شهد اليوم الأول للمؤتمر الدولي ال24 للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية التابع للأزهر، والذي جاء تحت عنوان "عظمة الإسلام.. وأخطاء بعض المنتسبين إليه.. طريق التصحيح"، اليوم السبت، خلافا حول قضيتين أثيرتا خلال المؤتمر هما "الحوار مع داعش" و"فصل الدين عن السياسية". وحسب وكالة "الأناضول"، فإن الأزمة الأولى فجرها وليد محمود، مفتي فنلندا، عندما قال في كلمته إنه "لا يجوز الدعوة لتكفير شباب الجماعات التي تقوم بأعمال عنف قبل محاوراتهم"، ضاربًا المثال بشباب داعش، مضيفا: "إن الواجب محاورتهم قبل تكفيرهم". وأشار إلى أن "داعش" نشأت في العراق بعد عشر سنين من الاحتلال وانتهاك المساجد والحرمات والتهجير القصري، وخرجت في السوريا بسبب الظلم" وتابع: "على العلماء قيادة الحملة للتوعية والإرشاد والنصح لتعود الأمة الإسلامية أمة واحدة". حديث مفتي فلندا، دفع هايل عبد الحفيظ داود، وزير الأوقاف الأردني للاعتراض، قائلا إن "الانحراف الفكري يواجه بالفكر، لكن هذا الانحراف الفكري إذا وصل لحد استخدام القوة والقتل والحرق والنحر أصبح لا يعد يجدي فيه التوضيح الفكري، بل لابد أن يرافق ذلك القوة العسكرية". وتابع: "نحن مع فكرة الحوار مع الشباب المُضَلَل، ولكن مقاتلة داعش والجماعات المتطرفة المسلحة بات واجب شرعي لحماية الأمة". خلاف آخر، ظهر خلال كلمة لعضو مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر، عبد الله النجار، عندما قال إنه "لا سياسة في الدين"، قبل أن يضيف "يجب ألا يتخذ دين الله هزوا للوصول إلى المآرب السياسة، ولا نعمل في السياسة مستغلين الدين". ودلل على حديثه بالقول: "خلط الدين بالسياسة مخالف لشرع الله لأن المصالح العامة منوطة بالكفاية"، مضيفا: "نريد أن ننزه الدين من أن يُتخذ مطية للسياسة أو تتخذ السياسة للدين". وأختتم: "عبارة لا دين في السياسة صحيحة لأن السياسة متغيرة ودين الله غير متغير، فلا نتخذ الدين وسيلة للوصول للشهوات السياسية". وهو ما رد عليه نصر فريد واصل مفتي جمهورية مصر السابق وعضو هيئة كبار العلماء (أعلى هيئة علمية بالأزهر)، قائلا إن "الهجوم على الخلط بين الدين والسياسة أمر مرفوض، لأننا عندما ابتعدنا عن السياسة الشرعية ظهرت الجماعات المتطرفة". وأشار إلى أن "مقولة (لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين) ينطبق على السياسة الوضعية وليس السياسة الشرعية، فالسياسة الوضعية تتجه في أي اتجاه، وهي سياسة جعلت للإنسان أن يدمر ويخرب للمصلحة، بينما السياسة الشرعية هي المرتبطة بالدين، حيث أن الإسلام دين ودولة، وهي تستهدف السلام للعالم". وأضاف واصل أن "الإنسان يحتاج إلى دولة، والدولة تحتاج للسياسة الشرعية، حث وضع الإسلام لكل المور كافة المصطلحات بما يحقق الاستقرار بما يحقق تطبيق السياسة الشرعية". في سياق متصل، أعلن وزير الأوقاف، محمد مختار جمعة، في مؤتمر صحفي على هامش المؤتمر، أن الجلسة التشاورية التي قام بها مع رؤساء الوفود العربية والإسلامية المشاركة في المؤتمر أسفرت عن موافقة 6 دول على توحيد خطبة الجمعة مع مصر من بينها الأردنولبنان. وأوضح جمعة، أن هذه الموافقة تأتي بوحدة الهدف والمصير المشترك، على أن تتناول قضايا إسلامية عامة كالتسامح الإسلامي وفقه العيش المشترك، وحرمة الذبح والحرق والتنكيل بالبشر، وإتقان العمل سبيل الأمم المتحضرة ، وخطورة الإدمان والمخدرات على الفرد والمجتمع ، وهو ما لقي ترحيبا واستجابة واسعة. ولم يعط جمعة مزيدا من التفاصيل حول آلية توحيد الخطبة بين 6 دول إسلامية، تضم على أقل التقديرات عشرات الآلاف من المساجد. ولوحظ أثناء المؤتمر انسحاب عشر دول، دون إبداء أي أسباب، وهي: الإمارات العربية المتحدة، اليونان، اليمن، نيجيريا، لبنان، موريتانيا، المغرب، فلسطين، الشيشان وأوغندة. ولو يكن غياب ممثلي هذه الدول أبرز ما أثار التساؤلات حول المؤتمر، بل قاطعه الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أيضًا حيث أعلن أول أمس عن عدم مشاركته، وهو ما يعزز من التكهنات حول تصاعد خلافاته مع الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف. وكانت الفترة الماضية شهدت فتورًا في العلاقات بين الطيب ووزير الأوقاف، خاصة مع استبعاد الأخير من عضوية المكتب الفني للأزهر. وبرر الطيب، اعتذاره عن عدم حضور المؤتمر الذي يحضره ممثلون عن دول عربية وإسلامية بسبب تعرضه لنزلة برد شديدة عقب عودته من مشاركته بمؤتمر مكافحة الإرهاب بمكة المكرمة، وأدائه العمرة. وأناب الطيب الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، لحضور المؤتمر، وإلقاء كلمة الأزهر نيابة عنه. وكان المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، افتتح فعاليات المؤتمر صباح اليوم السبت، بحضور البابا تواضروس، والدكتور عباس شومان وكيل شيخ الأزهر.