رجحت مصادر دبلوماسية عربية فى القاهرة إمكانية استصدار الجامعة العربية خلال الأيام القليلة القادمة قرارًا بتجميد عضوية سوريا فى جميع مؤسسات الجامعة العربية، لاسيما أن كل المؤشرات تؤكد عدم استجابة بشار الأسد بطريقة جادة لمبادرة السلام العربية وعدم تراجع وتيرة الحرب التى يشنها نظامه ضد الشعب السوري. وأفادت مصادر أن هناك ضغوطًا سعودية قطرية تركية على الجامعة العربية لاستصدار قرار بتجميد عضوية سوريا حتى قبل اجتماع وزراء الخارجية العرب على هامش المنتدى العربى التركى فى الرياض المقرر عقده فى المملكة المغربية، خصوصًا أن سوريا لم تبد أى تجاوب مع الجهود العربية بل على العكس وجهت انتقادات شرسة للبلدان العربية بل قامت بحشد مواطنيها لاقتحام سفارات الدول العربية بدمشق. واستبعدت المصادر أى تعاطى عربى إيجابى مع دعوة سوريا لعقد قمة عربية طارئة لمناقشة الأزمة السورية فى ظل تحفظ أغلب القادة العرب على هذه الدعوة بل النظر إليها باعتبارها من النظام السورى لكسب الوقت وقطع الطريق على المساعى لتجميد عضويتها فى الجامعة. وكشفت المصادر عن اتصالات مكثفة بين القاهرةودمشق خلال الساعات الماضية للبحث عن حل للأزمة، لاسيما أن القاهرة لعبت دورًا فى تخفيف حدة القرار الصادر من الجامعة العربية بتجميد العضوية إلى تعليقها لإعطاء فرصة لدمشق لحل الأزمة، معتبرة أن موقف القاهرة نابع من تحفظها من استخدام الجامعة العربية كمنبر لإسقاط الأنظمة بشكل قد يحولها إلى مؤسسة لتكريس الاضطرابات والتدخل الأجنبى فى شئون المنطقة وتكرار السيناريو الليبي. ولفتت المصادر إلى أن القاهرة طالبت دمشق بإعلان موقف واضح وجاد دون أى مناورة بالقبول بالمبادرة العربية واستقبال لجنة تقصى حقائق عربية لتقييم مدى استجابة سوريا للمبادرة وتنفيذها على ارض الواقع لقطع الطريق على تصعيد الأزمة أو فتح الباب أمام تدخل دولى. من جانبه، أكد الدكتور طارق فهمى أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة أن هناك أطرافًا لم يسمها تسعى لتسريع سقوط نظام الأسد هى من تدفع الجامعة العربية لاتخاذ قرار تجميد عضوية دمشق فى ظل توتر علاقاتها مع النظام السورى. وأوضح أن القاهرة تبدو قلقة من توتر الأوضاع فى سوريا وحريصة على ألا تخرج الأمور عن السيطرة لاسيما أن انهيار الدولة فى سوريا يحمل مخاطر جمة على أمن مصر وهو ما يجعل القاهرة تناشد الأسد بتبنى موقف جاد نحو التسوية خلال الاتصالات التى تتم مع دمشق بشكل متواصل. وفى سياق متصل، اتفق المشاركون فى اجتماع المنظمات العربية المعنية بحقوق الإنسان والذى عقد أمس برئاسة الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربى على تشكيل آلية عربية لحماية المدنيين السوريين تتمثل بإيفاد وفد يضم 500 من ممثلى المنظمات العربية ووسائل الإعلام والعسكريين كمراقبين للذهاب إلى سوريا ورصد الواقع هناك على أن يحدد اجتماع وزراء الخارجية العرب المقرر بالرباط يوم 16 نوفمبر الجارى موعد هذه الزيارة وفى ضوء بروتوكول مع الحكومة السورية لضمان قيام هذا الوفد بمهامه. وقال إبراهيم الزعفرانى أمين عام لجنة الإغاثة والطوارئ باتحاد الأطباء العرب: إن الاجتماع أحيط علمًا برسالة وزير خارجية سوريا وليد المعلم