بالصور| مستشفى العربي بالمنوفية ينظم احتفالية لتكريم ممرضيها    جامعة طيبة التكنولوجية تنظم المُلتقى التوظيفي الأول بمشاركة 50 شركة ومؤسسة صناعية    عبدالرزاق يفتتح أعمال الجلسة العامة للشيوخ لمناقشة السياسات المالية والضريبية    وزيرة الهجرة تترأس لجنة المقابلات الشخصية للمتقدمين لشغل مناصب بالوزارة    محافظ مطروح: تعليم مطروح يطلق «زدني علما»    محافظ قنا يناقش فرص إنشاء مصنع سمادي كيمياوي على مساحة 30 الف متر مربع بقنا    بروتوكول تعاون بين جامعة بنها والمعهد القومي لعلوم البحار    وزير الإسكان يُصدر قراراً بحركة تكليفات جديدة وتنقلات بعددٍ من أجهزة المدن    رئيس زراعة الشيوخ : ملف المنازعات الضريبية له تأثير مباشر على الاستثمار    تطوير مطارات وموانئ.. مشروعات عملاقة بمحافظة البحر الأحمر لجذب السياحة والاستثمارات (صور)    5 محطات جديدة.. كل ما تريد معرفته عن الخط الثالث لمترو الأنفاق (صور)    التحليل الفني لمؤشرات البورصة المصرية اليوم الاثنين 13 مايو 2024    قرار قوي من مصر ضد إسرائيلي.. والخارجية تكشف السبب    بريطانيا: حزب العمال المعارض يدعو الحكومة إلى وقف بيع الأسلحة لإسرائيل    السعودية: القضية الفلسطينية بند أساسي ومصيري في كل جهودنا الدبلوماسية    تشمل 13 وزيرًا.. تعرف على تشكيل الحكومة الجديدة في الكويت    نهائي دوري أبطال أفريقيا.. كولر يحدد برنامج الأهلي التدريبي قبل مواجهة الترجي    الحبس سنة مع الشغل للمتهم بالاتجار في المواد المخدرة بالعجوزة    رسميًا.. الحسابات الفلكية تكشف موعد عيد الأضحى 2024 في تونس وعدد أيام الإجازة    طقس الاسكندرية.. ارتفاع أمواج البحر وتساقط الأمطار اليوم    السكة الحديد تُعلن مواعيد قطارات عيد الأضحى للوجهين «القبلي» و«البحري»    مد فترة التقديم على وظائف المدارس التطبيقية الدولية حتى 20 مايو الجاري    التحقيق مع متهمين بقتل شاب في مدينة السلام    مركز السينما العربية يمنح جائزة الإبداع النقدي لعام 2024 للبناني نديم جرجوره والبريطاني بيتر برادشو    الرئيس السيسي عن تطوير مسجدي السيدة زينب والحسين: بيت ربنا ما يتعملش إلا صح    الرئيس السيسي: "زنقنا نفسنا علشان نعمل دولة.. ما عنديش خيارات تانية"    توقعات برج العقرب من يوم 13 إلى 18 مايو 2024: أرباح مالية غير متوقعة    خلال 12 يوم عرض بالسينمات.. فيلم السرب يتجاوز ال24 مليون جنيه    وزير الثقافة الفلسطيني السابق: موشي ديان هو أكبر سارق آثار في التاريخ    عودة أنشطة حديقة الفنون بمناسبة بدء الإجازة الصيفية    مصر تُبلغ "رسالة" لوسطاء مفاوضات غزة.. مصدر رفيع المستوى يكشفها    بالفيديو.. لماذا حج سيدنا النبي مرة واحدة؟.. أمين الفتوى يجيب    شعبة الأدوية توجه نداء عاجلا لمجلس الوزراء: نقص غير مسبوق في الأدوية وزيادة المهربة    رئيس جامعة سوهاج يوجه بإعداد تقارير ومتابعات يومية لحالات المرضى بمستشفى الطوارئ    "صدر المنصورة" تحصد المركز الأول ضمن فعاليات مؤتمر جميعة الأمراض الصدرية    البحوث الإسلامية يصدر عدد (ذي القعدة) من مجلة الأزهر مع ملف خاص عن الأشهر الحرم والحج    ساوثجيت ينفي شائعات انتقاله لتدريب مانشستر يونايتد    موقف السولية وعبد القادر من المشاركة في نهائي إفريقيا    ختام ناجح لبطولة كأس مصر فرق للشطرنج بعدد قياسي من المشاركين    وكيل تعليم الشرقية: لا شكاوى من امتحانات الفصل الدراسي الثاني لمراحل النقل    الدفاعات الجوية الروسية تدمر 16 صاروخا و35 طائرة مسيرة من أوكرانيا خلال الليل    تداول امتحانات الترم الثاني 2024 لصفوف النقل عبر تليجرام    رئيس الغرفة التجارية: سوق ليبيا واعد ونسعى لتسهيل حركة الاستثمار    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية في ديرمواس ضمن «حياة كريمة»    للسيدات.. تعرفي على أعراض سرطان المبيض    اليوم.. «محلية النواب» تناقش موازنة محافظتي القاهرة والإسكندرية للعام المالي 2024/ 2025    تعرف على الحالة المرورية بالقاهرة والجيزة    اعمل ايه مع زوجى بيلعب بابجي طول اليوم.. ومحمد نصار يجيب    أول تعليق من الأزهر على إعلان انضمام مصر لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام «العدل الدولية»    مبابي يستفيد من هدية استثنائية في ليلة التتويج بالدوري الفرنسي    الافتاء توضح حكم ارتداء المرأة الحجاب عند قراءة القرآن    فضل الأشهر الحرم في الإسلام: مواسم العبادة والتقرب إلى الله    عقد مناظرة بين إسلام بحيري وعبدالله رشدي حول مركز "تكوين الفكر العربي"    سيناتور أمريكي مقرب من ترامب يطالب بضرب غزة وإيران بسلاح نووي    بعد الخطاب الناري.. اتحاد الكرة يكشف سبب أزمة الأهلي مع حسام حسن    «بداية ساذجة».. تعليق ناري من ميدو على خسارة الزمالك أمام نهضة بركان    وليد دعبس: تامر مصطفى هو من طلب الرحيل عن مودرن فيوتشر.. ولا يوجد خلافات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. رفيق حبيب يكتب: النخبة العلمانية والفرصة السانحة
نشر في الدستور الأصلي يوم 17 - 04 - 2010

مع حالة الحراك السياسي الثانية في مصر، تتاح لمختلف التيارات السياسية فرص للتحرك، بأكثر مما هو متاح في الظروف العادية. فحالة الحراك مع اقتراب موسم الانتخابات التشريعية والرئاسية، تعطي مساحة واسعة للحركة، وتتزايد فيها حالة المتابعة والترقب لدي الناس. ومع اقتراب الرئيس من إكمال عامه الثلاثين في الحكم، تتزايد التكهنات حول المرشح القادم للرئاسة، مما يوسع من مساحة البدائل والاحتمالات، وكل ذلك يساهم في توسيع هامش الحركة، ويعطي فرصا للقوي والنخب السياسية لممارسة دور أوسع نطاقا. وبقدر استفادة القوي السياسية من تلك الحالة، بقدر ما تحقق من تغيير في الحالة السياسية في البلاد. ورغم أن تحقيق التحول الديمقراطي، ليس أمرا هينا، ولكن التوسع التدريجي للحرية، يمهد لتحقيق الحرية الكاملة في النهاية.
