عاصمة جديدة بمساحة 700 كم، وبتكلفة 45 مليار دولار، تلك كانت وعود دولة الإمارات لدعم الرئيس عبدالفتاح السيسي، في المؤتمر الاقتصادي المنعقد في شرم الشيخ، لكن وعود الإمارات وطموحات السيسي، اصطدمت بتوقعات الخبراء بفشل المشروع على الجوانب الأمنية والاقتصادية والاجتماعية. فمدينة السادات، والقرية الذكية، ومدينة نصر، كانت طموحات لعاصمة إدارية لأنظمة رحلت، مدينة السادات وئدت في مهدها وماتت بموت صاحب الفكرة، وكذلك القرية الذكية أصابها فساد حكومة نظام مبارك، ومدينة نصر انفجرت بمشاريع الجيش ومزارات الخليج. الخبراء من جانبهم، حذروا من مخاطر بناء عاصمة جديدة شرق القاهرة بطريق القاهرة - العين السخنة، على الأمن القومي المصري وعدم قدرة البلاد على تحمل فواتير الاستثمار هناك.
الأمن القومي الدكتور فخري الفقي، الخبير الاقتصادي والمستشار السابق بصندوق النقد الدولي، قال إن مشروع تخطيط عاصمة إدارية جرى التفكير فيه منذ أيام الرئيس الأسبق أنور السادات، إلا أن العاصمة الإدارية تلك ماتت بموت السادات. وأضاف الفقي، أن العاصمة الإدارية أصبحت مطلبًا قوميًا، لأن القاهرة الكبرى أصبحت مكتظة بالسكان، وآن الأوان بانتقال جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية إلى عاصمة أخرى إدارية، ولتبقى القاهرة على ما عليه كعاصمة رسمية. وتابع الفقي، ل"المصريون"، أن اختيار الموقع الجديد للعاصمة يعيبه عدم وضع الأمن القومي في الحسبان لاقتراب العاصمة من محور قناة السويس وسيناء. وأشار "الفقي" إلى أن الوضع الاقتصادي المتأزم حاليًا لا يسمح ببناء مدينة بهذا الحجم، لكن علينا أن نضع اللبنة الأولي لذلك، سواء عبر استثمارات عربية أو أجنبية، وهو ما يعني أن المشروع لن يكتمل قبل 10 سنوات من البداية فيه، وبصورة تدريجية، وبحسب قدرة الاقتصاد المصري على التعافي، وعوامل الجذب الاستثماري.
التأجيل لالتقاط الأنفاس الدكتور محمود عبدالحي، أستاذ الاقتصاد الدولي، والعميد السابق لمعهد التخطيط القومي، حذر من خطورة إقدام الحكومة على مشروع إقامة العاصمة الإدارية بطريق القاهرة - السويس في الوقت الحالي. وطالب عبد الحي، بتأجيل مشروع نقل العاصمة الإدارية من القاهرة لطريق القاهرة - السويس 10 أو 20 سنة، حتى تتمكن الدولة من التقاط أنفاسها في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة حاليًا، مستنكرًا قيام الحكومة بالتهرب من استحقاقاتها إلى أمور وصفها بالفاشلة. ورأى عبد الحي، أن المشروع مصيره الفشل كما فشلت حكومات سابقة في نقل العاصمة إلى أماكن أخرى، كان من بينها السادات بالمنوفية والعاشر من رمضان و6 أكتوبر ومدينة نصر، مشيرًا إلى أن المنطقة المتوقع نقل العاصمة إليها – طريق القاهرةالسويس- تتميز بالازدحام، نظرًا لقلة محاور الطرق الرئيسية المتجهة إليها من القاهرة. واعتبر موقع العاصمة الجديد المزمع نقله إليها غير مناسب للأمن القومي المصري نظرا لمحاصرته من أكثر من اتجاه بمعسكرات الجيش، وقربه من محور قناة السويس وسيناء. وأوضح أن الحكومة الإلكترونية لو جرى تطبيقها سيغني البلاد تكلفة بناء عاصمة إدارية جديدة. وتوقع عبد الحي، ارتفاع الديون والإنفاق السنوي والتضخم في حال تنفيذ المشروع، داعيًا إلى استغلال العقل البشري المحلي في اتخاذ قرارات مصيرية وذات صلة بالأمن والاقتصاد القوميين، دون التوجه للأجانب.
مشروع كارثي الدكتور خالد فهمي، أستاذ ورئيس قسم التاريخ بالجامعة الأمريكيةبالقاهرة، قال إن فكرة طرح مشروع العاصمة الجديدة "كارثة" على مصر. وتساءل في تدوينة على موقع "فيس بوك": "هل أجرت الحكومة دراسة تقارن بين جدوى بناء عاصمة جديدة وجدوى صرف الأموال الطائلة للتصدي لمشكلة الصرف التي تهدد الدلتا برمتها، والتي رفعت من مستوى المياه الجوفية فيها، وزادت من ملوحة الأرض الزراعية وأضعفت إنتاجية الفدان؟". وأضاف: "ولنا أن نتخيل ما الذي يمكن أن يحدثه إنفاق هذا المبلغ الضخم، 500 مليار جنيه، على تحسين مستوى المعيشة فيما تطلق عليه الحكومة لفظ "العشوائيات"، حيث يقطن أكثر من ثلثي سكان القاهرة.