عيار 21 الآن بعد الارتفاع الجديد.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم السبت في الصاغة    شهداء وجرحى في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة من قطاع غزة    واشنطن بوست: أمريكا دعت قطر إلى طرد حماس حال رفض الصفقة مع إسرائيل    "جمع متعلقاته ورحل".. أفشة يفاجئ كولر بتصرف غريب بسبب مباراة الجونة    كولر يرتدي القناع الفني في استبعاد أفشة (خاص)    الأرصاد الجوية: شبورة مائية صباحًا والقاهرة تُسجل 31 درجة    مالكة عقار واقعة «طفل شبرا الخيمة»: «المتهم استأجر الشقة لمدة عامين» (مستند)    وكالة فيتش تغير نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى إيجابية    37 قتيلا و74 مفقودا على الأقل جراء الفيضانات في جنوب البرازيل    العالم يتأهب ل«حرب كبرى».. أمريكا تحذر مواطنيها من عمليات عسكرية| عاجل    حسين هريدى: الهدف الإسرائيلى من حرب غزة السيطرة على الحدود المصرية الفلسطينية    حي شرق بمحافظة الإسكندرية يحث المواطنين على بدء إجراءات التصالح    ارتفاع جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 4 مايو 2024 في المصانع والأسواق    رئيس المنظمة المصرية لمكافحة المنشطات يعلق على أزمة رمضان صبحي    جوميز يكتب نهاية شيكابالا رسميا، وإبراهيم سعيد: بداية الإصلاح والزمالك أفضل بدونه    بعد انخفاضها.. أسعار الدواجن والبيض اليوم السبت 4 مايو 2024 في البورصة والأسواق    مصطفى بكري عن اتحاد القبائل العربية: سيؤسس وفق قانون الجمعيات الأهلية    التموين تتحفظ على 2 طن أسماك فاسدة    دفنوه بجوار المنزل .. زوجان ينهيان حياة ابنهما في البحيرة    صوت النيل وكوكب الشرق الجديد، كيف استقبل الجمهور آمال ماهر في السعودية؟    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. السبت 4 مايو 2024    هيثم نبيل يكشف علاقته بالمخرج محمد سامي: أصدقاء منذ الطفولة    رشيد مشهراوي ل منى الشاذلي: جئت للإنسان الصح في البلد الصح    المتحدة للخدمات الإعلامية تنعى الإذاعى أحمد أبو السعود    معرض أبو ظبي للكتاب.. جناح مصر يعرض مسيرة إبداع يوسف القعيد    حسام موافي يوضح خطورة الإمساك وأسبابه.. وطريقة علاجه دون أدوية    برش خرطوش..إصابة 4 من أبناء العمومة بمشاجرة بسوهاج    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    فوزي لقجع يكشف حقيقة ترشحه لرئاسة الاتحاد الأفريقي    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    «صلت الفجر وقطعتها».. اعترافات مثيرة لقاتلة عجوز الفيوم من أجل سرقتها    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    هييجي امتي بقى.. موعد إجازة عيد شم النسيم 2024    عرض غريب يظهر لأول مرة.. عامل أمريكي يصاب بفيروس أنفلونزا الطيور من بقرة    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    أحمد ياسر يكتب: التاريخ السري لحرب المعلومات المُضللة    كندا توقف 3 أشخاص تشتبه في ضلوعهم باغتيال ناشط انفصالي من السيخ    السودان وتشاد.. كيف عكرت الحرب صفو العلاقات بين الخرطوم ونجامينا؟ قراءة    مصرع طفلين إثر حادث دهس في طريق أوتوستراد حلوان    احتراق فدان قمح.. ونفوق 6 رؤوس ماشية بأسيوط    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    تقرير: 26% زيادة في أسعار الطيران السياحي خلال الصيف    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر وتثبت تصنيفها عند -B    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر إلى إيجابية    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    شيرين عبد الوهاب : النهاردة أنا صوت الكويت    أول تعليق من الخطيب على تتويج الأهلي بكأس السلة للسيدات    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    فريق طبي يستخرج مصباحا كهربائيا من رئة طفل    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضايا الأحوال الشخصية المصرية ومعوقاتها
نشر في المصريون يوم 20 - 12 - 2014

ان نظام محكمة الأسرة ان كان يلائم بعض الأوساط الريفية إلا أنه لايلائم الأوساط المدنية التي تعيش حياة اجتماعية مختلفة لذا وجب حتى نستطيع ان نخفف من تلك الآثار ان تستحدث نظاما يتماشي جنبا إلي جنب مع النظام القائم‏,‏ وأجد ذلك في تشريع قانون خاص بالتحكيم الاختياري عند التعرض لمشاكل بين الزوجين
ويكون ذلك متفقا عليه بين أطرافه في وثيقة الزواج بالنص فيها عند حدوث منازعة بين الزوجين يكون طريق تسوية المنازعات والفصل فيها عن طريق التحكيم الاختياري‏,‏ وهو نظام معروف في الأحوال الشخصية منذ القدم بل ومنصوص عليه في كتاب الله‏(‏ فان خفتم شقاق بينهم فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها‏)‏ بل منصوص عليه في القانون‏25‏ لسنة‏1929‏ ثم‏100‏ لسنة‏1985‏ يعمل به حتى الآن ولكن يجب تفعيل هذا النظام بعمل خاص بالتحكيم فقط علي غرار قانون التحكيم في المسائل التجارية والمدنية المعمول به الآن في مصر‏,‏ علي ان يتفق مع طبيعة مسائل الأحوال الشخصية وتعقيداتها وتفعيل دور المحكم الذي هو غالبا احد المتخصصين المختارين من قبل أصحاب المنازعة ومستشار لتوثيق الاتفاق الذي يكون قابلا للتنفيذ جبرا بمقتضي نص خاص وبالإكراه البدني علي غرار القانون‏91‏ لسنة‏2000‏ مع زيادة مدة الحبس مثلا وفقا للمبلغ المتفق عليه كنفقة والقبض علي المدين في الحال وغيرها من الإجراءات التي تستلزم رسوما غير تقليدية يلتزم بها الطرف المدين الذي يلزم بتعويضات كبيرة‏,‏ علاوة علي المصروفات والإتعاب في حالة تقاعسه عن تنفيذ الالتزام‏.‏
لذا فالتحكيم الاختياري سيساعد كثيرا اذ ما وضع بطريقة تلائم حل المشاكل الأسرية في مصر وتتفق مع طبيعة الأسر المصرية مع الأخذ في الاعتبار انه قضاء خاص سيلجأ إليه من يختار طريقه‏,‏ وبهذا سنجد ان العدالة ستتحقق بين الأطراف وان الوصول إلي الحق سيكون سهلا ميسورا ولن تضيع حقوق الرجال او النساء او الأطفال وهو مايريده أي مشرع من تشريعه‏.‏شكله بطء التقاضي هي مشكلة عالمية وليست في مصر وحدها ولكن تفاقمت تلك المشكلة في مصر وتزايدت مشكلاتها حتى وصل الحال ببعض المنازعات تظل مستمرة أمام القضاء لعقد من الزمان أو يزيد فمحكمة النقض المصرية وصل طول التقاضي أمامها لما يزيد عن عشر سنوات ،، ومع محاولات المشرع في التدخل بالعديد من التشريعات التي قد تعالج مشكلة بطء التقاضي كقانون لجان توفيق المنازعات قانون رقم 7لسنة 2000 – وقانون إجراءات التقاضي أمام محاكم الأسرة
