انتقدت مجلة "المونيتور" الأمريكية، نظام التأمين الصحي في مصر، واصفة إياه بأنه "منظومة العجز والفشل اللاإرادي، لأنه يتبع هيئة التأمين الصحي التي تعاني من قوانين متحجرة وموارد ثابتة لم يحدث فيها تغيير يذكر لمواجهة ارتفاع الأسعار الجنونية التي طرأت على كل نواحي الحياة". وقالت إن مستشفيات التأمين الصحي "أصبحت مقرات لإذلال المؤمن عليهم صحيًا، فالأطباء وأطقم التمريض الذين يحصلون على أجر متدنٍ في هذه المستشفيات يتعاملون مع المرضى كأنهم موظفون حكوميون بسبب تقديم الخدمة بشكل مجاني، رغم أن مهنة الطب تعتمد على الدقة لكن الإهمال أصبح سمة هذه المستشفيات". وأردفت: "بعد أن طفح الكيل بالمرضى، ظهر في الأفق مشروع قانون التأمين الصحي الاجتماعي الشامل، مرتديًا عباءة المنقذ لكرامة المصريين عبر فصل الخدمة الطبية عن التمويل المالي كهدف أساسي، ما يعنى حصول المؤمن عليهم سابقاً على خدمة طبية تتفاوت جودتها حسب المكان الممول". وأوضحت: "إذا كان المؤمن عليه مثلاً تابعًا لنقابة الصحفيين يحصل على خدمه طبية أفضل من التي يحصل عيها المدرس التابع لنقابة المعلمين، لكن سرعان ما ثارت الشكوك حول مواد هذا المشروع التي تفتح باب خصخصة الصحة ومخالفة الدستور". ونقلت المجلة عن عضو لجنة الصحة في مجلس الشعب الأسبق الدكتور جمال الزينى القول: مشروع قانون التأمين الاجتماعي الشامل كفكرة مسألة جيدة للغاية، فهو يقضي على الفوارق بين الأغنياء والفقراء ويوحد جميع المصريين تحت مظلة تأمينية واحدة". وأضاف: "القانون الجديد يقضي على ظاهرة قرارات العلاج على نفقة الدولة، وكانت حالات عديدة تتعرض للوفاة بسبب تأخر صدور هذه القرارات". وأوضح: "يعمل القانون على خلق الروح التنافسية لأن المريض سيختار مكان علاجه، وبالتالي المستشفى الذي تكون كفاءته أقل سيرفض المريض الذهاب إليه، وهكذا، ينكشف مستوى أداء تلك المستشفيات ما سيدفع جمعيتها العمومية إلى إقالة مجلس إدارتها وجلب آخر قادر على المنافسة". وتابع: "حاليًا الفرد هو نواة التأمين الصحي، وفي القانون الجديد ستكون الأسرة هي النواة لإدخال قطاعات لم تكن مؤمنة صحيًا مثل الفلاحين والحرفيين، تحت المظلة التأمينية". وقال الدكتور إيهاب الطاهري، الأمين العام لنقابة أطباء القاهرة وعضو "حركة أطباء بلا حقوق"، إن "قانون إصلاح منظومة التأمين الصحي الجديد معيب في شكله الحالي، لأنه لا يغطي الخدمات الإسعافية وليس خدمات الطوارئ التي أسندت إلى أجهزة الدولة الأخرى لتغطيتها دون تحديد هذه الأجهزة، كما لا يغطي الخدمات الطبية الخاصة بالحروق والكوارث الطبيعية". وتساءل: "هل يعقل أن تعامل الحروق التي يعاني منها المريض معاملة الزلازل والبراكين والسيول؟، لافتًا إلى أن "الحروق هي نتيجة أخطاء بشرية، والقانون في شكله الحالي يحاول أن يتنصل من تغطية هذا الجانب بسبب التكلفة المرتفعة". وقال: "نطالب بالمساواة بين الجميع من دون تفرقة أو استثناء، والتعاقد على الخدمة الطبية على أساس معايير الجودة حق يراد به باطل في النظام الصحي الجديد". واستطرد: "بالفعل، كلنا نريد أن يحصل المريض على أعلى جودة، لكن أن يتم ذلك بوضع المستشفيات الحكومية التي لم يصرف على معظمها أي أموال منذ سنوات، في منافسة ظالمة مع المستشفيات الاستثمارية فهذا يؤكد النية المبيتة لخصخصة الصحة". وأوضح: "في ظل هذا الوضع، ينبغي أولاً زيادة موازنة الصحة وتأهيل المستشفيات الحكومية بمعايير الجودة اللازمة، ثم إدخال عنصر المنافسة، أما الطرح الحالي فسيتم من خلاله استبعاد ثلاثة أرباع المستشفيات الحكومية من التعاقد على تقديم الخدمة". وأضاف: "نقابة الأطباء طالبت أكثر من مرة، أن يكون هناك نظام انتخابي خاص بالمستشفيات لكن دون جدوى، فالنظام الحالي لاختيار المديرين قائم على الأهواء الشخصية، ولن تتحقق الجودة بالإدارة الناجحة فقط، فالجودة تحتاج إلى تمويل". وأوضح الطاهري أن نظام التمويل الحالي أيضا معيب لأن في دولة فقيرة مثل مصر إذا أراد المريض العلاج، وفقًا لهذا النظام فيجب أن يدفع 20 % من قيمة التحاليل الطبية ونفس النسبة من قيمة الأشعة وثلث قيمة العلاج، إضافة إلى الرسوم التي تدفع عند الكشف وتختلف قيمتها بحسب خبرة الطبيب المعالج سواء "ممارس عام أو اختصاصي أو استشاري"، بينما يمكن زيادة نسبة الاشتراك الشهري لزيادة التمويل دون أن يطلب بعد ذلك أي رسوم من المريض". وواصل: يتضمن قانون نظام التأمين الصحي الجديد مادة تنص على عدم خضوع الهيئة ولا مشاريعها إلى قانون المناقصات والمزايدات الخاص بالدولة وهذا ما يضع علامة استفهام، فلماذا تكون هيئة التأمين الصحي فوق مستوى الشبهات؟". ولفت إلى أنه: فيما يتعلق باستثناء أفراد القوات المسلحة من مشروع التأمين الصحي الاجتماعي الشامل، فهذا يعود إلى أن القوات المسلحة لديها نظام تأمين متميز يكفل الرعاية الصحية لجميع الأفراد التابعين للقوات المسلحة، ويتضمن كل الأمراض والحوادث مجانا وبالكامل". من جهته، قال الدكتور خيري عبد الدايم نقيب الأطباء إن: "نقابة الأطباء تريد قانونًا للتأمين الصحي - الاجتماعي الشامل يستفيد منه كل أبناء الوطن دون تفرقة، ويراعي الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها ملايين المصريين". وأوضح أن "ما يتم دراسته حاليًا هو مشروع قانون، ولا قانون فيه مميزات وبعض العيوب، أبرزها سداد المريض مبالغ مالية أخرى عند تلقيه العلاج في الوقت الذي يفترض أن يسدد اشتراكات شهرية على مجمل دخله للتأمين الصحي، ويمكن التفاوض على كل البنود الخلافية، لكن المشروع في مجمله يهدف إلى الارتقاء بالخدمة الطبية المقدمة إلى المريض المصري". http://www.al-monitor.com/pulse/originals/2014/11/egypt-health-care-new-insurance-law.html