فشل رهان الدولة على أن الشريط الحدودي في رفح هو المصدر الرئيس للهجمات التهديد الأكبر قادم من قبائل وسط سيناء التي تسيء الدولة التعامل معها منذ تفجيرات شرم الشيخ في 2008 التنظيم يروج لصكوك دخول الجنة للانتحاريين بكتيب «البشرى المهدية لمنفذي العمليات الاستشهادية»
أعادت سلسلة الهجمات التي شهدتها شمال سيناء ليل الخميس الماضي، واستهدفت مقار أمنية وعسكرية بمدينة العريش، وأسفرت عن مقتل مالايقل عن 30شخصًا، وإصابة نحو 45 آخرين، وأعلنت جماعة "ولاية سيناء" التي كانت تعرف في السابق باسم "أنصار بيت المقدس" مسؤوليتها عنها، الأوضاع في مصر للمربع الأول، ومعها جماعات العنف في سيناء إلى صدارة المشهد بعد أشهر من الحديث عن انتزاع زمام المبادرة منها وتلقيها الضربات تلو الأخرى من قبل قوات الجيش والشرطة، مما اعتبر اقترابًا لنهاية العمليات العسكرية الجارية في سيناء منذ شهور. وشكلت تلك الهجمات تطورًا جديدًا في أساليب المواجهة بين المسلحين وقوات الجيش والشرطة في سيناء، في ظل تحذيرات من احتمالات تكرارها العمليات خلال المرحلة القادمة، وبالتحديد قبل حلول الذكرى الرابعة لتنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك؛ الذي يوافق 11فبراير الجاري، بحسب محللين استطلعت "المصريون" آراءهم. ورجح اللواء محمود منصور، الخبير الاستراتيجي، استمرار ما وصفهم ب "حلفاء الإخوان في القيام بمثل هذه العمليات النوعية خلال المرحلة القادمة"، رابطًا بين العمليات الأخيرة في سيناء وزيارة وفد من جماعة "الإخوان المسلمين" إلى الولاياتالمتحدة وطلبها من واشنطن التدخل للضغط على الدولة للقبول بالمصالحة. وأشار منصور إلى أن "جماعة الإخوان لن تألوا جهدًا هي وحلفاؤها في القيام بعمليات من هذا الوزن بل وتصعيدها خلال المرحلة القادمة، والعمل على توظيف الخسائر لابتزاز الدولة، رغبة في دمج الجماعة في المشهد السياسي، رغم الجرائم التي ارتكبتها ضد الدولة منذ الثالث من يوليو". وطالب منصور ب "إعلان الاستنفار العام في جميع وحدات الجيش، لأن هناك هجمات مرجحة كل لحظة من جانب قوى العنف ضد الجيش والشرطة"، داعيًا إلى "ضرورة الضرب بيد من حديد ضد هذه القوات لقطع الطريق عليها لشن هجمات ضد الجيش والشرطة وتوظيفها لابتزاز الدولة". وقال اللواء مختار قنديل، الخبير العسكري، إن "ما حدث في سيناء هو محاولة من الجماعات الإرهابية لإزعاج الدولة المصرية، لكن على قوات الجيش والشرطة دراسة ما يمكن عمله لردع تلك التنظيمات الإرهابية بشكل قوي وسريع". وأضاف "الجماعات المسلحة تستهدف الشرطة والجيش والإعلام والشعب المصري بأكمله"، موضحًا أن "تلك الجماعات ما زالت تعتمد على الأنفاق التي ما زال بعضها موجودة حتى الآن ولم يتم القضاء عليها بأكملها". وأشار إلى أن "الأمر في سيناء لا يتطلب رحمة مع تلك الجماعات الإرهابية، ولابد من مواجهة هذه الجماعات بحسم وبقوة حتى لا تتكرر مثل هذه الأفعال الإرهابية مرة أخرى، والتي يقوم بها أناس يكرهون المصريين". من جانبه، رجح نبيل نعيم، القيادي الجهادي السابق، تصعيد جماعة "ولاية سيناء" (أنصار بيت المقدس) سابقًا و"الإخوان المسلمين" للعمليات ضد الجيش والشرطة سواء في سيناء أو في المطرية وعين شمس وحلوان خلال المرحلة القادمة. ورأى أن "فشل جماعة الإخوان في الحشد لتظاهرات الذكرى الرابعة للثورة قد أسهم في لجوئها وأنصارها إلى استراتيجية السيارات المفخخة والهجمات الانتحارية كما حدث الخميس لإجبار السلطة على الاستجابة لمطالبها". وطالب أجهزة الأمن ب "تبني زمام المبادرة وتوجيه ضربات استباقية لهذه الجماعات وعدم انتظار تلقي الضربات ثم الرد عيها، لأن هذه الاستراتيجية تسبب في خسائر فادحة نحن في غنى عنها". وقال عمرو عبدالمنعم، الباحث في شؤون الإسلام السياسي، إن "هجمات سيناء تسعى لتوصيل عدة رسائل، منها أن جماعات العنف لن تتوقف عن هجماتها ضد الجيش والشرطة.، فضلاً على التأكيد على فشل رهان الدولة على أن الشريط الحدودي في رفح هو مَن يشكل العامل الأساسي في الهجمات ضدهما". وشدد على أن "التهديد الأكبر للقوات المصرية قادم من وسط سيناء، ومن جانب القبائل التي تتعامل معها أجهزة الدولة بشكل خاطئ منذ عملية شرم الشيخ الأولى عام 2008". واعتبر أن مبايعة "أنصار بيت المقدس لداعش أعطى نوعًا من الزخم لعملياتها في ظل ما تملكه من إمكانات تسليحية قوية ووجود نوع من التأصيل الشرعي للعمليات عكسه كتيب "البشرى المهدية لمنفذي العمليات الاستشهادية" التي روجت لأسلوب الانغماس والالتحام بالجسد فيمن يعتبرونه عدوًا ولتحقيق أكبر قدر من الخسائر في صفوفه وتجهيز مسرح العمليات للمهاجمين". وطالب عبدالمنعم، الدولة، ب "ضرورة المضي قدمًا في إجراءات المصالحة باعتبار أن نجاح الدولة في تحقيق الاستقرار سواء بالسياسة أو بالعنف أو دمجهما معًا هو مَن يحقق هيبة الدولة وليس انتظار الضربات والرد عليها". وأكد الدكتور طارق فهمي، الخبير السياسي، أن "توقيت العمليات الإرهابية في سيناء له دلالة قوية ومرتبطة بأحداث إحياء الذكرى الرابعة لثورة يناير وتعد رسالة قوية وموجهة لدول العالم في الداخل والخارج بأن الدولة المصرية غير آمنة وغير مستقرة". وأضاف فهمي أن "القائمين بهذه العمليات يوجهون إحراجًا لأجهزة الدولة ممثلة في قوات الشرطة والجيش بعدم قدرتهم على حماية المواطنين داخل سيناء". وفي رده على سؤال حول متى تتوقف العملات الإرهابية في سيناء، قال إنه "لا أحد يستطيع الإجابة عن السؤال، لكن من المؤكد أن الدولة سوف تنتصر في النهاية ولكن لحين هذا الشعار ستتكلف الدولة من التكاليف الأمنية والمجتمعية الكثير لحين القضاء على هذا الإرهاب بشكل كلي".