(قانون رقم 10 لسنة 2004 بإنشاء محاكم الأسرة )تبين عدم فاعلية تلك التشريعات بل أصبحت أحد وسائل بطء التقاضي وليست أحد وسائل حله بل الأكثر من ذلك أن المشرع تدخل بالنص على انتهائية بعض الأحكام الصادرة في دعاوى معينة وعلى سبيل المثال دعاوى الخلع والحبس في قوانين الأحوال الشخصية وتقليص درجات التقاضي وجعلها على مرحلتين في بعض القوانين والدعاوى.إلا أن مثل تلك التشريعات لم تجدى ولم تحقق الغاية المرجوة منها بل أصبحت أحد أسباب بطء التقاضي وكان ذلك ناجم عن عدم دراسة فنية لأسباب تلك المشكلة ووضع رؤية للحلول المقترحة لها حيث أن مشكلة بطء التقاضي ثبت أن لها تأثير كبير على الحياة الاقتصادية وقلة الاستثمار المحلى والأجنبي في مصر كما أن لها تأثير على الحياة الاجتماعية وتؤثر على حقوق وحريات المواطنين ولها جانب في تأثيرها على الأمن حيث تأخر الفصل في القضايا قد يدفع ببعض أصحاب الحقوق المغتصبة إلى العنف لاسترداد حقوقهم.بل ثبت أن الكثير من المتقاضين يستغلون طول إجراءات التقاضي في عدم رد الحقوق في مواعيدها . فظاهرة بطء التقاضي تحول دون التقدم والتنمية فالقضاء يجب أن يكون من أول الاهتمامات في الدولة والاهتمام بحل كل مشكلاته - حتى لا تضيع هيبة القضاة
تعد المشكلة الأكبر في ظاهرة بطء التقاضي في مصر هي القوانين المصرية لكونها ممتلئة بالعديد من التشريعات الإجرائية وعلى سبيل المثال لا الحصر ( قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13/1968 – قانون إنشاء محاكم الأسرة رقم 10/2004- قانون لجان توفيق المنازعات رقم 7 لسنة 2000- قانون المحاكم الاقتصادية رقم 120 لسنة 2008...... ...وغيرها
فلماذا تتعدد التشريعات الإجرائية ولماذا المشرع ينظر لكل مشكلة فردية على حدة ويخلق لكل مشكلة قانون منفرد فحينما واجه مشكلات قوانين الأحوال الشخصية وطول إجراءاتها أصدر لها قانون مستقلا – وحينما واجه مشكلة القوانين الاقتصادية والاستثمارات أنشأ لها محاكم اقتصادية وقانون اجرائى مستقلا لها – في الوقت الذي تبين أنها تشريعات جامدة وليست مرنه فمع كثرة التشريعات أصبح العديد من القضايا تقام أمام محاكم غير تلك المختصة بها ومن ثم تنتهي بالإحالة بموجب حكم قضائي بعدم الاختصاص والإحالة وهو ما يكون قد أخذت من الوقت الكثير وأهدرت ذلك الوقت الذي كان من الممكن أن يتم خلاله الفصل في قضايا أخرى.
وكان من الأحرى بالمشرع توحيد كافة التشريعات الإجرائية في قانون المرافعات مع تعديل هذا الأخير بمنحه قدر من المرونة بما يسمح للقاضي بسرعة الفصل في القضايا . فقانون المرافعات المصري له جوانب سلبيه متعددة تحول دون سرعة الفصل في القضايا تضمنه من شروط المواعيد التي يترتب عليها البطلان ومن ثم إعادة الدعوى من جديد وعلى سبيل المثال تجديد الدعوى من الشطب خلال ميعاد الستين يوما اشترط المشرع أن يتم الإعلان خلال الميعاد وإلا صارت الدعوى كأن لم تكن متى تمسك الخصم بذلك ،،، تعجيل الدعوى من الوقف الجزائي خلال 15 يوم من انقضاء مدة الوقف وإلا صارت كأن لم تكن في حالة عدم الإعلان في الميعاد ..
.وغير ذلك من مواد لا يتسع البحث لذكرها فمثل تلك المواد نجد مع جمودها تؤدى لبطء التقاضي لأن مثل تلك المواد تؤدى الي تكرار إقامة الدعوى مرة أخرى بعد أن قضى فيها من قبل باعتبارها كأن لم تكن فكم من الوقت ضاع وكم من النفقات أنفقت؟؟؟كذلك المشرع في قانون المرافعات خلال سير الدعوى يشترط تعدد الإعلان وعلى سبيل المثال ( إعادة الإعلان بالجلسة الثانية- الإعلان بالإحالة من دائرة لدائرة – الإعلان بورود التقرير – الإعلان بإحالة الدعوى للتحقيق – الإعلان بإعادة الدعوى للمرافعة و....غير ذلك ) والمشكلة الأكبر أن القانون رتب جزاء البطلان في حالة تخلف أي من تلك ونجد أن الدعوى بعد سيرها لفترات طويلة وصدور حكم فيها يتم إلغاء الحكم في مرحلة الطعون ( استئناف – التماس – نقض ) بسبب عيب اجرائى بل أن الكثير من القضايا يتم إلغاؤها في مرحلة التقاضي الأعلى بسبب عيوب إجرائية أكثر منها موضوعية كذلك على سبيل المثال من العيوب التشريعية الإجرائية الخطيرة في قانون المرافعات المصرية انعدام الأحكام بسبب وفاة المدعى عليه فبعد إقامة الدعوى وأخذها الشوط الأكبر من إجراءات التقاضي يتبين أن الخصم متوفى قبل قيد الدعوى ومن ثم تنعدم الخصومة ويقضى بانعدام الحكم الصادر فيها بدلا من تجديد السير فيها أمام ورثته – حيث من الجانب العملي كيف يعلم الخصم بوفاة خصمه قبل قيد الدعوى فقد يتوفى قبل قيد الدعوى بيوم ففي بعض الأحيان هناك من الدعاوى يستمر المحامى في الدعوى ولم يعلم بوفاة موكله ..أين التشريع من ذلك ؟؟؟
كذلك اشتراط التشريعات قبل إقامة الدعوى لجوء المدعى إلي لجنة بعينها كاللجوء إلى لجنة توفيق المنازعات عملا بالقانون رقم 7/2000 أو اتخاذ إجراء بعينه سابق على رفع الدعوى كوجود تكليف بالوفاء بالالتزام فلماذا لا يعتد المشرع بصحيفة افتتاح الدعوى ذاتها كتكليف بالوفاء بدلا من أن يقضى بعدم القبول بعد سنة من بداية النزاع واستكمال الإجراءات الشكلية الواردة بقانون المرافعات.لماذا لا نترك للقاضي البحث في الحق الموضوعي ووجوده من عدمه بدلا من تقييده بالإجراءات الشكلية وعلى سبيل الحلول لماذا لا يتدخل المشرع في مسألة الإعلان أنه في حالة حضور الخصم ولو جلسة واحدة لا حاجة لإعلانه بعد ذلك ولو انقطع سير الدعوى وتعين عليه متابعة قضيته المتداولة. كذلك تفعيل الإعلان على قلم الكتاب طالما حضر الخصم جلسة واحدة أو ثبت علمه بوجود الدعوى وعلى كل خصم أن يتتبع سير دعواه سواء له أو عليه أن فكرة المجال العام ولدت في قلب الحداثة السياسية حيث أن مفهوم المجال العام يعتبر أحد فروع الفكر الحديث الذي توجه لتأسيس مجتمعات ديمقراطية تقوم على أساس تداول السلطة وحرية الفكر والتعبير والتنظيم. ويمكننا فهم المجال العام كحيز يتم فيه تفعيل المشاركة حيث يعتبر الفضاء الذي يجتمع فيه الأفراد والمجموعات لمناقشة الأمور ذات أهمية بالنسبة لهم، وبالتالي فيمكن اعتباره المساحة الرئيسية التي يتشكل فيها الرأي العام المكون من فصائل وآراء عدة.
