حملة لتوفير أجهزة كمبيوتر.. دعوات لتأهيل المدارس لتعليم التكنولوجيا | تفاصيل    تراجعت على العربات وبالمحال الصغيرة.. مساعٍ حكومية لخفض أسعار سندوتشات الفول والطعمية    وفقا لوزارة التخطيط.. «صيدلة كفر الشيخ» تحصد المركز الأول في التميز الإداري    الجيش الأوكراني: 96 اشتباكا قتاليا ضد القوات الروسية في يوم واحد    طائرات جيش الاحتلال تشن غارات جوية على بلدة الخيام في لبنان    3 ملايين دولار سددها الزمالك غرامات بقضايا.. عضو مجلس الإدارة يوضح|فيديو    كرة سلة - ال11 على التوالي.. الجندي يخطف ل الأهلي التأهل لنهائي الكأس أمام الجزيرة    المقاولون العرب يضمن بقاءه في الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية بعد فوزه على سموحة بثلاثية    تصريح مثير للجدل من نجم آرسنال عن ليفربول    السجن 15 سنة لسائق ضبط بحوزته 120 طربة حشيش في الإسكندرية    إصابة أب ونجله سقطا داخل بالوعة صرف صحي بالعياط    خناقة شوارع بين طلاب وبلطجية داخل مدرسة بالهرم في الجيزة |شاهد    برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز مع "صاحبة السعادة" تريند رقم واحد على يوتيوب    رئيس وزراء بيلاروسيا يزور متحف الحضارة وأهرامات الجيزة    بفستان سواريه.. زوجة ماجد المصري تستعرض جمالها بإطلالة أنيقة عبر إنستجرام|شاهد    ما حكم الكسب من بيع التدخين؟.. أزهري يجيب    الصحة: فائدة اللقاح ضد كورونا أعلى بكثير من مخاطره |فيديو    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    بديل اليمون في الصيف.. طريقة عمل عصير برتقال بالنعناع    سبب غياب طارق مصطفى عن مران البنك الأهلي قبل مواجهة الزمالك    شيحة: مصر قادرة على دفع الأطراف في غزة واسرائيل للوصول إلى هدنة    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    مسقط تستضيف الدورة 15 من مهرجان المسرح العربي    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    إسرائيل تهدد ب«احتلال مناطق واسعة» في جنوب لبنان    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    مقتل 6 أشخاص في هجوم على مسجد غربي أفغانستان    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المستشار دربالة: مكي سأل السيسي: هل تصح الصلاة بإمامين؟.. والزند أفشل مؤتمر مرسي
نشر في المصريون يوم 23 - 12 - 2014


نائب رئيس محكمة النقض في حوار ساخن مع «المصريون»:

*القضاء فى خطر يعنى أن الأمة فى خطر والثقة العامة فى القضاء وحيدته واستقلاله أعز ما تملك الأمة

*لا علاقة لى بحركة قضاة من أجل مصر والتحريات حول هذه القضية ملفقة بالكلية

*عضويتى فى التأسيسية تستند إلى قانون منشور فى الجريدة الرسمية وتنفيذه لا يتوقف على موافقة أى جهة والسوابق التاريخية تؤكد أن القضاة شاركوا فى وضع الدساتير المصرية منذ 1882 وحتى 2014، ودورى داخل التأسيسية يفضح إحالتى للصلاحية

*الجمعية العمومية لمحكمة النقض أضاعت فرصة تاريخية لتسوية أزمة محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى وهذا ما دار خلال لقاء مكى والسيسى

*مرسى تعهد بعدم إقرار أى قانون يمس استقلال القضاء وأخطاء المحيطين به وراء اشتعال أزمته مع القضاء

*الزند أفشل محاولات عقد مؤتمر العدالة وأضاع فرصة تاريخية لتوطيد استقلال القضاء ورفع الاحتقان بين القضاة والرئاسة

* أول المحرمات على القضاء أن يترك موقع الحكم بين الخصوم إلى موقع مساندة خصم فى مواجهة آخر

* كم خسر القضاء بالحكم على هشام قنديل بالحبس وكم كسب القضاء بتبرئة محكمة النقض له دون حتى إعادة محاكمته

*وزير الداخلية سألنى عن علاقة جنينة بالإخوان فرددت: كان دفعتك فى كلية الشرطة وأنت أدرى بذلك منا

* قلت لوزير الداخلية ومساعده للأمن الوطني: إذا كان يُلَفَّقُ لكبار رجال القضاء والدولة اتهامٌ كاذبٌ بموجب محضر تحريات مصطنع؛ فما هو الحال مع آحاد المواطنين ؟

