"تحرش واختناقات وإغماءات بين السيدات" هكذا كان المشهد داخل سجل مدني العباسية والذي يعتبر أكبر سجل مدني في القاهرة، حيث يأتيه المواطنون من مختلف المحافظات بأنحاء الجمهورية لاستخراج البطاقات الشخصية والعائلية المستعجلة وكل مستخرجات الأحوال الشخصية من شهادات الميلاد والوفاة والقيد العائلي. رحلة عذاب تحت أشعة الشمس الحارقة يقف كبار السن وشباب وسيدات يحملن أطفالهن في طابور طويل لا حصر له، فيأتي ضابط الشرطة المسئول عن تأمين السجل ويقوم بتمرير المواطنين إلى الداخل ليتوعدهم باستخدام العنف حال عدم التزام الصف فلا يفرق بين رجل مسن ولا سيدة مريضة، ناهيك عن المعاملة السيئة للمواطنين فمن يفتح فمه ويعترض مصيره عدم الدخول الذي هو بالطبع أكبر عقاب للمواطن المسحول من أجل استخراج أوراق هامة تخص مصيره. عندما تنتهي من مرحلة الطابور المريرة وتبدأ في الدخول لعتبة السجل تشعر بنشوة الفرحة فقد مررت من مرحلة صعبة "ها أنا في الداخل الآن أقوم باستخراج أوراقي" ولكن هيهات فالفرحة لم تكتمل فتصطدم بما تراه بالداخل زحام شديد للمواطنين أدى بدوره بعدم وجود تهوية درجة حرارة شديدة شعورك وكأنك في "الساونا"، طوابير سيدات ورجال . تحرش وإغماءات وسط الزحام الشديد تجد عددًا قليلاً جدًا من الموظفين لإتمام احتياجات المواطنين، أما الموظف الموجود فتجده يجلس على كرسيه يستعرض مهاراته في تعذيب المواطن الواقف أمامه ووجهه يغرق "عرقًا" من شدة الحرارة وكأنه يتلذذ بهذا المنظر فبعد أن يقف خمس ساعات على قدميه للوصول إليه يقول له أوراقك غير كاملة أو هذا ليس الشباك الذي يجب أن تتوجه إليه، توجه إلى شباك آخر. وتكثر حالات التحرش بمثل هذه الأماكن المزدحمة وتتزايد مع عدم وجود عناصر الأمن بالداخل، ناهيك عن حالات الإغماء المتكررة للسيدات كبار السن والاشتباكات الدائمة بين المواطنين بسبب الزحام. العباسية مركز تعذيب وبمرارة وملامح يكسوها الغضب تقول "س . أ": "بقالي 6 ساعات واقفة في الطابور ولما وصلت للموظف عشان أطلع قيد عائلي بيقولي روحي الشباك رقم 7، متسائلة: "ليه مفيش واحد يقوم بالتنظيم ويدل المواطن على المكان الصحيح كل حاجة سايبة هنا". ويقول عادل: "بقالي خمس ساعات مش عارف أطلع شهادة ميلاد كمبيوتر ومفيش غير موظف واحد بس مطلع عنينا البلد حالها زي ما هو الناس مش عارفة تشوف شغلها". ويقول منير: "بطلع شهادة ميلاد لابني دخلت مش عارفة أتحرك في المكان من الزحمة واخد أجازة مخصوص النهاردة من شغلي ومخلصتش مصلحتي الحكومة بتعذبنا ليه مفروض يزودوا عدد الموظفين". ورأت أماني: "أن ما يحدث ما هو إلا تعذيب للمواطنين مجرد استخراج بطاقة أو شهادة ميلاد تقف في طابور لأكثر من خمس ساعات". شاهد الفيديو..