لم يهنأ القارئ بلحظات استرخاء عقب سلسلة مقالات مجدي الجلاد رئيس تحرير صحية الوطن والتي عنونها بشعار "أنا صرصار"، ليفاجأ بمقالات أخرى حملت نفس العنوان إلا أنها لم تذيل بتوقيع "الجلاد"، جمال الجمل كاتب آخر دخل على الخط في هجومه على النظام بلغة ركزت في المقام الأول على التلميح. "أنا صرصار" تحولت الكلمة إلى موضة ارتكز عليها كتاب المقالات للهروب من مضايقات السلطة، الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات بشأن حجم تلك المضايقات وجدوى الطريقة الجديدة التي ينتهجها الكتاب. وسرعان ما بحث الإعلامي مجدي الجلاد، عن مبررات لاستخدام لفظ "الصرصار" عقب الهجوم الكبير الذي شنه الكتاب عليه، قائلًا: إن مقالي "أنا صرصار"، اللذين كتبهما خلال اليومين الماضيين وأثارا جدلا، خرجا بصدق وإخلاص وضمير، موضحا أن مصطلح "الصرصار" مجازي، وموجود في الأدب المحلي والعالمي كله. واستشهد الجلاد، بأن الكاتب العالمي جورج أوريل له مؤلفات تحمل نفس التشبيهات في كتابه "مزرعة الحيوانات"، كما أن معظم كتابات توفيق الحكيم بها ذات التشبيه في كتابيه "مصير صرصار" و"حمار الحكيم"، وتابع: "محدش ساعتها اعترض على مصطلحات الحكيم لأن المستوى الثقافي والذهني كانا متفهمان للأمر، وليس في هبوط كما هي الآن".
ولم يكن "الجلاد" محتكرًا لهذا اللفظ بل تحول لدى كبار الكتاب إلى موضة يمكن من خلالها تحقيق أعلى الزيارات، ليذهب بعضهم ويقول: إن قصة "المواطن الصرصار" ليست اكتشافا جديدا، لكنها قديمة قدم السلطة نفسها، وقدم المخلوقات المتكيفة بشدة مع كل المتغيرات والصعوبات.
"جمال الجمل" أحد كتاب "المصرى اليوم" وصاحب مقال " صراصير يا!!!!عيييش..!"، هو الأخر لجأ لكلمة صرصار لنقد السلطة دون مساءلة، فكتب: بمناسبة موسم الصراصير، الذي افتتحه الزميل مجدي الجلاد، تذكرت مقالاً قديمًا أثار حالة من الامتعاض والاعتراض والتحفظ قبل نشره، لكنه نشر في النهاية بتاريخ 18 يونيو 2010 قبل شهور من ثورة يناير. وحرص الجمل في مقاله على انتقاد صمت المواطنين على السياسات الحالية، فيقول: هتفت القاعة «صراصير يااااعيش.. يعيش» لكن أحد معارضى التحول من «مواطن ديناصور»، إلى «مواطن صرصور»، حاول تفنيد آراء عالم السلطة فقال له إن مضادات المناعة لا تفيد في نوعية من الأمراض مثل أمراض القلب، وأجابه العالم بفخر: الصراصير لا يمكن أيضًا أن تصاب بأمراض القلب، لأنها لا تملك قلبًا من الأساس.. فقط أنابيب تنقبض لتضخ الدماء وقتما تشاء، وهذه الميزة تجعلها لا تعرف التعب ولا تحتاج إلى الراحة، وبدأ العالم يستعرض مشاهد واقعية لنماذج الزومبى المتحولين في مؤسسات السلطة، ورأيت وجوهاً أعرفها من المشاهير والكبار.
وتابع: "اكتشفت أن البقاء في هذا البلد لم يعد للصالحين، ولكن ل«المتصرصرين»، واكتشفت أن حملة إبادة المواطن القديم قد بدأت، فإما إن تبحث لك عن «بلاعة إيجار جديد»، أو تواجه نهايتك في طرف حبل على كوبرى قصر النيل، أو على يد مخبر جندته شرطة الماتريكس من أجل تحويل المواطنين إلى صراصير".
لكن على النقيض تمامًا سرعان ما حاول بعض الكتاب رد هذا التحول في طبيعة كتابة المقال في الصحف اليومية، فردت الكاتبة الصحفية بجريدة الوطن نشوى الحوفي، على مجدى الجلاد وعنونت مقالها الجديد في الصحيفة تحت عنوان " عزيزى مجدى الجلاد.. أنا لست «صرصاراً» والشعب أيضًا". وقالت الحوفي في محض انتقادها ل"الجلاد": "أعتقد أن الزميل مجدى الجلاد ينتمى لذات الطبقة الوسطى التى ينتمى لها غالبية المصريين على تنوع درجاتها. تلك الطبقة التى حملت أعباء وطن بأكمله، وقدمت كل ما تملك للحفاظ على قيمها ومبادئها، خاصة بعد الانفتاح الاقتصادى الذى هز كل شىء فى مصر، ولكننى أبداً لم أسمع أن جيلى تعلم ذلك الدرس الذى يحكى «الجلاد» عن أنهم علمونا إياه بأننا حشرات وأننا أرقام بغيضة فى خانات السكان". وتابعت: "آتى لنقطة أخرى حملها المقال قال فيها الجلاد إننا شعب «ساذج وعبيط» «تتقاذفه الأوهام والأكاذيب» فيما يتعلق بمن يقتله!! فيتساءل عن هوية القاتل فى صف الشعب والجيش والشرطة، وفى صف الإخوان أيضاً. ليصل فى النهاية إلى سؤال صاغه بمنطق النتيجة غير المباشرة من أن ما يحدث فى مصر ومنذ سنوات هو صراع على الحكم بين الدولة والإخوان؟!". من جانبه وجه رجل الأعمال نجيب ساويرس، مقال كتبه بجريدة الأخبار، رسالة إلى مجدي الجلاد رئيس تحرير جريدة الوطن بعد المقال الذي كتبه الأخير بعنوان "أنا صرصار وأنت أيضًا"، والذي انتقد فيه أوضاع المواطن المصري، قائلًا له: "أقول لصديقي العزيز مجدي الجلاد لسنا صراصير، نحن أحفاد الفراعنة ونخوض حربًا ضد عدو خسيس جبان وغدار وسيسقط ضحايا وستحدث أخطاء، لا داعي للسواد، وتحية لروحك الصادقة".