هيمنت أزمة احتجاز رهائن في مقهي بمدينة سيدني الأسترالية على تغطيات عدد من الصحف البريطانية الصادرة في 16 ديسمبر. واستهلت صحيفة "التايمز" افتتاحيتها بالعنوان "سيدني تحت الحصار", قائلة إن أستراليا واجهت الرعب لمدة 16 ساعة, في مواجهة حادث سيدني الإرهابي. وأضافت الصحيفة أن أكبر تداعيات حادث سيدني هو انتشار الخوف بين الأستراليين, حيث توقف العمل بالمركز المالي الدولي في وسط استراليا, وسيظل مستوى التهديد الإرهابي في البلاد, على مؤشره المرتفع في المستقبل المنظور, منذ التحذير الذي صدر في سبتمبر الماضي. ووصفت الصحيفة استخدام المسلح, الذي اختطف رهائن في مقهى بسيدني في 15 ديسمبر, العلم الأسود المشابه لعلم تنظيم الدولة " داعش", بأنه كان عملا "مضللا"، لأنه إيراني المولد, ومطلوب بتهم عديدة منها التحرش الجنسي, فضلا عن تورطه بقتل زوجته السابقة, مشيرة إلى أنه كان يحاول فقط الادعاء بأن لديه قدرات خارقة عبر استخدام العلم الأسود. وبدورها, ذكرت صحيفة "الإندبندنت" أن أستراليا أصبحت أحدث دولة يتولد لديها الإحساس بتحطم حصانتها من الإرهاب, بحكم بعدها الجغرافي, حيث بدا أن مجرد جلب كوب من القهوة الجاهزة محفوف بالمخاطر. وفي السياق ذاته, علقت صحيفة "الجارديان" على الحادث بأنه "خرق كبير لأقوى جهاز أمن في تاريخ أستراليا, حيث استطاع رجل مسلح التسلل إلى مقهى في وسط البلاد, واحتجز مدينة سيدني رهينة". وكانت أستراليا أعلنت انتهاء عملية احتجاز رهائن في سيدني في 15 ديسمبر بمقتل الخاطف الإيراني, ورهينتين إثر تدخل قوات خاصة. ونددت الجالية المسلمة في أسترالياوإيران بالعملية. وأعلنت الشرطة الأسترالية أن العملية انتهت بمقتل رجل وامرأة, وجرح أربعة آخرين، بالإضافة إلى الخاطف الذي احتجز 17 شخصا في مقهى منذ الثامنة من صباح الاثنين الموافق 15 ديسمبر. وقالت الشرطة إنها تبادلت إطلاق النار مع الخاطف، وهو لاجيء إيراني يدعى هارون مؤنس (خمسون عاما). وقد احتجز مؤنس الرهائن لنحو 16 ساعة, قبل أن تتدخل قوة خاصة من الشرطة الأسترالية في الثانية من صباح الثلاثاء الموافق 16 ديسمبر. وقد نددت عشرات المنظمات الإسلامية في أستراليا بالحادثة، كما أدانها مفتي أستراليا. وبدورها أدانت إيران احتجاز الرهائن في سيدني، ووصفته بالعمل غير الإنساني المخالف لتعاليم الإسلام. وبدوره, أعلن مفوض الشرطة في ولاية نيو ساوث ويلز أن الشرطة في سيدني اختارت التدخل لأنها كانت مقتنعة بأنه كان من الممكن سقوط عدد أكبر من الضحايا لو لم تتدخل في ذلك الوقت. وتدخلت قوات خاصة لتحرير الرهائن بعد ساعات من طلب الخاطف التحدث إلى رئيس الوزراء الأسترالي توني أبوت, وتسليمه "علم" تنظيم الدولة "داعش". وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية بسماع أصداء انفجارات عدة, عندما اقتحمت الشرطة الإسترالية المقهى من باب جانبي، كما شوهد عدد من الرهائن, وهم يخرجون من المكان، في حين نقل آخرون على حمالات. وجاء الحادث, بينما تقول أستراليا إنها تواجه "تهديدات إرهابية" متزايدة, بسبب مشاركة أستراليين ضمن جماعات توصف بالجهادية في المعارك الدائرة بسوريا والعراق، وبسبب مشاركتها في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة كذلك. يشار إلى أنه في مطلع أكتوبر الماضي، أعلنت أستراليا انضمامها إلى التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة, وإرسالها طائرات مقاتلة للمشاركة