خوف وفي بعض الأحيان رعب وهلع في بعض الدول من مخاطر إنتشار هذا الفيروس "زيكا Zika" خاصة في الولاياتالمتحدةالأمريكية وبعض البلاد الأوربية. ظهور الفيروس هذه الأيام وبشكل أساس في دول أمريكا اللاتينية مما يشكل خطورة إنتقاله عبر الكاريبي علي بعض الولاياتالأمريكية القريبة مثل ولاية فلوريدا. أكتشف الفيروس بواسطة بعض العلماء الذين كانوا في مهمة بحثية عن مرض فيروسي آخر وهو مرض الحمي الصفراء وذلك في صحراء "زيكا بأوغندا"، حيث وخلال متابعتهم لأحد قرود ريساس المحبوس في قفص وجدوا أعراض حمي عليه، وبتحليل سيرم دم هذا القرد تبين لهم وجود "عامل ممرض" قادر علي الإنتقال الي قرود أخري وإحداث نفس المرض. لذلك اطلق العلماء علي نفس هذا العامل المسبب للممرض أسم "فيروس زيكا" نسبة لأسم المكان الذي أكتشف فيه-وهو صحراء زيكا بأوغندا- في عام 1952، بعد ذلك تم أكتشاف وجود هذا الفيروس في نيجيريا عام 1954، ومنذ أكتشافه وحتي عام 2007 لم تظهر إلا حالات نادرة تعد علي الأصابع. الفيروس كروي الشكل مغلف يحتوي علي مادة وراثية عبارة عن "أر إن إيه RNA" ويتبع عائلة فيروسية تسمي "فلافيفيريدي" والتي تضم أيضاً الفيروس المسبب مرض حمي الضنك "دنجي" وفيروس شيكونجونيا والتي تشترك جميعاً في طريقة إنتقالها للإنسان وبعض الحيوانات الأخري بواسطة بعض أنواع من البعوض خاصة بعوضة "الإيدس" وهي Aedes aegypti. يمكث الفيروس داخل الحشرة في فترة حضانة عشرة أيام، ثم تكون الحشرة قادرة علي نقل الفيروس إلي بعض الفقاريات كالقردة والإنسان وذلك عندما تأخذ دم من مريض بالفيروس خلال لدغه، ثم تنقله لآخر أثناء لدغه هو الآخر. من مكان الإصابة، ينتقل الفيروس في الإنسان الي الخلايا الشجيرية dendritic cells الموجودة بالقرب من مكان الإصابة، بعد ذلك ينتشر خلال العقد الليمفاوية القريبة من المكان ومنها إلي تيار الدم. يتكاثر الفيروس في أنوية الخلايا المصابة عكس باقي أفراد عائلته والتي معروف عنها أن فيروساتها تتكاثر في سيتوبلازم الخلايا المصابة. وبما أن الفيروس يحتوي علي حمض نووي أر إن إيه فإنه من السهل أن يحث به طفرات-أي يغير بقدر ضئيل جداً من بعض مكونات غلافه دون أن يفقد هويته، كما يحدث مع فيروس الإنفلونزا. لذلك نجد لفيروس زيكا سلالات مختلفة تتشابه حسب قرب مكان الإصابة وذلك في القارات القريبة من بعضها كتشابه السلالات الأسوية مع نظيرتها الإفريقية، ذلك ما أوضحته الدراسات الحديثة بإستخدام التقنيات الأحدث من خلال عمل خريطة جينية لجينوم سلالات هذا الفيروس المعزولة من أماكن مختلفة. تظهر أعراض المرض فقط في واحد من كل خمسة مصابون بالفيروس في صورة إرتفاع في درجة الحرارة، إحمرار بالعين وإلتهاب الملتحمة بها، صداع متوسط، إلتهاب بالمفاصل بالإضافة الي ظهور حكة وطفح جلدي. أما بالنسبة الي الأجنة وبالتالي الأطفال حديثي الولادة فيصابون بتشوهات والتي تظهر في شكل صغر حجم الرأس يصاحبه ضغر حجم المخ وتوقفه عن النمو هذا المرض يسمي "حجم رأس صغير microencephaly. إنتقال الفيروس عن طريق العلاقات الزوجية-الإتصال الجنسي-نادرة الحدوث، ففي العام 2009 تم إثبات أول حالة إنتقل خلالها الفيروس عبر الإتصال الجنسي، وتلك الحالة كانت لعالم في بيولوجيا الحشرات والأمراض الفيروسية المنقولة بها هو "بريان فوي" حيث أصيب بالفيروس عندما كان في مهمة علمية بالسنغال وتعرض للدغ بالحشرات مرات عديدة، وحين عودته الي بلده "ولاية كولورادو بأمريكا" نقل الفيروس الي زوجته عبر الإتصال الجنسي معها. وكانت لدي بعض العلماء شكوك حول مدي إنتقال الفيروس من خلال السائل المنوي للرجال المصابون بالفيروس، لكن بعض الباحثين سجلوا حالة لرجل من "تاهيتي" مصاب نقل الفيروس عبر السائل المنوي له، كما أوضحت الابحاث بعد ذلك أن الفيروس لايوجد فقط في السائل المنوي وإنما أيضاً في بول المريض. في العام 2015 تمكن فريق من الباحثين من عزل فيروس زيكا من السائل الأمنيوسي لإثنين من الأجنة كانت أمهاتهم مصابة بالفيروس، مما يُثبت بما لا يدع مجالاً للشك عن إنتقال الفيروس من الام الي الجنين عبر المشيمة. أكد ذلك الإستنتاج علماء من ولاية "بارنا بالبرازيل" حيث أثبتوا وجود جينوم فيروس زيكا "أر إن إيه الفيروس" في مشيمة إمرأة خضعت لعملية إجهاض، وكانت وزارة الصحة بالبرازيل قد أعلنت في ديسمبر 2015 عن وجود علاقة بين الإصابة بفيروس زيكا ومرض صِغر حجم الرأس في المواليد للأمهات المصابة بالفيروس. حتي الآن لا يوجد لقاح لفيروس زيكا أو حتي مضاد فيروسي متخصص له، إلا أنه من الممكن للمصابين أن يستخدموا مركبات "البارا أسيتامول" وبالأخص "أسيتامينوفين"، أما الأسبرين ومضادات الإلتهاب التي لا تحتوي علي "إستيرويدات" فتستخدم حينما لا يكون هناك خطورة من حدوث نزيف دموي. أوصي وزير الصحة والوقاية المجتمعية في كولومبيا خلال هذا الشهر-يناير 2016-النساء في بلده بتجنب الحمل خلال الثمانية أشهر المقبلة تفادياً لظهور حلالات مواليد مشوهة، بينما حث المسئولين الأكوادور وجاميكا والسلفادور وحذروا أيضاً بشكل رسمي من الحمل حتي العام 2018. يخشي المسئولين في البرازيل وخاصة "ريو دي جانيرو" من إنتشار فيروس زيكا خلال دورة الألعاب الأوليمبية خلال الصيف القادم، لأن المسئولين بوزارة الصحة البرازيلية كانوا قد رصدوا أكثر من 3500 حالة إصابة بفيروس زيكا خلال أكتوبر 2015 وحتي يناير 2016، بعض هذه الحالات قد توفيت وبعض الحالات للنساء الحوامل قد أنجبوا اطفالاً مصابون بمرض صغر حجم الرأس. لذلك يعمل الباحثين هناك بشكل أساسي علي مقاومة والتخلص من الأماكن التي تشجع علي تكاثر البعوض الناقل للفيروس كالمستنقعات والبرك وغيرها.