بمعنى آخر، من المفترض أن يكون المجال العام مجالا حرا وغير مقصور على فصيل واحد، بل من المفترض أن يكون مكانا للتجمعات البشرية وللمشاركة الجماعية حيث تتساوى حقوق وواجبات المواطنة السياسية والاجتماعية. ولكن في الوقت نفسه لا يمكن فهم دينامكية المجال العام إلا بفهم مجالين آخرين وهما مجال السلطة العامة والمجال الخاص. فالتحركات في المجال العام تتحكم فيها قوانين الدولة العامة والتي مفترض لها أن تعمل على ضمان أمن وسلامة الأفراد المشاركين فيه دون التدخل في شئونهم الخاصة. ومن ناحية أخرى، يقوم المجال العام على أفراد ومجموعات يتشكل القدر الأكبر من أنماطهم الفكرية وهياكل نظمهم القيمية في مجال آخر متصل وهو المجال الخاص.
فعلى ضوء المفاهيم المتداولة، فالمجال الخاص لا يقع خارج نطاق الدولة ولا خارج حيز إبصارها ولكن تحكمه قوانين صارمة تستمد موادها من مبادئ الشريعة الإسلامية بكل ما تأتى به منظومة التشريعات تلك من تفاوت في الآراء الفقهية التابعة للمذاهب الإسلامية المختلفة. وبالتحديد يتمثل المجال الخاص في مؤسسة الأسرة والعلاقات الزوجية التي تتحكم فيهم قوانين الأحوال الشخصية والتي صارع الكثير من المشرعين والحقوقيين والحقوقيات والنسويات والناشطات عبر السنوات من أجل تغييرها وجعلها أكثر إنصافا للنساء المصريات وأكثر تمكينا لهن كمواطنات يتمتعن بكافة حقوقهن الشخصية والزوجية والدفع باستمرار لوضع قوانين تتبنى فلسفة المساواة واحترام حقوق الإنسان. ولأن المجال الخاص هو المساحة الأولية التي تتكون فيها الأنماط الفكرية والتنشئة الاجتماعية لدى الأفراد والتي تضع إطار لمعاملاتهم وخطابهم في المجال العام، إضافة إلى أنه في أغلب الأحيان، يكون المجال الرئيسي الذي تستمد منه النساء الدعم المعنوي والأسرى والذي يعد عاملا ضخما في تحديد فرصهن للعمل والنشاط خارج نطاق المنزل والأسرة، لاسيما في تحديد فرصهن في المشاركة في العمل السياسي، فيصبح المجال الخاص في هذا الضوء أحد أهم الجوانب التحليلية لفهم خبرات ومعوقات العمل السياسي لدى النساء في مصر. وبالتالي نرى تداخل واضح بين الحيز العام والخاص على صعيد وبين المجال الخاص ومجال السلطة على صعيد أخر، ونجد أن الثلاث مساحات في حالة تفاعل مستمرة مع بعضها البعض ولا يمكن الخوض في عملية تحليلية لوضع المرأة المصرية في المجال العام إلا من خلال فهم خصائص تلك العلاقة الثلاثية.
ولكن الحالة المصرية، مثلها مثل أنظمة سلطوية أخرى، تفرض نظرة أكثر تعقيدا لنظرية المجال العام تلك بحيث تصبح أجهزة الدولة من شيمها الرئيسية التحكم في مساحات تحرك وتفاعل المواطنين والمواطنات والتي يظهر أثرها في المجالات العامة والخاصة سواء. فكما هو واضح في الحالة السياسية المصرية، تتم محاصرة المجال العام ويتم تضييق الخناق عليه. وكانت قد غابت الرغبة السياسية لدى المجموعات الإسلامية المنتخبة في خلق حوارات ومساحات أكثر انفتاحا ومساواة، في تأكيد على أحقية الفصائل السياسية المختلفة في عرض ومناقشة أفكارها وآليات عملها.
وبالتالي أصبح المجال العام حكرا لفصيل واحد وتحول مسرحا للصراعات السلطوية بين فئات الشعب المختلفة التوجهات بدلا من كونه مجالا حرا تتشكل فيه النقاشات والأنشطة الفكرية والإيديولوجية المختلفة. وكما تتم محاصرة المجال العام، نجد أيضا أن قوانين المجال الخاص والتي خاضت من أجلها المجموعات والمنظمات النسوية والنسائية معارك طويلة استطاعت من خلالها تغيير بعض القوانين- والتي سيتم الإشارة إليها في سياق الورقة- أنها كانت تتعرض لهجوم واضح يهدف لتمرير خطابات تزيد من حدة التحكم في فرص المرأة في التعليم والعمل والعيش في بيئة أسرية تتساوى فيها حقوق الزوجة مع الزوج.
ذلك لأن في تحقيق المساواة تلك، تستطعن النساء إيجاد قدر أكبر من الحرية للانخراط في العمل العام كمواطنات لهن حقوق ومسئوليات سياسية تجاه مجتمعاتهن. ولعل أحد أهم المداخل لفهم عملية التفاعل تلك هو من خلال فهم علاقة النساء بالمجال العام لما يتجلى من خلال دراساتها من علاقات تفاعلية بين أنماط ثقافية وتحيزات سياسية وخلافات قانونية كجزء من واقع وحراك سياسي واجتماعي تعيشه نساء هذا الوطن. إدراكاً من المشرع لأهمية التعجيل بصرف النفقة للزوجة وأبنائها، جاءت نص المادة 72 من القانون رقم (1) لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية علي أن :
" علي بنك ناصر الاجتماعي أداء النفقات والأجور وما في حكمها مما يحكم به للزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الوالدين، وذلك وفقاً للقواعد والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير العدل بعد موافقة وزير التأمينات".فقد ألزم النص بنك ناصر الاجتماعي- وهو هيئة عامة- بأداء النفقات والأجور وما في حكمها المحكوم بها للزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الوالدين، ويدخل في ذلك النفقة وفقاً للقواعد والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير العدل بعد موافقة وزير التأمينات. ولا يشمل هذا الإلزام نفقة الأقارب من الحواشي. ويسري الالتزام بالنسبة لكافة المحكوم لهم من الطوائف السابقة، وكامل المبلغ المقضي به. وفي هذا يختلف النص عن نص المادة الثالثة من القانون رقم 62 لسنة 1976 (الملغي) التي نصت علي أن يكون وفاء بنك ناصر في هذا الشأن في حدود المبالغ التي تخصص لهذا الغرض.
وفي هذا جاء بالمذكرات الإيضاحية للقانون أن من ضمن أحكامه (إعادة تنظيم أداء بنك ناصر الاجتماعي للنفقات والأجور وما في حكمها فقد ناط المشروع بهذا البنك أداء ما يحكم به من ذلك للزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الوالدين- وفقاً للقواعد والحدود والضوابط التي يصدر بها قرار من وزير العدل، بعد موافقة وزير التأمينات والشئون الاجتماعية). ولم يشترط النص الصادر بالنفقة والأجور ان يكون حكماً نهائياً، وإنما الأحكام حتى ولو كانت مؤقتة، وعلي ذلك فإن الأحكام المذكورة واجبة النفاذ بقوة القانون بلا كفالة. استيفاء بنك ناصر الاجتماعي لمبالغ النفقة المحكوم بها
لم يلق موضوع السياسة القانونية للأحوال الشخصية عناية كافية من الباحثين في مجال سوسيولوجيا القانون، وكذلك لم تجر في شأنه بحوث ميدانية كافية على المجتمع المصري، على الرغم من أن إجراء دراسة ميدانية في هذا الصدد لها أهمية خاصة.
ففي سياق الاهتمام بترشيد السياسة القانونية عامة، وفي مجال الأحوال الشخصية خاصة يستلزم الأمر إجراء دراسة نظرية وبحث ميداني يكشف عن مختلف الآراء والتقييمات لدى عينة من القضاة والمتقاضين والمحامين. إلى جانب معرفة مدى التجاوب بين ما هو منصوص عليه في القانون وبين ما هو واقع فعلا. والكشف عن أوجه القصور في النصوص التشريعية، والصعوبات التي تحول دون فعاليتها في التطبيق، كل ذلك يمكن أن يساهم في ترشيد القاعدة القانونية، ثم تجاوز الهوة بين التشريع كنص والواقع العملي له، وذلك نظرا لما يعانيه مجتمعنا من وجود ما يمكن أن يُسمى بالفصام بين التشريع من جهة والواقع الاجتماعي بأبعاده المختلفة من جهة أخرى وهو ما يستلزم مساهمة علم الاجتماع القانوني لتخطي هذه الفجوة.
