منع الحلوى والكتب والمشروبات من السجناء السياسيين وإدراجها ضمن «قوائم الممنوعات» بالسجن نرصد موقعة تهريب حلوى «السينابون والريدبول» لصهيب وعمر ومراوغات وتهريب الأهالى ل «متطلبات النشطاء» «كنافة بالمانجو» لأحمد دومة.. والكتب والمجلات ممنوعة عن ماهر وعادل حقوقي: الداخلية تنكل وتتعنت ضد السياسيين.. وآليات لضبط وكشف الممنوعات أن تعبر بوابات السجن المُحكمة "الغلق" بأسوار عالية وسط تأمينات مكثفة، عشرات وعشرات من رجال وقيادات قوات الشرطة "سجانين وسجانات" يرفعون شعار "ممنوع الاقتراب أو التصوير"، وإذا أردت العبور فيجب أن تكون إما متهمًا أو من أسر المهتمين، ومن الضرورى أن تحمل إذنًا بتصريح زيارة ودخول إلى الغرف المخصصة ولكل قاعدة ممنوعات، فبحسب القانون، ممنوع دخول عدد كبير من الأشياء على رأسها "الكتب، المجلات، الصحف"، مما يندرج تحت اسم "الوسائل الترفيهية"، وآخرها منع الطعام المجمد أو المُعلب نظرًا لخطورة "الصفائح المعدنية" أو أى شيء من مشتقات الحلوى. ولكن تلك الطلبات البسيطة للمعتقلين من كتب وجرائد أو حلوى قد تكون بمثابة "سعادة متناهية" وسط حالة من الحزن والاكتئاب اللذين يقبعون فيهما بين أربعة جدران بعيدة عن ذويهم ليحاول الأهالى "تهريب" بعض هذه الطلبات إليهم للتخفيف عنهم، فالبعض يستخدم أساليب مشروعة فى التحايل على السجانين والمسئولين وبالبعض الآخر يستغل إما جهل المسئول بما يدخل أو تهريبه دون علمه، ليرفع النشطاء السياسيون شعار "وكل يوم فى حبك بتزيد الممنوعات". "السينابون والريدبول" أبسط أمانى المعتقلين ترصد "آلاء الطويل" شقيقة المصورة الصحفية "إسراء" والمحبوسة هى واثنان من الشباب "عمر محمد وصهيب سعد" على ذمة قضايا انتمائهم لإحدى الجماعات المحظورة، ولهم أنشطة سياسية مخالفة للقانون بالإضافة إلى انتمائهم لإحدى الخلايا الإرهابية، بعض القصص الخاصة بطلبات هؤلاء الشباب البسيطة فكانت آخرها رغبة "عمر وصهيب" تناول حلوى "السينابون" وهى حلوى مصنوعة من القرفة، ولكن المفارقة أن قوات السجن سمحت بسهولة دخولها خلال الزيارة الأخيرة الخاصة به بعد تحايل أسرته على مسئول السجن، وهو ما جعل "صهيب وعمر" يتفاجآن وينتابهما حالة من السعادة بعد تناولها خلال الزيارة. ونظرًا لخفة الظل والفكاهة التى يتمتع بها كل منهما روت آلاء حوارًا دار بينها وبين "صهيب" فى إحدى الزيارات، حيث قال لها: "يا دكتورة نشرتى رسالتى إنى داخل فى حالة اكتئاب بسبب تعنت إدارة السجن عشان مش راضيين يدخلولى ريدبول"؟ الناس تضامنت معايا؟"، لترد آلاء: "لا أنت مقولتليش أصلا بس أسامة أخوك كتب.. ولأ محدش تضامن يا ابنى انت محدش يعرفك بره أساسا"، ليقول: "وربنا محدش تعاطف معايا طيب قوليلهم بقى إنى بكفرهم كلهم"، لتنظر آلاء إليه بدهشة: هو أنت الجهاديين معاك فى الزنزانة يكفروك تقوم أنت تكفّر اللى متعاطفوش مع عدم دخول الريدبول؟"