خلال زيارتها لمصر.. مايا مرسي تستقبل قرينة رئيس دولة البوسنة والهرسك    وزير التعليم ومحافظ القاهرة يفتتحان المعرض السنوي بمدارس التعليم الفني    على رأس وفد رسمي.. أمير الكويت يغادر بلاده متوجهًا لمصر | صور    مقتل خمسة أشخاص وإصابة العديد الآخرين جراء الفيضانات بولاية «جامو وكشمير»    ضبط عاطل بحوزته 3 كيلو هيروين وشابو بسوهاج    قوات الاحتلال تغلق مداخل المسجد الأقصى بعد واقعة استشهاد شاب في القدس    مدبولي: العلاقات الوثيقة بين مصر وبيلاروسيا تمتد في جميع المجالات    مجلس جامعة بني سويف يهنئ الإخوة الأقباط بمناسبة عيد القيامة المجيد    إحالة حرامي الهواتف بالموسكي للمحاكمة    مدير طب بيطري الأقصر يكشف استعدادات استقبال عيد الأضحى (صور)    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    أسعار السمك والمأكولات البحرية بسوق العبور اليوم الثلاثاء    مجلس الذهب العالمي: مشتريات المصريين من الذهب 13.2 طن بالربع الأول ل2024    بلينكن يتوجه للأردن لبحث سبل زيادة المساعدات إلى غزة    رئيس الوزراء الفلسطيني: لا دولة بدون قطاع غزة    مساعد وزير الخارجية الأسبق: الجهد المصري لا يتوقف لتهدئة الأوضاع في غزة    فالفيردي: جاهز لمواجهة بايرن ميونيخ    أخبار الأهلي : موقف وسام أبو علي وموقفه من مباراة الأهلي والإسماعيلي    "دمرها ومش عاجبه".. حسين لبيب يوجه رسالة نارية لمجلس مرتضى منصور    القيعي: يجب تعديل نظام المسابقات.. وعبارة "مصلحة المنتخب" حق يراد به أمور أخرى    عضو إدارة الأهلي: دوري الأبطال ليس هدفنا الوحيد.. ونفقد الكثير من قوتنا بدون جمهورنا    ملف الدولة بالكامل.. وكيل "زراعة الشيوخ" يطالب الحكومة بكشف خطتها لتمويل المزارع    جهاز مشروعات التنمية الشاملة ينظم احتفالية لحصاد حقول القمح المنزرعة بالأساليب الحديثة    تتزعمها سيدات.. مباحث الأموال العامة والجوازات تُسقط أخطر عصابات التزوير    ضبط 8 أطنان لحوم ودواجن وأسماك فاسدة بالمنوفية وتحرير 32 محضراً خلال شهر    أول بيان من «الداخلية» عن أكاذيب الإخوان بشأن «انتهاكات سجن القناطر»    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    وفد شركات السياحة المصرية بالسعودية يكشف تفاصيل الاستعداد لموسم الحج    طرح فيلم "أسود ملون" في السينمات السعودية .. الخميس المقبل    رئيس جامعة المنيا يفتتح معرض سوق الفن بكلية الفنون    مستشار زاهي حواس يكشف سبب عدم وجود أنبياء الله في الآثار المصرية حتى الآن (تفاصيل)    ساويرس يوجه رسالة مؤثرة ل أحمد السقا وكريم عبد العزيز عن الصديق الوفي    لحظة إشهار الناشط الأمريكي تايغ بيري إسلامه في مظاهرة لدعم غزة    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    كيف علقت "الصحة" على اعتراف "أسترازينيكا" بوجود أضرار مميتة للقاحها؟    عشان تعدي شم النسيم من غير تسمم.. كيف تفرق بين الأسماك الفاسدة والصالحة؟    "البيئة" تطلق المرحلة الثالثة من البرنامج الوطني لإدارة المخلفات الصلبة    رئيس جامعة بنها يفتتح معرض الزهور الأول احتفالا بأعياد الربيع    رئيس اللجنة العلمية لمكافحة كورنا يحسم الجدل بشأن حدوث جلطات بعد تلقي اللقاح    صندوق تكافل وكرامة.. مشروع قانون الضمان الاجتماعي والدعم    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    وزير التجارة والصناعة يرافق رئيس الوزراء البيلاروسي خلال تفقد الشركة الدولية للصناعات    أقدس أيام السنة.. كيف تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية بأسبوع آلام السيد المسيح؟    طلاب النقل الثانوى الأزهرى يؤدون امتحانات التفسير والفلسفة والأحياء اليوم    «الثقافة» تطلق النسخة السابعة من مسابقة «أنا المصري» للأغنية الوطنية    إمام: شعبية الأهلي والزمالك متساوية..ومحمد صلاح أسطورة مصر الوحيدة    ألقوه من فوق مبنى.. استشهاد فلسطيني على يد قوات الاحتلال في الضفة الغربية    اليوم.. "الصحفيين" تفتتح مركز التدريب بعد تطويره    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    خليل شمام: نهائى أفريقيا خارج التوقعات.. والأهلى لديه أفضلية صغيرة عن الترجى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوسفُ ينقذ مصرا(7).!!
