أثار قرض تمويل إنشاء محطة الضبعة النووية، الذي ستحصل عليه مصر من روسيا بقيمة 25مليار دولار، الكثير من علامات الاستفهام, لكونه يمثل ولأول مرة في تاريخ مصر نحو 50% من قيمة الدين العام الخارجي والذي ارتفع منذ الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك من 33 مليار دولار إلى 50مليار دولار في الوقت الحالي قبل إضافة قيمة القرض ليرتفع إلى ما يقرب من 80مليار دولار تقريبًا بعد حساب الفائدة. وقدر خبراء اقتصاديون قيمة الدين على كل مواطن من إجمالي القرض بنحو 400 دولار تقريبًا بما يعادل 4000 جنيه في حال عدم تعرض لمصر لأي تعثر مالي قد يضاعف الفائدة بنحو 150%. وتعطي الحكومة الروسية فترة سماح لسداد أصل القرض خلال 13عامًا تبدأ بعدها الحكومة المصرية بسداد أول قسط من قيمة القرض في 2029, أما قيمة الفوائد ونسبتها 3% سنويًا، فيتم احتسابها منذ استلام مصر أول دفعة المقرر وصولها خلال العام الجاري وقيمتها 147.8 مليون دولار ولمدة 22 عامًا. ويستخدم القرض لتمويل 85% من قيمة كل عقد لصالح تنفيذ الأعمال والخدمات والشحنات المتعلقة بالمعدات، ويسدد الطرف المصري القيمة المتبقية للتمويل والبالغة 15% في أقساط، إما بالدولار أو بالجنيه المصري لصالح المؤسسات الروسية. وتنص الاتفاقية على استخدام الطرف المصري القرض لمدة 13عامًا خلال الفترة من ( 2016 حتى 2028)، وبعدها يتم سداد قيمة أقساط المبلغ الأصلي والتي تصل إلي 43 قسطًا نصف سنوي متساويًا على مدار 22 عاما تسدد في 15إبريل و15 أكتوبر من كل عام شريطة أن يجري سداد الدفعة الأولى من أصل القرض في يوم 15 أكتوبر 2029. واشترطت الاتفاقية على أنه في حال عدم سداد أي من الفوائد المذكورة خلال 10 أيام عمل، يحتسب المبلغ على أنه متأخرات، ويخضع لفائدة قيمتها 150% من معدل الفائدة الأساسي. كما اشترطت أنه في حال عدم سداد أي دفعة من أصل القرض أو الفائدة المذكورة خلال 10 أيام عمل يحتسب المبلغ على أنه متأخرات، ويخضع لفائدة قيمتها 120% من معدل الفائدة الأساسي، وأعطت الاتفاقية، في حالة عدم دفع المتأخرات، أو فوائدها، خلال 90 يومًا ميلاديًا، الحق للجانب الروسي بشكل منفرد في تعليق أي استخدام آخر للقرض. وحددت المادة السادسة من الاتفاقية طريقة دفع الجانب المصري لصالح الجانب الروسي بالدولار أو أي عملة أخرى بالاتفاق بين وزارتي مالية البلدين. وأعفت الاتفاقية كل المبالغ، التي يسددها الطرف المصري بموجب القرض من أي ضرائب وتسدد دون قيود أو استقطاعات أو سحوبات أو احتجاز تعويضي. وقال عز الدين حسانين الخبير الاقتصادي والمصرفي, إن مصر ستقوم بسداد نحو 5 مليار دولار فوائد, ليرتفع قيمة الأموال المنتظر سدادها للحكومة الروسية إلى نحو 30 مليار دولار تقريبًا من أصل القرض المقدر بنحو 25مليار دولار. وأضاف ل"المصريون"، أن نصيب المواطن المصري من قيمة القرض الروسي بعد حساب الفائدة يصل إلى 400دولار, مشيرًا إلى أن القرض سيدرج في الموازنة العامة المقبلة تحت حساب دين خارجي عرضي مؤجل, كملحق لأنه لا يوجد علية التزام سداد. وأشار الخبير المصرفي إلى أن القرض يمثل شراكة بين الحكومة الروسية ومصر وهناك فترة سماح لا تسدد فيها القرض ولا فائدتها هي مدة إنشاء المحطة النووية, وبعد إتمامها ستبدأ عملية السداد عبر المتحصلات الناتجة عن بيع الكهرباء الناجمة عن المحطة النووية. وأوضح أن "الأعباء الحقيقية من القرض ستظهر عند فشل الحكومات في بيع الطاقة الناتجة عن بناء وتشغيل المحطة النووية أو في حالة عدم قدرتها أيضا على رفع دعم الطاقة عن الفئات الغير مستحقة, وإعادة هيكلة شرائح الطاقة بما يتناسب مع المواطنين وتوفير ها ومن ثم ستفشل في سداد المستحقات وبالتالي ستتعرض الدولة لموقف مالي صعب". فيما رأى الدكتور مدحت نافع الخبير الاقتصادي, أن "القرض الروسي سيحمّل مصر أعباء مالية خارجية بزيادة الدين الخارجي ليصل تقريبًا إلى 80 مليار جنيه، بحساب الفوائد وجزء ضئيل من فوائد التأخير التي ربما تحدث". وأشار إلى أن "مصر تعاني من أزمات اقتصادية داخلية ربما تستطيع التغلب عليها بطبع النقود، لكنها ستعجز عن طباعة الدولار لسداد الالتزامات الخارجية والتي إذا عجزت عنها ستتعرض للإفلاس". ولفت إلى وجود بدائل يمكن استخدامها لتمويل مشروع الضيعة متمثلة في إصدار صكوك بقيمة المشروع ومن ثم يكون العبء المالي واقعًا على المشروع ولا تتحمله الموازنة العامة للدولة, وحتى إذا فشل وهذا غير وارد لكون الإدارة روسية وستعمل على إنجاحه لاسترداد أموالها, فتكون الموازنة العامة في مأمن.