حلم طال انتظاره لعقود .. انتخابات حرة لا يشوبها تزوير يعبر فيها الشعب المصرى عن نفسه وطموحه للتغيير.. عرس ديمقراطى بمعنى الكلمة، وملحمة شعبيَّة يسطرها الشعب المصرى بعد سقوط نظام مبارك المخلوع ، وبعد ثورة 25 يناير المباركة.. فقد تدفقت جموع الشعب المصرى على اللجان الانتخابيَّة لتختار الصوت الإسلامى ليس حبًّا فى الإخوان ولا فى السلفيين ولا الجماعة الإسلامية، بل لأنه شعب متدين بطبعه, فالمارد الإسلامى هو خيار شعبى فى ظلّ الربيع العربى. الإقبال الجماهيرى الهائل على صناديق الانتخابات يؤكِّد أن المصريين متعطشون إلى الحرية والممارسة السياسيَّة، النظام السابق كان يخدع الناس بديمقراطية الجرعات وكأنها منح سلطانيَّة، لكن بعد بزوغ فجر جديد يؤذن بسيادة العدل والحق والخير, أصرت الجماهير على المشاركة فى رسم المشهد السياسى ،كبار السن والعجائز والنساء والشباب الكل يتحمل الصعاب والوقوف فى طوابير طويلة الحضور الكثيف من قبل الجماهير أفسد مخططات الفلول والبلطجية ما كانوا يرمون إليه من إفساد العمليَّة الانتخابيَّة. الدلالة الواضحة فى المشهد الانتخابى بفضل الله غياب التزوير الذى كان يمارسه النظام الهالك من تزييف لإرادة الأمَّة والبلطجة الأمنيَّة التى كانت تسود لجان الانتخابات لصالح الاستبداد بل تمنع الجماهير من التصويت والمشاركة. الأمر الآخر هو غياب العلمانيين، فى المشهد الانتخابى لأنهم بمثابة فقاعات هواء فى بلادنا لا وجود لها على أرض الواقع، بل كانوا أبواقًا يسوِّق ويروِّج لها النظام السابق لعرقلة مسيرة الإسلاميين، فالشعب المصرى يختار بقوة الصوت الإسلامى. أعتقد أن فوز الحركة الإسلاميَّة فى الانتخابات بمصر وقبلها فى تونس والمغرب تأتى نتيجة منطقيَّة لعهود وعقود من الاستبداد والظلم التى عاشتها الشعوب العربيَّة لذلك الناس ينتظرون التيار الإسلامى أن يتحول من إطار الشعارات إلى إطار التنفيذ بعد الانتخابات، والجميع كان يتمنى أن يتوحد التيار الإسلامى فى قائمة توافقية، فالناس يريدون وحدة وليس انقسامًا بين الإخوان والسلفيَّة والجماعة الإسلاميَّة والوسط. أتمنى من التيار الإسلامى وهو يحارب فى ساحة الانتخابات ليحقق أمنية وحلم الأمَّة بتحقيق العدالة وتطبيق الشرعيَّة ألا يغيب عن المشهد فى ميدان التحرير حتى لا ينفرد به العلمانيون، ويبدو أنه هو الوطنى الذى يدافع عن دماء وحرية الشعب المصري، رغم أن الشجر والحجر يشهد للتيار الإسلامى تضحياته من أجل دينه ووطنه طوال الخمسين عامًا الماضية. ما زلت أصرّ على أن الدماء التى سالت فى ميدان التحرير هى دماء غالية عزيزة لا يمكن التفريط فيها، ولا بد من محاسبة كل من تورَّط فى تلك الدماء بالتحريض أو المشاركة أو التضليل لأننا نطمح لإقامة دولة القانون والعدل، التى نحاسب فيها من يعتدى على حرية ودماء هذا الشعب الكريم، بل نسعى أن يكتسب كل مواطن حصانة وحماية ضد العدوان وانتهاكات حقوق الإنسان وليس أعضاء البرلمان فقط.. أما الأمر المهم فيجب ألا ننخدع بما يجرى من مسكنات وتخدير من تعيين الدكتور كمال الجنزورى رئيسًا للحكومة الجديدة ليلهينا عن حكومة وطنيَّة رشيدة تدير دفة البلاد وتحافظ على حقوق العباد.. فالأمة لم تعقم أن تلد رئيسًا لهذه الحكومة الوطنيَّة التى نريدها نافذة ذات صلاحيات وليس سكرتارية عند المجلس العسكرى.. فالجنزورى هو إحدى ركائز نظام مبارك المستبدّ الذى اعتقل الناس فى عهده وأُجريت محاكمات عسكريَّة وتَمَّ تخريب وتجريف مصر فى عهده.. فهذا الرجل من أكابر الفلول الذى يجب محاكمتهم ومحاسبتهم عما اقترفت يداه فى حق هذا الشعب المصرى، مصر ذاخرة بأبنائها وعلماء، من طارق البشرى وأبو الفتوح وأبو اسماعيل.. بلاش ضحك على هذا الشعب الذى لن يفرط فى ثورته وحريته مرة أخرى.