تصاعدت حدة المواجهة بين نادي القضاة والمجلس الأعلى للقضاء بعد رفع المستشار زكريا عبد العزيز رئيس النادي مذكرة للرئيس مبارك بوصفه رئيس المجلس الأعلى للهيئات القضائية يطالب فيها بمساءلة المستشار فتحي خليفة رئيس المجلس حول تصريحاته المتتالية ضد القضاة ومحاولته النيل منهم واستغلال إحالة بعض المستشارين للتحقيق لتشويه صورتهم أمام المجتمع مطالبا بالتصدي لتجاوزات المستشار خليفة التي لا هدف لها إلا إضعاف هيبة القضاء. ورأت مصادر قضائية أن المذكرة المقدمة من المستشار زكريا عبد العزيز تعد تغيرا في استراتيجية نادي القضاة الذي سعى طويلا لإبعاد القيادة السياسية عن الشأن القضائي لكن يبدو أن مواقف وزير العدل محمود أبو الليل المناوئة للقضاة وانحيازه التام للمجلس الأعلى للقضاء لم تجعل هناك خيارا أمام نادي القضاة إلا اللجوء إلى القيادة السياسية ، لكن المصادر استبعدت مع ذلك أن يكون لهذه الرسالة أي دور في تغيير نهج الدولة في التعامل مع القضاة. في نفس السياق ، رفض النائب العام المستشار ماهر عبد الواحد إطلاع وفد من أعضاء نادي القضاة مكون من المستشار ناجي دربالة وكيل النادي والمستشارين هشام جنينة وأشرف عليوة على المذكرة المقدمة من مجلس القضاء الأعلى بخصوص إحالة نواب النقض الأربعة إلى نيابة أمن الدولة طوارئ. ولم يكتف عبد الواحد بذلك ، بحسب مصادر مطلعة ، بل أنه تحفظ بشدة على إطلاع وفد نادي القضاة على الإجراءات التي تم اتخاذها حيال جرائم الاعتداء على القضاة أثناء انتخابات مجلس الشعب الأخيرة. في سياق آخر ، يلتقي المستشار محمود أبو الليل وزير العدل في الساعات القليلة القادمة مع المستشار هشام جنينة سكرتير عام نادي القضاة لبحث أوضاع النادي وإمكانية دفع الدولة لالتزاماتها المالية تجاه النادي والتي توقفت منذ ثلاثة أشهر. ولا يعول القضاء كثيرا على هذا اللقاء لانفراج الأزمة المالية لنادي القضاة حيث لازالت الدولة تراهن على هذه الضغوط كعامل لإثناء القضاة عن موقفهم المتشدد تجاه قانون السلطة القضائية الذي يرفضون تقديم أي تنازل بخصوصه. من جانبه ، أكد المستشار ناجي دربالة وكيل نادي القضاة أن الحكومة لم تعدم وسيلة للضغط على القضاة لإجبارهم على القبول بتعديلات على مشروع السلطة القضائية ، مبديا أسفه الشديد لمواقف مجلس القضاء الأعلى والنائب العام اللذان رفضا التعاطي بإيجابية مع مطالب القضاة العادلة. وانتقد دربالة حالة السرية التي تفرضها الحكومة على مذكرات إحالة نواب النقض الأربعة للتحقيق أو التحقيقات مع المعتدين على القضاة في الانتخابات البرلمانية ، وهو ما ينم عن وجود اتجاه داخل النظام لمعاقبة القضاة على رفضهم التزوير في الانتخابات والتمسك بقانون السلطة القضائية ورفض إدخال أي تعديلات عليه تفرغه من مضمونه ، خصوصا أن جهات عديدة في الدولة لازالت تنظر إلى استقلال القضاء على أنه خصم من رصيدها.