فى 17 يونيو 1972، فجرت صحيفة "الواشنطون بوست" الأمريكية فضيحة كبرى هى الأولى من نوعها فى تاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية، كان بطلها، وضحيتها أيضاً، هو الرئيس الأمريكى "ريتشارد نيكسون" من الحزب الجمهورى، الذى فاز بالمقعد الرئاسى فى فترته الأولى 1968 بفارق ضئيل جدا على منافسه "همفرى" من الحزب الديموقراطى. ونظراً لصعوبة موقف "نيكسون" للفوز بفترة رئاسية ثانية، شرع بعض معاونيه فى زرع أجهزة تنصت فى مكاتب الحزب الديمقراطى فى مبنى "ووترجيت"، للتجسس على خطط الحزب فى انتخابات الرئاسة، حتى يمكن للرئيس نيكسون الفوز بولاية ثانية، لتنتهى الفضيحة بتوجيه الإتهام الرسمى لنيكسون، مما إضطره للإستقالة من منصبه فى 9 أغسطس 1972، رغم تأكيده الدائم على عدم تورطه. القصة معروفة، تذكرتها على خلفية تسجيلات المكالمات التليفونية لبعض السياسيين المصريين التى تذيعها بعض الفضائيات من حين لآخر حسب اللزوم، أو وفقاً لتصفية حسابات معينة، أو كنوع من الضغط، غير الأدبى، على أحدهم ليقدم تنازلات ما بطريق أو بأخرى، والتى لا يمكن النظر إليها إلا كنوع من الإبتزاز إما لصالح أجهزة رسمية، وإما لصالح أفراد بعينها تحت صمت الأجهزة الرسمية !، ليبقى الأمر، فى أية حال، يمثل جرائم مكتملة الأركان، من تجسس الى تشهير، تتنافى جميعها مع الدستور والقانون، ويتم التغاضى عنها على المستوى الرسمى للدولة لصالح شىء ما غير مفهوم ! والأمر لا يحتاج لأى قدر من الذكاء لإستنتاج أن نوعية تلك المكالمات قد تم تسجيلها وتسريبها بواسطة جهات محددة تملك وحدها قدرة وشجاعة الإقدام على ذلك دون خشية محاسبة، وهو منهج معروف فى أدبيات العلاقات "السياسية الأمنية"، تستخدمه مثل تلك الجهات على فترات بين حين وآخر، ربما لصالح أمن المجتمع كما يتم تبرير ذلك غالباً، إلا أنها الفترة الوحيدة، حسب متابعاتى، التى يتم فيها تداول تلك التسجيلات بصورة علنية فاضحة خارج الإطار الرسمى أو القضائى كما نتابع جميعاً، وبصمت كامل من الدولة على كافة مستوياتها، ولتشويه شخوص لم توجه لهم تهماً رسمية حتى اللحظة !! إذاً فالدولة تؤكد أنها ضعيفة تخشى محاسبة المتجاوز إن وجد، فتلجأ لشرعنة الإبتزاز والتشهير، وتصنع بنفسها مراكز قوى شديدة الخطورة داخل المجتمع، تتمثل فى شخص مذيع أو قناة أو صحيفة أو أية آلة إعلامية يمكنها الخوض فى خصوصيات أى مواطن لتوجيه الرأى العام ضده إن كان مغضوباً عليه عن حق أو عن باطل، ليلصق الأمر فى النهاية بصاحب قرار الإباحة أو المنع وحده. أفهم أن من حق الدولة حماية أمنها داخلياً أو خارجياً، كما أفهم أنها تملك القدرة على قصف رقبة أى متجاوز بترسانة القوانين العقابية الرهيبة التى تحمة الوطن والمجتمع من أية مخاطر، ولكننى لا أفهم أبداً تنازلها عن سلطانها وسلطتها للغير، ولا إستعاضتها عن سيف القانون بأحجار التشهير والنميمة، مع الإبقاء على الضحية دون عقاب إن كان ثمة خطأ !! سيادة الرئيس .. ما نتابعه ليس من أخلاق المصريين البسطاء وأنت منهم، وأربأ بكم أن يكون ذلك المتكرر أحد سمات عهدكم الذى توسمنا فيه صوت القانون، وأخشى أن يكتب التاريخ عنكم أنكم تركتم الحبل على غاربه لتصفية الحياة السياسية المصرية، على ضعفها، بهذا الاسلوب الذى سيصل قريباً الى الولوغ فى أعراض الناس فلن يُستثنى أحد إن لم تبادر الدولة، فى شخصكم، بمحاسبة قانونية لكل عناصر تلك الفضائح، بداية من مدى تقنين التنصت، الى عدم قانونية التسريب خارج الإطار القانونى على فرض قانونية التنصت، الى الإذاعات التى قد نعلم من يمدها ومن يحميها، وإن كنا نجهل لماذا !! فمن أمِن العقوبة أساء الأدب، والإختيار لكم .. إما قانون وإما غابة. ضمير مستتر المادة 45 من الدستور: (لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون، وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الإطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة ووفقا لأحكام القانون) عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.