في الضربات الجوية ضد التنظيم في العراق. وبينما أفادت تقارير صحفية إسترالية بأن للخاطف سوابق جنائية مثل التحرش والشعوذة، وأنه كان سيمثل أمام القضاء في فبراير القادم، قال أحمد الياسري مدير تحرير صحيفة "العراقية" الصادرة في أستراليا لقناة "الجزيرة" إن للرجل صلات بمتطرفين. وأضاف أن مؤنس وجّه سابقا "رسائل كراهية" لعائلات جنود أستراليين قتلوا في مهمات عسكرية خارج بلادهم. ومن جانبها, ذكرت صحيفة "سيدني مورننغ هيرالد" الأسترالية أن مؤنس خسر قبل أيام من احتجازه الرهائن, محاولة لإسقاط التهم عنه بتهمة إرسال الرسائل المسيئة لجنود أستراليين قتلوا بالخارج. وأضافت الصحيفة أن هارون مؤنس لاجئ إيراني معروف جدا للأجهزة الأمنية، قدم إلى أستراليا عام 1996, ويبلغ من العمر خمسين عاما. وأضافت " مؤنس أو كما يطلق على نفسه الشيخ مؤنس، أو آية الله محمد حسن منطقي بروجردي، نصب نفسه رجل دين رغم عدم الاعتراف به من المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في أستراليا". وطبقا لموقعه على الإنترنت الذي أُغلق في 16 ديسمبر، تحول مؤنس من المذهب الشيعي إلى المذهب السني, وقال على موقعه :"لقد كنت رافضيا، ولكنني لم أعد كذلك. الآن أنا مسلم والحمد لله"، وأعلن مبايعته "لخلافة" تنظيم الدولة. ورغم هذا, تجاهله المجتمع السني في أستراليا وتنظيم الدولة, بسبب تاريخه الجنائي, والذي لا يُناسب عقيدة التنظيم, حسب "سيدني مورننغ هيرالد". وبرز على موقع مؤنس رسالة وجهها في سبتمبر 2013 إلى رئيس الوزراء الاسترالي طوني أبوت، دعاه فيها إلى نقاش علني ليظهر أن أستراليا وشعبها تتعرض للهجمات بسبب مشاركة بلاده في الحرب ضد أفغانستان. وعرض مؤنس على صفحته الشخصية على الإنترنت, التي تم إقفالها, صورا لأطفال عرب قتلى كتبت عليها عبارة "هذا دليل على إرهاب أميركا وحلفائها بمن فيهم أستراليا. وهذه نتيجة ضرباتهم الجوية". ويعتقد على نطاق واسع في أستراليا أن مؤنس تصرف بطريقة فردية, وألصق فعلته بتنظيم الدولة. وأدين مؤنس بإرسال رسائل مسيئة إلى عائلات الجنود الأستراليين القتلى، وخرج بكفالة بعد توجيه تهم التآمر إليه في قتل زوجته السابقة وحادث اعتداء جنسي، بحسب ما ذكرت العديد من وسائل الإعلام الأسترالية. وأفرج عن مؤنس بكفالة في 22 تهمة اعتداء جنسي خطيرة، و14 تهمة اعتداء خادش للحياء، طبقا لوكالة "أسوشيتد برس". كما وجهت إليه أربعون تهمة أخرى تتعلق بعمله "معالج روحي" في أكتوبر الماضي، كما أنه مفرج عنه بكفالة بتهمة التآمر في جريمة قتل. وذكرت صحيفة "سيدني مورننغ هيرالد" أن مؤنس قال في السابق إن الجرائم التي اتهم فيها في السابق كانت محاولات لتشويه سمعته, وإن هذه القضايا هي في الحقيقة قضايا سياسية ضد هذا الناشط المسلم، وليست جرائم جنائية حقيقية. وقارن نفسه على موقعه على الإنترنت بمؤسس موقع "ويكيليكس" جوليان أسانج، وقال إنهما ناشطان يواجهان حملات تشويه تدعمها الحكومات. وأضاف أيضا أنه خبير في علم الفلك وعلم الأرقام والتأمل والسحر الأسود وغيرها. وبدوره, قال رئيس الوزراء الأسترالي إن مؤنس "له تاريخ طويل في جرائم العنف، ومفتون بالتطرف ومضطرب عقليا"، مضيفا أنه "سعى إلى إلباس تصرفاته برمزية عقلية الموت لتنظيم داعش". كما نقلت "سيدني مورننغ هيرالد" عن المحامي السابق لمؤنس قوله إن موكله كان شخصية معزولة، وكان يشعر أن لا شيء لديه ليخسره، ولذا شارك بعمل "شائن ومتهور" كهذا.