قررت محكمة جنايات القاهرة استدعاء المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والفريق سامي عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة، واللواء منصور عيسوي وزير الداخلية، وسلفه اللواء محمود وجدي، واللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق في جلسات سرية للإدلاء بأقوالهم في القضية المتهم فيها الرئيس السابق حسني مبارك ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وستة من كبار معاونيه ومساعديه السابقين بتهم التحريض على قتل المتظاهرين السلميين إبان ثورة 25 يناير. وقررت المحكمة في ختام جلستها التي عقدت الأربعاء، استئناف محاكمة المتهمين الخميس، حيث من المقرر أن تستمع اليوم لاثنين من شهود الإثبات في القضية، بعد أن استمعت أمس لثلاثة شهود بينهم نقيب شرطة وجهت له النيابة تهمة الشهادة الزور، بسبب تناقض شهادته أمام المحكمة عن تلك التي أدلى بها أمام النيابة، وعندما لفت المستشار مصطفى سليمان انتباهه بذلك وخيره بين الشهادتين اختار الثبات على شهادته أمام المحكمة التي أكد فيها أن هناك أوامر صدرت لهم بعدم حمل السلاح الشخصي خلال التظاهرات، وقد أمرت المحكمة بالتحفظ عليه وسط صيحات من المحامين المدعين بالحق المدني من ذوي الشهداء الذين قتلوا خلال ثورة 25 يناير، لكنها برأته وأمرت بالإفراج عنه. وستعقد المحكمة جلساتها بشكل يومي اعتبارًا من يوم الأحد وحتى الخميس القادمين، بعد أن حددت جلسة الأحد لاستدعاء المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة لمناقشته حول معلوماته حول القضية وجلسة الاثنين القادم لاستدعاء الفريق سامى عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة وعضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وجلسة الثلاثاء القادم لاستدعاء اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق لمناقشته أيضًا، وجلسة الأربعاء القادم لاستدعاء اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية، وجلسة الخميس القادم لاستدعاء اللواء محمود وجدي وزير الداخلية السابق لسماع أقواله ومناقشته. وكلفت المحكمة النائب العام المستشار عبد المجيد محمود اتخاذ اإاجراءات القانونية اللازمة لإعلان هؤلاء الشهود لحضور الجلسات، وجعل تلك الجلسات من 11 وحتى 15 سبتمبر الحالى "سرية" سيقتصر الحضور فيها على هيئة الدفاع عن المدعين بالحق المدني والمتهمين ودفاعهم، وحظر النشر في وسائل الإعلام لتلك الجلسات كافة. واستمعت هيئة المحكمة في جلسة الأربعاء برئاسة المستشار أحمد رفعت إلى أقوال شهود الاثبات فى القضية، وأكد الشاهد عبد الحليم إبراهيم أبو اليزيد رقيب سلاح الأمن المركزي بقطاع البساتين أن تسليح قوات الأمن المركزي وتشكيلاتها في يومي 26 و27 يناير الماضي جاء فى ضوء التسليح المعتاد لتشكيلات الأمن المركزي والذى تضمن الدروع والهروات والخوذ وقنابل الغاز المسيل للدموع وأسلحة الإطلاق والذخيرة الخرطوش والطلقات المطاطية. وأضاف الشاهد أنه في مساء 27 يناير صدرت تعليمات جديدة بإعادة تسليح تشكيلات الأمن المركزي بطلقات دفع وأسلحة خرطوش وأن ذلك مثبت بدفاتر الأحوال الخاصة بالقطاع. ونفى علمه ما إذا كانت هذه الأسلحة والذخائر كان تم استخدامها من قبل القوات والتشيكلات، مشيرا إلى أن عمله يقتصر فقط على غرفة السلاح وتسليم الأسلحة والذخائر للقوات بموجب الأوامر الصادرة إليه من القيادات. وأكد أن الأسلحة النارية الآلية لاتستخدم نهائيا ضمن عمل التشكيلات التى تقوم على فض المظاهرات وأن هناك تعلميات صارمة في هذا الشأن. وقال الشاهد إن كافة الذخائر التى كانت بحوذة تشكيلات الأمن المركزي في 28 يناير الماضى