المستشار محمد ناجى دربالة واحد من كبار رموز تيار استقلال القضاء فى مصر، وواحد ممن دافعوا عن محراب القضاء بشكل شرس بشكل آمن له ثقة القضاة الذين انتخبوه عضوا بالنادى منذ 1987الى حتى عام 2009ولكنه ورغم هذا التاريخ الطويل فى حصن العدالة يتعرض لحملة شرسة تمثلت فى إحالته فى قضيتين لمجلس الصلاحية سواء فيما يتعلق بقضية قضاة من أجل مصر أو عضوية الجمعية التأسيسية خلال حكم الرئيس المعزول محمد مرسي.
المستشار دربالة رفض خلال حواره مع "المصريون" جميع الاتهامات الموجهة سواء بالعلاقة بتأسيس قضاة من أجل مصر، مشددًا على اختلافه الجذرى مع جميع توجهات هذه المجموعة سواء ما يتعلق بخفض سن القضاة أو إقالة النائب العام أو غيرها من القضايا.
وانتقد دربالة بشدة الاتهامات الملفقة له فيما يتعلق بهذه القضية أو فيما يخص عدم حصوله على موافقة مجلس القضاء الأعلى قبل قبوله عضوية اللجنة التأسيسية رغم أن السوابق التاريخية ومشاركة رموز القضاء فى جميع لجان صياغة الدستور منذ 1923 حتي2014وعدم وجود نص يشترط موافقة مجلس القضاء الأعلى على هذه العضوية يجعل هذه الاتهامات والعدم سواء.
واعتبر دربالة خلال الحوار أن ثقة الرأى العام فى استقلال القضاء وحيدته وعدم دخوله طرفًا بين المتخاصمين هو أهم ما يملكه القضاء فإذا فقده فالقضاء فى خطر وإذا كان القضاء فى خطر فالأمة كلها فى خطر.
*تاريخيًا كان القضاء يتمتع بحالة ثقة لا متناهية من قبل الرأى العام لكن هناك شعورًا حاليًا بتراجع الخط البيانى لهذه الثقة فى ظل اتهامات للقضاء بالتحول إلى طرف فى الخصومة السياسية الجارية حاليًا.
**أخطر ما يتعرض له القضاء فى العالم هو تراجع الثقة العامة فيه من قبل المتقاضين وعموم المواطنين، فإذا توفرت هذه الثقة فإننا أصبح لدينا قضاء حقيقى مستقل قادر على أن يحمى الحقوق والحريات وأن يصون الأعراض ويرد المظالم ويلجأ إليه الناس كوسيلة أساسية ووحيدة لاسترداد حقوقهم. وهذه الثقة لا تتكون من يوم وليلة ولكنها تتكون على مدى عقود طوال يخضع فيها القضاء لاختبارات متتالية من قبل المواطنين أنفسهم حتى يطمئنوا أن القضاء لا يأخذه ميل أو هوى أو خشية أو يغريه ترغيب أو يثنيه ترهيب وأن يتيقنوا من حصانة القضاة وعدم خشيتهم من العزل وكذلك يطمئنوا إلى كفاءتهم العلمية والمهنية.
*لكن القضاء المصرى على مدار تاريخه خاض معارك شرسة خرج منها منتصرًا واستطاع اكتساب هذه الثقة ؟
**بالفعل وهو ما يؤدى الى سيادة نوع من الطمأنينة لدى عموم المواطنين بأنه قادر على مقاومة الضغوط ولديهم الكفاءة المهنية على إعطاء الحقوق لأصحابها و فى عام 1949 كان القضاء خارجًا لتوه منتصرًا من معركة كبيرة وقوية تتعلق باستقلاله وكفالة ضمانات لسلامة عمل القضاة وتحصينهم من العزل تتويجا للصيحة التى اطلقها عبدا لعزيز باشا فهمى شيخ القضاء ومؤسس محكمة النقض ليمتع القضاة المصرى بالحق الحصرى فى الحكم بمفردهم فى جميع القضايا الجارية فى جميع ربوع الوطن سواء اكان المتقاضون أجانب ام مصريين منهيا بذلك سنوات طويلة سيطرت المحاكم المختلطة على القضاء.
*تشير بذلك للمحاكم المختلطة والامتيازات الأجنبية التى قاومت الدولة بشدة للاحتفاظ خصوصًا فيما يتعلق بالقضاء ؟
*لم توافق الدول التى كانت تتمتع بامتيازات أجنبية على ذلك إلا بعد ان وضعت شروطا أولها ضرورة استقلال القضاء وابتعاده بالكلية عن تغول السلطة التنفيذية وأن يكون قادرا على الدفاع عن سلطانه واستقلاله ورد الحقوق وتم كل ذلك فى إطار اتفاقية "مونترو" فى العام 1937 التى قررت إلغاء المحاكم المختلطة سنة 1949 أى بعد 12 سنة من الاتفاقية وليصبح القضاء مصريًا خالصًا . ولعل الفترة الزمنية التى فصلت بين الاتفاقية وإلغاء المحاكم المختلطة كان المقصود منها هو أن تتأكد هذه الدول من أن القضاء المصرى قد استكمل مقومات استقلاله وأن نادى القضاة يقوم بدوره المأمول فى الدفاع عن ذلك الاستقلال حمايةً لمواطنيهم الأجانب أن يتحاكموا أو يمثلوا أمام قضاء يتمتع بالحيدة والنزاهة والاستقلال ومن ثم يضمن لهم تحقيق العدل.

