وجه مفوض الأممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان، زيد رعد بن الحسين، انتقادات لأوضاع حقوق الانسان في 7 دول عربية، فيما أشاد بالنجاحات التي حققتها تونس في هذا المجال. وحذر بن الحسين في تقريره الدوري الذي قدمه للدورة ال 28 لمجلس الأممالمتحدة لحقوق الانسان، من دخول العالم إلى "نقطة تحول" بسبب ما يشهده من اضطرابات وانتهاكات لحقوق الانسان. وحث بن الحسين "حكومات العالم على ضرورة التشبث بمبادئ حقوق الإنسان الأساسية في مواجهة التطرف العنيف". وعن الأوضاع في سوريا قال المفوض الأممي، إن "التصرفات الانتقامية التي ترتكبها الحكومة السورية (حكومة نظام بشار الأسد) قد تحولت الآن إلى موجة من الاعتداءات بلا شفقة من قبل جميع الأطراف، وأصبح مجلس الأمن في مأزق بسبب التهديد باستخدام حق النقض ما جعل المجلس عاجزا عن التدخل وتغيير هذا المشهد من الدمار وسفك الدماء". وأضاف أن "الصراع السوري اسفر عن سقوط ما يزيد على 200 الف شخص، فضلا عن استمرار وقوع انتهاكات بشعة بصورة يومية ما أجبر الملايين على الفرار وحرمان الملايين من الشروط الأساسية للحياة الكريمة بما في ذلك الحق في التعليم والغذاء والرعاية الصحية والإسكان". واعتبر أن "الأحداث في سوريا تنعكس أيضا بشكل حاد وخطير على الدول المجاورة فضلا عن ان هذا الدمار هو العامل الرئيسي وراء صعود الفكر التكفيري". ومنذ منتصف مارس (2011)؛ تطالب المعارضة السورية بإنهاء أكثر من (44) عامًا من حكم عائلة الأسد، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة، غير أن النظام السوري اعتمد الخيار العسكري لوقف الاحتجاجات، ما دفع سوريا إلى دوامة من العنف، ومعارك دموية بين القوات النظام والمعارضة، لا تزال مستمرة حتى اليوم. وعن الأوضاع في العراق، قال بن الحسين إن الوضع في العراق "محصلة دكتاتورية وعقوبات واحتلال وسياسة طائفية، ولدت الآن عنفا شديدا وازدراء واسع النطاق لقيمة الحياة البشرية ". وأضاف أن "انتهاكات حقوق الإنسان تولد الاستياء المشروع وتضر بالتماسك الاجتماعي وتقوض القيم الأساسية للمجتمع الدولي". ومنذ 10 يونيو 2014، سيطر تنظيم "داعش" على مدينة الموصل مركز محافظة نينوى، شمالي العراق، قبل أن يوسع سيطرته على مساحات واسعة في شمال وغرب وشرق البلاد، وكذلك شمال وشرق سوريا، وأعلن في نفس الشهر، قيام ما أسماها "دولة الخلافة". وتعمل القوات العراقية وميليشيات موالية لها وقوات البيشمركة الكردية (جيش إقليم شمال العراق) على استعادة السيطرة على المناطق التي سيطر عليها "داعش"، وذلك بدعم جوي من التحالف الدولي، بقيادة الولاياتالمتحدة، الذي يشن غارات جوية على مواقع التنظيم منذ أكثر من 6 أشهر. كما وصف المسؤول الأممي الوضع في ليبيا بأنه "مقلق بشكل عميق"، بسبب غياب القانون، وظهور جماعات مسلحة بكثافة ارتكبت انتهاكات جسيمة، طالت أيضا المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين وبعض الأقليات. وتعاني ليبيا أزمة سياسية بين تيار محسوب على الليبراليين وآخر محسوب على الإسلاميين زادت حدته مؤخراً ما أفرز جناحين للسلطة في البلاد لكل منهما مؤسساته الأول: البرلمان المنعقد في مدينة طبرق (شرق)، والذي صدر في حقة مؤخرا قرارا ببطلان انتخابه من قبل المحكمة الدستورية العليا، وحكومة عبد الله الثني المنبثقة عنه. أما الجناح الثاني للسلطة، فيضم، المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق الذي استأنف عقد جلساته مؤخرا)، ومعه رئيس الحكومة عمر الحاسي، ورئيس أركان الجيش جاد الله العبيدي (الذي أقاله مجلس النواب). وأعرب المفوض السامي عن قلقه المتزايد من الآثار المرتبة من الأزمة في اليمن على حقوق الإنسان، وقال "تشير التقارير إلى أن جميع الأطراف قد تورطت في ارتكاب انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني مع الإفلات التام من العقاب". وأضاف