كانت تقتصر على الطلقات الدافعة والتى يتم استخدامها من خلال بنادق الخرطوش، مشيرا إلى أن نفس السلاح الذي يستخدم في إطلاق الأعيرة الخرطوش والمطاطية هو ذاته الذى يستخدم فى الطلقات الدافعة. وذكر أنه تم استهلاك عدد 64 طلقة آلية لذخيرة حية في 28 يناير وذلك داخل نطاق قطاع الأمن المركزى بالبساتين، موضحا أن تلك الطلقات تم استخدامها فى الهواء لإبعاد بعض الأشخاص والتجمعات التى كانت ستقدم على اقتحام قطاع الأمن المركزى بالبساتين وأنه لم يتم إطلاق تلك الأعيرة صوب المهاجمين. من جانبه، قال الشاهد طارق عبد المنعم عبدالحكيم ضابط سابق إنه أصيب في "جمعة الغضب" في 28 يناير أثناء مشاركته في التظاهرات التى انطلقت من ميدان مصطفى محمود، وإن سبب الإصابة هي كرات صغيرة تستخدم في إطلاق الخرطوش. وأضاف أن أحد معارفه ممن كانوا إلى جواره أثناء السير في المظاهرة التي انطلقت من مصطفى محمود ووصلت إلى كوبرى قصر النيل بعد صلاة العصر في ذات اليوم وأن هذا الشخص ويدعى مصطفى الصاوى توفي لاحقا جراء الإصابة، وأشار إلى أنه لا يستطيع تحديدا توصيف طبيعة الإصابة التي أدت إلى وفاته لكنه شهد دماء كثيفة على وجهه عندما أصيب. وقال إنه رأى قوات شرطة كثيفة في مواجهة المتظاهرين غير أنه لايستطيع تحديدها على وجه الدقة، موضحا أنه تمكن من رؤية بعض معدات التسليح في أيدى قوات وتشكيلات الأمن المركزى، وأضاف أن تلك المعدات انطوت على دروع وهروات وأسلحة وبنادق خرطوش تستخدم طلقات من أعيرة مختلفة ما بين الطلقات الدافعة أو المطاطية أو الخرطوش العادي. أكد الضابط السابق في شهادت أنه يستحيل أن تخرج عن الأسلحة التى رآها وشاهدها مع قوات وتشكيلات الأمن المركزي أعيرة نارية آلية حية، موضحا أن الأسلحة بحوذة قوات الأمن المركزى لم تكن مما يستخدم فيها الطلقات الحية. ونفى أن يكون قد شهد أى تجمعات أو أشخاص تطلق الأعيرة النارية صوب المتظاهرين، مؤكدا أن الجهة الوحيدة التى كانت تستخدم السلاح هي قوات الأمن المركزي. وذكر أن إصابات طلقات الخرطوش قد تتسبب في فتحات وثغرات في جسد المصاب حال إطلاقها من مسافات قريبة بينما تتسبب الطلقات المطاطية فى آلام لمن يصاب بها، منوها بأن إمكانية حدوث الوفاة فى حالة الإصابة بأي من تلك الطلقات مرجعه موضع الإصابة وما إذا كانت فى موضع قاتل من الجسد. وكان مدّعون بالحق المدني قد طالبوا محكمة جنايات شمال القاهرة التي تواصل الاستماع لشهود الإثبات في قضية قتل المتظاهرين أثناء ثورة 25 يناير بإعادة التحقيق فى القضية من البداية وإضافة جريمة الخيانة العظمى إلى لائحة الاتهامات المسندة إلى الرئيس السابق حسني مبارك. كما طالبوا شهادة المشير محمد حسين طنطاوي واللواء سامي عنان وسوزان ثابت وعمر سليمان، وطالبوا أيضًا بضم قضية تصدير الغاز الى الدائرة التي تنظر القضية في 15 سبتمبر الجاري، فضلا عن ضبط وإحضار كافة الضباط الذين وردت أسماؤهم فى دفاتر الأحوال الخاصة بالأمن المركزى وأقسام الشرطة باعتبارهم شاركوا في قتل المتظاهرين بصورة أو بأخرى، وأيضًا ضبط وإحضار كافة الأسلحة المشار اليها بتلك الدفاتر وعرضها على مصلحة الطب الشرعى لبيان ما إذا كانت استخدمت فى قتل الثوار من عدمه. كما طلبوا ضم القضية التى يُحاكم فيها مبارك وبقية المتهمين الى القضية المتعلقة بصفقة تصدير الغاز إلى إسرائيل والتى يحاكم فيها سامح فهمى وزير البترول الأسبق وآخرون من مساعديه وما شاب تلك الصفقة من فساد وإضرار بالمال العام والتى تباشرها دائرة مغايرة من دوائر محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار بشير عبدالعال فى ضوء أن أدلة ثبوت القضيتين متشابهة وتكاد تكون واحدة. كما طلب المحامون المدعون