*وماذا عن الشرط الثانى ؟
**تمثل فى ضرورة إنشاء كيان منتخب يدافع عن استقلال القضاء فكان إنشاء نادى القضاة المصرى عام 1939كمؤسسة قضائية يختار مجلسَ إدارتها القضاةُ أنفسُهم مهمتها هى الدفاع عن استقلال القضاء حتى تضمن ظهير شعبى من القضاة المختارين من قبل زملائهم لا بحكم مناصبهم وبالتالى يدينون بالولاء فى وجودهم لهم ويرعون استقلالهم ومصالحهم ولا يتعرضون لترغيب الحكومة وترهيبها، وعقب ذلك إقرار القانون رقم 66 لسنة 1943 وهو أول قانون لاستقلال القضاء الذى قرر مبدأ عدم قابلية القضاة للعزل وأنشأ مجلسًا للقضاء الأعلى به عنصرين منتخبين من محكمة استئناف مصر ومحكمة النقض والذى لو عاد للتطبيق حاليًا - مع بعض التعديلات- لتمت صيانة استقلال القضاء وتمتع بجميع شروط النزاهة والحكم بالعدل والشفافية.
*هل كانت معركة تمصير القضاء واستقلاله هى الوحيدة أم أن الاختبارات توالت للتأكيد على استقلال القضاء وكفاءة القضاة المصريين خصوصًا إذا دخل فى مواجهة مع السلطة التنفيذية؟
**توالت المعارك وهنا أتذكر صفحة من الصفحات الناصعة للقضاء المصرى تتمثل فى قضية مأمور مركز البدارى بأسيوط حيث كان المأمور يقوم باعتقال مواطنين ويقيدهم كما تقيد البهائم ويجبرهم على أن يتناولوا طعامهم فى مزاد الماشية وأن يلزمهم بأن يتسموا بأسماء النساء ويهتك أعراضهم بإدخال عصى فى أدبارهم فى حضور ذويهم وزوجاتهم؛ وهنا ثارت ثائرة اثنين منهم فصمما على قتله وقتلوه بالفعل وتم القبض عليهما وحكمت محكمة الجنايات على أحدهما وهو أحمد الجعيدى بالإعدام وهنا رفع الأمر لمحكمة النقض برئاسة مؤسسها وشيخ القضاة المستشار عبد العزيز باشا فهمى الذى ضمن حيثيات الحكم أنه وقد عجز القانون عن أن يمكنه من تخفيف عقوبة الإعدام فإنه يطالب الملك فؤاد الأول باستخدام صلاحياته الدستورية فى تخفيف الحكم إلى الأشغال الشاقة المؤبدة نظرًا لما أقدم عليه مأمور البدارى قِبَل المتهمين والذى وصفه فهمى بأنه إجرام فى إجرام بل وطالب السلطة التنفيذية بالكف عن استخدام سياسات غاشمة ضد رعاياها.
*وماذا كان رد فعل السلطة التنفيذية على مطالب شيخ القضاة ورئيس محكمة النقض ؟
**لقد حاول رئيس الوزراء ساعتها إسماعيل صدقى باشا الدفاع عن الحكومة وألقى بيانا فى البرلمان رفض فيه تخفيف الحكم والتدخل لدى الملك لطلب العفو واصفًا الجعيدى ورفيقه بأنهما مجرمان لابد من عقابهما وإلا ضاع الأمن ونغصوا على الناس معيشتهم.
ولكن وزير الحقانية ساعتها على ماهر باشا تبنى نفس وجهة نظر شيخ القضاة ووصف مسلك مأمور البدارى بأنه قمة الإجرام وطالب الحكومة بالتدخل لدى الملك للعفو عن المتهمين رغم أنه ممثل السلطة التنفيذية ولا شك هنا أن موقف رئيس محكمة النقض وتضامن وزير العدل قد عزز ثقة الرأى العام فى القضاء فى قدرته على الصمود ضد ضغوط السلطة التنفيذية لاسيما أن الملك قد استجاب لطلب تخفيف الحكم للمؤبد على الجعيدى الذى أفرج عنه بعد ذلك بمرور ثلثى المدة.

**غير أن ما ذهبت إليه يخالف الوضع الحالى من تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية وتماهى القضاء مع رغباتها لدرجة أنه تصدر أحكام لا يمكن قبولها وتجرى التبرئة فى قضايا تستوجب إدانة المتهمين فيها بأقصى العقوبات ؟
**قد يدور تساؤل للقارى حول أهمية هذا السرد ولكنى أترك الأمر لفطنته فبالأضداد تتعارف الأشياء فهناك واقعة أخرى تدلل على استقلال القضاء وكرست حقهم فى الإدلاء بمواقف يعبرون فيها عن رأيهم فيما يتعلق بهموم وقضايا وطنهم وهذه الواقعة حدثت فى عشرينيات القرن الماضى وبالتحديد عام 1921حيث تمت أحالة سلامة بك ميخائل المستشار بمحكمة استئناف مصر وأحمد بك خشبة لمجلس التأديب بعد إلقاء الأول خطابًا خلال حفل تكريم سعد باشا زغلول - زعيم المعارضة فى ذلك الوقت- أشاد فيه به ووصفه بأنه زعيم الأمة وهنا كان هناك موقف تاريخى لمجلس التأديب حين أكد أن الاثنين قد باشرا حقهما فى إبداء الرأى فى ظرف استثنائى يمر به الوطن بعد ثورة 1919 ويسمح لهما بالمشاركة فى النصح للأمة وأمرت برفض الدعوى وهو الموقف الذى بعث الطمأنينة فى صفوف القضاة بأنهم لن يعاقبوا على ما يدلون به من رأى واطمأن المواطنون أن قضاتهم محصنون لا يُعصَفُ ولا يخافون عزلاً من ولاية القضاء ومن ثم حازوا ثقة المواطنين وهو أغلى شرف للقضاة وأعز ما يملكون وإذا فقد القضاء ثقة المواطنين فَقَدَ أعز ما يملك.
*كأنك تشير إلى أن هذه الفترات الذهبية للقضاء تلتها انتكاسات فيما يتعلق باستقلال القضاء وتدخل السلطة التنفيذية في شؤونه؟
**بعد هذه السنوات الذهبية تعرض القضاء لهزات عنيفة بعد حركة 23يوليو 1952من حيث انتزاع سلطاته والتدخل في أعماله؛ حيث جرت في 14 أغسطس من نفس العام أي بعد 22 يومًا من نجاح الثورة، تشكيل محكمة من أعضاء مجلس قيادة الثورة لمحاكمة العاملين في مصنع كفر الدوار خميس والبقري وجري الحكم عليهما بالإعدام خلال عدة ساعات، وهذه الواقعة أول اغتصاب لسلطة القضاء، حيث جرت محاكمة المدنيين أمام محكمة غير مختصة وأصدرت قضاءً مدانًا تاريخيًا بل إن دماء خميس والبقري وهما من الشباب الذين دعموا الثورة في رقاب من أصدروا عليهم الحكم ثم تلا ذلك مذبحة القضاة في 1969 المعروفة للجميع.