والنخب العلمانية لديها فرصة خاصة في المرحلة الحالية، قد تميزها عن غيرها، خاصة التيار الإسلامي. فالنخب العلمانية تستطيع أن تصدر مشهد الحراك السياسي، وهو ما يحدث بالفعل في الجمعية الوطنية للتغيير، والتي يقودها الدكتور محمد البرادعي. والأمر لا يقتصر فقط علي تصدر التحالفات السياسية القائمة، بل يتجاوز هذا. فالنخب العلمانية لديها بالفعل مساحة للحركة السياسية لا يتمتع بها التيار الإسلامي، بل إن حركة ونشاط النخب العلمانية لا تواجه بنفس الثمن والضريبة التي تدفعها القوي الإسلامية. فالسلطة الحاكمة في مصر، تركز ضرباتها الأمنية علي التيار الإسلامي وتحاصر كل حركة له وكل نشاط له، بسبب قاعدته الشعبية العريضة. ولكن النخب العلمانية ليس لها نفس القاعدة الشعبية، مما يمكنها من الحركة بصورة أكبر. كما أن النخب العلمانية تمثل رؤي علمانية تتقاطع مع النظام الحاكم، وتلك ميزة وعيب في الوقت نفسه. فهي ميزة لأن رؤاها لا تتعارض تماما مع رؤي النظام الحالي، في العديد من القضايا، وبالطبع تختلف تلك الرؤي بين الجناح اليساري في النخبة العلمانية والجناح الليبرالي. ولكن القواعد الأساسية للرؤية العلمانية، تمثل مشتركا بين النخب العلمانية والسلطة الحاكمة، مما يدفع الناس لتصنيفها أحيانا مع السلطة الحاكمة. ولكن الاختلاف الأهم بين النخب العلمانية المعارضة والسلطة الحاكمة، يتمثل في الاختلاف حول الديمقراطية. فالسلطة الحاكمة لا ترفض فقط الديمقراطية، بل يبدو أنها تكرهها، ولكن النخب العلمانية تقدم نفسها بوصفها قوي ديمقراطية.
والأمر لا يقف عند هذا الحد، فالغرب ليس لديه مخاوف من النخب العلمانية، قدر مخاوفه من التيار الإسلامي، لذا فإن تصدر مشهد الحراك السياسي من قبل النخب العلمانية لا يثير قلق الغرب، بل إن الدول الغربية كثيرا ما تقدم غطاء لحركة القوي العلمانية، لأنها ترفض أي مساس بها من قبل النظام، علي أساس أنها تمثل بديلا علمانيا للسلطة الحاكمة، قد يحتاج له الغرب في بعض المراحل. كما أن حركة النخب العلمانية توفر حالة من التحول الديمقراطي، أو حالة من الحرية، تري القوي الغربية أنها مهمة، حتي لا تنفجر الأوضاع في مصر، ومن ثم في المنطقة كلها، وتهدد مصالح الغرب في المنطقة. مما يوفر غطاء غربيا لحركة النخب العلمانية، يتيح لها الحركة بعيدا عن عصا الأمن الغليظة، ولو نسبيا. ويتضح هذا في قدرة الجمعية الوطنية للتغيير علي الوقوف خارج النظام، ورفض مجمل أوضاع العملية السياسية، والمطالبة بتعديل الدستور، ورفض قواعد العملية السياسية التي يحددها الدستور، دون أن تقوم السلطة الحاكمة بتقديم المنتمين للجمعية الوطنية للتغيير للمحاكمة العسكرية، كما تفعل مع جماعة الإخوان المسلمين. والسلطة تري أن النخبة العلمانية لا تمثل خطرا عليها، لأنها لم تصل للشعبية التي تجعلها تمثل خطرا في الشارع، لذا تتعامل معها بصورة مختلفة عن التيار الإسلامي. ولكن حتي مع تزايد حالة الحراك، والتفاف الناس حول رموز التغيير، بسبب رغبة الناس في التغيير، سوف لا تتمكن السلطة الحاكمة بسهولة من مواجهة هذه الحالة أمنيا، بسبب الغطاء الغربي، الداعم للحراك السياسي العلماني.
