نقابية العاملين بشركة الفيوم للمياه تلتقي مجلس الإدارة لبحث مطالبهم    جوتيريش يعلق على مقتل أحد موظفي الأمم المتحدة في غزة    ليفربول يسجل هدفا بالدقيقة الأولى في شباك أستون فيلا بخطأ فادح من الحارس    تجديد حبس سيدة لإدارتها كيانا تعليميا وهميا في المنوفية    أطلق النار على جاره أمام منزله..والمحكمة تحيل أوراقه للمفتي (تفاصيل)    تعرف على شروط التقديم للوظائف في المدارس التكنولوجية    لطفي لبيب يكشف موعد اعتزاله الفن وكواليس فيلم نور الريس    40 صورة ترصد الحشد الكبير لمؤتمر اتحاد القبائل العربية    بدء التشغيل التجريبي للتقاضى الإلكتروني بمحاكم مجلس الدولة .. قريبا    «التعليم» تلوح ب «كارت» العقوبات لردع المخالفين    لو بتستعد للإجازة.. مواعيد القطارات الصيفية لمرسى مطروح والإسكندرية    حجازي: فلسفة التعليم المجتمعي إحدى العوامل التي تعمل على سد منابع الأمية    إيرادات الأحد.. "السرب" الأول و"فاصل من اللحظات اللذيذة" بالمركز الثالث    ما الفرق بين الحج والعمرة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: لو بتسرح في الصلاة افعل هذا الأمر «فيديو»    أفغانستان: استمرار البحث عن مفقودين في أعقاب الفيضانات المدمرة    بعد الإعلان عنها، تعرف على شروط ورابط التقديم لوظائف الجامع الأزهر    ساوثجيت عن تدريب يونايتد: شيء واحد فقط يهمني    إيسترن كومباني بطلًا لكأس مصر للشطرنج    أشرف زكي: «اللي عايز يعرف تاريخ مصر يتفرج على أفلام عادل إمام»    رشا الجزار: "استخدمنا قوة مصر الناعمة لدعم أشقائنا الفلسطنيين"    الصين تدعو إلى دعم حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة    بوتين يعقد أول اجتماع لمجلس الأمن الروسي بعد التغييرات في قيادته    هل يدعو آل البيت لمن يزورهم؟.. الإفتاء تُجيب    حالة الطقس ودرجات الحرارة غدا.. ظاهرتان جويتان تضربان البلاد    مدرب توتنهام: لا أستمتع ببؤس الآخرين.. وأثق في رغبة المشجعين بالفوز على مانشستر سيتي    سينتقل إلى الدوري الأمريكي.. جيرو يعلن رحيله عن ميلان رسمياً    مياه الشرب بالجيزة تستطلع رأى المواطنين بمراكز خدمة العملاء    السجن المؤبد للمتهم بقتل زوجته لتقديمها قربانا لفتح مقبرة أثرية بالفيوم    سيارات بايك الصينية تعود إلى مصر عبر بوابة وكيل جديد    برلماني: السياسات المالية والضريبية تُسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات الأجنبية    وزير الصحة يبحث مع نظيره اليوناني فرص التعاون في تطوير وإنشاء مرافق السياحة العلاجية    الغموض يحيط بموقف رياض محرز من الانضمام للمنتخب الجزائري    سفير واشنطن لدى إسرائيل ينفي تغير العلاقة بين الجانبين    المفتي للحجاج: ادعو لمصر وأولياء أمر البلاد ليعم الخير    مدير التأمين الصحي بالشرقية يعقد اجتماعا لمكافحة العدوى    افتتاح أول فرع دائم لإصدارات الأزهر العلمية بمقر الجامع الأزهر    تنطلق السبت المقبل.. قصر ثقافة قنا يشهد 16 عرضا مسرحيا لمحافظات الصعيد    تقديم معهد معاوني الأمن 2024.. الشروط ورابط التقديم    إطلاق مشروع تطوير "عواصم المحافظات" لتوفير وحدات سكنية حضرية بالتقسيط ودون فوائد    محافظ سوهاج ورئيس هيئة النيابة الإدارية يوقعان بروتوكول تعاون    قمة مرتقبة بين رئيس كوريا الجنوبية ورئيس وزراء كمبوديا لبحث التعاون المشترك    مناظرة بين إسلام بحيري وعبد الله