كما تجسد هذه الدراسة صورة من صور التفاعل المباشر بين البحث العلمي والسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، وتمثل خطوة في طريق قيام الباحث العلمي بمسئوليته الاجتماعية التي لا تقف عند حد التوصل إلى نتائج علمية، وإنما تجتهد في أن تسهم هذه النتائج في ترشيد القرار. ولا يستطيع أحد أن ينكر الأهمية المحورية للأسرة كنسق رئيسي من أنساق المجتمع، كما لا يوجد من يغفل نجاح الأسرة في أدائها لوظائفها وما ينعكس بالتالي على الأنساق الاجتماعية الأخرى فضلا عن تأثر النسق الأسري بالأنساق الأخرى إيجاباً وسلباً. ونظرا لهذه الأهمية التي تحتلها الأسرة في المجتمع، فقد حظيت باهتمام مختلف العلوم الاجتماعية بهدف الوصول إلى أطر نظرية تساعد في فهم وتحليل وتفسير الأوضاع الأسرية السوية وغير السوية، وكيفية مساعدة الأسرة وتهيئة كافة الظروف التي تمكنها من أداء وظائفها بشكل فاعل في ضوء المتغيرات المجتمعية والعالمية الراهنة.
ومن جهة أخرى تسعى المجتمعات المختلفة على تباين أيديولوجياتها إلى اتخاذ كافة التدابير التي من شأنها تهيئة الظروف والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتشريعية التي تساعد بل وتدعم الأسرة في القيام بوظائفها ومواجهة ما يعترضها من تحديات.
ومن الضروري إلقاء الضوء على الظروف التي تعاني منها الأسرة المصرية وانعكاس ذلك على النواحي الاجتماعية، وتلمس الحلول التي تبدو محققة لأمنها وأمانها، وخلق نوع من التوازن العادل بين جميع أفرادها، فلا يجور طرف منها على الآخر، بل يسعى الكل معا في إطار من الحقوق والواجبات المتبادلة، وهو ما اصطلح على التعبير عنه بتشريعات الأحوال الشخصية، خاصة وأن العقود القليلة الماضية قد شهدت عدة محاولات لتعديل قوانين الأحوال الشخصية لمواجهة الكثير من القضايا والمنازعات التي تنشأ بين أعضاء الأسرة.
مرت الأسرة المصرية في العصر الحديث بعدد من التغيرات التي أثرت على بنائها ووظائفها وعلاقاتها بما عداها من نظم ومؤسسات اجتماعية، وتستند هذه التغيرات إلى جملة من العوامل والمتغيرات. إلا أن القانون والتشريع في مجال الأحوال الشخصية يلعب دوراً فاعلاً في معالجة مشاكل الأسرة بقصد رأب الصدع وإعادة توازن العلاقات الاجتماعية من أجل مزيد من التفاعل المتزن والحفاظ على الخلية الأولى للمجتمع.
ومواكبة لهذه التغيرات المعاصرة تعرضت أحكام الأسرة في القانون شأنها شأن كثير من الأحكام لتغييرات جوهرية مثل: صدور القانون رقم 44 لسنة 1979 ثم إلغائه بموجب حكم المحكمة الدستورية العليا في 4/5/1985، ثم صدور القانون رقم 100 لسنة 1985 بشأن بعض الأحكام الخاصة بالأحوال الشخصية، ثم صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 6 يناير 1996م بعدم دستورية بعض أحكام هذا القانون الأخير، ثم صدر القانون رقم 3 لسنة 1996 بشأن تنظيم إجراءات مباشرة دعوى الحسبة في مسائل الأحوال الشخصية، مروراً بالقانون رقم 1 لسنة 2000 بشأن تيسير إجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية (الخلع) وصولاً إلى القانون رقم 10 لسنة 2004 بخصوص محكمة الأسرة.
كل ذلك يفضي إلى القول بالتأثير المتبادل بين التحولات الاجتماعية الاقتصادية في المجتمع المصري وبين السياسة التشريعية في مجال الأحوال الشخصية وخاصة الأسرة على هيئة تعديلات جوهرية في هذا المجال.
وفي ضوء ذلك تتحدد مشكلة الدراسة في التعرف على "الأبعاد الاجتماعية لقانون الأحوال الشخصية رقم 10 لسنة 2004"، وقدرته على مواكبة التحولات والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية مع تقديم نتائج مقابلات لعينة من القضاة والمحامين العاملين في مجال الأحوال الشخصية والمتقاضين والمتقاضيات الذين يعانون من مشاكل دفعتهم إلى اللجوء لمحاكم الأسرة. وتوحي صياغة الموضوع على هذا النحو إلى أن هناك دراسة نظرية ستركز على مدخل علم الاجتماع القانوني ودراسته لهذا القانون في مجال الأحوال الشخصية وكيف أن السياسة القانونية هي مجال أصيل من مجالات الدراسة في علم الاجتماع القانوني من حيث مضمونها وتطورها لمواكبة التحولات الاجتماعية في مصر، كما توحي صياغة الموضوع على هذا النحو إلى أن هناك بحث ميداني يكشف عن الرأي تجاه القانون رقم 10 لسنة 2004.
وعلى ذلك تسعى الدراسة إلى الكشف عن ملامح مواكبة السياسة التشريعية في مجال الأحوال الشخصية وخاصة أحكام الأسرة في القانون، لظروف المجتمع المصري المتغيرة.
أهداف الدراسة:
تستهدف الدراسة ما يلي:
1-تقييم القانون رقم 10 لسنة 2004 بشأن محكمة الأسرة على المستوى النظري، من وجهة نظر عينة البحث.
2-التعرف على الآثار التي يمكن أن تنجم عن تطبيق هذا القانون.
3-استكشاف تصورات مقترحة لمواجهة آثار التطبيق لزيادة الانتفاع بقانون محكمة الأسرة.
وهو ما يكشف عن تحليل وتأصيل لمدى استخدام المشرع للتشريع كوسيلة لتوجيه التغيرات الاجتماعية والعمل على ضبطها في مجال الأحوال الشخصية.
أهمية الدراسة:
تُقاس الأهمية الاجتماعية لمسائل الأحوال الشخصية من خلال معرفة الحجم الإجمالي لعدد الأسر، وبالتالي الأفراد، الذين تؤثر هذه المسائل في مسارات حياتهم اليومية بشكل مباشر، كما تؤثر مسائل الأحوال الشخصية على حياة الأفراد والجماعات مثل ما يحدث في حالات الطلاق.
وتبدو أهمية هذا العمل في الجمع بين الدراسة النظرية والبحث الميداني، الذي يعكس الخبرة التطبيقية والتنفيذية والعملية للقضاة وللسادة أعضاء النيابة العاملين بقضايا الأحوال الشخصية والمحامين. كما تتمثل أهمية هذا العمل في تصميم أداة بحثية تسمح بالحصول على درجة عالية من البيانات المرتبطة بذلك، فضلاً عن مقابلة العديد من العاملين بقضايا الأحوال الشخصية مما يسمح بالتعرف على المشاكل الفعلية والواقعية للموظفين وكفاءة هذا القانون رقم 10 لسنة 2004 في معالجة هذه المشاكل. يرتبط بذلك ما تمثله مسائل وأحكام الأسرة وخاصة الأحوال الشخصية من أهمية خاصة في استقرار المجتمع، وهو ما يصب في مجال تفكير الباحث واهتمام البحث العلمي بالإبداع والابتكار تبعا لتغير المجتمع.
