تعرضت المبادرات الإقليمية الهادفة للخروج من الأزمة الحالية في مصر لانتكاسة قوية خلال الأسبوع الماضي، في أعقاب اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات، وهجوم ولاية سيناء على قوات الجيش بالشيخ وزيد وتصفية 9من قادة جماعة الإخوان، وإعلان وفاة القيادي الإخواني الدكتور طارق خليل بمحبسه. ويقول محللون إنه لاسبيل للخروج من الأزمة بالطرق السلمية، بعد أن تصاعدت المواجهة بين السلطة والتيار الإسلامي، وسط مخاوف من تطورات الانزلاق إلى اقتتال داخلي، وفي ظل اتهامات لأجهزة الدولة ب "السعي إلى جر جماعة الإخوان إلى العنف كسياسة رسمية ليسهل لها سحقها والتمكين لسطوتهم"، بحسب الدكتور طارق الزمر، رئيس حزب "البناء والتنمية". وتفتح عملية اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات وتصفية قيادات الإخوان الباب واسعًا أمام مواجهة مفتوحة، لاسيما بعد إعلان الجماعة في بيان أنها باتت غير قادرة على السيطرة على أعضائها الذين يرون أنهم لم يجنوا من وراء تمسكهم بالسلمية إلا المعتقلات والقبور، الأمر الذي يمثل تطورًا لافتًا في نهج الجماعة التي مازالت تتمسك بالسلمية على الرغم ما لحق بها طوال العامين الماضيين. وخلال مؤتمر صحفي عقد في إسطنبول، الخميس، بمشاركة "التحالف الوطني لدعم الشرعية" الداعم للرئيس الأسبق محمد مرسي، و"المجلس الثوري"، وشخصيات تمثل البرلمان والحكومة في عهد مرسي، أكد المشاركون، حرصهم على مواجهة عنف السلطة ب "السلمية". ورأى الدكتور خالد الزعفراني، القيادي الإخواني المنشق، أن "تمسك الإخوان بالسلمية في مؤتمر إسطنبول يعكس مخاوفهم من الانزلاق إلى العنف، الأمر الذي سيدفع النظام الحالي إلى العصف بهم، بل ويفتح الباب أمام إدراجهم دوليًا كحركة إرهابية بشكل يوقف التسهيلات التي تقدم لها كحركة تقود المعارضة المصرية من العواصمالغربية". وقال الزعفراني: "جماعة الإخوان تلعب بالنار إذا تبنت العنف فأجيالها وعلى مدى أكثر من ثمانية عقود تربت على السلمية وعدم الانجرار للعنف بشكل سيفتح الباب حال حدوثه إلى انشقاقات تاريخية في صفوف الجماعة، مما يقودها للانهيار في نهاية المطاف". لكن ما ذهب إليه الزعفراني يتنافى مع تقارير لأجهزة سيادية تحذر من أن "عددًا كبيرًا من شباب الإخوان انضم ل "أنصار بيت المقدس" (ولاية سيناء)، وأن هناك المئات منهم يتدربون في صفوف "جيش النصرة" و"جيش الإسلام" و"أحرار الشام" السورية استعدادًا لمواجهات مع الدولة خلال المرحلة القادمة بعد أن تكرس لديهم يقين بعدم جدوى السلمية التي يتحدث عنها قادتهم". وتشير تقارير دولية إلى مخاوف شديدة لدى الجانب الأمريكي من انجرار شباب "الإخوان إلى العنف والانضمام إلى صفوف "ولاية سيناء"، خوفًا من تداعيات ذلك على ضد إسرائيل وقوات حفظ السلام الدولية في سيناء التي يشكل الجنود الأمريكيون الغالبية الساحقة منها، ما دفع الولاياتالمتحدة لإعلان حالة استنفار في صفوف قواتها بالشرق الأوسط، ما يقود لإمكانية تدخل دولي في سيناء حال خروج الأمور عن السيطرة". يأتي هذا فيما كشفت مصادر مطلعة عن أن هناك دعوات متنامية داخل السلطة بضرورة التصعيد ضد حركة "حماس" في ظل اتهامات مصرية لها بتقديم كل أشكال الدعم لعملية الهجوم الأخيرة على الجيش في سيناء، قائلة إن "هناك توجيهات