لا تكتمل زيارة المصري أو السائح للعاصمة القاهرة، دون المرور بأحد أشهر أحيائها "خان الخليلي"، والاستمتاع بالتسوق بين مزاراته وأزقته التي تعود بهؤلاء إلى ماضي الزمن الجميل. هذا الحي الذي يزيد عمره عن 600 عام، يُعتبر واحد من أعرق أسواق الشرق، وما زال معماره الأصيل باقياً على حاله منذ عصر المماليك، بحسب الهيئة العامة للاستعلامات المصرية (حكومية). يجد الزائر نفسه في هذا المكان الواقع في محيط شارع المعز لدين الله الفاطمي، أمام سوق يستنشق فيه عبق التاريخ حيث زمن القاهرة الفاطمية، بدءا من مسجد الحسين المواجه للجامع الأزهر الشريف، مروراً بشارع المعز الذي يضم عشرات الآثار الإسلامية. و"خان الخليلي" الذي يعج بعشرات البازارات (الدكاكين) المتلاصقة، يعتبر قبلة لكل باحث عن تذكار قد لا يجده في أي مكان آخر، وبأسعار متفاوتة. فهنا تُعرض قطع فرعونية مقلدة بإتقان، ومشغولات نحاسية، ومصنوعات جلدية وأخرى خشبية، وملابس مزخرفة بتاريخ المصريين القدماء، واكسسوارت تاريخية يظهرون بها في الأعمال الفنية التاريخية كالسيوف، والشُنط، والمسابح المصنوعة من العاج، وخشب الصندل، والكهرمان، إضافة إلى الخوذ النحاسية. ويضم السوق الناشط ليل نهار، حرفاً تقليدية، كصناعة السجاد، وورق البردى، والمشغولات الفضية والذهبية، والخشبية والنحاسية، إلى جانب التمائم الفرعونية، والمنسوجات اليدوية، والفوانيس، والتماثيل المعدنية والزجاجية، فضلاً عن المقاهي والمطاعم المنتشرة في أركان مختلفة فيه. وتقول الروايات التاريخية إن "الخان" كلمة فارسية تعني الحانوت أو الدكان، وهي لقب الخليلي، نسبة إلى السلطان جاهركس الخليلي، أحد سلاطين المماليك الجراكسة، والذي أسس الخان عام 1382 ميلادية، على أنقاض مقابر الخلفاء الفاطميين في مصر، وهو المدفن الذى شيّده جوهر الصقلى، قائد جيوش الفاطميين ومؤسس مدينة القاهرة ، بعد فتحه لمصر عام 969 ميلادية. ويقول جمال أحمد طه، أستاذ التاريخ والحضارة، للأناضول "في القاهرة الفاطمية أسواق شُيدت لأغراض التجارة، كانت تسمى كل منها (قيسارية)، وقد خصصت كل واحدة منها لبيع سلعة معينة، وخان الخليلي، هو أحد تلك الأسواق التي لها هذا البعد التاريخي، وفيه يجد السياح والمصريون الكثير مما يبهرهم". ويصف محمود إبراهيم، أستاذ الآثار والفنون الإسلامية، في حديثه للأناضول، خان الخليلي بأنه "من روائع الحضارة الإسلامية التي تحمل النسق التراثي القديم". وكان إبراهيم تطرق إلى أهمية الخان في كتابه المعجمي "الدليل المفصل لآثار القاهرة الإسلامية" باعتباره مركزاً تجارياً من العصور الإسلامية. وبحسب تقارير محلية، وضعت الحكومة المصرية، خطة لتطوير الخان (لم تحدد توقيت تنفيذها)، بتكلفة 7 ملايين جنيه (مليون دولار) وتتضمن ترميم الأرضيات، وواجهات المحال.