"اللي اختشوا ماتوا".. مثل شعبي ينطبق على فلول الحزب "الوطني" المنحل ورجال الأعمال المحسوبين على نظام الرئيس المخلوع حسني بعد بروزهم على السطح بقوة في رحلة أشبه ب رحل "استعادة أملاك ما قبل ثورة ال 25 من يناير" بالقاهرة والمحافظات. فلم يكن غريبًا أن يتصدر رجال مبارك المشهد السياسي بعد حصولهم على أحكام البراءة من كل التهم المنسوبة إليهم، وإعلان البعض منهم خوض الانتخابات البرلمانية وطلبهم تعويضات مالية تصل للمليارات لتضرب الثورة في مقتل حينما أعلنوا الحرب لاستعادة أملاك النظام البائد من جديد. فعلى الرغم من القضايا المرفوعة ضد منير ثابت، شقيق سوزان مبارك، زوجة الرئيس المخلوع، لاستيلائه على أرض مساحتها 216 فدانًا تابعة للمحاجر بمحافظة الشرقية، إلا أنه قام بفتح المحاجر رغمًا عن أنف القانون، وأرسل بعض رجاله لمنع المقاولين من العمل بالمحاجر، وذلك في مارس الماضي، رغم وجود حكم قضائي واجب النفاذ لصالح المحاجر بصفتها هيئة حكومية تابعة لمحافظة الشرقية في عام 2005، يتهم ثابت وعائلته باستخدام النفوذ وبسط السيطرة غير المشروعة على أراضى الحكومة. ومع إعلان مجلس الوزراء عن هدم مبنى الحزب "الوطني"، حتى توالت مقترحات رجال الأعمال بشأن الاستفادة من أرض المبنى، والتي تنوعت ما بين "بيع الأرض" أو "بناء فندق عالمي" باستثمارات أجنبية أو ضمه للمتحف المصري، هذه المقترحات التي ولدت الخوف والغضب معًا في نفوس المصريين، خشية فوز رجال مبارك بهذا المبنى، والذي يعتبر رمزًا مهمًا في تاريخ ثورة يناير، بعدما اندثرت جميع مظاهر الثورة من براءات للنظام، وحبس للثوار وأخيرًا هدم المبنى. ليس هذا فحسب بل هناك مطالبات لرجل الأعمال نجيب ساويرس وحسين صبور، ببيع مبنى الحزب الوطني القريب من ميدان التحرير، إذ قالا عبر حسابهما على موقع "تويتر": "معقول منظر مبنى الحزب الوطني المحروق.. لحد دلوقتي؟؟؟ فليطرح للبيع "فندق التحرير"، لأي مستثمر، لأن دولتنا ليست غنية، ولا تزال تتلقى قروضًا ومنحًا من الخارج. وقال محمد نبيل، القيادي بحركة "6إبريل"، إن "مطالبة ساويرس ببيع أرض مبنى الحزب الوطني يدل على أن رجال الأعمال يحاولون الرجوع وبكل قوة"، مضيفًا: "الدولة تنحاز لصبغة رجال الأعمال على حساب الشعب، وكل المؤشرات تدل على عودة لما قبل ثورة يناير. وتابع: "رجال أعمال مبارك يحاولون الاستفادة من موارد الدولة، ويعودون بكل قوة من أجل القضاء على ثورة يناير التي راح ضحيتها المئات من الشهداء والمصابين، ففي الوقت الذي تمتلئ فيه السجون والمقابر بالشهداء، تنهال أحكام البراءة على مبارك وأعوانه، بل وأيضًا يسترجعون ممتلكاتهم بدون أي عناء". وقال الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن "ما يحدث له دلالة واحدة "هي سقوط شرعية ثورة يناير"، موضحًا أن "عودة رجال مبارك ليست في البراءات فقط بل أيضًا في ظهور نجلي الرئيس المخلوع (علاء وجمال) في عزاء والدة مصطفى بكري بمسجد عمر مكرم". وأضاف "الترحيب الذي حظي به نجلا مبارك خلال العزاء يدل على أن أنصار النظام القديم مازال لهم تواجد قوي في المجتمع، ولهم دور نافذ في وسائل الإعلام، وهذا يدل على أن ما حدث في ثورة 25 يناير هي مجرد انتفاضة وليس ثورة لأنها لم تحقق مطالبها". وقال الدكتور فخري الفقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، إن الدولة ليست ضد أحد من رجال الأعمال، مضيفًا: "سواء قام ساويرس أو غيره بشراء الأرض المهم هو العائد المادي للبلاد"، في ظل أن "هناك بعض رجال الأعمال الذين يريدون استغلال ضعف الاقتصاد في ذلك الوقت للاستيلاء على الأراضي". ورأى أن "الحل الأفضل هو ضم أرض الحزب "الوطني" للمتحف المصري"، مشددًا على أن "استيلاء الحزب الوطني مرة أخرى للمبنى أمر مستحيل تمامًا، خاصة في الوقت الراهن وما تتعرض له البلاد من حالة تخبط سياسي، ستجعل الحكومة تحاول إرضاء الشعب بأي طريقة". وأبدى خالد إسماعيل، عضو المكتب السياسي لحركة شباب "6إبريل"، تخوفه من عودة فلول مبارك لتصدر المشهد، مشيرًا إلى أن ذلك يهدد الحياة السياسية ويعيد للأذهان مصر قبل 25 يناير، قائلاً: "نخشى أن تأتى مرحلة البرلمان بعد مرحلة التعويضات"- على حد قوله. وقال إن الحركة ستبدأ عمل وقفات للمواطنين في الشارع وتوزيع منشورات توعية بعودة الفول وخطورة التصدي للمشهد. وكشف عن أن القوى الثورية وحركة 6 إبريل ستنظم فعاليات "سرية" غير معلنة، لتوعية المواطنين وحثهم على عدم إهدار دماء شهدائهم، لافتًا إلى أن ما يفعلونه في الوقت الحالي يعد عودة لما كانوا عليه في 2007.