رغم أن انتخابات مجلس الشعب التى بدأت مرحلتها الأولى الاثنين 28 نوفمبر ليست الأولى فى تاريخ مصر الحديثة ولن تكون الأخيرة إن شاء الله... إلا أننا إذا تعرضنا لوصفها فإننا سنحتاج كثيرا أن نستخدم عبارة: (لأول مرة)!!. فلأول مرة تجرى انتخابات مصرية تحت حراسة القضاء والجيش والشرطة والشعب الذى احتشد رجاله أمام لجان التصويت لحماية إرادة الأمة وحراسة صناديق الاقتراع رغم قسوة البرد التى تهون أمام قسوة الظلم الذى كتم أنفاس مصر وأخرجها من دوائر الوجود. ولأول مرة تمتد مهلة التصويت إلى يومين بدلا من يوم واحد تيسيرا على هذه الحشود الرائعة التى تكبدت مشقة الساعات الطويلة من أجل أداء حق الوطن وطى صفحة الماضى الكئيب. ولأول مرة تشارك كل هذه الملايين فى التصويت بعد أن لمحت الأمل فى مستقبل يليق بمصر وشعبها. ولأول مرة يخرج الأقباط عن الصيام السياسى فى بادرة إيجابية تؤكد مفهوم المواطنة والتعدد ومهما قيل عن التصويت الموجه فحق الاختيار مكفول للجميع وسيشهد المستقبل ذوبان جبال الجليد بين أخوة الوطن الواحد. ولأول مرة يسعد البرلمان بأكبر عدد من الشباب بعد أن كان حكرا على الطاعنين فى السن نواب الوراثة. ولأول مرة تدخل المرأة المصرية مجلس الشعب من الباب الشرعى عبر الأصوات وليس بالكوتة المهينة. ولأول مرة يتنافس هذا العدد الضخم من المرشحين بعد أن سقط الاحتكار مع انهيار أصنام الفساد. ولأول مرة تتولى لجنة قضائية الإشراف الفعلى على الانتخابات فشكرا لحصن العدالة المنيع رغم ما أشيع عن تعمد إقصاء قضاة الاستقلال إلا أن ثقتنا فى نزاهة قضاءنا لن تهتز من بعض حوادث هنا أو هناك. ولأول مرة يتحقق هذا القدر من الشفافية ويسمح للرقابة المحلية والدولية أن تؤدى دورها لتزرع الثقة فى نفوس المواطنين الذين فقد بعضهم معنى الانتماء من كثرة ما لمسه من خيانة وما عاينه من تخريب. ولأول مرة يتولى العديد من رموز القضاء الشامخ مهمة الحراسة تطوعًا من أنفسهم وتجاوبًا مع الجموع. ولأول مرة تقف الشرطة على أبواب اللجان لتتابع سير الانتخابات بعد أن كانت تطرد الناخبين. ولأول مرة نرى كل هذا العدد من الأحزاب التى تعبر عن حالة الثورة وتعكس درجة الكبت والحرمان. ولأول مرة يشارك التيار السلفى فى العملية السياسية وما يحوطها من تفاصيل لم تكن ضمن اهتمام أبناء هذا التيار الوطنى لأسباب متعددة ولأول مرة تغيب سحابة التزوير عن سمائنا ونأمل أن يرحب الجميع بالنتائج احترامًا لإرادة شعبنا. ولأول مرة تشيد المؤسسات الدولية بنزاهة الانتخابات دون أن تسجل خروقات اعتاد عليها النظام البائد. ولأول مرة يشارك الجيش المصرى العظيم فى عملية سياسية بهذا الحجم تهدف إلى تغيير جذرى وكلى فى مسيرة مصر وما يتبع من آثار ونتائج تعيد مصرنا لسابق عزها ومجدها... مصر الحضارة والتاريخ والهرم مصر الطهارة والعراقة فى القدم مصر التى بذكرمجدها.... جرى القلم فمصر تنتخب ..... بعد أن عاشت تنتحب مصر تنتخب (لأول مرة).