طرحت الجبهة السلفية رؤية جديدة لدعوات التوافق الوطني، مشيرة إلى أن الثورة قامت وشارك فيها كل أطياف الشعب المصري، وعلى رأسهم الحركة الإسلامية، إلا الدعوة السلفية بالإسكندرية وبعض المشايخ المنفردين وكذلك المؤسسات الدينية الرسمية كالأزهر والإفتاء، بالإضافة لقيادات الكنيسة ومن يتبعهم وهؤلاء جميعا شاركوا فيما بعد فيما وصفته الجبهة بالانقلاب على الثورة وإجهاضها. وقالت الجبهة في رؤيتها لدعوات التوافق: "رغم أن الانطلاقة الحقيقية للثورة كانت من المساجد يوم جمعة الغضب إلا أن الشعارات الإسلامية لم تظهر بزعم عدم تدخل الغرب لدعم مبارك وإجهاضها، ولكن القوى العلمانية سارعت بعد الثورة لنفي دور الإسلاميين فيها، كما سارعت بعض الجماعات الإسلامية التقليدية إلى جني المكاسب السياسية تغليبا للمسار الإصلاحي على الثوري مما عزز تمزق النسيج المجتمعي والثوري". وعلى ضوء ذلك تطرح الجبهة السلفية رؤيتها لدعوات التوافق الوطني، والتي تمثلت في أن التوافق يجب أن يكون على مطالب ثورية وليس اشتراطات حزبية فئوية، فلا يصح الكلام - مثلا - عن نسب تمثيل سياسي لفصيل وطني بعينه أو محاولة تحجيم الوجود السياسي للإسلاميين ولا غيرهم في مرحلة ما بعد الثورة، فهذه ليست توافقات بل ابتزازات لا يمكن القبول بها، بحسب الجبهة. وقالت إن "الثورة لكي تنجح لا بد لها من رأس، ولهذا فالتوافق في حقيقته يعني اجتماع أطياف الشعب على قياداته السياسية الاعتبارية باختلاف أطيافها؛ لعبور المرحلة الأخطر على أن تلتزم الرموز التي تقوم بهذا الدور؛ بعدم الترشح لأي منصب قيادي في المرحلة الانتقالية التالية لنجاح الثورة مباشرة لمدة يتفق عليها". وأضافت: "التوافق ينطلق من تحقيق أهداف الثورة، وليس معنيا بتقديم تطمينات لأصحاب النفوذ أو الجهات الخارجية التي دعمت الحكم العسكري وشجعت على إجهاض ثورة يناير؛ لأن مقصود الثورة هو الانعتاق من الهيمنة الغربية وانتزاع الحقوق المشروعة وليس الدوران في نفس المنظومة الحالية أو تحسين شروط التبعية". ومضت بالقول: "قيم الحرية وآليات الديمقراطية ليست بديلا عن الهوية؛ والهوية الإسلامية ليست مجرد أيديولوجية، ولكنها عقيدة وحضارة شعب، فمن غير المقبول أي توافق يشترط هوية للدولة يسمونها مدنية ويقصدونها علمانية أو يعني عدم المطالبة بالشريعة لاحقا، فالتوافق يكون فقط على نجاح الثورة والوصول لدولة الحق والعدل". وأكدت أن من حق التيار الإسلامي الإعلان عن هويته، مضيفة: "مطالبة أي تيارات له بالتنازل عن رايته أو شعاراته هو استمرار لفكر وسياسات الأنظمة السابقة في إقصاء مكون رئيسي في المجتمع المصري، وهو ما ينقض فكرة التواصل من أساسها". واختتمت: "نؤكد أن الجمود والسعي في استنساخ الصورة الأولية للثورة انطلاقًا من ميدان التحرير مع استماتة النظام في منع ذلك، هو من معوقات المرحلة الحالية التي تمثل الموجة الثورية قبل الأخيرة حسب التطور الزمني للثورات، كذلك فإن أدلجة شعارات الثورة الثلاثة (العيش والحرية والعدالة الاجتماعية) التي نادى بها الجميع، ثم جعلها البعض كنص مقدس؛ لتوافقها مع بعض الشعارات الاشتراكية أو الليبرالية، بحيث صار المقصود منها حصر الثورة في هذه الشعارات لتغييب الهوية الإسلامية عن الثورة واستحقاقاتها، وكل هذا قد يدفع المشهد الثوري إلى مزيد من التعقيد وقد يحرف الثورة عن مسارها في محطتها الأخيرة. وهو ما يستوجب مراعاته في أي رؤية صادقة لإنجاح الثورة".