الرئيس عبد الفتاح السيسي قال في خطابه الأخير تعقيبًا على عمليات "الخميس الأسود" في سيناء: "أنا مستعد اتقتل دفاعًا عن الشعب"! ومن قال للرئيس إن الشعب يطالبه بأن "يتقتل من أجله"؟!.. الشعب غاضب يا سيادة الرئيس، ليس لأنك على "قيد الحياة" أطال الله عمرك ولكن لمقتل جنودنا وضباطنا في سيناء.. الشعب يشعر ب"الإهانة" والإرهابيون يتنزهون بالسيارات المفخخة بين المقار الأمنية.. وفي عز حظر التجوال، ونحن في حالة استنفار وطوارئ.. ولسنا مستلقين باسترخاء تحت شجر الصفصاف. سيادة الرئيس بعد الشر عليك واجبك ليس أن تُقتل من أجل الشعب.. ولكن واجبك أن تحمي الشعب ومؤسساته وجيشه وشرطته من الإرهاب.. لا يطالبك شعبك بالكشف عن خططك الاستراتيجية، فهي بالتأكيد "سرية".. لم يكن ينتظر منك خطابًا حانيًا عن "نعشك" الذي حملته على كتفك فداء لشعب مصر.. ولكن كان يتوقع أن تأمر بالتحقيق: تحاكم وتقيل وتعفي المقصرين.. قبل أن يسمع عن الترقيات واستحداث مناصب جديدة. سيادة الرئيس.. تكاد عقولنا تنفجر من الحيرة، وتأخذنا الدهشة كل مأخذ.. لأن غياب الشفافية، وطي الملفات، أفضى إلى صوغ خطاب إعلامي فاشي وإجرامي، يطالب الرئيس بحرق سيناء ب"النبالم" بسكانها وبالأخضر واليابس.. وبقتل المتظاهرين.. والبعض نصح وزير الداخلية أن يكون "سفاحًا" مع المعارضة. عدم الإعلان عن نتائج سير التحقيقات في كل العمليات الإرهابية، أصل لخطاب إعلامي "إرهابي" لا يقل إرهابًا عن "ولاية سيناء" و"داعش".. بل يطالب بذبح المعارضة على طريقة أبي بكر البغدادي.. معتقدًا بأن المشكلة في أهل سيناء "حاضنة اللحى الكافرة" كما قال أحدهم يوم أمس 1/2/2015 في الزميلة "الوطن".. فيما يظل السؤال عن احتمالية وجود إهمال وتقصير جسيم من صناع السياسات الأمنية، مختفيًا خلف هذه المناحة والصخب الجنائزي المغالى فيه على الفضائيات وصحف التزلف إلى السلطة وحاملي مفاتيح خزائن البلد.. ولا يمكن بحال إعفاء المتزلفين من الإعلاميين والصحفيين ومنتحلي صفة "خبير استراتيجي" من مسؤولية التواطؤ والتستر على النصف الآخر من الحقيقة المغيبة عن الرأي العام.. والتي يسدد أبناؤنا في سيناء فاتورتها دمًا وتضحيات كبيرة وجسيمة. يا سيادة الرئيس.. الاصطفاف الوطني خلف الجيش في حربه ضد الإرهاب.. مسألة مقطوع بها ولا تحتمل الجدل والمناقشة.. فلا يمكن أن يكون الإرهاب بديلاً عن الدولة ومؤسساتها، مهما اختلفنا وعارضنا طريقة إدارة السلطة للبلد وانتهاكاتها الأمنية والحقوقية.. ولا خيار آخر إلا أن ينتصر الجيش على هذا الإرهاب الأعمى.. وسيحدث إن شاء الله.. ولكن عمر هذا الاصطفاف وقدرته على الصمود سيظل رهن طريقة إدارة الرئيس لهذا الملف.. لأن طريقته الحالية وكما نراها أقل كثيرًا جدًا من المتوقع ومما يأمله الشعب منه.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.