رشدي يديرها عمرو أديب.. قريبا    وزير الرى: احتياجات مصر المائية تبلغ 114 مليار متر مكعب سنويا    الرعاية الصحية: لدينا 13 ألف كادر تمريضي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    توقعات برج العقرب من يوم 13 إلى 18 مايو 2024: أرباح مالية غير متوقعة    الرئيس السيسي: الدولار كان وما زال تحديا.. وتجاوز المشكلة عبر زيادة الإنتاج    تحرير 92 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز البلدية والأسواق    شعبة الأدوية توجه نداء عاجلا لمجلس الوزراء: نقص غير مسبوق في الأدوية وزيادة المهربة    دعبس: لا خلاف بين فيوتشر وتامر مصطفى.. وجنش من ركائز الفريق الرئيسية    بينها 1000 لتر خل، إعدام 2.5 طن أغذية ومشروبات فاسدة بأسيوط    هل يحق للمطلقة أكثر من مرة الحصول على معاش والدها؟.. «التأمينات» توضح الشروط    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    هيئة التنمية الصناعية تستعرض مع وفد البنك الدولى موقف تطور الأعمال بالمناطق الصناعية بقنا وسوهاج    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية في ديرمواس ضمن «حياة كريمة»    للسيدات.. تعرفي على أعراض سرطان المبيض    الأقصر تتسلم شارة وعلم عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام 2024    "أوتشا": مقتل 27 مدنيًا وإصابة 130 في إقليم دارفور بغربي السودان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الربيع العربي في تونس يفوز بجائزة نوبل للسلام
نشر في المصريون يوم 09 - 10 - 2015

مفاجأة كبيرة أحدثتها جائزة نوبل العالمية للسلام اليوم ، عندما قررت منح جائزتها الأهم عالميا لجبهة تونسية مدنية مهتمة بالحوار وترسيخ الديمقراطية ، وهي اللجنة الرباعية للحوار الوطني في تونس" ، واللجنة سميت بالرباعية لأنها تكونت من أربع منظمات مدنية ، وهي : «الاتحاد العام التونسي للشغل» و«الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية» و«الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين» و«الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان» وقالت لجنة "نوبل" في بيانها أن منح الجائزة للجنة التونسية كان بسبب : "«مساهمتها المهمة والحاسمة في بناء دولة ديمقراطية تعددية في تونس في أعقاب ثورة الياسمين العام 2011».
إذن ، هي جائزة الربيع العربي الثانية ، بعد الجائزة التي حصلت عليها الناشطة اليمنية "توكل كرمان" بسبب إسهاماتها القوية في انتصار الثورة اليمنية ، أحد أشجار الربيع العربي التي أطاحت بالديكتاتور الفاسد علي عبد الله صالح ، غير أن الجائزة العالمية الرفيعة هذه المرة لها رمزية أهم بكثير من نضال "فردي" ، إنها جائزة للنضال الجماعي المدني من أجل حماية الديمقراطية وانقاذها من الانقسام والفوضى ، فنوبل منحت الجائزة العالمية للسلام هذه المرة ليس لشخص ، وإنما لتجمع من عدة منظمات مدنية ، عمال ومهنيين ومحامين ومثقفين ، بذلت جهدا دؤوبا وصعبا للغاية لصياغة حوار وطني جاد ومقنع في وقت شديد الحرج وكان يهدد تونس بالاندفاع في مسار العسكرة أو مسار التمزق الذي شهدته تجارب أخرى في الربيع العربي ، هؤلاء "الأبطال" الحقيقيون نجحوا في إنقاذ سفينة وطنهم من الغرق أو التمزق أو الانتكاس عن المسار الديمقراطي ، وحفظوا للربيع العربي هناك مساره ولو البطيء والمرتبك نحو التعددية والديمقراطية والسلام الاجتماعي .
