لا سياسة في الفن، ولا فن في السياسة، هذا الشعار يرفعه دائمًا المثقفون والنخبة المصرية الداعمة للسلطة الحالية في وجه المشككين في وطنيتهم –فقط- عندما يتعلق الأمر بجائزة فنية يُجني من ورائها الآلاف الدولارات. والدليل هرولة 200 روائي مصري نحو جائزة "كاترا القطرية"، متناسين أن النظام السياسي الذي يحكم مصر يرى في قطر "دول معادية له وتدعم جماعة مارقة تنخر في جذور الوطن ليلاً ونهارًا". واعتبر نقاد فنيون، أن "موقف هؤلاء الروائيين يُناقض تزعمهم للثورة المصرية في 30يونيه، حيث تصدر السينمائيون والفنانون المشهد السياسي حينها". وفاز بجائزة "كاترا القطرية"، والتي تقدر قيمتها ب 60 ألف دولار، الروائي إبراهيم عبدالمجيد، وهو أحد الوجوه التي دعمت "30 يونيه" بشدة وعرف عنه موقفه المُعادي لجماعة "الإخوان المسلمين". وقالت حنان شومان، الناقدة الفنية ل"المصريون"، إن "ترشح إبراهيم عبد المجيد لهذه الجائزة سبب له "صداع" في رأسه، وهو موقف سيأخذ عليه". مع ذلك رفضت تتداخل السياسة مع الفن والأدب، وأوضحت، أن "موقف عبد المجيد لا يُلام عليه، لأن هذه الجائزة فنية، فعلي الرغم من أن الجوائز الفنية في دول الخليج تتحكم بها الأنظمة إلا أن "الجوائز الأدبية" لا يجب أن تُختلط بالسياسة في التعامل معها. وأشارت إلى المواقف الوطنية ل"إبراهيم عبد المجيد" كنموذج من الروائيين المصريين الذين ترشحوا علي جائزة "كاترا القطرية"، واصفة إياه بأنه "كان له دور مشرف في ثورة يناير وموقف بطولي في 30 يونيه". من جانبه، قال الناقد السينمائي، محمد قاسم، إن "الروائيين والمثقفين هم أكثر من "يبيعك" في غمضة عين، ويبيع مبادئه أيضًا لمن يدفع أكثر". وأضاف أنه لم يستغرب من ترشحهم لجائزة قطرية ويأخذوا أموال من دولة في مخيلتهم أنها تُعادي مصر. واستشهد قاسم ب "الفنانين والسينمائيين والروائيين الذين دافعوا عن الرئيس الأسبق مبارك، وعندما جاء محمد مرسي كأول رئيس منتخب بعد ثورة يناير حضروا جلساته وأظهروا أنهم معه، وعندما أطيح به وجاء الرئيس عبدالفتاح السيسي يظهرون أنهم يقفون بجانبه ويدعموه، ولكن عندما أغرتهم قطر بجائزة لهثوا ورائها". واعتبر أن "الإنسان يسعى دائمًا نحو مصلحته الشخصية فقط، بدليل الروائي الراحل يوسف إدريس عندما ترشح على جائزة الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين وكانت مصر حينها تقف إلى جانب الكويت"، مذكرًا بأنه عندما وجهت انتقادات لإدريس أكد أنه رافض للجائزة ولكنه لن يرد قيمتها المالية. الجدير بالذكر أن مايقرب من 200 روائي مصري من أصل 700 روائي عربي تقدموا لنيل جائزة "كاترا القطرية" في مجال الرواية وذلك في 18 و19 و20 من الشهر الجاري، وفاز بالجائزة الروائي المصري إبراهيم عبد القادر. وكان الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة السابق نال جائزة العقيد الليبي الراحل معمر القذافي للآداب في دورتها الأولى في عام 2010 وسط انتقادات حادة من قبل مثقفين عرب، خصوصاً بعدما تردد أن الكاتب الإسباني جوان جويتسوولو رفض الترشح لنيلها. غير أن عصفور رأى في حينه أنه نال الجائزة من قبل لجنة تحكيم محترمة، ووفق حيثيات لا شأن لها بالسياسة، إلى جانب اشتراطه عدم تسلم الجائزة من القذافي نفسه، إضافة إلى عدم اللقاء به خلال الأسبوع الثقافي المصري الذي أقيم بالعاصمة الليبية طرابلس في أبريل 2010 خلال احتفالية تسليمه الجائزة.