المفاهيم الأساسية:
ثمة مفاهيم يمكن التطرق لها توظف في هذه الدراسة مثل: تشريعات الأحوال الشخصية – السياسة التشريعية.
1 – تشريعات الأحوال الشخصية: اصطلاحاً يطلق على أحكام الأسرة، أي مجموعة الصفات الطبيعية والعائلية للحياة الشخصية مثل: الزواج والطلاق والحضانة والنفقة والنسب والميراث.
2 – السياسة التشريعية: ظهر مفهوم السياسة القانونية (التشريعية) بين عامي 1893 و 1895 في أحد أعمال ليون بترازسكي L. Petrazycki المعنون Die Lehre Vom Einkommen، ولقد تطور هذا المفهوم في أعماله التالية، ومؤدى ذلك أنه رأى أن: جوهر مشكلة سياسة القانون تكون علميا من التنبؤ المبرر لتأثيرات الأعمال والتصرفات القانونية المعنية التي تم إدخالها، وفي إتقان المبادئ التي تسبب بعض التأثيرات المرغوبة.
وبسبب وجود هذه المبررات والأسباب هناك الحاجة والداعي إلى التنمية المنظمة للتأمل النظري في طرق السياسة القانونية كمجال من مجالات الهندسة الاجتماعية والتأمل في سوسيولوجيا القانون كأساس نظري للسياسة القانونية. وكذلك التأمل التجريبي الميداني.
ووفقاً للدراسة الراهنة يقصد بالسياسة القانونية أفضل الأساليب التي يضعها المشرع لمواجهة المشكلات والظواهر الاجتماعية التي تتطلب مواكبة المشرع لها في محاولة للحد منها وحصرها في أضيق نطاق، وعلى ذلك تشمل السياسة القانونية سياسة تجريم الأفعال التي تمثل عدوانا على أمن المجتمع. ثم سياسة الجزاء مثل إقرار العقوبة التي تتناسب وجسامة الجريمة لتحقيق الردع العام. فضلا عن اختيار التدبير الاحترازي الذي يحقق الردع الخاص للمحكوم عليه، وبالإجمال يرتبط ذلك بالعمل على إعادة التوازن والاستقرار للمجتمع.
التوجه النظري للبحث:
ينطلق علم الاجتماع من رؤيته للقانون بوصفه إما مجرد تعبير عن إرادة السلطة، أو تعبير عن ترجمة لمبادئ العدالة العليا، أو بوصفه تعبيراً عن حاجات وآمال المجتمع. ومن وجهة نظر الدراسة الراهنة فإن السياسة التشريعية وإن كان معبرة عن إرادة السلطة التشريعية تمثل الشعب، إلا أن تطبيقها بواسطة المجتمع وتأثيرها على النشاط الإنساني يولد ظواهر وآثار اجتماعية تستحق الرصد والبحث. ومن ناحية أخرى فإن السلطة التشريعية التي تمثل الشعب في النظام الديمقراطي يجب أن تعبر من خلال القانون (والسياسة التشريعية) عن آلام وآمال المجتمع، وعن القيم التي يؤمن بها المجتمع ومنها قيمة العدالة.
ومن أبرز المقومات والمقولات التي تنطلق منها الدراسة في هذا الصدد والتي ينبغي أن تتوافر في التشريعات لإحداث التغير الاجتماعي ما يلي:
1-التشريعات بطبيعتها اجتماعية، فهي وليدة المجتمع بظروفه وعلاقاته واحتياجاته ونظمه وقيمه وآماله.
2- التشريعات تعبير عن حضارة المجتمع، بكل ما يحويه من مبادئ كالحرية والعدالة والمساواة وحماية الحقوق والتكافل الاجتماعي.
3- كما أنها تعبير عن قيم المجتمع ومصالحه وذاتيته الثقافية.
4- ثم أنها أداة لإحداث التوازن بين علاقة الفرد بالدولة وعلاقة الأفراد فيما بينهم.
5- بالإضافة لتكيف التشريعات مع العالم الخارجي وتأثيرها وتأثرها بموجات الثقافة العامة.
في ضوء ذلك يمكن النظر لعلاقة تشريعات الأحوال الشخصية – بالتغير الاجتماعي، حيث يمكن القول أن هناك علاقة ارتباطية وعكسية صحيحة بين التغيير في الأحكام القانونية التي تتعلق بالأسرة وأحوالها الشخصية، والتغييرات التي تحدث في الواقع الاجتماعي والتحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي يمر بها المجتمع ونسق القيم الذي يسود خلال هذه التحولات، وأن النسق القانوني الذي يحكم الأسرة يسعى بدوره لإجراء تعديلات بداخله تعكس وتوجه التغير الاجتماعي على مستوى الأسرة للدخول في علاقات اجتماعية تتوائم وتتواكب مع التغيرات الاجتماعية. حيث أن الكثير من برامج إعادة البناء للأسرة قد دعمتها أنساق قانونية مستحدثة عكست التوجه العام نحو تقنين أوضاع محددة لمساعدة الأسرة في مواجهة التحديات التي تواجهها.
تساؤلات الدراسة:
رجوعاً لمشكلة البحث وتواصلاً مع الأهداف أمكن صياغة التساؤلات الآتية:
1- ما ملامح تشريعات الأحوال الشخصية في مصر، وما القيم التي تتضمنها، وما مدى اتساقها مع الدستور والشريعة؟
2- إلى أي مدى تواكبت تشريعات الأحوال الشخصية مع ظروف المجتمع المصري المتغير؟
3- ما مدى إتفاق أو اختلاف آراء عينة البحث مع مواد القانون رقم 10 لسنة 2004 بشأن محكمة الأسرة؟
4- هل هناك إجماع في الرأي فيما يختص بهذا القانون، أم أن هناك اختلافات بين فئات الجمهور؟
5- ما تأثير السن والدخل والتعليم والنوع على الآراء نحو هذا القانون؟
6- ما الدوافع والأسباب التي تحدد رأي الأشخاص في القانون.
7- ما التصورات المقترحة لمواجهة مشكلات التطبيق لزيادة الانتفاع بقانون محكمة الأسرة المذكور؟
الإجراءات المنهجية وتصميم البحث:
نظراً لأهمية دراسة مدى كفاية وفعالية النصوص القانونية الواردة بشأن الأحوال الشخصية في مجال الأسرة المصرية، بطريقة موضوعية تعكس آراء فئات محورية ذات معرفة وخبرة عملية بها، فقد اتجهت الدراسة لإجراء مقابلات عينة من أعضاء الهيئة القضائية، والمحامين، وحالات من المتقاضين والمتقاضيات.
وانطلق البحث مستهدفاً الكشف عن تقييم القانون رقم 10 لسنة 2004 بشأن الأحوال الشخصية أو ما تعاف عليه بمحكمة الأسرة في التطبيق كما يلي:
1- فيما يتعلق بمقابلة عينة الهيئة القضائية والمحامين، تركزت أهداف المقابلة في تقييم القانون من حيث: مشكلات التطبيق، والاقتراحات التي ينبغي إدخالها على هذا القانون. وهذا بدوره يكشف عن العوامل الاجتماعية والقانونية التي تحد من ممارسة النصوص القانونية بفعالية، وتعوق ممارسة العدالة تطبيقاً في المجتمع المصري، كما ستساعد في توفير المواءمة بين القانون كنص وكإجراء واقعي في المجتمع.