جائزة نوبل هذا العام لها وجه عقابي بالنسبة لتجربة القوى المدنية في مصر ، التي عجزت على مدار ثلاث سنوات من عمر الثورة عن صياغة حوار وطني جاد ومقنع وفعال ، لأن الجميع تحول إلى طرف في المشاحنة والمناكفة والإهانة للآخرين والتشكيك والاستعلاء على المسار الديمقراطية ، فأصبحوا طرفا في الأزمة وليسوا فرصا للحل ففشلوا جميعا، وقد ظهر هذا "المرض" أكثر وضوحا في فترة حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي ، حيث فقدت السلطة قدرتها على الحوار الحقيقي أو استيعاب واحترام حقيقية التنوع والتعدد السياسي في تجربة ديمقراطية ما زالت رخوة وناشئة ، وفقدت المعارضة المدنية قدرتها على الإبداع السياسي والبحث عن طريق ثالث وانشغلت بكسر الخصم وليس بإنقاذ الديمقراطية ، وعلى الرغم من أن الدكتور محمد البرادعي ، الرمز الأهم للقوى المدنية التي قادت ثورة يناير 2011 في مصر ، رحب بالجائزة ومنحها للجنة التونسية ، وقال في تغريدة له على موقع تويتر : «تحية وتقدير لشعب تونس، الحوار والمصالحة الوطنية والعمل المشترك واحترام حقوق الإنسان والديمقراطية ونبذ العنف هو السبيل» ، إلا أني أعتقد أن هذه التهنئة هي أشبه ببيان اعتذار عن أخطائه هو نفسه ، وهو الحاصل على نوبل للسلام سابقا ، عندما عجز عن أن يدير حوارا وطنيا مدنيا حقيقيا في مصر ، واستسلم للانقسام والحرب الفكرية والسياسية بكل مراراتها ، واستسهل الطريق ، باللجوء إلى استدعاء القوات المسلحة للتدخل ، فتغير المسار وانتهى كل شيء .
ذهاب جائزة نوبل للسلام إلى رابطة تونسية كان إنجازها الوحيد والأهم هو "الحوار" ، هي رسالة من العالم للربيع العربي وعواصمه المختلفة ، أن الحوار هو الطريق ، وهو الحل ، وأن الصراعات السياسية خاصة إذا أخذت الطابع العنيف أو الدموي أو العسكري لا يمكن أن تفضي إلى السلام أو تصنع واقعا أفضل ، وإنما هو الحوار والشراكة والتعددية الحقيقية والقبول بتعايش الجميع ، وجميع بلدان تجارب الربيع العربي تعيش اليوم كوارث ومخاطر هائلة ، بدرجات متفاوتة ، ولكن جوهرها التمزق الاجتماعي والسياسي وزراعة الأحقاد ، في ليبيا أو مصر أو سوريا أو اليمن ، لأن "الحوار" غاب ، واستخدمت جميع أطراف الصراع لغة القوة وكسر العظم أو المعادلات الصفرية ، كل شيئ أو لا شيء ، البلد الوحيد الذي نجا حتى الآن من تلك المحرقة هو "تونس" ، رغم أنه البلد الأقل في مقدراته والأكثر في تنوعه السياسي ، ورغم أنه يشهد الانقسام السياسي والفكري النمطي بين تيار إسلامي يمثله إخوان تونس "حزب النهضة" وتيار علماني تقوده قوى يسارية بالأساس ، وتيار الماضي الذي يقوده "نداء تونس" ويضم كثيرا من أقطاب النظام القديم الذين لم يتورطوا في فساد أو دم ، وكان بين الجميع تطاحن سياسي واتهامات خطيرة للغاية وظهرت دعوات للإقصاء ، ووصلت تونس إلى حافة الانهيار ، حتى نشطت "اللجنة الرباعية" المدنية ، بجهد مدني وطني خالص ، تحدى مؤامرات عربية معروفة وتحدى تلاعبا أمنيا خطيرا في الداخل واستعدادات عسكرية للانحياز ، وأدارت حوارا جادا وذكيا وشفافا ومحايدا ، أقنع الجميع بأن يتراجع خطوة من أجل الوطن ، ونجح في إنقاذ مسار الثورة ، ومسار الديمقراطية ، وبقي أن يكمل الجميع المسار ويحموه من "التآمر" المستمر ، محليا وإقليميا ودوليا .
مازال الربيع العربي ملهما ، وقادرا على إبهار العالم كله رغم كل التآمر ضده والانحرافات في مسار دوله ، وما زال ممثلا للتجربة الإنسانية الأهم في تاريخ العرب الحديث ، وما زالت أشواقه وأهدافه في الحرية والكرامة والديمقراطية والتنوع الإيجابي الخصيب والتعددية والعدالة الاجتماعية وقضاء عادل مستقل وسيادة حقيقية للقانون ، ما زالت هي السفينة الحقيقية لإنقاذ المنطقة العربية من مصير مجهول ، وما زالت هي الطريق لتحقيق نهضة إنسانية وحضارية على كل الأصعدة ، وما زالت هي الطريق الأسهل والأطول عمرا لغرس السلام فكرا وروحا وسلوكا في العالم العربي .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.