إذا صدمتك سيارة من الخلف وأنت تقود سيارتك ليلاً أو نهارًا في أي طريق فلا تتوقف وواصل السير إلى أقرب مكان آمن يمكنك التوقف فيه.. فلو توقفت وكان الاصطدام ناجمًا عن خطأ من سائق السيارة الأخرى فلن تحصل على شيء إلا ارتفاع الضغط والإهانة وربما اعتدى وتطاول عليك المخطئ أيضًا.. أما إذا كان الاصطدام متعمدًا، وهو ما يحدث هذه الأيام وخاصة في الشوارع شبه الخالية أو في ساعات الليل المتأخرة، فإن الذين اصطدموا بك سوف يهبطون من السيارة وسيسلبونك كل ما معك بما في ذلك سيارتك، وستكون محظوظًا إذا لم يعتدوا عليك أيضًا ويأخذوا من معك رهينة حتى يتسنى لهم الهرب كما فعلوا مع الدكتور عمرو حمزاوي أستاذ العلوم السياسية والممثلة بسمة حيث اعتدوا عليه بالصواعق الكهربائية وقاموا بشل حركته وأخذوا معهم الممثلة حيث ألقوها بعد ذلك في مكان بعيد..، في حادث ستظل بعض تفاصيله الدقيقة موضع تعليقات وتأويلات إلى فترة طويلة خاصة مع إنكار الدكتور حمزاوي من قبل لأي علاقة تربطه بالممثلة ونفيه ذلك نفيًا قاطعًا ثم تواجده معها قبل أيام قليلة في ساعة متأخرة من الليل وقالا أنهما كان في طريقهما لتناول السحور عندما تم إيقاف سيارة الممثلة والاستيلاء عليها.. وقد بتنا نسمع الآن قصصًا غريبة مرعبة عن حوادث البلطجة في الشارع وانعدام الأمان، ولم نعد في الحقيقة في حاجة لأن نسمع المزيد لأننا نرى بأنفسنا أن هناك حالة عامة من البلطجة تسود المجتمع بحيث لا يمكن أن نحصر البلطجية في أنهم مجموعة من محترفي الإجرام أو الخروج عن القانون، لأن البلطجة والانفلات أصبحا يمثلان الآن سلوكًا عامًا في المجتمع بحيث أصبحنا في حالة خوف دائم من أي حادث وأي اعتداء قد يحدث فجأة ولأي سبب. ويبدو أننا في طريقنا إذا ما استمر الانفلات الأمني قائمًا على هذا النحو إلى تشكيل لجان شعبية تتولى تطبيق القانون كما تراه ودون انتظار لتدخل الدولة وبما يمثل نهاية للدولة وسلطاتها وهيبتها ووجودها. ففي الحادث البشع الذي وقع في مدينة دسوق قبل عدة أيام والذي يحاول البعض تحميل الجماعات السلفية مسئوليته فإن المواطنين الذين ضاقوا ذرعًا بالإرهاب الذي يمارسه أحد البلطجية تجمعوا وتوجهوا إلى منزله ونفذوا القصاص بقطع يديه ورجليه وفصل رأسه عن جسده، واحتفلوا بذلك احتفالاً جماعيًا بنهاية البلطجي في حادث له مغزاه ومدلولاته ويعكس غيابًا كاملا للدولة والأمن وقناعات جديدة لدى المواطنين بأن عليهم أن يتحركوا بأنفسهم للخلاص من أي مجرم يروع أمنهم وينتهك حرماتهم وحياتهم. وهو سلوك مرفوض، وتطور في الحياة الاجتماعية المصرية ينذر بكوارث قادمة، لأنه يعني غيابًا كاملاً للعدالة ولأنه يمثل مواجهة البلطجة بالبلطجة، ولأنه يفتح الباب أمام كل الانتهاكات المحتملة لحقوق الإنسان وللمجتمع. ولكنه سلوك طبيعي في ظل استمرار ضعف الدولة وتراخيها في مواجهة التسيب والفوضى التي تبدو وكأنه تم التخطيط لها جيدًا لإفساد الثورة والقضاء عليها. فليس معقولاً أن كل أجهزة المحليات تقف موقفًا سلبيًا أمام إشغالات الطرق التي احتلت الأرصفة والشوارع، وليس مقبولاً أن كل إدارات المرور بكل محافظات مصر تلتزم الصمت أمام تجاوزات سائقي النقل والميكروباصات الذين أصبحوا يقودون سياراتهم الآن وهم يرتدون الملابس الداخلية في إشارة تحد ولامبالاة بالمجتمع وفي رسالة تحذير لكل من يحاول الاقتراب منهم بأنهم على استعداد للقتال والقتل أيضًا..!! والحديث يطول عن كل مجالات التسيب التي نراها في المجتمع الآن سواء في مخالفات البناء أو تحويل الأراضي الزراعية إلى مبان أو في عدم سداد الشيكات المستحقة أو في ارتفاع أسعار السلع الغذائية والغش المتزايد فيها، والأمثلة كثيرة والواقع أصبح مريرًا..، ولابد من الإسراع في خطوات تسليم السلطة وبناء الدولة الجديدة وإعادة هيبة الدولة، والتوقف عن محاولات الالتفاف على الشرعية وتعطيل الانتخابات، حتى لا نواصل خطوات الإنهيار وحتى نشعر أننا في أمان أولاً.. [email protected]