باحث أمريكي مساء أمس الأول على الجزيرة مباشر مصر، الوحيد تقريبًا الذي قدم رؤية مغايرة للمقاربات السائدة، التي اجتهدت في تفسير إقالة رئيس المخابرات العامة اللواء محمد التهامي. الباحث ربط بين قرار الإقالة والمكالمة الهاتفية الأخيرة بين الرئيس الأمريكي أوباما ونظيره المصري الرئيس عبد الفتاح السيسي.. وحسب الباحث، فإن المكالمة تطرقت إلى "قلق" واشنطن من أوضاع حقوق الإنسان في مصر، وحبس الصحفيين والنشطاء السياسيين.
واللافت هنا أن المهاتفة جاءت على غير ترتيب أو مناسبة، ويبدو أنها كانت على خلفية الإفراج عن الأباتشي، في وقت تواجه فيه إدارة الرئيس الأمريكي انتقادات قاسية، لعدم اكتراثها بضرورة التزام القاهرة بمعايير حقوق الإنسان.
المرجح أن اتصال أوبابا بالسيسي، كان في سياق حث الأخير على مساعدة الأول في اجتياز أزمته مع المجتمع الحقوقي الأمريكي، والذي يرى أن تسهيل المساعدات العسكرية لمصر، يعد "مكافأة" أو "تشجيعًا" لارتكاب المزيد من الانتهاكات لحقوق الإنسان.
ونلاحظ في هذا السياق أن المكالمة بين الرئيسين المصري والأمريكي، جاءت بالتزامن مع تمرير الكونجرس مشروع قانون الإنفاق للسنة المالية 2015، والذي سمح لإدارة أوباما بالتنازل عن الإدلاء بشهادة تفيد بالتزام مصر بمعايير حقوق الإنسان، على أساس يتعلق بالأمن القومي الأمريكي.
وهي البنود التي حملت "نيل هيكس"، مدير منظمة هيومن رايتس فرست على القول: "لا ينبغي على الكونجرس بعث رسالة إلى الحكومة المصرية مفادها أن بواعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان لا تمثل أهمية في العلاقات الثنائية".
ويبدو لي أن إقالة اللواء محمد فريد التهامي، كانت ثمرة الحديث التليفوني الذي جرى بين الرئيسين.. فالإقالة لها مدلولها الرمزي الذي لا يخفى على أي مراقب مدقق، فالتهامي أحد أكثر الصقور تشددًا، وهو شخصية صدامية، وتواترت الاتهامات التي حملته مسؤولية عدد من المواجهات الدموية وعلى رأسها "رابعة"، وأنه المسؤول عن توريط مؤسسة الرئاسة في علاقات ثأر مع قوى سياسية مختلفة، بعضها كان جزءًا من تحالف 30 يونيو الذي عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، ويحمل البعض رئيس المخابرات المقال، مسؤولية توتير البلد وفشله في أكثر من اختبار كفاءة، فيما كانت التسريبات الأخيرة أحد أخطر التحديات أمام صانع القرار بشأن مستقبل أعلى سلطة في جهاز المخابرات العامة.
ولا يمكن بحال غض النظر عن دلالة إقالة التهامي وعلاقتها بملف حقوق الإنسان.. وهو الملف الذي سبب صداعًا مزمنًا في رأس السلطة، بسبب الانتقادات الدولية، وتجاوز الانتهاكات كل الأسقف التي شهدتها الأنظمة التي تعاقبت على الاتحادية قبل تولي الرئيس السيسي منصب الرئاسة.
من الواضح أن ثمة شيئًا سيتغير قريبًا في ملفات التهدئة والمصالحة.. وهي توقعات أقرب ملامسة للحقيقة، بعد إبعاد الرجل الذي رجح كفة المتشددين داخل السلطة على مدى ما يقرب من عامين سقط فيها أكثر من ألفي قتيل مصري.. واكتظت السجون والمعتقلات بما يقارب 40 ألف معتقل.. فلعلها تكون البشارة.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.