2- أما بالنسبة لرأي المتقاضيات والمتقاضين: فلقد استهدفت المقابلة هنا التطرق لدى إتفاق أو اختلاف رأي المتقاضين والمتقاضيات مع القانون، ثم تأثير السن وادخل والتعليم والنوع على الآراء نحو هذا القانون، وإلى أي مدى تؤيد نتائج البحوث الاجتماعية صلاحية هذا القانون. فضلا عن قياس مدى معرفة الحالات بقانون محكمة الأسرة ومصدر هذه المعرفة، وإدراك ماهية قانون محكمة الأسرة، ومميزات هذا القانون للزوجات وللأزواج، ثم أضراره لكل من الزوجين أو الأولاد أو المجتمع من وجهة نظر المتقاضين والمتقاضيات، والتعرف على مستقبل هذا القانون من خلال تطلع هذه الشريحة للآثار التي ستنجم عنه.
إجراء تصميم الأداة البحثية:
نظراً لأن الباحث فرد وفي حدود إمكاناته ونظراً لقلة الدراسات السابقة في هذا الصدد فقد اكتفى الباحث بإجراء المقابلات في نطاق مجمع المحاكم ببورسعيد ومحافظة الشرقية ولربما كان اختيار محافظة الشرقية كمحافظة ريفية بتقاليدها وقيمها الريفية الأكثر تماسكا وما يرتبط بذلك من غلبة أساليب التفكير الودية وقوة المجالس العرفية ودور العائلة في نزع فتيل الأزمات واحتواء المشاكل العامة والأحوال الشخصية، وكذلك طبيعة النشاط الاقتصادي والذي يقوم أساسا على الفلاحة أو العمالة غير المنتظمة وتوسط مستويات الدخل مما يرتب محاولة أن يتكيف الناس مع واقعهم ويتواضعوا في نفقات الزواج ومتطلباته والجهاز وما إلى ذلك. ويشكل متوسط مستوى الدخل آلية للتعايش مع الواقع والتحمل سواء كان من جانب الزوجة أو من جانب الزوج.
أما اختيار محافظة بورسعيد فإنه كان اختيارا عمديا نظرا لأنها محافظة حضرية ساحلية، كانت منطقة حرة يفد إليها العديد من سكان المحافظات الأخرى وهو ما يرتب ترتيبات قيمية وثقافية، فضلاً عن مستوى المعيشة وظهور قيمة التجارة والمكسب والربح، وما يمارسه ذلك من آليات وآثار على الأحوال الشخصية والزواج.
فضلاً عن ذلك كان اختيار محكمة الأسرة ببورسعيد يتميز بأن فيه قسم خاص لزواج الأجانب على مستوى الجمهورية وقسم لحالات الأسرة على مستوى المحافظات الأخرى وخاصة من هم في مستوى اجتماعي اقتصادي مرتفع وهو ما يضيف إضافة قد لا تكون متوفرة في غيرها من محاكم الأسرة.
وذلك من خلال صياغة 3 أنواع من الاستمارات تعتمد في تطبيقها على المقابلة الشخصية بين الباحث والعينة، وهي كالتالي:
1- استمارة لأعضاء الهيئة القضائية.
2- استمارة للمحامين وللعاملين بمحاكم الأسرة.
3- استمارة للحالات المتقاضية (أزواج وزوجات).
وفيما يتعلق باستمارتي أعضاء الهيئة القضائية والمحامين، فقد احتوت على أسئلة متماثلة. واشتملت الاستمارتان على:
- مدى الحاجة إلى قانون محكمة الأسرة.
- مدى كفاية النصوص القانونية بشأن الأحوال الشخصية في الأسرة.
- أسباب كفاية هذه النصوص أو عدم كفايتها.
- مدى وجود مشكلات في التطبيق، وما هية هذه المشكلات.
- مدى تحقيق قانون الأحوال الشخصية رقم 10 لسنة 2004 المطبق للغرض منه.
- مدى توافر اقتراحات لدى المبحوث لإدخالها على القانون المذكور، وطبيعة هذه الاقتراحات.
أما فيما يتعلق بالعناصر الأساسية التي احتوتها استمارة الحالات المتقاضية فقد جاءت متمثلة على ما يأتي:
- نوعية المعرفة التي تعلم بها الحالة عن قانون محكمة الأسرة ومصدر معرفتها.
- مميزات هذا القانون ومضاره.
- مدى انحياز القانون للزوجات أو للأزواج.
- تطلع العينة للآثار المترتبة على تطبيق هذا القانون.
- اقتراحات أفراد العينة نحو هذا القانون.
اختبار أداة البحث:
تضمنت نماذج الاستمارات الثلاث لشرائح العينة معظم الأسئلة التي تغطي الهدف من إجراء البحث، وبهدف مراعاة قياس الصدق الظاهري للاستمارات قام الباحث بعرض الاستمارات على مجموعة من السادة الأساتذة في البحث العلمي الاجتماعي والخبراء المهتمين بهذا النوع من الدراسات، ومن جهة أخرى روعيت أهمية اختبار صياغة الاستمارات للتحقق من صلاحية الصياغة ووضوح الأسئلة للمبحوثين (خاصة المتقاضين والمتقاضيات) وفي ضوء التحكيم واختبار أدوات البحث ثم التعديل وذلك في أول ديسمبر 2004.
ومن خلال التطبيق المبدئي الذي بدأ في فبراير 2005 وحتى آخر مارس من ذات العام، تلاحظ:
أ – ضعف الوعي القانوني والمعرفة بأحكام القانون 10 لسنة 2004 خاصة لدى شريحة المتقاضين والمتقاضيات. وحتى ميلهم لتفسير النصوص – في حال علمهم بها – تفسيراً ذاتياً وفقاً لمصلحتهم الشخصية.. وهو ما استلزم أن يسوق الباحث مضمون أحكام هذا القانون في مستهل الاستمارات.
ب – صعوبة مقابلة عينة السادة القضاة والسادة أعضاء الهيئة النيابية، وهو ما تطب استثمار أسلوب العلاقات الودية في شرح مضمون البحث والهدف منه ثم مقابلة بعضهم في نادي القضاة بالزقازيق وبورسعيد أو في مقار عملهم بعد الجلسات، كما كانت هناك صعوبة في مقابلة السادة المحامين إلا بعد العديد من المرات خاصة في آخر النهار في مكاتبهم أو في المحكمة بعد الجلسات.
ج – سؤال السادة القضاة عما إذا كان هناك تصريح من المجلس الأعلى للقضاء بإجراء هذا البحث من عدمه، وهو ما تطلب أن يشرح الباحث هدف البحث وأهميته لهم، وكسب ثقتهم بالبحث العلمي الاجتماعي ومدى أهميته في تحقيق أداء العدالة الجنائية والسياسية التشريعية لدوريهما.
د – إشتراك بعض طلاب قسم الاجتماع بكلية الآداب بجامعة الزقازيق بتقديم بيانات ومعلومات خام عن المتقاضين والمتقاضيات أو هي مبحوثة بالفعل من قبل مكتب تسوية المنازعات الزوجية وفقاً لقانون محكمة الأسرة 10 لسنة 2004، وذلك في إطار مقرر الخدمة الاجتماعية للعام الجامعي 2004/2005 الفصل الدراسي الأول لطلاب الفرقة الثانية، وكذا طلاب الفرقة الرابعة مقرر علم الاجتماع القانوني، وذلك بعد شرح أهمية الموضوع وأهدافه ومضمون القانون وآلياته والجديد فيه لدى هؤلاء وكان هذا اختيارياً من جانب الطلاب الذين تستهويهم عملية البحث العلمي الاجتماعي ويتوقون إلى توظيف الفهم النظري بالواقع الاجتماعي المحلي.
ثبات الأداة:
في محاولة لتحقيق ذلك عمد الباحث إلى الأسئلة مفتوحة النهايات، وبموجبها يجيب المبحوثون على السؤال بعباراتهم الخاصة وبتلقائية، مما يوفر تنوع في الآراء والاتجاهات لدى المبحوثين، وتطلب ذلك إعادة تفريغ وتبويب الأجوبة بطريقة موضوعية. وبهدف اختبار ثبات الأداة، بعد الاطمئنان لصلاحية صياغة الأسئلة لأفراد العينة، وبهدف التأكد من أن جميع الأسئلة المصاغة ذات ثبات مقبول في إجابة المبحوثين عليها، اعتمد الباحث على أسلوب التطبيق وإعادة التطبيق Test Retest.