*لكن إحالة الأمر لقضاء استثنائي ورغم ما شكله من افتئات على سلطة القضاء إلا أن ثوب القضاء العادي بقي نظيفًا؟
**لقد حرص مجلس قيادة الثورة على أن يبقي القضاء بعيدًا عن هذه القضية حتى لا يفقد الناس الثقة في القضاء، فضلا عن أن أحد أهداف المحاكمة السريعة غير العادلة هو إسكات الجميع وأن تخضع البلاد لسيطرة مجموعة الضباط غير أن هذا الاغتصاب لسلطة القضاء في القضية كان بداية لمسلسل التجاوزات الرسمية ضد القضاة التي استمرت طوال عهد عبدالناصر والسادات ومبارك إلى أن وصلنا للوضع الحالي؛ حيث ينظر قطاع كبير من المواطنين بل وقطاع من الرأي العام العالمي بكثير من الشك حول دور القضاء وموقفه من الذين يمثلون أمامه من المتهمين ودوره في محاولة هندسة الحياة السياسية وإعادة ترتيبها على نحو معين.
والخطر كل الخطر أن يفسر المواطنون تلك الأحكام باعتبارها انتصارًا لطرف على آخر، لأن ذلك ينال من الثقة العامة في القضاء نفسه، ونحن نقول هذا الكلام غيرة على استقلال القضاء كونه عزيزًا على قلوبنا ويفقد تراثًا عظيمًا من الاستقلال والحيدة بين المتقاضين تم تكريسه خلال عقود من الزمان وبتضحيات أجيال من القضاة دفعوا ثمنًا غاليًا لتكريس هذه الثقة العامة، خصوصًا أننا كنا جزءًا من صناعة هذا الاستقلال وتلك الثقة.
*تتحدث عن انهيار الخط البياني للثقة في القضاء حاليًا فهل لك أن تضرب لنا مثالاً مما يثير هذه الشبهات؟
* *يبدو هذا جليًا متمثلاً في حالة واحدة ساكتفي بها وهي الحكم على رئيس وزراء مصر الأسبق هشام قنديل بالحبس لمدة عام بتهمة عدم تنفيذ حكم قضائي - هو أصلا غير قابل للتنفيذ حسب فتوى مجلس الدولة- وعندما طُعِنَ على الحكم أمام محكمة النقض - بعد أن أمضي في الحبس عدة أشهر- قضت ببراءته لفرط وضوح الأسباب القانونية للبراءة حتى أنها لم تستخدم حقها في نقض القضية وإعادة محاكمته أمام دائرة أخرى، وإنني أتساءل: كم خسر القضاء بحبس هشام قنديل؟ وكم كسب القضاء بتبرئته التي وافقت الواقع والقانون؟
وأنا هنا لست سعيدًا بما تركه حكم الحبس في نفوس الناس وما وقر في أذهانهم بأن الحكم كان عقابًا للرجل عن توليه رئاسة الوزراء أثناء حكم الرئيس الأسبق د. محمد مرسي.
*بعد إلقاء الضوء على ما وصل إليه حال القضاء المصري نرجو إلقاء الضوء على قضية إحالتك إلى الصلاحية في قضيتين مثيرتين للجدل؟
**بالفعل أُحِلْتُ للصلاحية في قضيتين أولاهما ليس لي علاقة بها البتة وليس لدى تفسير لاتخاذ هذا الموقف إلا أنني مستهدف شخصيًا بل إن الاتهامات الموجهة لي ملفقة بنسبة 100% لا تحتوي علي أي دليل بل تستند فقط على تحريات ملفقة تتهمني بأنني دعوت لتأسيس حركة قضاة من أجل مصر في حين أنني لم أكن في مصر ساعتها بل كنت معارًا لدولة الإمارات طوال هذه الفترة بل إنني شاركت في اتخاذ مواقف ضد توجهات الحركة بل وأصدرت بيانات رافضة لدعمهم لعزل النائب العام وتخفيض سن إحالة القضاة للتقاعد والإعلان الدستوري وإقالة النائب العام وهو ما رفضناه جملة وتفصيلا.

*تبدو متيقنًا من عدم وجود علاقة لك بالحركة فلماذا إذن مَن اتهمك بالتورط في هذه القضية؟
**لقد قامت القضية برمتها على تحرياتٍ ملفقة ولا أساس لها من الصحة والتحريات كما نعلم لا يمكن أن تقيم دليلاً على الإدانة إذا كانت هي ما يُستَنَدُ اليه فقط حسب قاعدة ذهبية أرستها محكمة النقض هي أنها لا تعبر إلا عن عقيدة مجريها، فضلاً عن أن مَن قاموا بالإبلاغ عن حركة قضاة من أجل مصر سواء من بعض القضاة التعاونين مع مجلس إدارة النادي - ممن بيننا وبينهم تنافس انتخابي معلوم للكافة - أكدوا أنهم لم يطرحوا اسمي كمشارك في تأسيس هذه الحركة بل إن ضابط التحريات أكد في أقواله في التحقيقات أنه استقي معلوماته من بعض المواقع الإلكترونية والصحف اليومية وبعض القنوات الفضائية وهي وسائل لا يمكن اعتبارها مصدرًا للتحري.
*هل نقلت وجهة نظرك لأي من مسئولي الدولة خصوصًا حول تلفيق التحريات؟
**التقيت مع السيد وزير الداخلية ورئيس جهاز الأمن الوطني اللواء خالد ثروت، ونقلت إليهما الطابع التلفيقي للتحريات ضدنا ومخاوفي من أن تؤثر مثل هذه التحريات الملفقة على الثقة في جهاز الأمن الوطني وقدمت للواء خالد ثروت مذكرة ضمنتها كل الأدلة على تلفيق هذه الاتهامات وقلت له: إذا كانت التلفيقات تجري ضد كبار القضاة على هذا النحو فكيف الحال بالنسبة لعموم الناس؟
ووعدني بإعادة فحص التحريات ولكنَّ شيئًا لم يحدث بل قُدَّمَت تحريات أخرى في تحقيقات قضية البيان بها وقائع ملفقة أخرى أُورِدُ منها على سبيل المثال البليغ والمعبر أنها سايرت قاضي التحقيق الذي أرسل إليها أسماء من بينها أحد نواب رئيس محكمة النقض فأسندت له التحريات -كما أسندت لغيره من باقي مصدري البيان- أنه وقع على بيان الدفاع عن الشرعية الدستورية والمشروعية القانونية وأنه من القضاة المرتبطين بتنظيم الإخوان الإرهابي وعندما مثل أمام مجلس التأديب قرر أنه لا صلة له بالبيان وأنه كان في إعارة لدولة الإمارات العربية المتحدة حتى يوم 8/11/2014 كما أدليت أنا وزميلي المستشار محمود محيي الدين نائب رئيس محكمة النقض بأقوالنا أمام مجلس التأديب بأنه لا صلة له بالبيان وعندما قرر مجلس التأديب إجراء تحريات تكميلية عنه كانت المفاجأة أن جهاز الأمن الوطني قد كذَّبَ تحرياته الأولى وأرسل ما يفيد أن هذا القاضي لا صلة له بالبيان وبالتالي قرر مجلس التأديب رفض دعوى التأديب قبله وإلغاء قراره بالسير في الدعوى قبله وهذه صورة فاضحة لتلفيق الاتهام!

