تسجيلات المكالمات الهاتفية، سلاح ذو حدين، دائمًا ما تستخدمه الأنظمة الحاكمة في مواجهة معارضيها، حيث كانت تلك الوسيلة كافية للإطاحة برؤساء أو تأمين آخرين، ففي الوقت الذي نجحت في الإطاحة بالرئيس الأمريكي نيكسون خلال فضية ووترجيت، كانت منجاة للرئيس المصري محمد أنور السادات من مؤامرة مراكز القوى للانقلاب عليه. خيرت الشاطر، نائب المرشد العام للإخوان المسلمين، لوَّح في مؤتمر صحفي السبت، إلى أنه يملك مثل هذه التسجيلات التي تدين معارضين لمرسي ويرغبون في إسقاطه بعد أشهر من توليه سدة الحكم في البلد، حيث قال: "إنه يملك تسجيلات تؤكد وجود مؤامرة للانقلاب على الرئيس بعد شهرين من انتخابه". مثل هذه التسجيلات، استخدمت خلال القرن الماضي من قبل الأجهزة الحاكمة لإسقاط المعارضين، فاستخدمها نظام الرئيس الراحل جمال عبدالناصر؛ لتجنيد عدد من رموز المجتمع لصالح المخابرات، بل وصل الأمر إلى تسجيل جميع مكالمات النظام في عهد عبد الناصر لدرجة تسجيل مكالمات عبد الناصر نفسه. كما أن هذه التسجيلات، أنقذت الرئيس السابق محمد أنور السادات من محاولة الانقلاب عليه، بعدما تسجيل مكالمات للثلاثي سامي شرف، وشعراوي جمعة، وعلي صبري، وهم يخططون للانقلاب على الرئيس، كما أنه تم استخدامها للتجسس على رموز مصر من الفنانين والسياسيين، بحسب روايات ل طه زكي، رئيس الحرس الشخصي لمكتب السادات. وخلال عهد الرئيس السابق محمد حسني مبارك، اعترف وزير داخليته الأشهر حبيب العادلي، بإجراء التسجيلات الصوتية لرمز المعارضة المصرية قبل الثورة، معترفًا بأن مكالمات التليفون كلها تراقب وتسجل قائلا: "واللي يخاف ما يتكلمش". وإذا كان مثل هذه التسجيلات، نجحت في إنقاذ الأنظمة الحاكمة في مصر، إلا أنها انقلبت على نظام الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون خلال فضيحة ووترجيت، خلال خوض معركة التجديد للرئاسة عام 1972، وكان قد حقق فوزا ضئيلا ضد خصمه الديمقراطي "همفري" خلال انتخابات 1968، وقرر نيكسون القيام بعمليات تجسسية على مكاتب الحزب الديموقراطي المنافس في مبنى "ووترجيت" ومنه أخذت الفضيحة اسمها، وتفجرت على إثرها أزمة سياسية هائلة وتوجهت أصابع الاتهام إلى الرئيس نيكسون، فاستقال في أغسطس عام 1974. اليوم وبعد ثورة أسقطت النظام، ووصل التيار الإسلامي للحكم، جاء نائب مرشد الجماعة، للتلويح باستخدام تلك الوسيلة من خلال تسجيلات صوتية، أشار إليها قائلا: "تجمعت القوى في جولة الإعادة مؤكدة أن الرئيس سيسقط بعد شهرين، ومسجل لدينا على تليفونات من بعض هذه الأماكن، ومن بعض وسائل الإعلام " رأفت فودة، أستاذ القانون العام، قال: "إن دول القانون لا تسمح بالتجسس علي المكالمات الشخصية للشعب المصري، مهما كانت انتماءاتهم الشخصية، إلا بأمر قضائي، لافتاً إلى أن القانون يحدد إصدار ذلك الأمر القضائي حين يكون هناك قضية تنظر أمام القضاء أو مجال للتحقيق أمام النيابة. وأوضح ل"الوطن" أن دولة القانون لاتسمح للجهات السيادية بتسجيل مكالمات التليفون إلا بما يحدده القانون والمذكور سلفاً، مشيراً إلى أن ذلك يعد استباحة للحرمات، مشيراً إلي أن واقعة "وترجيت" والتي أطاحت بالرئيس الأمريكي نيكسون في واقعة مشابهة، لافتاً إلى حديث نائب المرشد حول التسجيلات التليفونية، مؤكداً أن نظرية المؤمرة المتعلقة بتلك التسجيلات لا تتعلق بقضية تنظر أمام القضاء. وأكد أن تلك التصرفات تحول مصر من دولة القانون إلى دولة بوليسية تنتهك الحرمات الشخصية، قائلا: "القانون لا يجوز إطلاقاً التنصت على أسرار الشعب وحرمات ومقدساته والإسلام يحرم ذلك".