أن "الأوضاع في اليمن التي تعاني من مشكلات عويصة مثل سوء التغذية ستترك دعايات عميقة على المدنيين فضلا عن ان الوضع المتفجر سيولد عواقب ذات تداعيات اقليمية دولية". وفي السادس من شهر فبراير الماضي، أعلنت "اللجنة الثورية"، التابعة لجماعة الحوثي، ما قالت إنه "إعلان دستوري" يقضي ب"حل البرلمان، وتشكيل مجلس وطني انتقالي، ومجلس رئاسي من خمسة أعضاء"، بهدف تنظيم الفترة الانتقالية التي حددتها اللجنة بعامين. وكان الرئيس اليمني وصل إلى عدن يوم 21 من شهر فبراير/شباط الماضي، بعد تمكنه من مغادرة منزله في صنعاء وكسر حالة الحصار التي فرضت عليه من قبل الحوثيين منذ استقالته يوم 22 يناير/كانون الثاني الماضي. وبعد ساعات من وصوله، أعلن هادي تمسكه بشرعيته رئيسا للبلاد، وقال إن "كل القرارات الصادرة منذ 21 سبتمبر/أيلول الماضي (تاريخ سيطرة الحوثيين على صنعاء) باطلة ولا شرعية لها"، فيما قال الحوثيون إن هادي "أصبح فاقداً للشرعية"، متوعدة كل من يتعامل معه بصفة رئيس دولة باعتباره "مطلوبا للعدالة". وحول الأوضاع في الصومال، اعتبر المفوض السامي أن انعدام الأمن في الصومال، يشكل تحديا". ويخوض الصومال حرباً منذ سنوات، ضد حركة "الشباب المجاهدين"، كما يعاني من حرب أهلية ودوامة من العنف الدموي منذ عام 1991، عندما تمت الإطاحة بالرئيس آنذاك محمد سياد بري تحت وطأة تمرد قبلي مسلح. وتأسست حركة "الشباب المجاهدين"، عام 2004، وهي حركة مسلحة تتبع فكرياً لتنظيم القاعدة، وتُتهم من عدة أطراف بالإرهاب، وتقول إنها تسعى إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في الصومال. وحول الأوضاع في مصر، انتقد المسؤول الأممي زيادة عدد الاعتقالات في مصر ضد المتظاهرين دون ترخيص قانوني، ومحاكمة العشرات من النشطاء السياسيين وحقوق الإنسان". وقال إن "أحكام الإعدام أو السجن المؤبد على أكثر من 100 شخص في جلسة واحدة في عمليات قد تنتهك الحق في محاكمة عادلة والإجراءات القانونية الواجبة". وأضاف أن "مصر تواجه بوضوح تهديد التطرف العنيف، وبخاصة في سيناء حيث لقي العشرات من الجنود والمدنيين المصريين حفتهم، ولكن تقييد حق الناس في حرية التعبير وتكوين الجمعيات هو أمر مقلق للغاية، ومن المرجح أن تأتي هذه التحركات بنتائج عكسية". وحث بن الحسين "الحكومة المصرية على الاعتراف بأن الطريق إلى الأمام لضمان السلام والاستقرار والازدهار لجميع المصريين هو عبارة عن حوار حقيقي مع جميع أصحاب المصلحة الوطنية"، معتبرا أن "المشاركة في الاحتجاج السلمي، أو انتقاد الحكومة، لا ينبغي أن يكون سببا للاعتقال والملاحقة القضائية". وأعرب عن أمله في "إحراز تقدم في هذه النقاط، بالتشاور الوثيق مع الحكومة المصرية، حيث وضعت المفوضية برنامج تدريب وبناء قدرات ومساعدة عملية". ومنذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في شهر يوليو/تموز 2013، تشهد البلاد مظاهرات لأنصار مرسي، الذين ألقى القبض على المئات منهم بتهم التظاهر بدون ترخيص أو ارتكاب أعمال عنف، كما شهدت البلاد عدة تفجيرات وأعمال "إرهابية" تتهم جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي لها مرسي بالمسؤولية عنها، وهو ما تنفيه الجماعة. من جانبه، أشاد المسؤول الأممي ب"التقدم المطرد في تونس في عدد من الجبهات الرئيسية مثل الانتخابات النزيهة والتحولات السلمية في السلطة وحل الخلافات من خلال المفاوضات وليس من خلال اللجوء إلى العنف واتخاذ خطوات مهمة لتعزيز حماية حقوق الإنسان وترسيخ سيادة القانون". وأضاف أن "تونس تخوض أيضا عملية حيوية للتصالح مع إرث الانتهاكات الماضية والفساد مع ضرورة القيام بالمزيد لتعزيز ثقة الناس في أنه لن يكون هناك انزلاق إلى الطرق القديمة". وشهدت تونس مؤخرا انتخابات برلمانية ورئاسية جاءت بالرئيس الباجي قايد السبسي إلى سدة الحكم وانتخاب 217 نائبا بمجلس نواب الشعب (البرلمان).