التى تسلمها الأمين العام للجامعة العربية والتى تتضمن موافقة النظام السورى على حضور الآليات العربية وأن تضم عسكريين أيضًا، وتم تكليف أحد المختصين بوضع تصور لبروتوكول ليراقب الوفد العربى الوضع السورى على أساسه على أن يوقع النظام السورى عليه لضمان حماية المراقبين وتمكينهم من حرية الحركة ومقابلة كل الأطياف السورية بمختلف انتماءاتهم وفى كل المدن وليست تلك المجهزة سلفا للمراقبين مع توفير ضمانات الحرية والحماية. وشدد الزعفرانى - عقب الاجتماع - على حرص الجامعة العربية على عدم تدويل المسألة السورية، معربًا عن أمله فى أن يعمل النظام السورى بشكل حثيث على إتاحة الفرصة لعمل هذا الوفد بحيث يؤدى دوره فى المراقبة وحماية المدنيين وإلا سيكون البديل صعبًا. وحول ما إذا كان هذا الوفد يعتبر آلية لحماية المدنيين السوريين، قال الزعفرانى : نعم، وإننا سنذهب إلى كل الأماكن لإعداد تقارير حول أوضاع المدنيين وسبل حمايتهم ورفعها لوزراء الخارجية العرب، وأضاف أن موعد زيارة هذا الوفد إلى سوريا سيتحدد فى ضوء قرار اجتماع وزراء الخارجية العرب فى الرباط يوم الأربعاء". وأضاف: أنه فى حال موافقتهم سيتم إعداد قوائم بأسماء المراقبين ومهامهم، مضيفًا أن الدول العربية ترغب بشكل كبير على أن تؤدى نموذجًا عربيًا خالصًا تحت مظلة الجامعة لمراقبة الوضع فى سوريا وكشف الحقائق على الأرض. وأشار إبراهيم الزعفرانى أمين عام لجنة الإغاثة والطوارئ باتحاد الأطباء العرب إلى أن وفد الجامعة العربية سيضم حقوقيين وإغاثيين وإعلاميين وعسكريين أيضًا حيث وافق النظام السورى على وجود عسكريين ضمن أعضاء الوفد، وقال إن وفد المراقبين سيسهم فى حماية المدنيين ولو تم استهدافنا من أى طرف فنحن فى الأساس سنكون فى حماية النظام السورى. وحول دلالة هذا التحرك العربى بإرسال الوفد، قال: إننا يجب أن نستمع للطرفين فى سوريا ونرصد الحقائق على أرض الواقع ونسجلها فى تقارير ثم تقرر الدول العربية ما تراه بعد ذلك فى ضوء مرئياتها. وحول المخاوف بشأن عمل هذا الوفد ودوره، قال: إن الاجتماع ضم منظمات حقوقية كبيرة ولها خبرة واسعة بمجال الرقابة الدولية فى مناطق النزاع المسلحة ولديها خبرات سابقة. من جانبه، أكد الدكتور محمد فائق الأمين العام السابق للمنظمة العربية لحقوق الإنسان أن الغرض الأساسى من الاجتماع هو توفير الحماية للمدنيين السوريين والتأكد من أن الحكومة والسلطات السورية التزمت بما وافقت عليه فى خطة الحل العربى للأزمة السورية وما تضمنته من إجراءات. وأضاف فى تصريحات صحفية فى ختام الاجتماع أن ما تم الاتفاق عليه خلال الاجتماع وإرسال وفد لمراقبة الأوضاع فى سوريا هو للتأكيد على أن الحل للأزمة يجب أن يكون عربيًا، وألا تؤدى هذه الجهود إلى تدخل خارجى. وأوضح أن التحرك الذى سيقوم به الوفد والذى سيضم مراقبين من مؤسسات المجتمع المدنى لتسجيل ما تم الاتفاق عليه، ومراقبة الأوضاع على أرض الواقع فى مختلف المحافظات السورية. وشدد فائق على أهمية التزام السلطات السورية بما وافقت عليه فى 2 نوفمبر الحالى فى اجتماع وزراء الخارجية لوقف العنف وسحب الآلات العسكرية، مؤكدًا أن التنفيذ السورى لهذه الأمور سيوفر الضمانة لتوفير الحل العربى للأزمة السورية.