نشر في المصريون يوم 17 - 08 - 2011

نستكمل معا هذه السلسلة الرمضانية "خارطة الطريق من يوسف الصديق" في استراحة من السياسة وصخبها في هذا الشهر الكريم,وحلقة اليوم بعنوان" يوسف ينقذ مصرا", فقد ساقت لنا السورة اربع رؤى : رؤيا خاصة بيوسف عليه السلام, ورؤيتين خاصتين برفيقين من رفاق السجن, ورؤيا رابعة تتعلق بالحاكم والأمة.
الأولي :[إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4)] ..
والثانية والثالثة : [وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ۖ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ۖ وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ۖ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36)]..
أما الرابعة : [وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ۖ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43)]..
وإذ نرى أن منها رؤيا عابرة منقطعة,هي رؤية حامل الخبز(الهالك),بينما الرؤى الأخرى كانت كل واحدة بمثابة معبر أو جسر للرؤيا التالية, فالرؤيا الأولي أسفرت عن حسد من إخوة يوسف عليه مما نجم عنه امتحانات وابتلاءات انتهت بيوسف عليه السلام الى السجن , ليتعرف على صاحب الرؤيا الثانية ( الناجي) , والذي سيسوق له الرؤيا الثالثة , وعن طريق تفسير الرؤيا الثالثة سيتحقق له بفضل الله التمكين والريادة .
وهكذا تبدو الحياة بما فيها من أحداث ومواقف,منها العابر, ومنها المرتبط بعضه ببعض,منها الوقتي (كرؤيا الهالك), ومنها المستمر, منها العاجل ومنها المؤجل ( إذ قام يوسف عليه السلام بالتأويل الفورى لكل الرؤي , بينما ترك الرؤيا الاستراتيجية حتى تحققت وهي الرؤيا الخاصة به ,إذ لم يقم بتأويلها , بل رأينا كيف أن الأحداث المتتالية وكأنها تؤدي اليها: [ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا].
وربما يعني ذلك , اهتمام الفرد والجماعة بالأهداف المرحلية وأهمية العمل المناسب لها,دون اغفال الأهداف الاستراتيجية والتي قد تتحقق تلقائيا كثمرة كلية بعد تحقق النتائج الجزئية أو المرحلية على الطريق.
لقد ارتبط تأويل تلك الرؤى جميعها بالمستقبل (على مستوي الفرد والجماعة),ودارت أحداث القصة كلها في سياقها – لندرك معها )أهمية التخطيط للمستقبل(, انطلاقا من فهم صحيح للواقع.
وقد رأينا أن يوسف عليه السلام قد صاغ للملك ملامح خطة عامة , لكن تلك الملامح العامة كانت تتطلب بعد ذلك خططا ووسائل وأهداف وتنفيذ ومتابعة , وهي تنبثق أولا من رؤية محددة , تنبثق منها استراتيجية وفق ظروف الواقع لادارة المرحلة, ووضع لها هدف كبير يصبو اليه, لا يقتصر فقط على عبور الأزمة عبورا آمنا, إنما يتعدى ذلك الى تحقيق الوفرة والرخاء.
إن يوسف عليه السلام لم يكتف بفك " شفرة رؤيا الملك" فقط, كما فعل مع رفيقي السجن, ربما لأن الأمور التي تتعلق بالأشخاص تختلف عن الأمور تتعلق بالأمة, فقد كان تأويل رمزية السبع بقرات السمان أنها سنوات سبع من الرخاء والوفرة,والبقرات الهزيلة كانت تعني سبع سنوات من القحط والجدب, وكذلك السنبلات الخضر واليابسات (الى هنا انتهت رؤيا الملك)..لكنه انطلق من التأويل الى وضع الحلول, والتي لم تتطرق لها الرؤيا, كما أن الرؤيا" لم يكن بها رمزبة" عن العام الخامس عشر, وهذا يعني أهمية أن يتجاوز القائد أو السياسي أو المصلح أو الاقتصادي تشخيص المشكلات انتقالا الى الحلول, وأن يكون هدفه الأكبر تحقيق الوفرة والرخاء, وليس فقط تجاوز أو ادارة الأزمات.
