"حكم مصر يخضع لأمر الله ثم إرادة الشعب؛ فهو مَن سيحدد مَن سيتولى حكمه"، هكذا تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال في مداخلة هاتفية في برنامج "القاهرة اليوم"، مع الإعلامي عمرو أديب. وأجاب ردًا على سؤال أديب، حول رحيله بعد الفترة الرئاسية الأولى، أن "الشعب المصري لن يستطيع أحد أن يفرض عليه أي إرادة غير إرادته، لكنني أتكلم عن التزام داخل النطاق الذي كلفتموني به، لو قدرت أعمل ل20 سنة أو30 سنة جاية في السنتين اللي جايين هعمل". لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها السيسي عن مدته الرئاسية حيث تكرر كلامه للمرة الثانية في أقل من أسبوعين، فقد قال أثناء تدشين استراتيجية التنمية المستدامة "رؤية مصر 2030" في 24 فبراير الماضي: "فاكرين إني حسبها، لا والله، هفضل أبني وأعمّر فيها لحد ما تنتهي يا حياتي يا مدتي". وفى الاحتفالية التي أقامت في 5أكتوبر الماضي بمناسبة ذكرى انتصار أكتوبر وجه السيىسي رسالة للشعب المصري: "لا أحد يستطيع العودة بكم إلى الوراء فإرادتكم حرة وكل ما تتمنونه سيتحقق، ولن يستطيع أحد فرض إرادته عليكم سواء الرئيس أو غيره بعد التغيير الحقيقي الذي حدث في مصر، ولن يستطيع أي رئيس البقاء في موقعه رغمًا عن إرادة الناس". تصريحات السيسي عن مدة الرئاسية بشكل متكرر، أثارت تساؤلات حول المغزى وراء ذلك، خاصة مع الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد، الأمر الذي يشكل تحديًا خطيرًا أمام السلطة الحالية. وجاء ذلك في الوقت الذي فاجأ فيه حمدين صباحي، المرشح الرئاسي السابق، بإصدار بيان لجميع القوى السياسية والحزبية، بصناعة ما يسمى ب "البديل المدني"، الأمر الذي اعتبره محللون بأن المرشح السابق رأى الفرصة مناسبة الآن ليقفز على الساحة، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، وأن هناك اتجاهًا داخل أجنحة السلطة بعدم ترشح السيسي لولاية ثانية. وقال مختار غباشي، رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية، إنه "لا يوجد بديل حقيقي للرئيس عبدالفتاح السيسي حتى الآن على الساحة السياسية". وأضاف أن "هناك احتمالًا كبيرًا؛ لأن يرشح السيسي نفسه لولاية ثانية لافتقار مصر إلى شخصية قادرة على إدارة المشهد السياسي، وفي ظل رغبة الكثيرين في استمرار الرئيس عبدالفتاح السيسي في حكم مصر". وتابع ل"المصريون": "القوى والأحزاب السياسية، لا يوجد بها مَن يصلح لحكم البلاد في الوقت الحالي، كما أنه لم يظهر من يستطيع أن يقنع الشعب بأحقيته بهذه المهمة، متسائلاً مَن مِن الشخصيات الحالية وراءها ظهير شعبي تعمل من خلاله على الترشح لرئاسة الجمهورية"؟. وقال الدكتور أحمد دراج، القيادي بجبهة الإنقاذ السابق والمحلل السياسي، إن "كلام السيسي بأنه موجود بأمر الله، يحمل الكثير من الدلائل ولا يختلف كثيرًا عما كان يصرح به الرئيس المعزول محمد مرسي". وأضاف أن "إرادة الله متعلقة بكل ما في الكون ولكن استخدامها في هذا الشأن يبعث برسالة بأنه مفوض من قبل الله، وبالتالي لا يوجد لأحد سلطة عليه وأنه ليس مدينًا لأحد". وتابع دراج ل"المصريون" أن "النظام يسعى إلى استخدام الدين في السياسة، في الوقت الذي كان يعيب على الإخوان في ذلك، موضحًا أن إرادة الشعب وأصواته في الانتخابات ومدى الإنجاز الذي حققه السيسي، هو الذى سيحدد بقاءه من عدمه، فلا يوجد تفويض مطلق من المصريين لأى حد مهما كان". وأكد أن "حديث السيسي المتكرر عن السلطة يعكس فكرة رغبته فى الاستمرار والترشح لولاية ثانية"، قائلاً: "المعنى في بطن الشاعر". وانتقد القيادي بجبهة الإنقاذ السابق، عدم اطلاع الشعب على المشاريع التى يتحدث عنها السيسي، و"كأن الكلام عنها أمن قومي أمر غير مقبول ولا وجود لها في القاموس السياسي"، مشيرًا إلى أنه يوجد خلل في فقه الأولويات لدى الذين يستعين بهم الرئيس في ظل الظروف الاقتصادية السيئة التي تمر بها البلاد. وأشاد دراج بالمبادرة التي أطلقها المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، لصناعة ما يسمى ب "البديل المدني"، مشيرًا إلى أنه من حق أي شخص أن يقدم ما يراه للشعب بغض النظر عن صباحي وأن هذا هو الوقت المناسب لأن يطرح التيار المدني نفسه على الساحة ولا يوجد عيب في ذلك، ففكرة تبادل السلطة يجب أن ترسخ لدى أي حاكم يأتي لحكم مصر.