تاسعاً: عينة البحث:
في ضوء أهداف البحث والواقع الاجتماعي بالشرقية وبورسعيد تم إجراء البحث على الفئات التالية:
1- عينة السادة أعضاء الهيئة القضائية وبلغت 14 عضواً.
2- عينة السادة المحامين وبلغت 23 محامياً كما بلغت عينة العاملين 10 حالات.
3- حالات المتقاضين والمتقاضيات وبلغت 75 سيدة و 25 رجلاً.
عاشراً: تقسيم الدراسة:
وتنقسم الدراسة في معالجتها لموضوعها لما يلي:
أولاً: المعرفة والرأي تجاه القوانين كمجال أساسي في سوسيولوجيا القانون.
ثانياً: الدراسة السوسيولوجية للمعرفة والرأي تجاه القانون (الأدبيات).
ثالثاً: الخلفية الدينية والدستورية لقانون الأحوال الشخصية.
رابعاً: التطور الاجتماعي الاقتصادي للمجتمع المصري.
خامساً: المشرع المصري ومواكبة تشريعات الأحوال الشخصية للتطور الاجتماعي الاقتصادي: دراسة في تحليل القانون رقم 10 لسنة 2004.
سادساً: الخصائص الديموجرافية للمتقاضيات والمتقاضين من عينة الدراسة.
سابعاً: تحليل ملفات القضايا بمحكمة الأسرة.
ثامناً: نتائج الدراسة الميدانية.
تاسعاً: استنتاجات الدراسة.
عاشراً: المقترحات والتوصيات.
وفي هذا الصدد يستعرض الباحث أهم نتائج الدراسة وتوصياتها على النحو التالي:
* نتائج الدراسة على ضوء تساؤلاتها:
انطلقت الدراسة من تساؤلاتها التالية:
1- ما ملامح تشريعات الأحوال الشخصية في مصر؟
2- إلى أي حد تواكبت تشريعات الأقوال الشخصية مع ظروف المجتمع المصري المتغيرة؟
3- ما مدى اتفاق أو اختلاف آراء عينة البحث مع مواد القانون رقم 10 لسنة 2004 بشأن محكمة الأسرة؟
4- هل هناك إجماع في الرأي فيما يختص بهذا القانون؟ أم أن هناك اختلافات بين فئات الجمهور؟
5- ما تأثير السن والدخل والتعليم والنوع على الآراء نحو القانون.؟
6- ما الدوافع والأسباب التي تحدد رأي الأشخاص في القانون؟
7- ما التصورات المقترحة لمواجهة مشكلات التطبيق لزيادة الانتفاع بقانون محكمة الأسرة؟
ووفقاً للدراسة الميدانية فإن قانون الأحوال الشخصية رقم 10 لسنة 2004 قد تضمن رغبة من المشرع في تعزيز استقرار الأسرة وحمايتها من التصدع والاضطراب وحسم ما يثور داخلها من منازعات بما يساير ثقافتها في تسوية أخصائيون مؤهلون بهدف تسوية تلك المنازعات صلحاً، وكخطوة جادة في سبيل ترشيد عدد الوارد إلى محاكمها، والذي سوف يتناقص بمقدار ما يتم تسويته من نزاعات عن طريق تلك المكاتب، وتوفيراً للوقت والإجراءات، وتفعيلاً لدور المتنازعين في إنهاء منازعاتهما بإرادتهما وموافقتهما على تسوية ودية للنزاع، رائدها تحسين العلاقات بينهما، والحفاظ على كيانها، وإلا ظل طريقهم إلى محكمته لتجمع شتات منازعاتهم أمام منصة واحدة يحتكم إليها كل من المرء وأخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، ويقوم عليها قضاة متخصصون، يعاونهم سفراء فيما تستلزمه أنزعتها بما يتفق وطبيعتها، كما تواكبت تشريعات الأحوال الشخصية مع المد العالمي والتغيرات الإجتماعية الاقتصادية التي أصابت المجتمع المصري.
ثم أن عينة البحث قد اتفقت على مواد القانون وأنها جاءت لمصلحة هذا المجتمع، وأن كانت هناك اختلافات بين فئات العينة حول آليات تحقيق العدالة التي جزء وليس على الهدف أو الغاية.
كما أن الخصائص الاجتماعية لشرائح العينة خاصة شريحة المتقاضين تلعب دورها خاصة النوع، نظرا للثقافة الأبوية والتي تجعل المرأة الشرقية كأم أو كزوجة أو كأخت أو كإبنه بمثابة الطرف الذي يجد في طاعته للقائمين عليه.
ويتبقى القول بعد ذلك بأن أبرز العوامل التي تحدد رأي الأشخاص في القانون هي وعيهم بالقانون ومصلحتهم التي يحققها لهم القانون.
ورجوعاً للإطار النظري الذي انطلقت منه الدراسة فإن قانون الأحوال الشخصية رقم 10 سنة 2004 هو تعبير عن السلطة في المجتمع والتي تتبنى قيم الديموقراطية وتمثل الشعب وبالتالي تعبر خلال القانون عن حاجات وآمال المجتمع وعن القيم التي يؤمن بها المجتمع ومنها قيمة العدالة، بين أطراف الأسرة الواحد، وهو ما انعكس في هذا القانون، حيث أنه بطبيعته اجتماعي وليد المجتمع المصري بظروفه، كما أنه منطلق من مكتب تسوية المنازعات الأسرية وهي الآلية الفعالة في إعادة أطراف الأسرة وسحب فتيل الأزمة، بدليل عدد القضايا والملفات التي تم تسويتها قبل أن تصل للمحكمة، وهو ما يعني أن الكثير من برامج إعادة البناء لأسرة قد دعمتها أنساق قانونية مستحدثة عكست التوجه العام نحو تقنين أوضاع محددة لمساعدة الأسرة في مواجهة التحديات التي تواجهها.
وأما من حيث نتائج الدراسة الراهنة ومدى تقاطعها من عدمه مع نتائج الدراسات المشابهة، فإن الدراسة الراهنة اتفقت مع دراسات سابقة في أن القانون يستخدم لتحقيق الضبط والتوجيه الاجتماعي، كما أنها اتفقت مع دراسات أخرى في أن الحماية التي يوفرها القانون لبعض الفئات بهدف تحقيق التوازن الاجتماعي قد تفرغ من مضمونها بفعل بعض أنساق القيم التقليدية التي تعوق فاعلية هذه القوانين والتي تمثل تحديات ومعوقات لحركة التقدم الاجتماعي التي تستهدفها القوانين.
وبالإضافة لذلك تتفق الدراسة مع دراسات سابقة في أن الوعي بالقانون هو سلاح ذو حدين قد يساعد في تنظيم الأفعال الفردية والاجتماعية وفقا لأنساق القيم الناضجة الراقية أو قد يعوق الفعل الاجتماعي.
ولكن ما نوعية هذا التأثير الذي يمكن أن يحدثه الوعي بقوانين الأحوال الشخصية عند أفراد المجتمع؟
نستطيع أن نميز بين اتجاهين رئيسيين الأول: يرى أن الوعي بالقانون - خاصة من جانب الزوجة – له تأثير سلبي على العلاقات الأسرية.. ويعتقد مؤيدو هذا الرأي أن القانون قد جاء في مجمله مناصراً للزوجة بصفة عامة، ومن ثم فإن وعيها قد يقوي نفوذها ويجعلها تتمرد على حياتها الأسرية أو على الأقل تكون أقل صبراً وتحملاً لظروف الحياة. والثاني: يرى أن الوعي بهذه القوانين قد يحد من تصرفات وتسلط كثير من الأزواج ويجعلهم يفكرون كثيراً قبل الإقدام على الطلاق أو الزواج مرة أخرى وأن النصوص السابق ذكرها من شأنها أن تجعل الأزواج يترددون ويتراجعون عن الإساءة والإضرار بزوجاتهم ومن ثم تستقيم الحياة الأسرية وتستقر العلاقات الطيبة بين الزوجين.