إننا لا نستطيع تأويل كما كان يفعل يوسف عليه السلام , لكننا يمكننا تتبع طريقته في التخطيط والتنفيذ, فيما لم تتضمنها الرؤيا, والتي بدت أنها كانت على النحو التالي :
1/ التحديد الدقيق للمشكلة: ( سبع سنوات من الرخاء يعقبها سبع سنوات من الجدب والقحط)
2/ دراسة الواقع :( دراسة الامكانات والموارد المتاحة والاستهلاك المتوقع , وامكانية اتساع القحط ليشمل البلدان المجاورة, وهو ما يتطلب استنفار خاص).
3/ دراسة البدائل الممكنة : اننا نظن أن يوسف عليه السلام قد نظر في البدائل المتاحة, فقد كان من الممكن, الاعتماد على " استيراد الحبوب من خارج مصر" وفقا لأنظمة المقايضة التي كانت سارية في ذلك الوقت, وكان من الممكن الاعتماد على زراعات بديلة, لكن الجدب ربما كان واسعا بحيث يشمل المناطق المجاورة لمصر, وهو ما حدث فعلا, إذ أتى سكان البلدان المجاورة يلتمسون من مصر قمحا لغذائهم, وايضا لم يكن من الممكن الاعتماد على الزراعات البديلة لظروف القحط والجدب .
4/ اختيار البديل المناسب : الاعتماد على الموارد الذاتية وتغظيمها بهمة ونشاط ( تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا) "– الادخار والتخزين المثالي ( فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ ) - ترشيد كبير لاستخدام الموارد ( إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ) - استغلال سنوات الرخاء لتكوين أرصدة مدخرة لسنوات القحط ( إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ).
5/ وضع خطط تفصيلية: فالخطة العامة ستتطلب خططا تفصيلية , تتطلب توفير صوامع لتخزين الغلال, وأماكنها واختيار الرجال القائمين عليها, واساليب التوزيع لضمان وصول الحبوب لمستحقيها دون جور أو اجحاف.
6/ التنفيذ الصارم لخطة التوزيع : محققا للعدالة الاجتماعية, وهكذا, ادار "الأزمة" بالامكانات المادية والبشرية المتاحة بكفاءة واقتدار, لم تعصم مصر فحسب من شر المجاعة بل عصمت المنطقة بأسرها, وفاض خير مصر على البلدان المجاورة بفضل الله أولا ثم بفضل التخطيط المنظم الدقيق والإدارة صاحبة الكفاءة والأمانة , فتحقق الخير والنفع .
7/ المتابعة الدقيقة : لقد رأينا كيف كان يشرف بنفسه أو من خلال اجهزته على حسن توزيع الحبوب على الناس حتى لمن قدموا من خارج مصر كما جرى في حواره مع إخوته
8/ التطلع الى الرخاء والوفرة : لقد كانت خطة يوسف عليه السلام (كما ذكرنا) تصبو لتحقيق الرخاء وليس فقط اجتياز الأزمة, إذ كانت رؤيا الملك تتعلق بسنوات الرخاء والتي يعقبها سنوات قحط, لكنه تحدث عن (عام) من الرخاء, يعقب تلك السنوات جميعها, ولم يكن لذلك العام "رمزية" في رؤيا الملك."ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49)".
. لندرك أن الحاكم أو المسئول أو القائد الذي يسوس أمر الناس لا يجب أن يضع نصب عينيه فقط أو يتقيد بالأزمات, لكنه عليه أن يتطلع بخطة ومناهج ورجال وسياسات الى تحقيق الرخاء والوفرة للناس..
وإذا كان ذلك يسري على مستوى الجماعة والدولة , فإنه يسري على مستوى الفرد, فكما جاء في سنن ابي داوود من كتاب الوصايا, من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص قال له: "أن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس".
وإذ يتطلع المرء على واقعنا المعاصر, ونحن نرى شبابا من أمتنا يعبرون البحار في مخاطر جمة سعيا لهجرة الى بلد أخر لعلهم يجدون فيه عملا ورزقا, ويقف بعضهم صفوفا متراصة أمام بعض السفارات أملا في الحصول على فرصة عمل أو تأشيرة دخول لبلد أخر هربا من واقع مظلم كئيب , ونرى معظم أنظمتنا وهي تستورد قمحنا وجل طعامنا , بل وسلاحنا , ونقارن ذلك بما عرفناه من قرآننا , حيث رأينا أهمية العمل المنظم المخطط له جيدا على مستوى الفرد والمجتمع , ورأينا أن إدارة العمل تتطلب علما وأمانة , ونتذكر يوما كانت فيه مصر مهوى الافئدة , وملاذ المحتاجين , وسلة الغلال , لندرك كيف كنا وكيف أصبحنا, نسأل الله سبحانه أن يوفق أمتنا لما فيه خيرها .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.