كل هذا يوفر فرصة للنخبة العلمانية لتقدم الصفوف في عملية التحول الديمقراطي في مصر. وهي فرصة تساعد النخبة العلمانية علي الاحتكاك بالمجتمع، ومعرفة مواقفه وتوجهاته. كما أنها فرصة للنخب العلمانية لتقدم نفسها بوصفها قيادة قادرة علي جلب الحرية للمجتمع، دون اعتراض غربي، ودون تدخل من الدول الغربية لإجهاض حركة التغيير. وهو ما يعطي للنخب العلمانية فرصة لعرض رؤيتها علي الناس، وتوسيع قاعدتها الشعبية. وفي الوقت نفسه يعطي لها الفرصة لمراجعة بعض مقولاتها الصادمة للجماهير، مما يقرب رؤيتها أكثر من الناس، كما يساعد علي توسيع قاعدتها الشعبية. وفي الوقت نفسه، يمكن للنخبة العلمانية أن تكون قادرة علي تحقيق الحرية للمجتمع. ولكن حتي يتحقق هذا، سيكون علي النخبة العلمانية أن تلزم نفسها بمبدأ الحرية بصورة كاملة وغير منقوصة، ويصبح هدف حركتها هو تحقيق الحرية للمجتمع، حتي يختار من يريد ومن يمثله، حتي إذا اختار تيارا آخر غير النخبة العلمانية، أو اختار اتجاها منها ولم يختر الآخر.
والمجتمع المصري من المجتمعات ذات القدرة علي الفرز والتمييز، فهو قادر علي معرفة الهدف الرئيس من أي تحرك، وقادر علي تمييز القوي والنخب السياسية. فإذا عملت النخبة العلمانية من أجل تحقيق الديمقراطية والحرية لها، ومن أجل بناء نظام علماني يفرض علي المجتمع، وجعلت الحرية وسيلة للعلمنة، عندئذ سوف تخسر النخبة العلمانية تلك الفرصة السانحة، وتتحول إلي نخبة تريد بناء استبداد من نوع جديد، أي استبداد يسمح للقوي العلمانية بالتنافس الحر، بعيدا عن القوي الإسلامية، الأكثر شعبية في المجتمع. وفي كل الحالات، تكون تلك الحرية المزعومة ليست حرية في الواقع، لأنها ليست تحريرا للمجتمع ليختار من يريد، بل شكلا مزيفا للحرية يفرض علي المجتمع ما تريده النخب العلمانية، وربما يخضع المجتمع لمخططات القوي الغربية، خاصة المخططات الأمريكية الصهيونية.
والمجتمع المصري يمكن أن ينحاز لعملية التغيير التي تحقق له الحرية، حتي وإن كان تحقيقها غير ممكن إلا من خلال نخب لها دعم غربي، أو علي الأقل غير مرفوضة غربيا، لأن ذلك سيعد تحولا تدريج من حال إلي آخر. ولكن المجتمع سوف يتوقع أن هذا التغيير هو مقدمة لتغيير أوسع، يحدث تدريجيا حتي يحصل الناس علي حريتهم، ويختاروا النظام السياسي المعبر عنهم، كما يختارون الدستور المعبر عنهم أيضا. ولكن إذا كانت النخب العلمانية تريد فرض دستور علي المجتمع، وتقييد حرية المجتمع، عندئذ سيجد المجتمع أنه بصدد نخبة مستبدة جديدة، حتي وإن كانت أقل استبدادا من السلطة الحاكمة. فيمكن حدوث التحول التدريجي بصورة لا تقلق الغرب، أو لا تمثل تحديا له، ولكن إذا حدث هذا التحول لتحقيق تحالف أعمق مع الغرب، ووصول نخب للحكم تتوافق مع الرؤي والسياسات الغربية، وتغلق الباب أمام القوي المختلفة مع المشروع الغربي، خاصة التيار الإسلامي، عندئذ سوف ينفض المجتمع عن النخب العلمانية، وربما يشترك في محاربتها. لذا تصبح الفرصة الحالية، واحدة من الفرص النادرة أو المتميزة أمام النخب العلمانية، لتحسين دورها المجتمعي والسياسي، وذلك بأن تقدم نفسها كنخبة لتحرير إرادة المجتمع، دون أي قيد أو شرط، فلا يجوز لتيار ما أو نخبة ما، أن تفرض وصايتها أو شروطها علي المجتمع، فالأمة هي مصدر السلطات، وبغير ذلك، لن تتحقق الحرية الحقيقية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.