، ليقول صهيب: "وأكفّرك أنتى شخصيا لو متصرفتيش ودخلتيهولى الزيارة الجاية، وانا محدش بيكفّرني، انا هنا الشيخ صهيب" آلاء: حاضر ياشيخنا هتصرف وأدخلّك ريدبول فى برطمانات". وفى حديث آخر روت آلاء: "من كتر مانا متضايقة أن النسكويك والشاى بالنعناع والمشروبات الساخنة مدخلوش امبارح لعمر وصهيب فى الزيارة وهما بيحبوهم اوى حلمت حلم حقيقى انى قاعده بخطط لتهريب النسكويك وفوقت افتكرت عمر وهوا متبهدل ولسه عليه آثار التعذيب وافتكرت أن الأدوية أصلا مدخلتش علشان الحاجات البسيطة دى نقدر ندخلها ودا بعيدا عن قصة تهريب الشطافة اللى تهلك من الضحك، وعن عمر اللى خد الشطافة بالحضن أول لما عرف إننا عرفنا ندخلها". أما عن إسراء الطويل فكانت طلباتها محدودة فمجرد "كشكول رسم وألوان"، كانت كفيلة بإسعادها، ولكن قانون السجن يمنع، حاولت شقيقتها أن تدخل تلك الأشياء ولكن دون جدوى، حيث قالت: "الزيارة اللى فاتت كنا واخدينلها كشكول وأقلام وألوان وسكيتش رسم وروايات بناء على طلبها.. عرفنا أن كلها مدخلتش، بأقولها يابنتى بيغلسوا عليكى قوليلهم لا دى مش ممنوعات.. قالتلى مانا قولتله انت عايز سجاير عشان تدخّلها يا عمو وقالى لأ، لتقول آلاء: "هستأذنلك المأمور وهتدخل قعدت تقولى لا أنا خارجه بكره خلاص متستأذنيش مش محتاجاها خلاص.. علي أساس أن عرض النيابة كانت متعشمة أنها خارجة ولكن تم التجديد مرة أخرى من النيابة لمدة 15 يوم". أحمد دومة و"صينية الكنافة بالمانجو" لم يكونوا "الثلاثي" هم فقط من يعانون من قائمة الممنوعات فكان لأحمد دومة نصيب أيضًا من قوائم المنع خلال شهر رمضان الماضي، حيث اصطحبت زوجته الناشطة نورهان حفظى حلويات شرقية تحديدًا "كنافة بالمانجو" لزوجها نظرًا لحبه لها، ولكن رفضت قوات الشرطة المكلفة بالتأمين دخولها، وروت حفظى تفاصيل تلك الزيارة لتقول: "أول مرة اصادف سجن بيتمنع فيه حاجات اساسية زى مثلا فيما يخص الأكل، كل ده ممنوع، الفاكهة، العصائر، الحلويات، اى حاجة شبه البقسماط والفينو والفطائر، أوعى تفكر لا سمح الله تدخل مكسرات ولا شيكولاته تبقى كده بتشتمهم". وأضافت حفظي: "ليه كل ده ممنوع إيه الحكمة؟ اصل معظمهم جنائيين بيحطوا مخدرات فى الاكل بس مش سبب تمنع علشانه كل الاكل ده حلل لهم وأراقب سلوكهم وعاقب اللى يعمل كده انما هتمنع كل ده عن مساجين ازاى ما هما معظمهم احتياطى مش هيحصلهم حاجة لو قعدوا كام شهر من غير الحاجات دى يعني". وتابعت: "طيب والمحكوم عليهم نعمل فيه ايه، أحمد واخد مؤبد هيقعد طول عمره مياكلش فاكهة وحلويات، ابقى خليه يجيب من الكافيتريا واللى مش فيها هاتيه انتى ونحاول ندخله، (نحاول) طيب نحاول"، مشيرة إلى "إحدى الزيارات اللى فاتت اتخانقت على صينية كنافة بالمانجة من أحد محلات الحلويات الكبرى يعنى مستحيل يكون فيها مخدرات مثلا وصغيرة وملفوفه بكارتون ،عاوزين تمنعوها ليه ؟ ده فالبوابة اللى برا السجن اللى مفروض تبع المصلحة وكل ده علشان صينية "كنافة بالمانجة" وفوق راسهم يفطة كبيرة مكتوب عليها يسمح بدخول المأكولات والمشروبات والحلوى والفاكهة بما يكفى حاجة السجين ليوم واحد". أحمد ماهر و "الصحف والورق والتونة" وعن أحمد ماهر، مؤسس حركة شباب 6 إبريل، أعرب شقيقه مصطفى ماهر، عضو المكتب السياسى للحركة، عن أن النظام الحالى يحاول تضييق الخناق على ماهر ومحمد عادل وأحمد دومة داخل السجن بعد تعنت الداخلية ورفع مستوى قوائم الممنوعات عليهم. وأضاف ماهر، أن إدارة السجن تزيد قائمة الممنوعات شيئًا فشيئًا عن الثلاثة بذرائع مختلفة، وتسمح للمسجونين الجنائيين بها وترفض دخول بعض المتطلبات إليهم ومن بين تلك القائمة، التى بدأت بالصحف والكتب والورق للكتابة والجوابات التى تدخل أو تخرج من السجن، انتقل الأمر لمنع علب التونة، والمجمدات، وأنواع كثيرة من الطعام، وأخيرا تقليل مدة الزيارات. حقوقي: السياسيون يعاملون أسوأ من المتهم "الجنائي" وعلى جانب حقوقي، قال عمرو إمام، مدير مركز هشام مبارك، إن قوائم الممنوعات التى وضعها القانون هى الممنوعات الطبيعية غير المصرح بها، حتى فى الأماكن العامة وليس بالسجون فقط، وهى "المخدرات والخمور والأسلحة بأنواعها"، ولكن أصبح ما يمنع الآن المأكولات والحلويات بجميع أنواعها وهو ما يعد تعنتًا واضحًا من جانب وزارة الداخلية لمن هم فى السجون. وأضاف إمام، فى تصريحات خاصة ل "المصريون"، أن الخوف من تهريب بعض الممنوعات داخل الأكل والحلوى هو أمر غريب لأن المسئولين من الداخلية لديهم آليات عديدة للكشف عن هذه الممنوعات كالمخدرات وغيرها من خلال "التفتيش" واستخدام أجهزة للكشف عن هذه الأشياء، مشيرًا إلى أن الجنائيين أنفسهم لا يتم منع "المأكولات والمشروبات" عنهم.
وفى سياق متصل، قال أحمد سميح، مدير مركز الأندلس لحقوق الإنسان، إن العقلية التى تتعامل بها قوات الشرطة وإدارة السجن والمسئول عن تأمينه لا تفرق بين مسجون جنائى أو سياسي، مشيرًا إلى أن وقائع منع بعض المأكولات والمشروبات عن المعتقلين تأتى فى إطار التضييق على المعتقل نفسه، وليس لمنع أشياء حياتية ضرورية للإنسان. وأضاف سميح، فى تصريحات خاصة ل "المصريون"، أن فكرة التضييق على المحبوس على ذمة قضية سياسية أو غيرها يأتى عن طريق عدة أشياء من ضمنها منع بعض المأكولات خوفًا من تهريب أى شيء بداخلها غير قانونى ك "المخدرات أو الممنوعات والأسلحة وغيرها"، مشيرًا إلى أن ميزانية إدارة السجون فى الأساس غير قادرة على استيعاب المحبوسين وغير قادرة أيضًا على توفير وجبات مميزة بسبب ميزانيتها الضعيفة.