ألقت المملكة السعودية بحجر في المياه الراكد، بعد إعلان العميد أحمد عسيري، مستشار وزير الدفاع السعودي، استعداد للمشاركة في أي عمل عسكري بري في سوريا إذا قرر التحالف القيام بعمليات من هذا النوع. وأثارت تصريحات "عسيري" عاصفة استياء من قِبل إيران، الداعمة لنظام بشار الأسد، حيث شككت طهران في قدرة الرياض على إرسال قواتها إلى سوريا مهددة بهزيمة السعودية هناك، حسب زعمها. الرد الإيراني جاء على لسان قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء محمد علي جعفري السبت 6 فبراير 2016، كأول رد فعل رسمي إيراني على البيان الذي صدر عن السعودية الخميس الماضي. ونقلت وكالة أنباء" فارس" عن جعفري قوله "ردد (السعوديون) هذا الادعاء لكنني لا أعتقد أنهم يملكون الشجاعة الكافية لفعل ذلك.. وحتى إذا أرسلوا قوات فإنها ستهزم حتما.. سيكون انتحارا". وعلى النقيض، شهد الإعلان السعودي ترحيبًا أميركيًا جاء على لسان الرئيس الأميركي باراك أوباما، ووزير دفاعه أشتون كارتر، كما أعلنت البحرين نيتها المشاركة بقوات برية، وهي الفكرة التي يدعمها أيضاً كل من تركيا وقطر. ورأى محللون أن السعودية وتركيا قد ترسلان عددًا محدودًا من القوات البرية إلى سوريا لدعم المعارضة التي تواجه هزيمة ساحقة محتملة من قبل النظام السوري المدعوم من روسيا. وتركت الرياض الباب مفتوحا الخميس أمام إمكانية نشر جنود، قائلة "سنساهم إيجابيًّا" في أي عملية برية يقررها التحالف الدولي بقيادة أميركا ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا. ويشكل مصير الفصائل المسلحة المدعومة سعوديًّا في سوريا، والتي تقاتل للإطاحة بالرئيس بشار الأسد، مصدر قلق كبير للمملكة، حيث تراجعت المعارضة خلال الأيام الماضية في حلب أمام قوات النظام المدعومة بالقصف الجوي الروسي، ما تسبب في نزوح الآلاف من المدنيين نحو الحدود التركية. ويعتبر أندرياس كريغ من قسم الدراسات الدفاعية في كلية "كينغ" في لندن بأن السعودية "تسعى للقيام بشيء ما في سوريا". ويقول إن المعارضة "المعتدلة" تواجه خطر التعرض لهزيمة كبيرة في حال سيطرت قوات النظام على حلب، خصوصًا بعدما تمكن الجيش السوري من السيطرة على بلدات عدة وقطع طريق إمداد رئيسي لمقاتلي المعارضة يربط مدينة حلب بالريف الشمالي حتى تركيا، بغطاء جوي روسي. ويضيف "كريغ"، وفقًا لموقع "هافنجتون بوست عربي"، أن "هذه تعتبر مشكلة بالنسبة إلى السعودية وقطر اللتين تقدمان الدعم للمعارضة المعتدلة". وكانت روسيا، الحليف الأقوى للأسد، قد وجهت اتهامات لتركيا بأنها تعد "لتدخل عسكري" في سوريا. لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وصف تصريحات موسكو بأنها "مضحكة"، مشيراً إلى أن روسيا هي التي قامت ب"اجتياح" سوريا. برأي كريغ فأن "تركيا والسعودية في حاجة إلى تغيير مسار هذه الحرب. لذا فإن أي تدخل سعودي سيكون بالتعاون مع الدوحة وأنقرة". وفي هذا السياق، يشير مصطفى العاني من مركز أبحاث الخليج إلى أن "السعوديين يعتقدون أن فرصة التوصل إلى حل سلمي للأزمة السورية محدودة جدا". ويضيف العاني "أنهم لا يرون أن هناك ضغوطا حقيقية على النظام لتقديم تنازلات كبيرة (...) ويعتقدون أن الأمور ستحسم ميدانيا في نهاية المطاف". ورغم أن تركيا نفت مراراً نيتها في التدخل بقوات برية في سوريا، إلا أن العاني يرى أن "تركيا متحمسة لهذا الخيار منذ بدأ الروس حملتهم الجوية ومحاولته إخراج تركيا من المعادلة" على حد قوله. يؤكد العاني أن السعوديين جادون في نشر قوات "كجزء من التحالف الدولي، خصوصا في حال مشاركة قوات تركية". لكنه ومحللون آخرون يعتبرون أن التدخل السعودي سيكون محدودا، نظرا إلى كونها تقود تحالفا عربيا مستقلا يقاتل في اليمن منذ عام تقريبا، وتحرس الحدود الجنوبية للمملكة من هجمات المتمردين اليمنيين المدعومين من إيران. يقول العاني إن السعوديين مشغولون بحرب اليمن ولكن من حيث المبدأ أعتقد أنهم لن يترددوا في إرسال عدد معين من مقاتليهم للقتال في سوريا"، مضيفا أن ذلك من المحتمل أن يشمل قوات خاصة سعودية. تركيا والسعودية تشاركان في التحالف الدولي بقيادة أميركا الذي يضم رسميا 65 دولة. ومهمة هذا التحالف منوطة بضرب أهداف لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق. ويوضح كريغ أنه مع استمرار السعودية ودول خليجية أخرى في قتال الحوثيين وقوات علي عبدالله صالح في اليمن، فلا يمكن توقع سوى إمكانية توسيع عمليات "التدريب والتجهيز" وإرسال قوات خاصة خليجية لمساعدة المعارضة في سوريا.