تحولت أزمة نقص العملة الخضراء من خزينة البنك المركزي إلى خطر كبير يهدد المواطنين البسطاء، بعد أن واصل الدولار ارتفاعه في السوق السوداء ليصل إلى 9.15 جنيه، وسط اتجاه لزيادة السعر الرسمي في البنك المركزي خلال الفترة المقبلة. ومن شأن ارتفاع أسعار الدولار أن يؤدي إلى تراجع الاستيراد من الخارج الذي يمثل نحو 70% من احتياجات الشعب المصري, وأن ليلقي بظلال عكسية على أسعار السلع التي سترتفع أسعارها لتفاقم معاناة المصريين، الذين يشكون من ارتفاع الأسعار بسبب "جشع التجار". وقال خبراء اقتصاديون إن ارتفاع سعر الدولار سيتبعه ارتفاع في جميع المنتجات التي يستهلكها الشعب المصري، بسبب الاعتماد الكبير على مكونات الإنتاج الخارجي ,المتمثلة في استيراد المواد الخام, والأجهزة والمواد الكيماوية, والعديد من أنواع البذور والمنتجات الزراعية والصناعية, مطالبين بضرورة تدخل الدولة المتمثلة في البنك المركزي لتعديل سياساته، وإلغاء قراراته الأخيرة المتعلقة بالحد الأقصى للإيداع للحد من زيادة الدولار وضبط الأسواق. وقال جمال شيحة رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية, إن كل المكونات التي يستخدمها المصريين في الصناعة والتجارة والزراعة يتم استيرادها من الخارج بالدولار، ومن ثم ارتفاعه سيؤدي إلى ارتفاع أسعار جميع المنتجات الموجودة في السوق المصري بشكل مباشر وسريع. وأضاف ل"المصريون": "ارتفاع سعر الدولار في الوقت الحالي ليصل إلى 9.15جنيه في السوق الموازي (السوق السوداء) من شأنه أن يرفع أسعار المنتجات بنسبة تتراوح من 5% إلى 10% على كل السلع, لأن جميع تكلفة المنتجات بها أجزاء مستوردة سواء كانت هذه المنتجات تامة الصنع أو صناعة مصرية". وأشار إلى أن "أسعار الخضروات والفواكه سترتفع نتيجة لاستيراد بذورها من الخارج بجانب العديد من الأسمدة, وجميع المنتجات الأخرى سترتفع أسعارها لكون المنتج الأجنبي جزءًا منها". مع ذلك، قال إن "التاجر أو المستورد أو المصنع ليس له ذنب في ارتفاع الأسعار وتأثيرها السلبي على المواطن وزيادة أعباءة الاقتصادية والاجتماعية", مبررًا ذلك بأن "الدولار يجبر الجميع على زيادة الأسعار وسيؤدي إلى انكماش السوق نتيجة لخفض الاستيراد, خاصة وأن مصر بها 850 ألف مستورد في جميع القطاعات". وطالب رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية بإعادة النظر في قرارات البنك المركزي الأخيرة المتعلقة بتحديد الحد الأقصى للإيداع الدولار بقيمة 50ألف دولار, وعدم توفير الدولار سيحد من عملية الاستيراد لبعض السلع بينما ستتوفر السلع الأساسية المتعلقة بالمأكل والمشرب ولكن بأسعار مرتفعة. وقال شريف الدمرداش الخبير الاقتصادي, إن هناك عاملين لهما تأثير مباشر على المواطنين بسبب ارتفاع الدولار, أحدهما عامل اقتصادي بحت متعلقة بانخفاض قيمة الجنية مقابل الدولار، مما سيؤدي إلى ارتفاع فاتورة الاستيراد وبالتالي سترتفع أسعار الواردات التي سيتم طرحها في السوق للمستهلك ولكن في الحقيقة لن يكون بنسبة ارتفاع قيمة الدولار". وأضاف ل"المصريون": "العامل الثاني لارتفاع الأسعار سيكون بسبب جشع التجار الذين سيرفعون قيمة بضائعهم بمقدار يرتفع بنحو 25% من قيمة الارتفاع , نظرًا لأنه يتحسب من مستقبل زيادة العملة الخضراء, وبالتالي يعمل على تأمين نفسه مما سيضاعف المنتج النهائي مرتين نتيجة لهذا الأثر السلوكي". وتابع:" لو لم يتحسن الوضع الحالي للاقتصاد المصري الذي يعاني من خلل نتيجة لضعف الإيرادات من السياحة والاستثمارات الأجنبية وتحويلات المصريين من الخارج وتراجع أرباح قناة السويس لن يتم التحكم في زيادة الأسعار".