والميج 21 أرقاماً قياسية من معدلات إصابة وتدمير الأهداف المعاونة ليصل إلي ما يزيد علي الألف طلعة جوية. هكذا استمرت قواتنا الجوية في القيام بمهامها بنجاح طوال أيام الحرب وأثبت فيها نسورنا أن القوات الجوية المصرية قادرة علي الرد وتحقيق عنصر المفاجأة. لقد قاتل رجال قواتنا المسلحة في حرب رمضان في البر والبحر والجو وحققوا الأهداف القتالية التي أذهلت العالم أجمع.