هنا رابعة.. في السادسة والنصف بتوقيت القاهرة يوم ال14 من أغسطس منذ عامين "هنا آلاف المعتصمين علي موعد إما الشهادة أو النجاة " أو إصابة تدوم معك حتي الوفاة.. لتصبح رصاصة واحدة في جسدك شاهده علي المجزرة ". لم يكن أحدا يتخيل المشهد قبل أن يصبح واقعا, فالجميع علي يقين أن أمر الفض لم يكن بتلك السهولة التي تؤهله لأن يحدث بتلك الطريقة أو بهذه السرعة, الآلاف كانوا نياما ينتظرون يوما جديدا من الاعتصام ليصبحوا كعادتهم علي هتافات يسقط يسقط حكم العسكر, إسلامية إسلامية مطالبين بعودة شرعية الرئيس محمد مرسي. إلا أن هذا اليوم بالتحديد اختلف الأمر تماما فبعد تحذيرات وإخبار تم تداولها بنية وزارة الداخلية فض الاعتصام وهو الأمر الذي استبعده كثيرون من أنصار الشرعية دقت طبول الحرب في تمام السابعة لتطلق الداخلية أول طلقاتها علي المعتصمين إيذانا ببدء الفض .
شهود عيان "لم يكن ممرًا آمنًا علي الإطلاق.. كان ممرًا للموت " " لم أتخيل أنه سيأتي اليوم ويكون في جسمي رصاصتين لتخرج الأولي وتبقي الثانية عالقة في ذاكرتي قبل جسدي, يرجع "أ,م" بالذاكرة المليئة بالدموع لمدة عامين حيث تدهور حالته الصحية بعد إصابته بطلقتين إحداهما لازالت قابعة داخله لا تريد أن تتركه, وكأنها تقول سأبقي معك لأذكرك بتلك المشاهد. ويرجع "أ.م" بالذاكرة إلي الخلف حيث السابعة صباحا يفيق علي يد أصحابه محذرين إياه هايفضونا ". ليهرولوا باتجاه الأماكن الأكثر أمنا, لكن لا أمان فالجميع محاصرين بطلقات الداخلية جوا وبرا فالطائرات من فوقهم والمدرعات وجنودها من أمامهم وخلفهم. ويقول "ا.م" بدأ الفض لتصيبني أولي الطلقات ولا أتذكر بالتحديد بعد هاتين الطلقتين سوي مشهد بكاء أمي إذا جاءها خبر وفاتي, كان هذا ما يؤلمني وليست الطلقات.. وخلال تلك اللحظات نقلني أحد أصداقي وهو يلقني الشهادة إلي مستشفي رابعة إلي أن تم الإسراع بإسعافي حيث كانت الساعات الأولي للفض . وما أن اخبروا والدي بإصابتي وصل والدي إلي المستشفي ليبكيني أكثر كلماته وهو يردد الشهادة أمامي وكأنه يودعني عند خالقه فكانت تلك أصعب اللحظات بعد إصابتي بالرصاص, لأجد أبي في هول هذا المنظر ينتظر موتي, وانتظرت علي هذا الوضع أكتر من 12 ساعة, شاهدت خلالها أبشع ما رأت عيني خلال حياتي شاهدت كل ما لم تكن تتخيله عيناي, أنا نفسي لقنت الشهادة لأحد الشباب الذين أصيبوا وكانت رصاصته في الرقبة ليتوفي بعد تلقيني الشهادة له بدقائق . الدماء في كل مكان تجري حتي إنني كنت أتذكر أن الأرض التي كنت أنام عليها وصلت لنا الدماء من كل اتجاه. إلي أن جاء موعدنا مع ما سموه الخروج الآمن الذي لك يكن آمنًا بالمرة , فقبل ساعة من الخروج جاء عدد من ضباط القوات الخاصة يطالبون الدكاترة بالانصراف وترك المصابين والجثث في مستشفي رابعة وكان الأمر بالقوة حتي حدث بالفعل أن تركت الناس بعض المصابين وخرجت تاركة المستشفي, وكنا علي أعتاب نهاية الميدان لكن نجونا بأعجوبة أنا وأبي ومن كان يحملوني من قسوة الضباط وقتها فتم قتل الكثيرين أمام عيني خلال تخطينا للممر الذي أنشأوه لنا. إلي أن انتهت رحلتي في رابعة لتبدأ رحلة جدية في علاجي الذي تم رفضه من أغلب المستشفيات التي وصلت لها مع أبي مستنجدين بهم لكن لا حياة لمن تنادي. ويتابع " أ.م " أنه إلي الآن يعاني من تدهور حالته الصحية نتيجة استمرار استقرار إحدي الرصاصات في جسده والتي أثرت علي مفصل قدمه حيث يحتاج إلي إجراء عملية تغيير مفصل كامل نتيجة تهشم مفصله وتعرضه للالتهاب.