رسمية صدرت من أجهزة سيادية بتكثيف الهجوم على حماس لإيجاد ظهير شعبي لعملية عسكرية ضد الحركة خلال المرحلة القادمة". واتهم جنرال إسرائيلي أعضاء في حركة "حماس" بقطاع غزة، بتقديم الدعم المسلحين المرتبطين بتنظيم "داعش" في سيناء. وذكر يؤاف مردخاي، المشرف على السياسة المدنية لإسرائيل تجاه غزة، أسماء أعضاء في الجناح العسكري ل "حماس". وقال إنهم ضالعون في تدريب مقاتلين لتنظيم "داعش" وتهريب الجرحى من سيناء إلى غزة لعلاجهم. وأضاف في مقابلة مع قناة "الجزيرة" أن "إسرائيل تعلم أن حماس في غزة تساعد جماعة ولاية سيناء ذراع تنظيم الدولة الإسلامية في التسليح والتنظيم"، مشيرًا إلى أنه "تحقق من هذه المعلومات". وذكر اسمي عضوين في "حماس"، وقال إن "عبد الله قشطة شارك في تدريب أعضاء بالتنظيم المتشدد في سيناء، ووائل فرج وهو قائد كتيبة في الذراع العسكرية لحماس هرّب إرهابيين من سيناء إلى مستشفيات في قطاع غزة لتلقي العلاج". غير إن المتحدث باسم "حماس" سامي أبو زهري رفض تلك الاتهامات، وقال إن "ادعاءات الاحتلال عن مساندة حماس لداعش، والأحداث في سيناء، هي ادعاءات سخيفة ومرفوضة لا تنطلي على أي طرف عربي". وشدد أبو زهري على أن "حماس قامت بجهد وإجراءات معلنة بضبط الحدود مع قطاع غزة ومنع أي تهريب من أو إلى قطاع غزة، لتحييد القطاع عن أي تطورات في الإقليم"، مؤكدا حرص الحركة "على أمن الشقيقة مصر". بدوره، قال إياد البزم، المتحدث باسم وزارة الداخلية التابعة لحماس في قطاع غزة، إن الوزارة "عززت قواتها ودورياتها على طول الحدود الجنوبية مع مصر في ظل تطورات الأحداث التي تشهدها سيناء للحفاظ على استقرار الحالة الأمنية وحفظ أمن الحدود". وقال الدكتور ياسر سعد، القيادي الجهادي، إن هناك حالة تطبيع بين مصر والحركة خلال الفترة القادمة، بل إن هناك استجابة من الحركة لمطالب رسمية مصرية، محذرًا من أن "أي مواجهة بين حماس ومصر لا تصب فى صالح الأمة العربية، بل تقدم خدمات من ذهب لإسرائيل". "تصاعد المواجهة بين النظام الحاكم وبين جماعة الإخوان والتحريض على حركة حماس يفتح الباب أمام جميع الخيارات، فالإخوان وحلفاؤها لن يقبلوا بالصمت على عملية التصفية وتلويح الدولة بتنفيذ أحكام الإعدام ضد قادة الإخوان بعد إقرار قانون الإرهاب، وقصر مراحل التقاضي بشكل يضع مصر أمام صيف ساخن جدًا، بحسب الدكتور ناجح إبراهيم، منظّر "الجماعة الإسلامية". وقال إبراهيم إن "اغتيال النائب العام والهجوم على قوات الجيش في سيناء ومقتل قادة الإخوان يقودنا لسيناريو سيئ في كل الأحوال"، دون أن يستبعد وقوع هجمات في مناطق الوادي والدلتا وسيناء، مضيفًا: "جماعة الإخوان قد لا تلعب دورًا مباشرًا في هذه العمليات، لكن جماعات العنف والتكفير هي من ستنخرط فيها بشكل مباشر". وأضاف "هذه الأجواء تؤكد أن خيار المصالحة الوطنية قد تراجع بشكل كبير خلال المرحلة القادمة على الأقل، بعد أن سيطر نهج المواجهة على الساحة ودفعت الأحداث قوى إقليمية ودولية إلى التراجع عن طرح مبادرات للمصالحة فضلاً عن تراجع صوت العقل بين طرفى الأزمة". إلى ذلك، طالبت الدكتورة مها عزام رئيس "المجلس الثوري المصري"، بضرورة القيام بتحقيق دولي عبر الأممالمتحدة ولجان حقوق الإنسان في "ظل حرب الإبادة التي يتعرض لها فصيل الإخوان المسلمين".