يبدو أن المستشار هشام جنية رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، لايزال يشكل صداعًا في رؤوس البعض، فعلى الرغم من أن تصريحه عن حجم الفساد في مصر الذي مضى عليه شهور، إلا أن خصومه يسعون دائمًا لإثارة الجدل حول تصريحاته والدعوة لإقالته التي حظرها الدستور. وبعد إقالة المستشار أحمد الزند من منصب وزير العدل، إثر حالة الغضب التى انتشرت عقب تعرضه لمقام النبوة، رأى مراقبون أن جنينة هو الرابح الأبرز من إقالته، بعد أن سبق ودخل فى صدام معه إثر كشفه لتقارير فساد تتعلق به خلال رئاسته نادى القضاة. وفى يناير الماضي، تقدم محامى المستشار الزند، صالح الدرباشي، ببلاغ للنائب العام جاء فيه "إن مثل هذا التطاول والتشويه المتعمد الذى لا ظل له من الحقيقة والواقع، أمر غير مقبول على وجه الإطلاق"، وطالب بالتحقيق مع جنينة واتخاذ الإجراءات القانونية ضده. وكان الزند قد تقدم ببلاغ ضد رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، المستشار هشام جنينة، للنائب العام، الذى أحاله من جهته لنيابة استئناف القاهرة؛ من أجل التحقيق العاجل فى اتهامه بالإدلاء بتصريحات الغرض منها "الإساءة لجميع مؤسسات الدولة والجهات السيادية فيها، والتشكيك فى نزاهتها". وبحسب البلاغ، فإن المستندات التى تؤكد أن تصريحات المستشار هشام جنينة عن وصول تكلفة قضايا الفساد فى مصر إلى 600 مليار جنيه ما هى إلا "فزاعة" للمستثمر الأجنبي، قد ينتج عنها خوفه وتهربه من الاستثمار فى مصر. وتصدرت شخصيات قريبة من وزير العدل الهجوم على رئيس الجهاز المركزى واتهامه بأنه إخواني، فيما أعلن مجلس النواب، أنه سيشكل لجنة تكون مكلفة بفحص تقرير لجنة تقصى الحقائق الخاصة بتصريحات جنينة، عقب بيان الحكومة أمام البرلمان المقرر له يوم 27 مارس الجاري. وأوضح النائب مصطفى بكري، فى تصريحات صحفية، أن اللجنة تضم فى عضويتها 25 نائبًا، وستتولى دراسة التقرير وعرضه على البرلمان خلال جلسة عامة، مؤكدًا أن اللجنة ستتواصل مع جميع الأطراف المتعلقة بالحدث للحصول على المعلومات التى تحتاج إليها لتكوين موقف سليم. وقال المستشار نور الدين على الفقيه الدستوري، إن "إعلان البرلمان عن تشكيل لجنة تقصى الحقائق حول تصريحات جنينه لن يؤدى إلى شىء جديد"، موضحًا أن "لجنة تقصى الحقائق وفقا للائحة القديمة فإن البرلمان لا يملك أى صلاحيات"، مؤكدًا أن البرلمان لا يملك توجيه أسئلة أو استجواب لجنينة. وأوضح الفقيه الدستورى ل"المصريون"، أنه عند الرجوع لنصوص الدستور فإنها حددت أن من حق البرلمان استجوابه واستدعاءه على سبيل الحصر شخصيات بعينهم، رئيس مجلس الوزراء و نوابه والوزراء و نوابهم، مضيفا: "أن هشام جنينة لاهو وزير أو رئيس وزراء أو من نوابهم بل هو رئيس جهاز رقابى مستقل وبالتالى فأنه ليس من حق البرلمان توجيه الأسئلة له". واستطرد متسائلاً: هل من حق البرلمان استدعاء هشام جنينة؟، قائلاً إن "المادة 24من اللائحة حددت أن من حقه استدعاء رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات للاستماع إليه كلما رأى ضرورة لذلك اللجنة العامة للمجلس". ولفت إلى أنه "حتى هذه اللحظة لم تشكل أى لجنة من لجان البرلمان بما فيهم اللجنة العامة، بما يعنى أن اللائحة لم تطبق، حيث إن اللائحة مرهونة بتشكيل بنودها وهى تشكيل اللجان، مشددًا على أن البرلمان لا يملك القدرة على إقالة أو توجيه اللوم لهشام جنينة". من جانبه، رأى الدكتور يسرى العزباوى الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتجية ب "الأهرام"، أن "مصير المستشار هشام جنينة مرتبط بالقوانين المتعلقة بالأجهزة المستقلة"، متوقعًا أن يكمل جنينة فترته بشكل كامل رغم رفض البعض ولن تسحب منه الثقة بأى حال من الأحوال و سيظل فى منصبه حتى استكمال فترته أو حتى إقرار قوانين جديدة للهيئات المستقلة. وأكد أن الزند كان إحدى الشخصيات التى تواجه جنينة، مشيرًا إلى أن وزير العدل المقال تكلم بشكل مباشر وأشرف على عمل اللجنة المتعلقة بدراسة التقرير والتى وصلت لنتائج تدين تقارير اللجنة، متوقعًا أنه بعد إقالة الزند فإن احتمالات التى تزايدت حول عدم استكمال جنينة مدته تراجعت بشكل ملحوظ وربما انعدمت.