أقر المصريون الدستور في 18يناير 2014 بموافقة 98%من المقترعين، وتلقي نصوصه بعبء على مجلس النواب (البرلمان) القادم، إذ يتعين عليه إصدار قانونين في دورة انعقاده الأولى (ما لا يقل عن تسعة شهور). ما يتعين على المجلس المقبل مراجعة القوانين التي صدرت في عهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وسلفه عدلي منصور حتى انعقاد البرلمان. وفي الرابع من يوليو 2013، حل الرئيس المؤقت آنذاك، عدلي منصور، مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان)، في اليوم التالي للإطاحة بالرئيس الأسبق، محمد مرسي، في خطوة اعتبرها أنصاره "انقلابا عسكريا" ويراها رافضون له "ثورة شعبية". وفي غياب البرلمان، تولي منصور، وفقا للنصوص الدستورية، سلطة التشريع، ومن بعده السيسي، وكانت المحكمة الدستورية العليا قضت بحل مجلس الشعب (غرفة البرلمان الأولى) في يونيو 2012، بدعوى عدم دستورية القانون الذي أجريت بناء عليه انتخابات ذلك المجلس. ورصدت وكالة "الأناضول" خلال عام 2014 فقط صدور 65 قرار رئاسي بقانون، أبرزها القوانين المتعلقة براتب رئيس الجمهورية وشهادات تمويل قناة السويس و"التوك توك" (دراجة نارية ذات ثلاث عجلات). وفي مقدمة القوانين التي يلزم الدستور مجلس النواب بإصدارها في دورة انعقاده الأولى هو قانون لتنظيم بناء وترميم الكنائس. وتنص المادة 235 من الدستور، ضمن المواد المعروفة ب "المواد الانتقالية"، على أنه "يصدر مجلس النواب فى أول دور انعقاد له بعد العمل بهذا الدستور قانوناً لتنظيم بناء وترميم الكنائس، بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية"، بما يعني أن عام 2015 ربما سيشهد حلا لقضية بناء الكنائس التي ظلت لعقود بلا حل. وتسببت قضية بناء الكنائس أو ترميم القديم منها في كثير من حوادث الفتنة الطائفية بين مسلمين ومسيحيين، وفي عهد الرئيس الأسبق، حسني مبارك، كان هناك اتجاه لإصدار قانون موحد لدور العبادة، ينظم بناء المساجد والكنائس، ولكن مجمع البحوث الإسلامية (أعلى هيئة علمية بالأزهر) قالت آنذاك إنه لا حاجة لإصدار قانون موحد لدور العبادة؛ حيث يوجد بالفعل قانون ينظم بناء المساجد، والمطلوب فقط هو قانون مناظر ينظم بناء الكنائس. ولم يصدر في عهد مبارك قانون ينظم بناء الكنائس ولا قانون موحد لدور العبادة، غير أن العام 2015 قد يشهد بأمر الدستور صدور هذا القانون. وانتهت الكنائس المصرية من إعداد مسودة القانون من أجل إرساله إلى مجلس الوزراء، تمهيدا لعرضه على مجلس النواب في أول دورة انعقاد له. وقال البابا تواضروس الثانى، بابا الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، في تصريحات صحفية، إن "المسودة التي تم إعدادها للقانون ستتلافى أكثر من 50% من المشاكل الناتجة عن أحداث الفتنة الطائفية". ومن بناء الكنائس إلى المصالحة الوطنية، يلزم الدستور المصري مجلس النواب ببذل جهود في هذا الاتجاه عبر إصداره قانونا للعدالة الانتقالية. وتنص المادة 241 على أنه "يلتزم مجلس النواب فى أول دور انعقاد له بعد نفاذ هذا الدستور بإصدار قانون للعدالة الانتقالية يكفل كشف الحقيقة، والمحاسبة، واقتراح أطر المصالحة الوطنية، وتعويض الضحايا، وذلك وفقاً للمعايير الدولية". وتسود مصر انقسامات منذ أن أطاحت ثورة شعبية عام 2011 بالرئيس آنذاك محمد حسني مبارك، ثم اتسعت وتعمقت الانقسامات في المجتمع المصري مع الإطاحة عام 2013 بالرئيس حينها محمد مرسي إثر احتجاجات شعبية مناهضة له، وذلك في خطوة يعتبرها أنصاره انقلابا عسكريا ويراها رافضون له ثورة شعبية. ومنذ عام 2011 سقط في مصر مئات القتلى من المحتجين وعناصر الجيش والشرطة، وسط تبادل للاتهامات بين الفرقاء بالعنف والقمع. وفي سبتمبر الماضي، قال محمود فوزي، المتحدث باسم وزارة العدالة الانتقالية، لوكالة "الأناضول"، إنه "سيتم طرح مبادرة للمصالحة الوطنية في البلاد بعد صدور قانون العدالة الانتقالية من البرلمان المقبل"، "لأنه سيحدد المبادئ التي سيتم البناء عليها في هذا المجال" وإلى جانب قانوني العدالة الانتقالية وبناء الكنائس، حدد الدستور 15يومًا يتعين على البرلمان خلالها نظر القوانين التي أصدرها الرئيسان عبدالفتاح السيسي وسلفه عدلي منصور. وتنص المادة 156 من الدستور على أنه "إذا كان مجلس النواب غير قائم، يجوز لرئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين، على أن يتم عرضها ومناقشتها والموافقة عليها خلال خمسة عشر يوماً من انعقاد المجلس الجديد، فإذا لم تعرض وتناقش أو إذا عرضت ولم يقرها المجلس، زال بأثر رجعى ما كان لها من قوة القانون، دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها فى الفترة السابقة، أو تسوية ما ترتب عليها من آثار". وبحسب رصد لوكالة الأناضول فإن 30 تشريعا صدر خلال النصف الأول من عام 2014 في عهد الرئيس السابق المؤقت عدلي منصور (من يوليو/ تموز2013 إلى يونيو/ حزيران 2014)، بينما ال35 المتبقية صدرت في النصف الثاني من العام في عهد الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، الذي تولى الرئاسة يوم 8 يونيو/ حزيران 2014. ووفقا للمادة 156 من الدستور، ستصبح هذه القوانين في مقدمة أولويات مجلس النواب خلال 15 يوما من تاريخ انعقاد أول جلسة له. وانتخاب مجلس النواب هو الخطوة الثالثة المتبقية في خارطة الطريق التي أعلنت عقب الإطاحة بمرسي يوم 3 يوليو/ تموز 2013، وتضمنت أيضا إعداد دستور جديد للبلاد وانتخابات رئاسية. ومؤخرا، قال الرئيس المصري، في حوار مع رؤساء تحرير صحف مصرية، إن انتخابات مجلس النواب ستكون في شهر مارس/ آذار المقبل، فيما حددت اللجنة العليا للانتخابات الخميس المقبل موعدا للإعلان عن الجدول الزمني لإجراء الانتخابات. - Kahire