*ألم يتطرق الحديث مع وزير الداخلية لقضايا أخرى؟
*جري التطرق إلى علاقة المستشار هشام جنينة وعدد من القضاة بجماعة الإخوان وهو ما تم نفيه جملة وتفصيلاً بل بادرت وزير الداخلية بالقول بأن "المستشار جنينة كان زميلاً لك في كلية الشرطة وفي نفس الدفعة فهل تعرف عنه أنه إخواني؟ وأنت أدرى به مني بحكم العشرة والزمالة"، وأضفت له أن المستشار هشام جنينة هو قاضٍ يتصرف بعدل وحيدة القاضي في كل ما يتولاه من مسؤوليات وليس له أي انتماء سوى انتمائه للحق والعدل والإنصاف.

*لماذا تحرص على النأي بنفسك عن الانضمام للحركة رغم أنها تبنت عديدًا من المواقف التي تتسق مع أهداف تيار استقلال القضاء الذي تعد أحد رموزه؟
**كما قلت هذه اتهامات ملفقة لإيجاد علاقة بيني وبين الحركة، لاسيما أن كل أعضاء هذه الحركة كلهم أقل سنًا مني وفي مقام أبنائي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقبل كل من المستشارين أحمد مكي وأحمد سليمان والمستشار هشام جنينة، الانضواء في حركة يقودها شباب في عمر ابنائهم رغم كل الاحترام والتقدير لهم.

*لكن الاتهامات لم تقتصر على هذا حيث جرى اتهامك بقبولك عضوية الجمعية التأسيسية بدون الحصول على موافقة المجلس الأعلى للقضاء؟
*بالفعل جري اتهامي بأني كنت عضوًا في التأسيسية بدون موافقة المجلس الأعلى للقضاء باعتبار هذه التهمة تنال من كرامة القضاة وتخالف مقتضيات وظيفتهم وتمس استقلالهم وهذا أمر مخالف للقانون والدستور حيث لا يوجد نص في قانون السلطة القضائية يوجب موافقة مجلس القضاء الأعلى على عضوية الجمعية التأسيسية المكلفة بصياغة الدستور بل أن عضويتي في الجمعية التأسيسية تستند للقانون رقم 79 لسنة 2012 في شأن معايير الجمعية التأسيسية والذي نص في مادته السادسة على إلزام مؤسسات الدولة والقطاع العام والخاص بتفريغ العاملين بها من أعضاء الجمعية التأسيسية لمدة 6 أشهر هي المدة المضروبة لإنهاء الدستور واحتساب المدة ضمن مدة خدمتهم وأقدميتهم ومعاشهم وأوجبت على تلك الجهات صرف أجورهم ومستحقاتهم كاملة ولو أن القانون ترك لأي جهة حق الموافقة على عضوية الجمعية التأسيسية من عدمه ما تشكلت الجمعية التأسيسية قط.

*ولكن قرار تشكيل الجمعية التأسيسية صدر في الجريدة الرسمية فلماذا لم يسجل مجلس القضاء اعتراضًا على عضويتك؟
** القرار الصادر عن رئيس اللجنة المشتركة لمجلس الشعب والشورى حول تشكيل الجمعية من 100عضو والخمسين الاحتياطيين نشر في الجريدة الرسمية بالأسماء وأصبح علمًا عامًا فأصبح نافذًا واجب الاتباع مثل أي قانون ويقع عليَّ إثم مخالفته بما يستوجب مجازاتي حال امتناعي عن تنفيذه بحكم القانون، هذا فضلاً عن أنني كنت في وقت اختياري عضوًا في الجمعية التأسيسية معارًا لدولة الإمارات العربية المتحدة، ومعلومٌ أن أمر المعار يوكلُ إلى الجهة المُعار إليها فهل كان يمكن أن يكون مقبولاً أن يُعَلَّقُ تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع دستور مصر على موافقة دائرة المحاكم بإمارة رأس الخيمة بدولة الإمارات التي كنت أشغل فيها منصب نائب رئيس محكمة التمييز بها؟!
*هل تستند إلى سوابق تاريخية لتعزيز موقفك أمام لجنة الصلاحية؟
** السوابق التاريخية تؤكد أن القضاة أو مَن عملوا بالقانون بشكل مباشر أو غير مباشر قد لعبوا الدور الأساسي في صياغة دستور 1923الذي نعتز به جميعًا؛ حيث شكلوا 17عضوًا من مجموعة ال 32، فضلاً عن مشاركة المستشار حاتم بجاتو من المحكمة الدستورية والمستشار عمر الشريف اللذين شاركا في صياغة الإعلان الدستوري في 2011 بل أن المستشارين سري صيام وأحمد مكي شاركا في عضوية اللجنة الدستورية التي كانت مكلفة بالتعديلات الدستورية خلال عهد مبارك بل إن المستشار محمد عيد محجوب، الأمين العام لمجلس القضاء الأعلى، والمستشار د. حسن بسيوني، رئيس محكمة الاستئناف كان ضمن أعضاء لجنة الخبراء العشرة المكلفة بوضع مقترحات التعديلات الدستورية في 2013، كما أن الجمعية التأسيسية التي شاركت فيها كان رئيسها هو المستشار حسام الغرياني رئيس مجلس القضاء الأعلى في ذلك الوقت وشاركني العضوية رئيس مجلس الدولة في ذلك الوقت ورئيس هيئة النيابة الإدارية وأربعة مستشارين من مستشاري مجلس الدولة ومستشاران من هيئة قضايا الدولة وجميعهم لم يُسأل واحدٌ منهم عن عضويته في الجمعية التأسيسية كما أُحِلْتُ أنا إلى مجلس التأديب لهذا السبب.

