أثار قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي، بإعفاء المستشار هشام جنينه، من منصبه كرئيس للجهاز المركزي للمحاسبات، أعلى جهاز رقابي بمصر، جدلاً بين مؤيد ومعارض، في ظل توقعات من الجانبين بتحويله لمحاكمة قضائية، على خلفية تحقيقات نيابية أدانت تصريحات سابقة له حول أرقام تختص بالفساد تحفظت عليها الرئاسة المصرية. وفي وقت متأخر، من مساء الاثنين، أعلنت الرئاسة المصرية قرار إعفاء "جنينه"، دون ذكر أسباب لذلك، باستثناء إشارة الوكالة الرسمية إلى بيان ل"نيابة أمن الدولة العليا"، قالت فيه إن "التصريح الصحفي الذي أدلى به جنينه (منذ أشهر)، وزعم فيه اكتشافه لوقائع فساد تجاوزت قيمتها 600 مليار جنيه (حوالي 75 مليار دولار) خلال عام 2015 يتسم بعدم الدقة، وأن الأرقام والبيانات التي قدمتها اللجنة المشكلة من الجهاز حول قيمة الفساد، غير منضبطة، وتتضمن وقائع سابقة على عام 2012، وتكرارًا في قيمة الضرر". ويرى حاتم عزام، المعارض المصري المقيم خارج البلاد، في تصريحات إلى وكالة "الأناضول"، أن ما حدث لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، "استكمال لمسلسل وسياسية تواجه أي مصلح، فهو مسؤول معروف بأنه ليس إخوانيًا أو له نشاطًا سياسيًا معارضًا، ولكنه يمارس عمله في مكافحة الفساد، أمام نظام ينزعج من هذا المواجهة، فكان قرار الإعفاء". وتوقع، أن يتم منعه من السفر كما تردد وأن يحال لمحاكمة قضائية، مشيرًا إلى أن القضية اليوم، باتت أكبر من التضحية بهشام جنينه، لا سيما ونحن ننظر لدولة اقتصادها متردي، وتغرق في صراع واضح بين أجهزة الدولة، وتحتاج لكل العقلاء في الدولة لإنهاء معاناتها. من جانبه، اعتبر أحمد إمام، المتحدث الإعلامي باسم حزب "مصر القوية" المعارض، أن "قرار عزل جنينة، منتهك لكل أسس الدولة الحديثة التي تعطي استقلالية تامة للأجهزة الرقابية عن السلطة التنفيذية التي تراقبها". وقانونيًا ، يتفق الحقوقي أحمد مفرح، مع ما قاله محامي هشام جنينه، حول أن "إعفاء السيسي لجنينه، غير قانوني، ومخالف للدستور، وباطل". وكان محامي "جنينه"، علي طه، قد قال في تصريحات سابقة ل"الأناضول": إن "رئيس الجمهورية لا يملك عزل جنينه، حتى لو أصدر قانونًا سابقًا يجيز ذلك، لأن هذا وفق القانون يعتبر قانونًا عامًا، وهناك قانون خاص ينظم عمل الجهاز المركزي للمحاسبات لا يسمح بذلك، والقانون العام لا يقيّد الخاص". وأوضح مفرح أن "قانون الجهاز المركزي للمحاسبات لا يعطي للرئيس السيسي الحق في عزل رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، والمادة 20 من قانون الجهاز تنص بوضوح أنه غير قابل للعزل، فضلا على أنه لا يجوز للرئيس المصري، أن يعزل جنينه إلا بعد موافقة البرلمان ، وهو مالم يتم". وبحسب المادة 20 من قانون الجهاز، فإنه: "لا يجوز عزل رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات قبل اكتمال مدته القانونية، التى تبلغ 4سنوات، ولا يجوز إعفاءه من منصبه، ويكون قبول استقالته بقرار من رئيس الجمهورية، وتسرى فى شأن اتهام ومحاكمة رئيس الجهاز القواعد المقررة فى قانون محاكمة الوزراء". وقال القاضي السابق، عماد أبو هاشم، أحد "قضاة الاستقلال" بمصر، الذين عزلهم "السيسي"، إن "إقالة المستشار هشام جنينة قبيل أشهرٍ من انتهاء مدة ولايته (4 سنوات في سبتمبر المقبل) كرئيسٍ للجهاز المركزي للمحاسبات بقرار يستند إلى قانون غير دستوري". وأضاف أن "احتمالات محاكمة جنينة وإدانته جنائيًّا باتت أمرًا شبه محتوما، و النية مبيتةٌ عليه منذ أمدٍ بعيد، ودعوات الإطاحة والتنكيل به، تنطلق من أصواتٍ قويةٍ نافذة في مؤسسات الحكم". في المقابل، كان هناك أصوات مؤيدة لقرار إعفاء "جنينة، وقال طارق محمود، محام مصري قدم دعوى لعزل "جنينه"، ما تزال متداولة أمام القضاء المصري، إن "قرار إقالة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، جاء في وقته حيث أن تصريحاته عن الفساد، أثرت بالسلب على الاقتصاد المصري، وتسببت في هروب بعض المستثمرين، وإحجام رؤوس الأموال من الاستثمار". وفي بيان له، أضاف "محمود"، أن "القرار الصادر من رئيس الجمهورية بإعفاء جنينة، استند إلى القانون 89 لسنة 2015، الذي يجيز لرئيس الجمهورية إعفاء رؤساء وأعضاء الأجهزة الرقابية من مناصبهم حال إضرارهم بالمصالح العليا للبلاد، وهي الجريمة التي ترتكبها جنينة في حق الدولة المصرية". كما أيد قرار السيسي، عدد من النواب، بينهم مصطفى بكري، ومارجيت عازر، إضافة إلى الإعلامي أحمد موسى، الذين اعتبروه "قرار بطوليًا". وقال "بكري" عبر حسابه الشخصي في "تويتر"، إن " قرار عزل هشام جنينة تأخر كثيرًا، ولكن كان لا بد منه فقد تجاوز كل الحدود، بعد أن سعى إلى نشر الأكاذيب والادعاءات طيلة الفترة الماضية". وامتد الحديث عن إقالة "جنينة"، إلى منصات التواصل الاجتماعي، فتصدر وسم (#هشام_جنينه)، موقع "تويتر" لساعات طويلة امتدت حتى صباح اليوم الثلاثاء، محمًلا بتغريدات انتقدت قرار "السيسي"، فيما انتشر وسم (#حاكموا_هشام_جنينه)، على ذات الموقع الاجتماعي، التي أشادت بعزل رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، ودعت لمحاكمته.