أبرزت صحيفة "هافينجتون بوست" الأمريكية تزايد الهجرة غير الشرعية من المنطقة العربية إلى أوروبا, محذرة من أن هذه الظاهرة الخطيرة ستتفاقم في الشهور المقبلة. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 27 إبريل أن تعثر "الربيع العربي", وفقدان الشباب الأمل في التغيير, دفع كثيرين منهم للتفكير في الهجرة. وفجرت "هافينجتون بوست" مفاجأة مفادها أن " عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي من أبرز أسباب تزايد الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط باتجاه أوروبا". وتابعت " في فترة حكم مرسي, استقبلت مصر الكثير من اللاجئين السورين والليبيين, ورحب بهم مرسي وسمح لأبنائهم بالتعليم بالمدارس المصرية, إلا أنه بعد عزله, تعاملت السلطات الجديدة مع هؤلاء اللاجئين على أنهم يشكلون تهديدا للأمن القومي، وقامت بترحيل أعداد منهم, أو القبض عليهم, وهو ما أجبر الكثيرين منهم على اللجوء إلى الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط, باتجاه أوروبا". وكان مئات الأشخاص لقوا حتفهم في غرق قارب مكتظ بالمهاجرين غير الشرعيين في 19 إبريل في البحر المتوسط, قبالة الشواطئ الليبية، في كارثة تعد الأسوأ حتى الآن في البحر المتوسط، بينما دعت إيطاليا إلى عقد قمة أوروبية لبحث هذه الكارثة. وأعلنت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة أن ثمانمائة مهاجر غير شرعي لقوا مصرعهم نتيجة غرق سفينتهم أمام السواحل الليبية في 19 إبريل، كما أعلنت إيطاليا اعتقال اثنين من الناجين لتورطهما في "تهريب البشر"، في حين تصاعدت أصوات أوروبية عدة لمنع تكرار هذه الحادثة. وقالت المتحدثة باسم المفوضية في إيطاليا كارلوتا سامي :"بإمكاننا أن نقول إن ثمانمائة شخص قضوا في الحادث"، وهي حصيلة أكدها المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة فلافيو دي جياكومو، حيث حصلت كل من المفوضية والمنظمة على هذه الإحصائية عبر إجراء مقابلات مع أغلب الناجين البالغ عددهم 27 إثر وصولهم إلى مرفأ كاتانيا الإيطالي. وأوضحت المتحدثة أن من بين القتلى أطفال تتراوح أعمارهم بين 10 و12 عاما، مضيفة أنه كان هناك سوريون وصوماليون وحوالي 150 إريترياً، وأنهم أبحروا من العاصمة الليبية في 18 إبريل، بينما ذكر دي جياكومو أن الناجين جاءوا من مالي وغامبيا والسنغال والصومال وإريتريا وبنجلاديش، وأن من بينهم أربعة قاصرين. وقال الناجون إن السفينة غرقت بسبب فقدان توازنها نتيجة تحرك جموع المهاجرين الذين كانوا على متنها لدى اقتراب سفينة شحن برتغالية أتت لنجدتها. وكانت الشرطة الإيطالية أعلنت أنها اعتقلت اثنين من الناجين؛ هما تونسي وسوري، لاشتباهها في أنهما قبطان السفينة وأحد أفراد طاقمه، حيث وجهت لهما تهما تتعلق بتسهيل أعمال الهجرة غير الشرعية, وهو أمر أكده وزير البنية التحتية الإيطالي جراتسيانو ديلريو, دون تحديد جنسيتهما. وفي هذا السياق، أعلنت مسئولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أن الاتحاد اتفق على خطة تتضمن تدمير سفن مهربي البشر وإعادة المهاجرين إلى أوطانهم، وأظهر وزراء خارجية وداخلية دول الاتحاد الأوروبي المجتمعون بشكل طارئ في لوكسمبورغ دعمهم الخطة التي سيناقشها قادة الاتحاد في 23 إبريل في قمة طارئة. وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند دعا إلى اجتماع عاجل لوزراء داخلية وخارجية دول الاتحاد عقب الكارثة، مضيفا "علينا أن نتحرك أمام تسارع الكوارث منذ مطلع العام"، كما اعتبر رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي أن "مصداقية" أوروبا على المحك، وأنه حان الوقت كي "تتحرك"، بينما طالب المفوض الأعلى للاجئين بالأمم المتحدة أنطونيو غوتيريز بتحرك عاجل لمواجهة ما قد تكون "المأساة الأفظع" التي يشهدها مهاجرون في المتوسط على الإطلاق. أعلنت المنظمة الدولية للهجرة في 21 إبريل أن أكثر من 1750 مهاجرا لقوا مصرعهم في البحر الأبيض المتوسط منذ مطلع العام، وهو عدد أكبر بثلاثين ضعفا من حصيلة الفترة نفسها من عام 2014. وصرح المتحدث باسم المنظمة جويل ميلمان للصحفيين في جنيف، أن "المنظمة الدولية للهجرة قدرت حصيلة قتلى عام 2015 حتى الآن بأنها أكثر بثلاثين مرة مما كانت عليه العام الماضي في الفترة نفسها، حيث لقي 56 حتفهم في البحر المتوسط". وقال إن عدد الوفيات بلغ 3279 مهاجرا في عام 2014 عبر المتوسط، وإن المنظمة تخشى أن يتم تجاوز هذا العدد في غضون أسابيع، كما يمكنه أن يصل إلى أكثر من ثلاثين ألفا بحلول نهاية العام، استنادا إلى عدد الضحايا حتى الآن. وقال المتحدث باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أدريان إدواردز، إن مأساة قارب المهاجرين قبالة السواحل الليبية والتي راح ضحيتها ثمانمائة شخص في 19 إبريل، كانت "الأكثر دموية", في حوادث البحر المتوسط التي سجلناها على الإطلاق. وأضاف أن 1300 حالة وفاة فقط في إبريل وحده، وهو ما يجعله كذلك "الشهر الأكثر دموية".