*خلال مشاركتك في الجمعية التأسيسية من المؤكد أن مشاورات جرت بينك وبين مجلس القضاء خصوصًا في الأمور التي تتعلق بشؤون السلطة القضائية.
**كنت أقوم بنقل الرسائل ومقترحات الخاصة بالنصوص الخاصة للقضاء بين الجمعية التأسيسية ومجلس القضاء الأعلى بل إنني قمت بنقل مقترحات للمستشار ممتاز متولي، رئيس مجلس القضاء الأعلى بإنشاء دائرة مشتركة بين 3 من نواب محكمة النقض وقاضيين عسكريين ويكون مقرها محكمة النقض للنظر في الطعون الخاصة في الأحكام الصادرة من المحاكم العسكرية ضد المدنيين بل والعسكريين، وحاز المقترح الذي شكل حلاً وسطًا لرغبة الجيش في اعتبار القضاء العسكري جزءًا من السلطة القضائية وهو موقف كان محل اعتراض واسع داخل الجمعية التأسيسية.

*كيف إذن تم الوصول لهذا الحل الوسط في هذه المعضلة؟
**تحضرني هنا قصة المقابلة التي جمعت بين المستشار أحمد مكي، وزير العدل حينذاك، والفريق أول عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع، في ذلك الوقت لحل هذه المعضلة؛ حيث بادر المستشار مكي وزير الدفاع في ذلك الوقت بالتساؤل هل تصح صلاة بأمامين؟ فرد السيسي بالنفي والقول بأن هذا سيربك المصلين؛ فبادره المستشار أحمد مكي بقوله: وما رأيك أننا نصلي خلف إمامين في المحاكم فعندنا محكمة النقض التي تحدد مفهوم النصوص القانونية وتوحد التفسير القانوني لها وأيضًا لدينا المحكمة العسكرية العليا التي تقوم بدور محكمة النقض في القضاء العسكري فينتج عنه أحيانًا التعارض في فهم القانون وتفسيره؟ فاستهول وزير الدفاع هذا الأمر وقال للواء ممدوح شاهين إن هذا أمر غير مقبول وأنه يوافق على اقتراح المستشار أحمد مكي بإنشاء دائرة مشتركة في محكمة النقض من 3 من نواب النقض وقاضيين عسكريين وإلغاء المحكمة العسكرية العليا، وقام المستشار أحمد مكي بإرسال خطاب للجمعية التأسيسية ضمَّنه هذا الاتفاق، وتلك الموافقة لكن الأمر احتاج لموافقة الجمعية العمومية لمحكمة النقض فقمتُ بحمل خطاب المستشار أحمد مكي، وزير العدل، وخطاب صادر من رئيس الجمعية التأسيسية لرئيس محكمة النقض المستشار ممتاز متولي لعرضه على الجمعية العمومية لمحكمة النقض التي كانت ستنعقد في نفس اليوم وعندما سألني رئيس محكمة النقض عن رأيي أبلغته أن هذا يُعد إنجازًا عظيمًا وأن قبول القوات المسلحة لهذا المقترح يعد تحية لا بد من ردها بأحسن منها بقبولها لتوحيد المحكمة العليا في البلاد ولضمان أن تكون محكمة النقض هي جهة طعن لكل من يمثل أمام القضاء العسكري.

*وكيف كان موقف رئيس محكمة النقض وقتها المستشار ممتاز متولي ومجلس القضاء الأعلى وعمومية النقض؟
*لقد أبدى المستشار ممتاز متولي، ارتياحه للمقترح ولكنه تمسك بضرورة موافقة عمومية النقض، وهنا عرضت أن أقوم بشرح المقترح أمام الجمعية العمومية وقد طلبت منه أن أشرح المقترح للجمعية لكنه رد بضرورة ترك الأمر له ولكن الجمعية العمومية لمحكمة النقض رفضت المقترح وضاعت فرصة إيجاد تسوية تاريخية لأزمة إحالة المدنيين لمحاكمات عسكرية وتوحيد جهة الطعن في الوطن كله وهو الموقف الذي أثار ارتياح اللواء شاهين ورغم محاولاتي انتزاع عرض الأمر ثانية على عمومية النقض إلا أنه قال "الحمد لله اللي جت منهم"، وأكد لي أنه أبلغ الفريق السيسي بذلك وأغلق الملف.

*تعتبر الأمر كان فرصة تاريخية لحل الأزمة التي مازلنا نعاني منها حتى الآن؟
**اعتبرتها إحدى الفرص النادرة لتسوية معضلة محاكمة المدنيين بل والعسكريين في غير جرائم الثكنات أمام القضاء العسكري خصوصًا أننا كنا أمام ظرف تاريخي وهناك استعداد من كل طرف للتنازل عن بعض صلاحيته وأظنها أجواء لن تتكرر.

