ممدوح حمزة: لم أر في حياتي أسوء من تلك الفكرة.. الفقي: لم يراع الأمن القومي.. عبدالحي: المشروع مصيره الفشل.. وفهمي: كارثة على مصر فيما يبدو انتفاضة ضد قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي بإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، ( التي تقع على بعد 45 كيلو من وسط القاهرة)، من خلال التوقيع على تفاهمات مع شركة "إعمار الإماراتية" لتنفيذ المشروع الذي ستصل الاستثمارات في المرحلة الأولى منه إلى 45مليار دولار، عبر خبراء عن اعتراضهم على المشروع وآثاره على الأمن القومي المصري. وبحسب الحكومة، فإن مشروع بناء العاصمة الإدارية الجديدة الذي سيتم تنفيذه على مساحة 1500 فدان يستغرق من 5إلى 7سنوات وهو بمثابة مركز جديد يضم أماكن (قصر الرئاسة والبرلمان والحكومة وحى دبلوماسي على أعلى مستوى). ويقول خبراء إن مدينة السادات، والقرية الذكية، ومدينة نصر، كانت طموحات لعاصمة إدارية لأنظمة رحلت، لكنها وأدت في مهدها وماتت بموت صاحب الفكرة، محذرين من مخاطر بناء عاصمة جديدة شرق القاهرة بطريق القاهرة - العين السخنة، على الأمن القومي المصري وعدم قدرة البلاد على تحمل فواتير الاستثمار هناك. المهندس ممدوح حمزة، الخبير الاستشاري المعروف هاجم مشروع العاصمة الجديدة، قائلا: "لا يحق للرئيس أو البرلمان أو الحكومة تغيير عاصمة البلاد ونقل مكانها في الوقت الذي يتخطى فيه عمر القاهرة أكثر من 1000 عام". وطالب ب "إجراء حوار مجتمعي أولا بعرض وجهات نظر الخبراء، ثم إجراء استفتاء شعبي بشأن نقل العاصمة من عدمه، وذلك خلال عام". وأضاف حمزة ل"المصريون": "لم أحزن على شيء في حياتي مثلما أنا حزين الآن، ولم أر فكرة أسوء من فكرة نقل العاصمة أو تغييرها من قبل". وأشار حمزة إلى أن 6دول فقط غيرت عاصمتها، وكلها دول ذات تاريخ محدود، ولم تكن تجاربها ناجحة، وتساءل: "أين رأي نقابة المهندسين، وجمعية المهندسين، ومنتدى الهندسة الاستشارية في العاصمة الجديدة؟". وتقول الحكومة المصرية إن فكرة إنشاء عاصمة إدارية جديدة، تضم أيضًا عشرات الأحياء السكنية، من شأنها تخفيف الضغط على "القاهرة التاريخية"، التي من المتوقع أن يتضاعف عدد سكانها إلى ما يقرب من 40 مليون نسمة، في غضون العقدين القادمين. ووقعت الحكومة المصرية على اتفاق مع شركة "إعمار" العقارية الإماراتية، على هامش مؤتمر "مصر المستقبل" الذي عقد الشهر الماضي، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، والشيخ محمد بن راشد المكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس الوزراء وحاكم دبي. ورغم أن المدة المحددة لتنفيذ المرحلة الأولى من مشروع "القاهرة ذا كابيتال"، أو "القاهرة العاصمة"، تمتد إلى عشر سنوات، فقد دعا السيسي إلى سرعة إنجاز المشروع، ووعد بتقديم كافة التسهيلات الممكنة للشركة الإماراتية للإسراع في تنفيذ المشروع في أقرب وقت ممكن. الدكتور فخري الفقي، الخبير الاقتصادي والمستشار السابق بصندوق النقد الدولي، قال إن مشروع تخطيط عاصمة إدارية جرى التفكير فيه منذ أيام الرئيس الأسبق أنور السادات، إلا أن الفكرة ماتت بموته. وأضاف الفقي، "العاصمة الإدارية أصبحت مطلبًا قوميًا، لأن القاهرة الكبرى أصبحت مكتظة بالسكان، وآن الأوان بانتقال جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية إلى عاصمة أخرى إدارية، ولتبقى القاهرة على ما عليه كعاصمة رسمية". لكنه عاب على اختيار الموقع الجديد للعاصمة "عدم وضع الأمن القومي في الحسبان لاقتراب العاصمة من محور قناة السويس وسيناء". وأشار إلى أن "الوضع الاقتصادي المتأزم حاليًا لا يسمح ببناء مدينة بهذا الحجم، لكن علينا أن نضع اللبنة الأولي لذلك، سواء عبر استثمارات عربية أو أجنبية، وهو ما يعني أن المشروع لن يكتمل قبل 10 سنوات من البداية فيه، وبصورة تدريجية، وبحسب قدرة الاقتصاد المصري على التعافي، وعوامل الجذب الاستثماري". الدكتور محمود عبدالحي، أستاذ الاقتصاد الدولي، والعميد السابق لمعهد التخطيط القومي، حذر من خطورة إقدام الحكومة على مشروع إقامة العاصمة الإدارية بطريق القاهرة - السويس في الوقت الحالي. وطالب بتأجيل مشروع نقل العاصمة الإدارية من القاهرة لطريق القاهرة - السويس 10 أو 20 سنة، حتى تتمكن الدولة من التقاط أنفاسها في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة حاليًا، مستنكرا قيام الحكومة بالتهرب من استحقاقاتها إلى أمور وصفها بالفاشلة. ورأى عبدالحي، أن المشروع مصيره الفشل كما فشلت حكومات سابقة في نقل العاصمة إلى أماكن أخرى، كان من بينها السادات بالمنوفية والعاشر من رمضان و6 أكتوبر ومدينة نصر، مشيرا إلى أن المنطقة المتوقع نقل العاصمة إليها – طريق القاهرةالسويس- تتميز بالازدحام، نظرا لقلة محاور الطرق الرئيسية المتجهة إليها من القاهرة. واعتبر موقع العاصمة الجديد المزمع نقله إليها غير مناسب للأمن القومي المصري نظرا لمحاصرته من أكثر من اتجاه بمعسكرات الجيش، وقربه من محور قناة السويس وسيناء. وأوضح أن الحكومة الإلكترونية لو جرى تطبيقها سيغني البلاد تكلفة بناء عاصمة إدارية جديدة. وتوقع عبدالحي، ارتفاع الديون والإنفاق السنوي والتضخم في حال تنفيذ المشروع، داعيًا إلى استغلال العقل البشري المحلي في اتخاذ قرارات مصيرية وذات صلة بالأمن والاقتصاد القوميين، دون التوجه للأجانب. الدكتور خالد فهمي، أستاذ ورئيس قسم التاريخ بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة، قال إن فكرة طرح مشروع العاصمة الجديدة "كارثة" على مصر. وتساءل فهمي: "هل أجرت الحكومة دراسة تقارن بين جدوى بناء عاصمة جديدة وجدوى صرف الأموال الطائلة للتصدي لمشكلة الصرف التي تهدد الدلتا برمتها، والتي رفعت من مستوى المياه الجوفية فيها، وزادت من ملوحة الأرض الزراعية وأضعفت إنتاجية الفدان؟". وأضاف: "ولنا أن نتخيل ما الذي يمكن أن يحدثه إنفاق هذا المبلغ الضخم، 500مليار جنيه، على تحسين مستوى المعيشة فيما تطلق عليه الحكومة لفظ "العشوائيات"، حيث يقطن أكثر من ثلثي سكان القاهرة.