قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية, إن مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في مصر, يأتي في إطار ما سمته "نظرية المؤامرة", و"جنون الارتياب", الذي أصبح سائدا في البلاد, ويظهر بوضوح في بعض وسائل الإعلام الحكومية, التي تصور الأجانب, على أنهم "جواسيس", حسب تعبيرها. وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها أن ما حدث مع ريجيني يتطلب من الولاياتالمتحدة وجميع حلفاء مصر, توجيه رسالة قوية مفادها أنه لم يعد من الممكن التزام الصمت تجاه الانتهاكات المتواصلة في البلاد, على حد قولها. وتابعت " تم اعتقال الآلاف في البلاد، وأصبح التعذيب والاختفاء القسري شائعا، وتم استهداف صحفيين وأكاديميين ونشطاء في مجال حقوق الإنسان". وأشارت إلى أن نفى السلطات المصرية تورط أجهزة أمنية في قتل ريجيني, لم يقنع الصحافة الإيطالية, ونقلت عن صحيفة "لا ريبوبليكا", قولها :" إن ريجيني تعرض للتعذيب, لأنهم يعتقدون أنه كان جاسوسا". وأضافت " السلطات المصرية تخشى بشدة اندلاع اضطرابات بسبب تراجع السياحة وتدهور الأوضاع الاقتصادية, وهو ما زاد من جنون الارتياب في البلاد", على حد قولها. وقالت الصحيفة أيضا في افتتاحيتها في 11 فبراير إن العلاقات القوية بين مصر وإيطاليا, تلقت صدمة على إثر مقتل ريجيني, مشيرة إلى أن هناك علاقات تجارية متنامية بينهما, كما تتعاون البلدان لمواجهة ما سمته التهديد الإرهابي في ليبيا. وكانت صحيفة "الماسيجرو" الإيطالية رجحت احتمال اعتقال وتعذيب الطالب جوليو ريجيني, الذي وجد مقتولا في مصر, على حد قولها. وتحدثت الصحيفة في تقرير لها عن مزاعم مفادها أن ريجيني كان مُراقبا من قبل الأجهزة الأمنية, لأنه كان يعد بحثا عن استقلالية النقابات العمالية في مصر في الوقت الراهن. وتابعت " ريجيني ربما أتم مقابلات مع شخصيات, لا تروق للنظام الحالي في مصر", على حد قولها. واستطردت الصحيفة, قائلة في 6 فبراير :" الأرجح أن الطالب الإيطالي تم اعتقاله وتعذيبه من أجل الاعتراف على شخصيات معارضة للنظام المصري", على حد زعمها. وبدورها, تحدثت صحيفة "كوريري ديلا سيرا" الإيطالية أيضا عن مفاجأة بشأن مقتل ريجيني, مفادها أنه كان ينشر أيضا مقالات باسم مستعار في موقع إلكتروني, يساند ثورات الربيع العربي. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 8 فبراير أن موقع "نينا نيوز"، الذي كان ينشر مقالات جوليو ريجيني، يساند "الربيع العربي", و"القضية الفلسطينية"، وهو ما يرجح - من وجهة نظرها- احتمال اعتقاله وتعذيبه في مصر, على حد زعمها. وتابعت " يبدو أن ما حدث مع ريجيني كان متعمدا, بهدف منعه من مواصلة كتابة المقالات حول الأوضاع السياسية في مصر, لأنها ليست في مصلحة النظام الحالي في البلاد ", على حد قولها . وكانت صحيفة "لاريبوبليكا" الإيطالية قالت أيضا إن ريجيني, كان عبر في السابق للمقربين منه عن مخاوفه من تعرضه ل"الاعتقال" هناك, حسب تعبيرها. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 6 فبراير أن ريجيني طلب بالفعل من صحيفة "المانيفستو" التي كان يراسلها من القاهرة, كتابة تقاريره باسم مستعار, خوفا من الاعتقال, على حد قوله. ورفضت الصحيفة الروايات التي ترددت في مصر حول كيفية مقتل الطالب الإيطالي, وتحدثت عن مفاجأة مفادها أن معلومات موثوقة حصلت عليها إيطاليا تؤكد أن دوافع سياسية, وليست إجرامية أو إرهابية, تقف وراء مقتله. ورجحت الصحيفة أن تكون ما سمتها "أجهزة أمنية سرية" هي من قتلت الطالب الإيطالي, واستندت في هذا إلى مزاعم مفادها أن هناك شاهدين قالا إن شخصا ذا ملامح غربية تعرض للاعتقال في وسط القاهرة في نفس اليوم, الذي اختفى فيه ريجيني. وتابعت " عدم العثور على الطالب الإيطالي في السجون بعد ما قاله الشاهدان من القاهرة, يدعم فرضية مقتله لدوافع سياسية", حسب تعبيرها. وأشارت إلى أمور أخرى تدعم فرضيتها السابقة, منها تضارب الروايات داخل مصر حول كيفية مقتله, مشيرة إلى أنه تم الحديث في البداية عن تعرضه لاعتداء جنسي, وسرعان ما تردد أنه مات في حادث سير. كما أشارت إلى أن الإرهابيين لا يقتلون ضحاياهم سرا, مثلما حدث مع ريجيني, حسب تعبيرها. وكان الشاب الإيطالي جوليو ريجيني (28 عاما) اختفى بشكل غامض وسط القاهرة، يوم 25 يناير الماضي، الذي وافق الذكرى الخامسة للثورة الشعبية, التي أطاحت بنظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك عام 2011. ونقلت "رويترز" عن مصدر أمني مصري قوله :" إنه تم العثور على جثة طالب إيطالي ملقاة في الطريق غربي القاهرة الأربعاء الموافق 3 فبراير، وإن السلطات المصرية بدأت تحقيقا لمعرفة ملابسات الوفاة". وفي 8 فبراير, طالبت إيطاليا السلطات المصرية بالقبض على قتلة ريجيني, ومعاقبتهم، بينما رفضت القاهرة أي اتهامات توجه للشرطة بالضلوع في واقعة قتله. وقال وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني لصحيفة "لا ريبوبليكا" في 8 فبراير :"نريد الكشف عن الجناة الحقيقيين ومعاقبتهم وفقا للقانون". وأضاف أن إيطاليا لن تقبل بالافتراضات في هذه القضية. ومن جهته, قال وزير الداخلية الإيطالي أنجلينو ألفانو :"إن تشريحا ثانيا أجري في إيطاليا "وضعنا في مواجهة شيء غير إنساني، شيء حيواني". وقالت وسائل إعلام إيطالية إن التشريح الثاني أكد وجود كسر في رقبة ريجيني. ولم يتم تأكيد ذلك رسميا. كما أعلنت جامعة "كامبريدج" البريطانية, التي يدرس فيها ريجيني إنها أرسلت كتابا إلى السلطات المصرية تطالبها فيه بإجراء تحقيق شامل بشأن ملابسات وفاة الطالب الإيطالي. ومن جانبه, رفض وزير الداخلية المصري مجدي عبد الغفار بشدة الشائعات التي تقول إن جهاز الأمن يقف وراء الحادث. وقال عبد الغفار في مؤتمر صحفي في 8 فبراير :"ما أزعجنا بشكل كبير جدا عندما أثير الحادث, أن هناك العديد من الترديدات والشائعات التي شاهدناها علي بعض صفحات الصحف، التي تنسب لجهاز الأمن بعض التلميحات أنه يكون وراء هذا الحادث. هذا طبعا أمر مرفوض.. مرفوض أن يوجه هذا الاتهام.. لأن هذه ليست سياسة جهاز الأمن المصري". يذكر أن ريجيني (28 عاما) طالب دراسات عليا في جامعة "كامبريدج" البريطانية، وكان يقوم بأبحاث حول النقابات العمالية المستقلة في مصر.