بالحقوق المدنية استدعاء وزير الصحة الأسبق حاتم الجبلى لمناقشته والتحقيق معه فى ضوء ما ذكره الشاهد الأول فى القضية اللواء حسين سعيد موسى رئيس جهاز الاتصالات بإدارة الأمن المركزى والذى أورد فى شهادته أن سيارات إسعاف إبان أحداث الثورة كانت تقوم بنقل الأسلحة والذخيرة الى تشكيلات الأمن المركزى وضباط الشرطة أمام وزارة الداخلية وتسليح الضباط لمواجهة المتظاهرين. كما طالبوا بإعادة التحقيق فى القضية من البداية وإضافة جريمة الخيانة العظمى الى لائحة الاتهامات المسندة الى مبارك. ودافع المحامون بعدم جواز حضور المحامين الكويتيين المنضمين الى هيئة الدفاع عن مبارك فى ضوء مخالفة مثولهم أمام محكمة الجنايات لما نص عليه قانون المحاماة الذى اشترط أن يعامل بالمثل بالنسبة للمحامين المصريين فى الدول الأجنبية. يأتى هذا فى الوقت الذى اتهم فيه أحد المحامين مبارك بإخفاء مبلغ 620 مليار دولار فى البنوك الأجنبية خارج البلاد، مؤكدا أنه يمتلك مستندات رسمية تدل على صحة أقواله، كما أكد أن هناك مستندات بحوزته عن جهاز المخابرات الأمريكية مؤرخة فى 23 يناير تشير الى أن مبارك أصدر أوامر صريحة وواضحة بتفريق تجمعات المتظاهرين بإطلاق الذخيرة الحية عليهم.. وقال أيضًا إن مبارك إبان توليه منصب نائب رئيس الجمهورية تعامل وتربح من صفقات توريد السلاح الى سوريا، وإن الرئيس الراحل أنور السادات عندما علم بذلك الأمر أعد قرارا بإقالته من منصب نائب رئيس الجمهورية وإقصائه عن العمل السياسى. كما طالب محامون آخرون باستدعاء الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء لمناقشته عن معلوماته بثروات الرئيس السابق حسنى مبارك فى البنوك السويسرية، موضحين أن هذا الطلب يأتى فى ضوء أن الدكتور شرف هو الذى يباشر بنفسه المفاوضات مع سويسرا لاسترداد أموال آل مبارك منها. وطالبوا بضم تسجيلات لوزارة الخارجية الأمريكية فى شأن عملية قتل المتظاهرين إبان الثورة، مشيرين الى أن تلك التسجيلات توضح بجلاء أن مبارك أمر صراحة بفض المظاهرات المناوئة له بالأعيرة النارية الحية. وطالب المحامون المدعون بالحقوق المدنية باستدعاء اللواء محسن الفنجرى مساعد وزير الدفاع عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة لسماع أقواله ومناقشته فى شأن التصريحات التى سبق وأن أدلى بها فى التليفزيون "بأن الجيش لو كان قد نفذ ما طلب منه لما كانت هناك ثورة.."؛ مطالبين بمعرفة مدلول هذه العبارة وما إذا كان قد طلب من القوات المسلحة إجهاض الثورة بقوة السلاح من عدمه. كما طالب المحامون بضم نسخة من التحقيقات التى تجرى مع مبارك فى قضايا التربح والفساد المالى وتصدير الغاز المصرى الى إسرائيل وضم جميع المتهمين فيها الى قضية واحدة بعد التحقيق معهم من جانب النيابة. كانت جلسة المحاكمة الثالثىة شهدت قيام أحد المحامين بسب الرئيس السابق خلال الجلسة مما تسبب في انسحاب عدد من هيئة المدعين بالحق المدني علي رأسهم سامح عاشور ومحمد الدماطي وعبدالمنعم عبد المقصود وخالد أبوبكر؛ وذلك اعتراضًا على ما بدر منه لكنهم عادوا مرة أخرى. وقال المستشار أحمد رفعت إن ما شهدته المحكمة على مدى ساعة ونصف الساعة يفوق طاقة أى بشر، وإن دائرة محكمة الجنايات التى يترأسها لم يمر عليها مثل الذى جرى خلال جلسة الأربعاء، مؤكدا أن ما جرى من اشتباكات ومشاحنات وطلبات غير معقولة لا تقبله المحكمة بأية صورة من الصور.. وأن ما حدث لا يليق بمهنة المحاماة على الإطلاق. وقد تم رفع الجلسة للمداولة ثلاث مرات، وكانت المرة الأخيرة بناءً على طلب المحامين لتنظيم أنفسهم نظراً للفوضى العارمة التى سادت القاعة، بعد استماع المحكمة لأقوال الشاهدين السادس والسابع.