وفي ضوء ذلك يمكن أن توصي الدراسة بما يلي:
1 – تشريعات الأحوال الشخصية خاصة القانون رقم 10 لسنة 2004 على تقدمها ليست كافية لتحقيق أهدافها في الواقع الاجتماعي، حيث تقابلها تحديات واقعية تقلل من فاعلية القانون وخاصة نسق القيم التقليدي الذي يعوق حركة القانون في التقدم الاجتماعي.
وفي إطار ذلك توصي الدراسة بزيادة دور وسائل الإعلام في رفع وعي المواطنين بالبنود والإجراءات القضائية المرتبطة بقوانين الأحوال الشخصية وذلك من خلال برامج موجهة تبث عبر وسائل الإعلام لما لها من تأثير ثقافي فعال حتى ترتفع درجة الوعي والمعرفة للمواطنين بهذه القوانين وحتى تكون اتجاهاتهم حيالها بالقبول أو الرفض ناتجة عن وعي حقيقي بضرورة هذه القوانين لخدمة الأسرة وتنظيم المجتمع، من خلال إعداد برنامج للندوات والبرامج التليفزيونية لنشر ثقافة حقوق الإنسان بين أفراد الأسرة، بما في ذلك ثقافة الحوار والتسامح وتسوية المنازعات وديا، وقبول حق الاختلاف، خاصة فيما يتعلق بالمرأة والطفل، وجدير بالذكر أن القنوات المختلفة والفضاءات الإعلامية تتسابق لتنشر ذلك بشكل مدروس ومؤثر، إلا أن الأم لا يزل يتطلب المزيد.
2 – كما توصي الدراسة بضرورة تدريب العاملين في محاكم الأسرة وكذلك خبراء مكاتب تسوية المنازعات على أحدث اتجاهات العمل الاجتماعي، وإجرائيا يمكن تحقيق ذلك من خلال:
أ – إعداد برنامج للتدريب المكثف لجميع أعضاء المحكمة والنيابة المتخصصة لشئون الأسرة وكذا الخبراء النفسيين والاجتماعيين، وأعضاء مكاتب تسوية المنازعات الأسرية، والإداريين ومحضري التنفيذ، مع مراعاة أن يتضمن التدريب بالإضافة إلى الجانب التخصصي الفني لكل كادر، محاضرات عن حقوق الإنسان، وخاصة حقوق المرأة والطفل، ومهارات التوفيق والتصالح والتسوية، بالإضافة للمهارات السلوكية لإعطاء المشورة وللتعامل مع أعضاء الأسر من مختلف الأعمار والخلفيات الاجتماعية والثقافية. صحيح أنه تمت جهود قوية في هذا الصدد، إلا أن هناك ضرورة لتواصلها..
ب – إعداد برنامج للتدريب المكثف للعاملين بفروع بنك ناصر الاجتماعي في صرف أحكام النفقات، بالإضافة للمتخصصين في إجراءات التنفيذ والتحصيل، على أن يتضمن البرنامج بالإضافة للجانب الفني والإجرائي لعملهم، محاضرات عن حقوق الإنسان وحقوق الطفل والمرأة ومهارات وسلوكيات التعامل وإعطاء المشورة لأصحاب الحق في النفقة.
ج – إعداد برنامج متوسط الأجل لاستحداث دبلومات وبرامج تدريب متخصصة في كليات الآداب والمعاهد العليا للخدمة الاجتماعية، في قسم الاجتماع وعلم النفس، وكذا كليات الحقوق، لتخريج المتخصصين للعمل بمكاتب تسوية المنازعات الأسرية والخبراء الاجتماعيين والنفسيين الملحقين بدوائر المحكمة. بحيث يمكن لبعض العاملين المعينين فعلا الالتحاق بهذه الدبلومات. ويراعى أن يكون الحصول على هذه الدبلومات شرط للتعيين في محاكم الأسرة في المستقبل.
3 – زيادة الاهتمام بالأسرة كمؤسسة تربوية للتنشئة الاجتماعية وتفعيل السياسات الأسرية الموجودة من خلال:
أ – تشجيع وتدعيم البحوث الاجتماعية الأسرية الإكلينيكية وصولا إلى نماذج علمية للرعاية الأسرية.
ب – إنشاء وتدعيم الاستثمارات الأسرية وفحص الراغبين في الزواج من خلال مكاتب ومراكز متخصصة وإنشاء دبلومات في هذا الصدد لتخريج العناصر المؤهلة التي تعمل في هذه المراكز.
ج – الاهتمام بتعليم المرأة ومحو الأمية ونشر الثقافة الأسرية.
4 – ومن جهة أخرى يمكن النظر كمقترحات تطبيقية فيما يلي:
أ – النظر في إعداد مؤتمرات تمهيدية حول محكمة الأسرة تمنح مساحة أوسع إعلاميا وثقافيا بين فئات المجتمع حول فلسفتها وضرورتها وسبل تطورها إذا رأت الفئات المستفيدة ذلك.
ب – النظر في استحداث مسمى آخر كبديل لمسمى "المحكمة" المتفق عليه حفاظا على قدسية الكيان الأسري، يليق بدور مصر ومكانتها الريادية دون الاعتماد على اقتباس أساليب الآخرين.
وكذلك منح الفرصة أمام المؤسسات الاجتماعية ومثيلتها للمساهمة بمجهوداتهم وآرائهم في حيثيات الحكم في المسائل ذات الطبيعة الاجتماعية الخالصة وزيادة دور مكاتب التوجيه والاستشارات الأسرية في حل المشكلات وحث القائمين عليها على بذل المزيد من الجهد بتطبيق نظام الحوافز المادية والمعنوية.
6 – لاحظ الباحث خلال تردده على المؤسسات القضائية، انعدام الصلة بين القائمين على هذه المؤسسات وبين العاملين في مجال البحث العلمي السوسيولوجي، وعليه يوصي الباحث بقيام مؤسسات وسيطة لدعم العلاقة بين الطرفين ونشر نتائج ممارسات كلاهما. وكذلك الاستعانة بعلماء الاجتماع والنفس عند تشكيل اللجان المختصة بسن التشريعات والقوانين حتى تأتي هذه التشريعات معبرة عن نبض المجتمع ومحققة لأهدافه وتطلعاته.
7 – ولما كانت الدراسة قد استخلصت أن هناك أحكاما قضائية لم تنفذ فمن الضروري تفعيل هذه الأحكام من خلال:
أ - تدريب إدارة التنفيذ في كل محكمة للأسرة تدريبا مكثفا على إجراءات تنفيذ أحكام المحكمة والطبيعة الخاصة لهذه الأحكام، وضرورة حضور الأخصائي الاجتماعي أو النفسي لتنفيذ الأحكام المتعلقة بضم أو حضانة أو رؤية الأطفال.
ب - الاهتمام بالتنسيق مع وزارة الداخلية بسرعة تنفيذ الأحكام الصادرة من محاكم الأسرة ووضع نظام صارم للمتابعة.
ج - دراسة فكرة الشرطة القضائية المتخصصة والتي تتضمن قبول دفعات محددة في كلية الشرطة، للعمل في المحاكم باعتبارها شرطة قضائية تتخصص في تنفيذ الأحكام القضائية.
ويضاف لكل ما سبق الاهتمام بتعيين العنصر النسائي في محاكم الأسرة، كخبيرات أو كعضوات في مكاتب التسوية، أو كعضوات في نيابة شئون الأسرة وحسن اختيارهن من حيث التفوق العلمي وصلاحيتهن الاجتماعية والنفسية لذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.