*من القضية المثيرة للجدل اعتراضكم على مشروع قانون السلطة القضائية لاسيما قضية خفض سن التقاعد للقضاة بشكل بدوتم معه كأنكم غير مستعدين للتنازل عن أي ميزة يتمتع بها القضاء؟
**الاعتراض على وضع قانون خفض سن التقاعد كان اعتراضًا منهجيًا، وذلك لأننا نتكلم عن دولة القانون والقضاء المستقل والمحصن من الوقوع أسيرًا لسلطة تنفيذية أو تشريعية وأن تخفيض السن نوع من أنواع العزل للقضاة والذي كان يستهدف أكثر من ثلث أعداد السلطة القضائية
بل إن هذا الموقف تم نقله لرئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي حينذاك وأكدت له أن إحالة 3آلاف قاضٍ سيعيد للأذهان عزلهم المذبحة التي جرت في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في عام 1969 والتشديد على رفضنا له بل أبلغت الرئيس أنني سأدعو زملائي لعدم الإشراف على انتخابات مجلس النواب إذا صدر هذا القانون وقد كانت هناك خلفية لهذه القضية أثناء عمل الجمعية التأسيسية فقد حاول بعض أعضاء الجمعية التأسيسية النص في الدستور على أن سن تقاعد القضاة هو ستون عامًا وقد تصديت وقبل مني المستشار حسام الغرياني لهذا التوجه وقدمنا اقتراحًا بديلاً بأن يُنصُّ في الدستور على أن سن تقاعد القضاة هو سبعون عامًا توقيًا لهيمنة السلطة التشريعية فيما بعد على ولاية القضاة للقضاء ودفعًا لخطر أن يقوم أي مجلس تشريعي بتخفيض سن تقاعد القضاة وقد انتهى الأمر إلى التوافق على استبعاد النصين محل الجدل.

*كيف كان رد فعل الرئيس على هذه الاعتراضات؟
*وكان رد فعل الرئيس محمد مرسي حينها على رفض القضاة لذلك القانون مؤيدًا لوجهة نظرنا قائلا: "كلامك صحيح وعندك حق ولازم نلاقي حل"، بل إنه أضاف "لا يمكن أن أقر قانونًا يضر باستقلال القضاء ولكني في الوقت نفسه لا يمكن أن أمنع مجلس الشورى من مناقشة مشروع القانون" وهنا طرحت شخصيًا على الرئيس الدعوة للمؤتمر الثاني للعدالة لتسوية هذه الأزمة وهو ما رحب به الرئيس.

*إذا كان الرئيس قد رحب بالأمر فلماذا لم يعقد مؤتمر العدالة حينذاك؟
**لقد كان مؤتمر للعدالة كفيلاً بتسوية كل المشكلات، ولكن نادي القضاة ورئيسه تدخل وأفشل هذا المقترح، كونه كان سيقدم حلولاً لكل المشكلات لأنه سيسحب كل الاعتراضات ضد القضاة بل إن مجلس القضاء حينها لم ينتهز تلك الفرصة وتخوف من نفوذ النادي وظهيره السياسي والقضائي وأعلن تعليق أعمال المؤتمر الذي كان قد قطع شوطًا في تشكيل لجانه!

*كان هدف الإسلاميين من وراء طرح هذا القانون إقصاء ما يقرب من 3 آلاف قاض باعتبارهم من خصوم الثورة؟
**من أكبر الأخطاء التي ارتكبها الإسلاميون أنهم لم يحسنوا التعامل مع القضاة ولم يفهموا ثوابت ومقدسات القضاء من الحرص على عدم المساس بحصاناتهم المقررة لكفالة استقلالهم وحيدتهم لمصلحة المواطنين والمتقاضين وبعد صدور حكم المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب ذي الأغلبية الإسلامية تفاقمت الأزمة وأُلقي عليها الكثير من الزيت لإشعالها من أطراف متعددين وقد كان انعقاد مؤتمر العدالة هو السبيل الوحيد للخروج من مثل هذه الأزمة.

*خلال عهد الرئيس مرسي شابت علاقات النظام بالقضاة موجات توتر كيف كان الرئيس محمد مرسي يتعامل معها؟
أذكر هنا الأجواء المشحونة التى حدثت خلال جمعة تطهير القضاء، وقد نقلت للرئيس فى اللقاء الذى تم معه وحضرته مع مجلس القضاء الأعلى وزميلين آخرين غضب القضاة من الاتهامات والسب والقذف فى حقهم بل وطالبت الرئيس ضمن مجموعة من القضاة بضرورة صدور بيان اعتذار من الرئيس عن ما قام به أنصاره يتم من خلاله الإعلان عن تقدير الرئيس للقضاة واعتزازه بدورهم وهو ما استجاب إليه الرئيس حيث تعهد بصدور البيان قبل وصول المجتمعين به لمنازلهم وهو ما تحقق بالفعل.

*كان غريبًا رفض عدد من رموز استقلال القضاء لقيام الرئيس بإقالة النائب العام المستشار عبد المجيد محمود رغم الاعتراض على استمرار فى منصبه من الجميع ؟
**هذه الأزمة وظفت لتأجيج الأزمة بين القضاة والرئيس استغلالاً لبعض أخطاء المحيطين به ونكأت جراجًا من عدم إيمانه باستقلال القضاء وهو ما استغل من قبل نادى القضاة لتشويه صورة الرئاسة وتعزيز المخاوف من المساس بالقضاء وهنا تدخلت أنا ومجموعة من كبار القضاء باقتراح إسناد تعيين النائب العام إلى مجلس القضاء الذى يمكن أن يرشح للرئيس ثلاثة مرشحين يختار الرئيس واحدًا منهم لولاية واحدة فقط سدًا للذرائع وإنهاء للأزمة.
وأذكر أن فى ذات الاجتماع مع الرئيس قلت له إنه من العجيب أن من وافق على إعطاء الحصانة للنائب العام لأول مرة فى تاريخ القضاء هو الرئيس الأسبق مبارك وأن عزل النائب العام وإهدار حصانته حدث فى عهده.
*وما مجريات المحاكمة أمام مجلس التأديب فى قضية البيان؟
** المحاكمة أمام مجلس التأديب بهيئة صلاحية عُقدت لها ثلاث جلسات حتى الآن ويهمنى فى هذا المقام أن أؤكد حقائق منها:
1- أن هذه الدعوى قامت على البيان الصادر يوم 24/7/2014 بالدفاع عن الشرعية الدستورية والمشروعية القانونية وهو مجرد إبداء لرأى وفق المكفول للقضاة بل لعموم المواطنين فى إبداء آرائهم فيما يقع فى وطنهم وأن هذا الرأى مكفول لهم وفقًا للدساتير والقوانين المصرية والإعلان العالمى للمبادئ الأساسية لاستقلال القضاء الصادر عن الأمم المتحدة والتعليمات التوجيهية للقضاة وأعضاء النيابة العامة الصادرة عن مؤتمر "ميلانو" بشأن ضمان استقلال السلطة القضائية كما أؤكد أن العديد من رجال القضاء قد أبدوا رأيًا مخالفًا لهذا الرأى بل شاركوا فى التظاهرات التى جرت بميدان التحرير يوم 30/6/2013 وشاركوا المتظاهرين الهتاف بل وقادوا تلك الهتافات وألقوا بيانًا سياسيًا ورغم أننا قدمنا بلاغا ضدهم يحمل رقم 1178 لسنة 2013 عرائض مكتب النائب العام وندب فيه قاضٍ للتحقيق إلا أننا لا نعلم مصير هذا التحقيق ولم يتخذ فيه إجراء حتى الآن كما اتخذ إجراء قبلنا بل أننا طالبنا بسؤالنا فى ذلك البلاغ و جوبه طلبنا بالصمت التام كما قدمنا ثلاثة بلاغات أخرى بأرقام 1921 و1922 لسنة 2013 و1458 لسنة 2014 عرائض مكتب النائب العام عن اشتغال رئيس نادى القضاة وبعض أعضاء مجلس إدارة النادى بالسياسة ولكن لا نعرف مصيرها ولم يحقق معهم حتى الآن ونحن نطالب بالكشف عن مصير هذه التحقيقات والتعامل معها على نحو متواز ومتساوٍ ومتزامن مع البلاغ الخاص بنا محل دعوى عدم الصلاحية .
2- إن التحقيقات التى جرت من قبل قاضى التحقيق قد قامت على قرار منعدم ذلك أن ندبه للتحقيق قد صدر من القاضى نبيل صليب عوض الله رئيس محكمة استئناف القاهرة الأسبق رغم أنه غير مختص بإصداره ولأنه غصب سلطة الجمعية العمومية فى إصداره لأن القانون يعطى هذا الحق للجمعية العمومية لمحكمة استئناف القاهرة وحدها ولا يجيز تفويضه فى ذلك مما يؤدى لانعدام وبطلان كافة إجراءات التحقيق بطلانًا مطلقًا يجعل من كل ما ترتب على هذا التحقيق الباطل باطلاً بما فى ذلك الإحالة إلى مجلس التأديب (وليس أدل على ذلك من صدور قانون 138 لسنة 2014 يبيح لأول مرة جواز تفويض رئيس المحكمة فى ندب قضاة التحقيق) وقد طالبنا مجلس التأديب بالفصل فى هذا الدفع قبل الفصل فى الموضوع لأنه يقضى على الدعوى برمتها ويجدر هنا أن أشير إلى أن الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك قد تمت تبرئته من الاتهام بقتل المتظاهرين بناءً على قبول دفع محاميه بأنه قد صدر أمر ضمنى بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبله لعدم إحالته فى القضية السابقة التى اتهم فيها وزير داخليته ومساعديه ولسان حالى يقول (هل هو حرام علينا أن نستفيد من دفع يؤدى لانعدام التحقيقات كما استفاد الرئيس الأسبق من دفع شكلى ونحن لم نقتل أحدًا بل غاية ما نُسِبَ إلينا هو إصدار بيان بالدفاع عن الدستور والقانون برًا بالقسم الخالد للقضاة الذى أقسمناه جميعًا بأن "نحكم بين الناس بالعدل وأن نحترم الدستور والقانون").
3- إننى قد طالبت فى الجلسة الأخيرة أمام مجلس التأديب بأن تكون محاكمتنا علنية يحضرها كل رجال الإعلام ومندوبو منظمات المجتمع المدنى والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان ومندوبى منظمة العفو الدولية التابعة للأمم المتحدة والاتحاد العالمى للقضاة وكان مطلبى هذا باعثه أن السرية التى كان يجب أن تُحاط بها هذه القضية قد انتهكت منذ الإبلاغ عن الواقعة من قبل مجلس إدارة نادى القضاة ومن يدورون فى فلكه وتم التعريض بنا فى كل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة (حتى أننا قدمنا لقاضى التحقيق بلاغات ضد من تعرض لنا بالسب والقذف والإهانة منتهكين قرار حظر النشر الصادر منه مرفقًا بها ما يزيد على 20 ساعة من التسجيلات المرئية والصوتية وخمسمائة صفحة من التصريحات والأحاديث الصحفية غير أن قاضى التحقيق لم يأبه لأى بلاغ قدمناه إليه فى هذا الشأن) ومن ثم قام لنا الحق أن نبين لكل من استمع لوقائع سبنا وإهانتنا وجه الحق وآيات كذب من روجوا هذا ضد مصدرى البيان.
ونحن فى كل الأحوال نثق أن مجلس التأديب سيضع دفاعنا كله ومطالبنا جميعها فى اعتباره عند مباشرته الدعوى وأنه سيستجيب لطلباتنا العادلة ولدفوعنا السديدة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.